المنيا وأبو قرقاص

منية ابن خصيب والفولي

المنيا

اتفقت المصادر العربية والقبطية على أن مدينة المنيا الحالية قد تأسست في القرن الثامن الميلادي على بعد خمسة كيلومترات من قرية قديمة كانت تدعى بوفيسيس على الناحية الغربية من النيل في في مقابل دير عتيق على الشاطىء الشرقي وأن مؤسسها يدعى ابن خصيب ، لكن في الكتب العربية ذكر أن اسمه الخصيب بن عبد الحميد بينما جاء في كتاب تاريخ الكنائس والأديرة لأبي المكارم (من القرن الثاني عشر) ما يلي

(الذى أنشأ هذه المدينة نصرانى واسمه ابن خصيب وعرفت باسمه وكان يسكنها هو وأهله وكان لهم ثروة وعبيد تخدمهم وكانت منية خصيب تعرف قديماً باسم بوفسيس نسبة إلى تلميذ القديس آباهور صاحب دير سوادة أواخر القرن الرابع الميلادى وكانت المنيا تنسب له ، تقع المدينة فى البر الغربى وبها عدة من الكنائس واحدة للسيدة العذراء مريم وللقديس مار جرجس و للملاك ميخائيل وواحدة للشهيد مرقوريوس والأخرى لأبوفسيس) ..

أما المقريزي فيقول في الخطط (ذكر منية الخصيب هذه المدينة تنسب إلى الخصيب بن عبد الحميد صاحب خراج مصر من قبل أمير المؤمنين هارون الرشيد) ، ويصفها ابن بطوطة قائلا (‏ثم سافرت منها إلى مدينة منية ابن خصيب وهي مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل بها المدارس والمشاهد والزوايا والمساجد وكانت في القديم منية عامل مصر الخصيب)..

وكانت كلمة منية تستعمل في أسماء البلاد المصرية في العصور الإسلامية لوصف الإقطاع الممنوح من قبل الحكام لأحد الأعيان وكانت تعني حرفيا البستان حيث كانت توصف بها المنشأة حديثة البناء وسط الأرض الزراعية المفصولة عن زمام قديم ، وهناك عدد كبير من القرى والبلدات في مصر حملت اسم منية في السجلات مثل قوانين الدواوين والتحفة السنية مثل منيا القمح ومنية النصر ومنية غمر (ميت غمر) ومنية ابن خصيب ..

وفي العصر العثماني عرفت باسم منية الفولي نسبة إلى الشيخ علي بن محمد بن علي المصري اليمني الشاذلي المعروف بلقب (أبي أحمد الفولي) المتوفي عام 1076 هـ والذي نزل في البلدة وأنشأ زاوية على شاطىء النيل جمعت حوله التلاميذ والمريدين ، وظلت البلدة تابعة لأعمال الأشمونين منذ العصر الفاطمي ثم أضيفت في الروك الناصري إلى الأعمال البهنساوية ثم تحولت إلى عاصمة للمديرية الوسطى ثم عاصمة محافظة المنيا وعروس الصعيد ..

مدينة المنيا

في الخطط التوفيقية : مدينة المنية الآن من أكبر مدن الوجه القبلى وأكثرها عمارة ، وهى رأس مديرية تسمى بها ، وفيها ديوان المديرية مستوفيا لجميع لوازمه، وبها محكمة شرعية مأذونة بالحكم فى عموم القضايا ، وفى المدينة أسواق دائمة وحوانيت كثيرة مشحونة بالبضائع الجليلة والحقيرة من بضائع القطر والبلاد الأجنبية ، كالجوخ وثياب الحرير والقصب والقطن والكتان والنحاس والعقاقير، وغير ذلك مما يوجد بمصر والإسكندرية.

وفيها خانات وقهاوى كثيرة وخمارات ، وجميع الحرف التى توجد فى القطر ، وفيها قصور مشيدة كقصور القاهرة ، ومساجد كذلك وأكثرها بمنارات منها جامعان فى وسطها وجامع الشيخ القشيرى ، وجامع بجوار ديوان المديرية ، وأرحية تديرها الخيل والبقر وطاحون بخارية ، وفيها إسبتالية للمرضى ، ومكتب بوستة ومكتب تلغراف ، ومدرسة أنشئت من فيض مراحم الخديوي إسماعيل باشا ، غير المكاتب التى بداخل المدينة ، وبها لوكندة ينزل بها السياحون وغيرهم ، وشفخانة فى محل الفوريقة القديمة التى هى من إنشاءات العزيز محمد على ، وطرخانة ووابورات مياه وفيها نصارى وإفرنج ويهود.

وبالجملة فقد ازدادت عمارتها بسبب السكة الحديد ، وتعلقات الدائرة السنية التى أنشئت بها حتى التحقت بالمحروسة ، وفيها أضرحة كثيرة داخل قباب ، ومن أشهر من دفن بها من الصالحين الشيخ الفولى ، مقامه على البحر مشهور يزار ، وله جامع نفيس على شاطئ البحر.

ولطيب هوائها ، وحسن موقعها بنى بها الخديوى إسماعيل باشا قصرا ينزل فيه عند تشريفه تلك الجهة ، وفيه بستان نضر ، ووابور لعمل الثلج ، وهى أيضا رأس تفتيش من أعظم تفتيشات الدائرة السنية ، وفيها فوريقة بثلاثة عنابر لعصر القصب وعمل السكر ، يخرج منها فرعان من سكك الحديد أحدهما يوصل إلى المحطة القديمة ، والآخر إلى المحطة الجديدة التى فى قبلى القديمة بقرب قناطر المنية ، وديوان الفوريقة فى شمالها ، وديوان التفتيش فى شرقيها فوق البحر ، وفى شمالها الغربى ديوان عموم الشفالك وبجواره ديوان باشمهندس عموم الفوريقات ، وأطيان هذا التفتيش ثمانية عشر ألف فدان يزرع منها عشرة آلاف فدان قصبا ، وباقيها يزرع حبوبا وقطنا.

ويصنع فى الفوريقة أنواع من السكر فيتحصل منها من السكر النبات فى السنة نحو ثلاثة آلاف قنطار تقريبا ، وفى اليوم من السكر الأبيض الحب تسعمائة قنطار ، وفى السنة منه أربعة وتسعون ألف قنطار وخمسمائة ، وفى اليوم من السكر الأبيض الأقماع مائتا قنطار ، وفى السنة منه أربعة وعشرون ألف قنطار ، وفى اليوم من السكر الأحمر نمرة ٢ ستمائة قنطار ، وفى السنة منه ثلاثة وستون ألف قنطار ، وكل يوم من السبيرتو تسعون قنطارا ، وفى السنة منه تسعة عشر ألف قنطار وأربعمائة وخمسون قنطار تقريبا فى الجميع.

وحيث أنه يتحصل فيها أنواع من السكر أكثر من غيرها ، ففيها آلات زيادة عما فى غيرها ، من الفوريقات ويلزم لها أنفار أكثر من غيرها لإدارة حركتها ، فمن ذلك وابور لتحليل السكر نمرة ٢ ونمرة ٣ لتكريره وجعله أقماعا ، وفرن بقيزن لصناعة السكر النبات ، ووابور لإدارة ورشة المخارط ، ووابور مروحة لإدارة ورشة الدكمخانة ، وورشة لتصليح الوابورات الزراعية وورشة لإصلاح آلات الفوريقات ، وبها جملة مخارط ومكاشط ومثاقب ، وورشة نجارين لعمل الأرانيك اللازمة ، وورشة كمخانة لصب الحديد الزهر وتشكيله بأشكال الأرانيك المطلوبة.

بني زهرة

في القرن الثالث الهجري غادرت العشائر القرشية مدينة الفسطاط باتجاه الجنوب ومنها قبيلة بني زهرة التي أسست قرية زهرة مركز المنيا حاليا ، جاء ذكرها في التحفة السنية حيث يقول ابن الجيعان : ” جزيرة زهرة مساحتها 440 فدان عبرتها 2000 دينار كانت باسم علي بن قماري المحمدي ومن معه والآن للديوان المفرد ” ، وفي القاموس الجغرافي : ” زهرة هي من القرى القديمة اسمها الأصلي جزيرة زهرة وردت في التحفة من أعمال الأشمونين وفي تاريخ سنة 1230 هـ اختصر اسمها بالحالي “.

وذكرها رضا عمر كحالة في معجم قبائل العرب فقال  : زهرة بن كلاب بطن من بني مرّة بن كلاب ، من قريش من العدنانية ، وهم : بنو زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان  ، كانت منهم جماعة ببلاد الأشمونين وما حولها من صعيد مصر ، ولا تزال قرية في مركز المنيا تحمل اسم زهرة بن كلاب الى اليوم.

وقال القلقشندي في نهاية الأرب : بنو زهرة بطن من بني مرة بن كلاب من قريش من العدنانية ، وهم بنو زهرة بن كلاب بن مرة ، كان له من الولد عبد مناف والحارث ، ومنهم سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المقطوع لهم بالجنة من أصحاب رسول الله صلى الله وسلم وعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة أيضاً ، ومنهم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الحمداني : منهم جماعة ببلاد الأشمونيين وما حولها من صعيد مصر.

وقال في كتاب قلائد الجمان : ” بنو زهرة بن كلاب ، جد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،. قال الجوهري : زهرة : اسم امرأة كلاب ، نُسب ولده إليها .. ومنهم : عبد الرحمن بن عوف .. قال الحمداني :  ومن عقب عبد الرحمن رضي الله عنه جماعة بالبهنساوية وما حولها من صعيد مصر ، وقد رأيت أنا منهم قوماً ببيدق من بلاد الجيزة “.

وفي موسوعة القبائل : بنو زهرة قبيلة كبيرة من قريش ، ومنها آمنة أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وخلق كثير من الصحابة وغيرهم وليس لدينا كذلك ما يدل على أنهم كانوا من جيش الفتح ، ولكننا نجد حليفا لهم في مصر في أواخر القرن الأول هو عمران بن عبد الرحمن قاضي مصر (٨٦ – ٨٩ هـ) .

وفي القرنين التاليين – والثالث منهما بخاصة – يزدادون ظهورا بمصر ، منهم الزهري القائد الذي حارب دحية بن مصعب الثائر الأموي سنة ١٦٩ هـ ، وعبد الوهاب بن موسى (١٨٢ – ٢١٠ هـ) من كبار الموظفين وأبو ضمرة (٢١٢ هـ) ويبدو أنه كان من وجوه المصريين وذوي الرأي فيهم ، وهارون بن عبد الله (٢١٧ – ٢٢٦ هـ) قاضي مصر الحازم القوي .

وعلى شواهد القبور أسماء ثلاثة من بني زهرة توفي أولهم بالصعيد في ٢١٣ هـ  وثانيهم بالفسطاط في ٢٣٩ هـ وثالثهم في ٢٦٠ هـ. ، أما موالي بني زهرة فنجد منهم ليثا القيسي ، وعمرو بن السائب  من محدثي القرن الثاني على أن بني الأشج هم أهم موالي بني زهرة إن لم يكونوا من أهم موالي مصر جميعا ..

نستطيع بعد هذا أن نرى في وضوح أن الزهريين أقاموا بمصر إقامة فعلية منذ القرن الثاني في الأقل ، والمقريزي يحسبهم ممن كان بالصعيد من قريش في حين يحدد الحمداني مكانهم ببلاد الأشمونين وما حولها من صعيد مصر ، ويفهم من هذا أنهم ذهبوا للإقامة في بلاد قريش منذ هجرة الأشمونين المشهورة “.

بني أحمد وبني عبيد

في محافظة المنيا عدد كبير من القرى التي تبدأ بكلمة بني والتي تعني الانتماء القبلي ومنها بني أحمد وبني عمران وبني واللمس وبني خيار وبني عبيد وبني قمجر وبني علي وبني حرام وبني سمرج وبني غنى وبني عقل وبني الحكم وبني موسى وبني خلف وبني محمد شعراوي وبني محمد سلطان وبني حماد وبني روح وبني صامت وبني مزار وبني خالد وبني عامر وبني عمار وبني وركان وبني حسن الشروق وبني حسن الأشراف.

وجاء تفصيل عن بعضها في الخطط التوفيقية حيث يقول : ” بني عبيد : قرية من قسم منية ابن خصيب وكانت سابقا رأس قسم وهى فى حوض الطهتشاوى على الشاطئ الغربى من الإبراهيمية بين المنية وملوى وبها قليل من النخيل وجامع عظيم بناه عمدتها المرحوم حسن أبو سليمان.

وكان شيخا كريما له شهرة فى جميع بلاد الصعيد صاحب خير ودين تألفه الفقراء والمساكين فى أسفاره ومضايفه ويقال إنه لما سافر إلى الحج الشريف أمر مناديا : يا من يريد الحج فحج معه خلق كثير على طرفه ، وبلغت مزروعاته نحو اثنى عشر ألف فدان وعند موته ترك أربعة آلاف فدان ولم يترك ذرية وكان محترما عند الأمراء والحكام متنحيا عن الوظائف الميرية ، أقام ابن أخيه موسى بكفر الفقاعى وهو عمدة بنى عبيد، وبنى بذلك الكفر منزلا يشبه منازل مصر وهو محترم أيضا.

بني أحمد : قرية بقسم منية ابن خصيب فى قبليها بنحو ساعة فيها أبنية مشيدة وفيها بيت مشهور كان منه ناظر قسم ومنه آخر فى مجلس شورى النواب بمصر المحروسة وفيها مساجد عامرة وبساتين وأكثر أهلها مسلمون.

وقد نشأ منها الشيخ أحمد الصعيدى المترجم فى خلاصة الأثر بأنه أحمدالأحمدى الصعيدي من بنى أحمد قرية من أعمال المنية ، كان ماشيا على طريق القوم بكثرة العبادة محبا للفقراء والعلماء صوفيا زاهدا عمت امداداته واشتهر صيته وكان يحج سنة ويترك أخرى مع إدامته لخشونة عيشه وكان ربما لبس الخيش وكان كثير الفكر والذكر والصلاة على النبى ﷺ، وكانت وفاته سنة سبع بعد الألف كما فى طبقات المناوى ..

بني حسن : كانت تعرف قديما ببسيوس أو تميدوس ، وفى خطط أنتونان أن بعد هذه المدينة عن مدينة أنصنا ثمانية أميال رومانية وقد قيس هذا القدر على الخرطة فوجد قدره بالمتر ١١٨٢٢ ووقع على بنى حسن القديمة ..

ويوجد فيها آثار عتيقة كثيرة ومغارات عديدة فى الجبل عليها كتابة قديمة وكان للرومانيين فيها فرقة من العساكر الخيالة ، وهى الآن خراب وفى قبليها بلدة بني حسن المعمورة الآن وتسمى بنى حسن الشروق ، وهى فى شرق البحر الأعظم بحرى الشيخ تمى قريبة من الجبل وهى على ثلاث قرى ودورها مبنية باللبن وبها نخيل بكثرة وبعض أهلها نصارى “.

طهنا الجبل وعرب العطيات

في الخطط التوفيقية طهنة بليدة صغيرة من قسم منية ابن خصيب ، واقعة فى شرقى النيل بنحو ربع ساعة ، وفى الشمال الشرقى لمنية ابن خصيب بنحو أحد عشر ألف متر ، وكانت تسمى قديما اكوريس ، كما فى بعض كتب الأقباط ، وكانت بين الجبل وأراضى المزارع ، ولم يكن بها زمن الفرنسوية سوى بعض تيجان أعمدة وحجارة ضخمة ، وباقى أبنيتها مدفون تحت التراب ، وكلما حفر فيها ظهرت أبنية ، وربما ظهر من الحفر بيوت كاملة ، ويوجد بالجبل مغارات كثيرة ، بها آثار تدل على بلد قديم كان فى هذا الموضع ، والغالب أنها هى التى كانت تسمى اكوريس ، وبعض هذه المغارات عليه نقوش ، وكثرة الدخان الحاصلة من إيقاد النار داخل المغارات سوّدت وجوهها ، وضيعت كثيرا من نقوشها.

وهذه القرية الآن من قسم المنيا ، وسكانها من عرب العطيات ، ويزرع فى أرضها قصب السكر كثيرا ، ولها جزيرة يزرع فيها البصل والدخان والأصناف المعتادة ، وفى بحريها على أقل من نصف ساعة قرية صغيرة ، يقال لها : (وادى الطير) فى فجوة من الجبل ، وكان فى السابق يقال : طهنة ووادى الطير ، وربما أفاد هذا أنهما كانتا فى الأصل بلدة واحدة ثم افترقتا بأسباب حدثت ، وزمامهما إلى الآن واحد.

والجبل الذى فوقهما يقال له : جبل الطير لكثرة الحمام الأسود البرى الذى يجتمع فيه ، وهو اسم لجزء من جبل المقطم يمتد مشرقا من قرية وادى الطير إلى دير البكرة ، ويمتد فى الشمال والجنوب نحو ساعة من ناحية السريرية إلى وادى الطير ، وفى الجبل طرق توصل إلى ناحية طهنة وسوادة والمطاهرة وغيرها ، ويقال : إن هناك طريقا توصل إلى البحر الأحمر ، وفى الجبل أيضا ورش لاستخراج الحجر والدبش ، قريبة من ناحية السريرية.

وتجاه وادى الطير جداران عظيمان من الآجر من بقايا مبانى المصريين ، وتسميهما الأهالى حائط العجوز ، وهذا الاسم يطلق عندهم على جميع المبانى التى من هذا النوع ، ويظهر أن المصريين كانوا يسدون أفواه الوديان بجدران من هذا القبيل ، لمنع مياه الأمطار عن أرض المزارع ، وعن المساكن ولمنع سيلان الرمال فى زمن الصيف على أرض المزارع ، وربما جعلوها وقاية لبعض المبانى المقدسة وما أشبهها ، وتوجد كثيرا فى مواضع من جهات الصعيد ، فوق الوديان من الجبل الشرقى والغربى ، وعرضها فى الغالب متران وشئ وارتفاعها يختلف بحسب ما يراد منها.

ودير البكرة المذكور من الديورة المنيعة ، وأبنيته بالطوب الأحمر ويسكنه عدد وافر من النصارى الذكور والإناث ، وجميعهم يتعيشون من الصدقة ، وعادة ذكرانهم أنهم متى وجدوا فى البحر سفينة ولو بخارية ، سبحوا إليها بطلب الصدقة من أهلها ، ولهم فى ذلك مهارة تامة ، وسمى دير البكرة لبكرة موضوعه فى أعلاه ، يتناول بها الرهبان المياه والأشياء التى يجلبونها من البلاد المجاورة.

الحوارتة والمطاهرة وعرب الأشمونين

الحوارتة : اسمها الأصلي جزيرة سكرة وقنيدة وعسيلة وشهيدة ، وردت في التحفة من أعمال الأشمونين ، ويظهر أن أحد كبار الملاك وقت الروك الناصري سنة 715 هـ اختار لهذه الناحية أربعة أسماء جمع فيها أنواع العسل ، وفي دليل سنة 1224 هـ قال : وفي تربيع سنة 933 هـ جزيرة سكرة وجرف الحجر وجرف سودون وجزيرة مستجدة ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ قيد زمام هذه الناحية باسم الحوارتة وهو اسمها الحالي نسبة إلى جماعة العرب المستوطنين فيها.

المطاهرة البحرية : اسمها القديم دير نجيم ، ورد في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد دير نجيم وهي دير أسود من أعمال الأشمونين ، والظاهر أن اسم دير أسود غير لاستهجانه في تربيع سنة 933 هـ باسم المطاهرة بدليل ورود هذا الاسم في دفتر المقادعات (الالتزامات) سنة 1071 هـ وفي تاريخ سنة 1230 هـ ، والمطاهرة : هم جماعة العرب المستوطنين في هذه القرية فعرفت بهم ، وفي سنة 1892 قسمت المطاهرة إلى ناحيتين عرفت هذه الأصلية بالبحرية تمييزا لها من المطاهرة المستجدة.

بني أحمد : كانت تسمى بنشها وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد والتحفة من أعمال الأشمونين ، ثم عرفت ببني أحمد من قديم على لسان العامة نسبة إلى جماعة العرب المستوطنين بها إلا أنها كانت محتفظة باسمها وهو بنشها في دفتر الأموال ، وفي أواخر أيام دولة المماليك قيد زمامها باسم بني أحمد فوردت به في كتاب وقف السلطان الغوري المحرر في سنة 911 هـ وبذلك اختفى اسم بنشها.

بني قمجر : اسمها القديم منشية أباهور ، وردت في التحفة مع دمشاو هاشم من أعمال الأشمونين ، وفي دليل سنة 1224 هـ دمشاو هاشم وكفرها منشية أباهور وهي كفر بني قمجر ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ قيد زمامها باسم بني قمجر وهو اسمها الأصلي نسبة إلى بني قمجر وهم جماعة العرب المستوطنين بها.

طوة بني إبراهيم : وردت في معجم البلدان بأنها بلد بالصعيد غربي النيل بمصر بالقرب من طوخ الخيل وفي قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد وفي التحفة من أعمال الأشمونين ، ووردت في تربيع سنة 933 هـ طوة بني إبراهيم نسبة إلى جماعة من العرب نزلوا بها ، وتمييزا لها من طوة التي بمركز ببا بمديرية بني سويف ووردت في تاريخ سنة 1230 هـ طوة بني إبراهيم.

أبو الصفا : اسمها القديم إبوان عطية وردت في معجم البلدان أبوان عطية قرية بالصعيد من أرض مصر غربي النيل ، وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد والتحفة من أعمال الأشمونين ، كانت باسمها المذكور لغاية أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، وردت في الدفتر المحرر من الروزنامة في سنة 1228 هـ ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ فصلت بزمام خاص من ناحية أسمنت باسم نزلة أبو الصفا وتنسب إى الشيخ أبو الصفا صاحب المقام الكائن بها.

بني الحكم : بكالنكاه الاسم القبطي القديم لقرية بني الحكم هذه بدليل أن العرب سموها بوقلنكة ، وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد من أعمال الأشمونمين ثم حرف الاسم إلى بقر لنكة فوردت به في تربيع سنة 933 هـ ثم حرف إلى بقر لنك كما وردت به في تاريخ سنة 1230 هـ ، وبقيت بهذا الاسم إلى أن طلب عمدتها الشيخ عبد الحكيم أحمد تغيير اسمها بدعوى أنه يبدأ بكلمة بقر ، فاختار لها اسم بني الحكم بقوله : إن الشيخ يزيد بن الوليد صاحب المقام الكائن بها هو من ذرية بني الحكم خلفاء دولة بني أمية ، وقد وافقت وزارة الداخلية على هذا بقرار أصدرته في 17 سبتمبر 1931.

الفكرية

في العصر المملوكي نزلت عشائر من عرب بني عبيد وبني خيار وبني خالد وبني سعيد وبني موسى وبني حسن في أجوار قرية أبو قرقاص القديمة وتأسست قرى لهم ثم أقيمت على زمام قرية بني عبيد كل من قريتي أولاد جويد والسنبلاوين وامتد زمامها الزراعي حتى زمام أبو قرقاص والتي صارت بعد ذلك تابعة لأراضي تفتيش الدائرة السنية.

وفي عام 1895 م. تولى نظارة الدائرة السنية أمين باشا فكري فقرر تأسيس مدينة جديدة في وسط الزمام للإشراف على مزارع ومعاصر القصب ومصنع السكر التابعة للدائرة في المنطقة وسميت باسمه (المدينة الفكرية) ، وهو محمد أمين باشا بن عبد الله فكري باشا بن محمد بليغ من فضلاء مصر وأعيانها عمل بالقضاء ثم محافظا للإسكندرية ثم ناظرا للدائرة السنية ، وله مؤلفات منها إرشاد الألبا إلى محاسن أوروبا وجغرافية مصر والآثار الفكرية جمع فيه كتابات والده من شعر ونثر وتوفي عام 1899 م.

ويفصل ذلك محمد رمزي بك في كتاب القاموس الجغرافي للبلاد المصرية حيث يقول : ” المدينة الفكرية : تكونت من الوجهة الإدارية في سنة 1897 باسم المدينة الفكرية نسبة إلى أمين باشا فكري الذي كان مديرا للدائرة السنية في ذاك الوقت ، وقد كان ديوان تفتيش أراضي الدائرة السنية بأبو قرقاص واقعا بها بجوار محطة أبو قرقاص ..

وفي سنة 1933 صدر قرار من وزارة المالية بفصل المدينة الفكرية بزمام خاص من أراضي نواحي أبو قرقاص ونزلة أولاد جويد والسنبلاوين ومنهرى وبذلك أصبحت ناحية قائمة بذاتها من الوجهتين الإدارية والمالية ، ولوقوع الفكرية بجوار محطة أبو قرقاص وبعد سكن أبو قرقاص عنها فقد أنشىء بها ديوان مركز أبو قرقاص ومكاتب المصالح الأخرى فأصبحت الفكرية مقرا لديوان مركز أبو قرقاص من سنة 1897 التي أنشىء فيها المركز المذكور “.

أما أبو قرقاص فهي قرية قديمة اسمها الأصلي بوقرقس وحرفت بعد ذلك إلى أبو قرقس ثم أبو قرقاس ، وجاء عنها في الخطط التوفيقية : ” بوقرقاص : بلدة فى غربى النيل من مديرية المنية فى جنوب منهروا بقدر ألف ومائتين وخمسين مترا وتجاه بنى حسن الأشراف التى فى البر الشرقي ، وفيها مساجد ونخيل وأبنيتها باللبن والآجر على دور وعلى دورين ..

وفيها جفلك للدائرة السنية مشتمل على عصارات لقصب السكر وبجواره مساكن المستخدمين وعنده محطة للسكة الحديد وهناك على الإبراهيمية كبري من الخشب لمرور الوابورات ، وفى فوريقتها أربع عصارات جيدة فرنساوية يتحصل بها كل يوم من أيام دورانها سبعمائة قنطار سكر أبيض ، وخمسمائة وخمسون قنطارا سكر أحمر نمرة اثنين ، وخمسون قنطارا سبيرتو “.