
بلبيس .. مسجد سادات قريش
أول مسجد بني في قارة أفريقيا هو الموجود حاليا في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية وهو المعروف باسم (مسجد سادات قريش) والذي بناه عمرو بن العاص في فبراير عام 640 م. ، وكان عمرو قد حاصر المدينة وأعطى الرومان فيها مهلة أربعة أيام لمشاورة قادتهم لكنهم في صباح اليوم الثاني قرروا الهجوم بغتة على الجيش العربي الذي واجههم باستبسال وحقق أولى انتصاراته الكبرى حيث خسر الرومان ما يقرب من ألف قتيل وثلاثة آلاف أسير ..
واستشهد في المعركة مائة وعشرون شهيدا من المسلمين منهم عدد من قريش وحلفائها واستسلمت البلدة وذكرت بعض الروايات أن أرمانوسة بنت المقوقس وقعت أسيرة بها فأرسلها عمرو إلى والدها معززة مكرمة مع قيس بن أبي العاص السهمي ، ثم قضى عمرو في البلدة شهرا كاملا قبل أن يواصل التحرك باتجاه وادي النيل وفي تلك الفترة بنى المسجد الذي اشتق اسمه تيمنا بالشهداء وذلك في موضع في ظاهر البلدة من جهة الشمال الشرقي لها ..
ونشأت حول المسجد ضاحية جديدة سكنتها عشائر من عرب جذام ومع هذا التوسع صارت بلبيس مدينة كبيرة من عواصم الوجه البحري مثلها مثل المحلة الكبرى في وسط الدلتا والإسكندرية في غرب الدلتا وصارت قاعدة للحوف الشرقي بدلا من العواصم الرومانية القديمة وهي بيلوز (الفرما) وليونتو (تل المقدام مركز ميت غمر) وكباسا (شباس الشهداء مركز دسوق) وظلت عاصمة لولاية الشرقية حتى استبدلها محمد علي بالزقازيق ..
وشهد المسجد تجديدات في العصر العباسي على يد الخليفة المأمون عندما زار مصر وكذلك في العصر العثماني على يد مصطفى الكاشف الذي أضاف المأذنة ، أما المدينة فقد شهدت توسعتها الكبرى وتطويرها في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب حيث كان موقعها الجغرافي على حافة الصحراء شديد الأهمية في الحروب الصليبية فقد تعرضت في زمن الفاطميين للغزو المباشر من الفرنجة أثناء صراعهم مع أسد الدين شيركوه وصلاح الدين الأيوبي ..
وتحتل مدينة بلبيس مكانة متميزة في الثقافة المسيحية والإسلامية حيث يروى أن السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل من قرية غيثة التي كانت تابعة لها وأن أحداث قصص الأنبياء العبرانيين قد دارت بجوارها في أرض جاسان وأنها في مسار خروج اليهود ، وهي محطة من محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر كما أنها استقبلت نساء آل البيت السيدة زينب ومعها سكينة وفاطمة ابنتي الحسين كما ذكرت في التراث الشعبي من خلال قصص ألف ليلة وليلة ..


عرب بلبيس
جاء في خطط المقريزى فى باب نزول العرب بريف مصر ما نصه : قال الكندي : وفى ولاية الوليد بن رفاعة الفهمى على مصر نقلت قيس إلى مصر فى سنة تسع ومائة ، ولم يكن بها أحد منهم قبل ذلك إلا ما كان من فهم وعدوان ، فوفد ابن الحبحاب على هشام بن عبد الملك فسأله أن ينقل إلى مصر منهم أبياتا فأذن له فى لحاق ثلاثة آلاف منهم ، وتحويل ديوانهم إلى مصر على أن لا ينزلهم بالفسطاط ، فعرض لهم ابن الحبحاب وقدم بهم فأنزلهم الحوف الشرقى وفرقهم فيه.
ويقال إن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام بن عبد الملك مصر قال : ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وهم فهم وعدوان ، فكتب إلى هشام أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرف هذا الحى من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم ، وأنى قدمت مصر ولم أر لهم حظا إلا أبياتا من فهم وفيها كورة ليس فيها أحد ، وليس يضر بأهلها نزولهم معهم ، ولا يكسر ذلك خراجا وهى بلبيس ، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحىّ من قيس فليفعل.
فكتب إليه هشام أنت وذاك ، فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من بنى نصر، ومائة أهل بيت من بنى سليم فأنزلهم بلبيس وأمرهم بالزرع ، ونظر إلى الصدقة من العشور فصرفها إليهم فاشتروا إبلا فكانوا يحملون الطعام إلى القلزم ، وكان الرجل يصيب فى الشهر العشرة دنانير وأكثر ، ثم أمرهم بشراء الخيول فجعل الرجل يشترى المهر فلا يمكث إلا شهرا حتى يركب ، وليس عليهم مؤنة فى علف إبلهم ولا خيلهم لجودة مرعاهم.
فلما بلغ ذلك عامة قومهم تحملوا إليهم فوصل إليهم خمسمائة أهل بيت من البادية ، فكانوا على مثل ذلك ، فأقاموا سنة فأتاهم نحو من خمسمائة من أهل بيت فصار ببلبيس ألف وخمسمائة أهل بيت من قيس ، حتى إذا كان زمن مروان بن محمد، وولى الحوثرة بن سهيل الباهلى مصر مالت إليه قيس ، فمات مروان وبها ثلاثة آلاف أهل بيت ، ثم توالدوا وقدم عليهم من البادية من قدم.
وفى سنة ثمان وسبعين ومائة كشف اسحق بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس أمير مصر أمر الخراج وزاد على المزارعين زيادة أجحفت بهم فخرج عليه أهل الحوف وعسكروا ، فبعث إليهم الجيوش وحاربهم فقتل من الجيش جماعة ، فكتب إلى أمير المؤمنين هرون الرشيد يخبره بذلك فعقد لهرثمة بن أعين فى جيش عظيم وبعث به إلى مصر فنزل الحوف وتلقاه أهله بالطاعة وأذعنوا بأداء الخراج فقبل هرثمة منهم واستخرج خراجه كله.
ثم إن أهل الحوف خرجوا على الليث بن الفضل البيودى أمير مصر ، وذلك أنه بعث بمسّاحين يمسحون عليهم أراضى زرعهم فانتقصوا من القصبة أصابع ، فتظلم الناس إلى الليث فلم يسمع منهم فعسكروا وساروا إلى الفسطاط ، فخرج عليهم الليث فى أربعة آلاف من جند مصر فى شعبان سنة ست وثمانين ومائة فالتقى معهم فى رمضان فانهزم عنه الجند فى ثانى عشره وبقى فى نحو المائتين فحمل بمن معه على أهل الحوف فهزمهم حتى بلغ بهم غيفة وكان التقاؤهم على أرض جب عميرة.
وبعث الليث إلى الفسطاط بثمانين رأسا من رؤس القيسية ورجع إلى الفسطاط ، وعاد أهل الحوف إلى منازلهم ومنعوا الخراج ، فخرج الليث إلى أمير المؤمنين هرون الرشيد فى المحرم سنة سبع وثمانين ومائة وسأله أن يبعث معه بالجيوش فإنه لا يقدر على استخراج الخراج من أهل الحوف إلا بجيش يبعث معه ، وكان محفوظ بن سليم بباب الرشيد فرفع محفوظ إلى الرشيد يضمن له خراج مصر عن آخره بلا سوط ولا عصى ، فولاه الخراج وصرف ليث بن الفضل عن صلات مصر وخراجها.

أعلام بلبيس
فى حسن المحاضرة للسيوطى : ” أن منها عماد الدين محمد بن اسحق بن محمد ابن المرتضى البلبيسى الشافعى ، كان من حفاظ المذهب ، أخذ عن ابن الرفعة وغيره ، وولى قضاء الإسكندرية ، مات بالطاعون فى شعبان سنة تسع وأربعين وسبعمائة وقد قارب السبعين.
ومنها القاضى مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن على بن موسى الكنانى البلبيسى ، تخرج بمغلطاى والتركمانى ، ومهر فى الفقه والفرائض وشارك فى الأدب ، وله تأليف فى الفرائض ، واختصر الأنساب للرشاطى ، وولى قضاء الحنفية فى القاهرة ، مات فى ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة “.
وفى الضوء اللامع للسخاوى : ” أنه ولد بها الشيخ محمد بن على بن محمد البلبيسى المكى الشافعى المعروف بابن النحاس ، قدم مع أبويه إلى مكة رضيعا فأرضعته السيدة زينب بنت القاضى أبى الفضل النويرى ، قلما ترعرع لزم خدمتها وخدمة زوجها ، ثم نال دنيا بالتجارة وغيرها ، واستفاد عقارا ونقدا وعروضا ، ومات سنة سبع وستين وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة.
وفيه أيضا أن منها الشيخ محمد بن محمد بن أحمد بن أبى العباس البلبيسى قاضيها الشافعى ، يعرف بابن البيشى ، ولد بلبيس ونشأ بها ، وكان المجد إسماعيل البلبيسى قاضى الحنفية بمصر قريبه من جهة النساء فانتقل عنده بالقاهرة ، وكتب بخطه الحسن أشياء، وناب فى القضاء ببلده عن جماعة ، بل اقتصر القاياتى أيام قضائه عليه فى الشرقية جميعها إجلالا له ، وكان إماما عالما فقيها غاية فى التواضع وطرح التكلف ، مات سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ، ولم يخلف فى الشرقية مثله.
وفيه أيضا أن منها الشيخ محمد بن محمد الشمس البلبيسى القاهرى الشافعى ، ولد ببلبيس ونشأ بالقاهرة فى كنف أبيه ، جاور بالأزهر واشتغل بالفقه ونحوه عند ابن قاسم وابن شولة وتعب فى تربيته وسافر معه لمكة وبيت المقدس وغيرهما واسترزق من الكتابة والتعليم فى بيت ابن عليبة ونزل فى سعيد السعداء والبيبرسية وغيرهما، وجاور بعد موت أبيه بمكة ثم عاد وأسكنه الاستادار فى المسجد الذى جدده بالخشابين. وجعل له إمامته والقيام به ، ذكر أن ولادته كانت سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة.
وولد بها أيضا الشيخ محمد بن محمد الحملى البلبيسى القاهرى الشافعى ، صحب الشيخ الغمرى وتلقن منه ، ولقى ابن رسلان وتهذب بهديه ، وسافر لمكة والمدينة وبيت المقدس والخليل والمحلة ، وتكسب بالنساخة واختصر تفسير البيضاوى وكتب على المنهاج إلى الزكاة ، وامتدح النبى ﷺ بقصيدة ، وكان فاضلا دينا جيد الفهم بديع التصوّر صحيح العقيدة خبيرا بالأمور متين التحرى والعفة حسن العشرة نير الهيئة ، مات فى ربيع الأول سنة سبع وثمانين وثمانمائة ودفن بجوار أبيه بتربة سعيد السعداء “.
وفي الخطط التوفيقية : ” وإليها ينسب الشيخ أحمد الحملاوى بن محمد بن أحمد ، ولد بها سنة 1273 وتربى فى حجر والده ، وقرأ القرآن بها ، وقدم إلى الأزهر سنة 1288 فحفظ المتون ، وجوّد القرآن الشريف ، وتلقى كثيرا من العلوم الشرعية والأدبية عن أفاضل عصره ، ثم دخل مدرسة دار العلوم ، وتلقى الفنون المقررة قراءتها فيها.
وكان بها من العلماء الفاضل المحقق الشيخ أحمد عمار ، نائب محكمة الإسماعيلية سابقا ، توفى سنة 1302 ، وهو من عائلة تعرف بالصوالحة من الأشراف ، وأكبر أنجاله حضرة محمد أفندى صالح ، ولد فى 5 من ذى القعدة سنة 1272 ، ترقى بوظيفة مدرس بالمدارس الأميرية ، ولم يزل ينتقل من وظيفة إلى أرقى منها حتى صار الآن مفتشا بنظارة المعارف العمومية “.

الزوامل
في أواخر العصر المملوكي تم إقطاع الزمام الزراعي لقرية الغفارية بالشرقية إلى عرب الزوامل المنتقلين من البحيرة حيث تأسست على هذه المساحة قرية جديدة عرفت باسم الزوامل ، جاء في التحفة السنية : الغفارية مساحتها 1130 فدان بها رزق 149 فدان عبرتها 6000 دينار كانت باسم المقطعين والآن باسمهم والعربان.
وجاء في القاموس الجغرافي : الزوامل تكونت هذه الناحية بفصلها في تاريخ سنة 1228 هـ من زمام نواحي الغفارية وسلمنت ونشاص الوهيبي التي تسمى اليوم إنشاص الرمل وورد في تاج العروس أن الزوامل بطين من العرب في ضواحي مصر
وجاء في مختصر معجم قبائل مصر للدكتور أيمن زغروت : ” الزوامل عشيرة من أولاد همام من قبيلة العونة من أولاد سلام من بني سليم القيسية العدنانية في قرية الزوامل مركز بلبيس بالشرقية وقرية الزوامل مركز دسوق وقرية الشرفا مركز فوة بكفر الشيخ وفي مركز حوش عيسى وحرارة وفي قرية قافلة مركز أبو حمص بالبحيرة وفي مغاغة وحيفا بفلسطين الأسيرة فكها الله المنتقم “.
وجاء عن الزوامل في الخطط التوفيقية : ” الزوامل قرية من مركز بلبيس ببلاد الشرقية فى سفح الجبل المتصل بالمحروسة فى جنوب بلبيس بنحو عشرين ألف متر ، وفى شمال الفرع الشبينى بنحو مائتى متر بين المنير وأنشاص الرمل ، وفى جنوبها الشرقى الترعة الإسماعيلية.
وبها مساجد ومكاتب ، ومجلسان للدعاوى والمشيخة ، وجميع حاراتها مفتوحة إلى الشمال ، وفيها بساتين كثيرة ونحو أربعين ألف نخلة ، وأطيانها ألفان ومائة وثلاثة وعشرون فدانا وكسور ، وعدد أهلها نحو ثلاثة آلاف وست وعشرون نفسا تكسبهم من بيع الثمار والزرع لا سيما البطيخ لأنه يزرع هناك بكثرة على عيون يحفرونها.
وهم من عرب الزوامل ولهم من قديم الزمان اعتبار واحترام يعادلون أهل العايد ، وكان لهم مناوشات مع عرب العايد وغيرهم انقطعت من مدة العزيز محمد على. ، ومنهم عائلة العفيفى على غاية من الشهرة ، كان العفيفى والد إبراهيم العفيفى شيخ عرب الزوامل ، وكان له على حاكم مصر كسوة كل سنة.
وبعد موته ظهر ابنه إبراهيم فى الكرم والنجابة ، وفصل القضايا بين العرب وبين أهل بلده ، وكان يحبهم ويحبونه ، وكان يبيت فى مضيفته كل ليلة نحو الخمسين ، وولاه العزيز محمد على حاكما على جملة بلاد من الشرقية ثم عزل ، ثم ولاه الخديوى إسماعيل باشا ناظرا على مركز بلبيس ، واستمر كذلك إلى أن مات.
واشتهر ابنه محمد بيك العفيفى فجعله الخديوى المذكور وكيل مديرية الشرقية فى سنة ثمانين ، ثم جعله مديرا على القليوبية ، ثم مديرا على الغربية ، ثم رجع إلى مديرية القليوبية ، ثم انتقل بعد ذلك إلى رحمة الله “.
وجاء في مموسوعة القبائل العربية : الأمير حمد أبو زامل بن همام أبو سيف الفوازي اليعقوبي وكان رئيس أقاليم البحيرة سابقًا وكان له مرتبات قدرها عشرة آلاف وستة وستين ريالًا يقبضها من المال بحسب التقارير الديوانية والفرمانات السلطانية المبعوثة برزنامة مصر بعد التراضي والتوافق على ذلك.
وأعطوا الرياسة التامة لحمد أبو زامل الهمامي شيخ المشايخ على سائر القبائل والعربان وأهل السجاجيد والمقامات والأضرحة والقرى بأقاليم البحيرة والصعيد وورث ذلك عن جده المشار إليه همام رئيس اثنين وستين قبيلة في زمنه ورتبوا له أطيانا كمعاش قدرها اثني عشر ألف فدان بجهة حراسة والكوم الأخضر وحوش عيسى بتاريخ الربط سنة ١١٣١ هجرية كما هو ثابت بالفرمانات بالروزنامة المصرية.
وكما هو ثابت بالنسب الموجود لدينا أنه من أصل أولاد همام عائلة الزوامل الموجودين الآن بالزوامل الشرقية ببلبيس وعائلة فواز بالعسيرات بالصعيد وعائلة أبو زامل الموجودين بالزنامل بمديرية الغربية تبع دسوق مركز فوة وعائلة أبو زامل بحوش عيسى وحرارة وأبو حمص وعائلة أبو زامل بمغاغة وفرع منهم انتقل في عهد حمد أبو زامل إلى حيفا بفلسطين ويعرف هناك بالزوامل.
ومن الثابت في كتب التاريخ أنه كانت إمرة العربان في مصر جملة لبني عونة من فجر القرن العاشر ، وأول عربي أخذ رتبة أمير اللواء من الدولة العثمانية هو أمير بني عونة ، وقد كان أميرًا للحجاج المصرين سنة ٩٣٦ هجرية ، وقد كانت بني عونة من القوة والبأس على أشدها ، كل هذا منقول من الفرمانات الرسمية.

السعادات
في القرن التاسع الهجري ذكر ابن الجيعان في كتابه التحفة السنية أن منطقة الزورة بالشرقية قد منحت للعربان حيث صارت مقرا لعشائر السعادنة فيقول : الزورة مساحتها 140 فدان بها رزق 20 فدان عبرتها 300 دينار للعربان ، وذكرهم عمر كحالة في معجم قبائل العرب حيث يقول : السعادنة عشيرة يقال أصلها من مكة واسم جدها سعد من الصحابة ثم انشطرت شطرين شطر التحق بالجبارات وآخر بالتياها ، وكان فريق الجبارات حتى عام ١٩٢٩ م متحدا مع الوحيدات برئاسة شيخ واحد الى أن طلبوا الانفصال ففصلوا وهم الآن فريقان سعادنة النويري وسعادنة أبي جريبان وعددهم يربو على الخمسمائة.
وجاء في القاموس الجغرافي : ” السعادات هي من القرى القديمة كانت تسمى الزورة وردت في التحفة من أعمال الشرقية ، وفي سنة 1928 قسمت الزورة إلى ناحيتين وعرفت هذه منهما بالزورة الغربية لوقوعها غربي الترعة الإسماعيلية وعرفت الثانية بالزورة الشرقية لوقوعها شرقي الترعة المذكورة.
ولاستهجان كلمة الزورة عند أهل هذه القرية فإنهم يسمونها فيما بينهم الخراخشة ، وفي سنة 1930 طلب سكان هذه الناحية تسميتها الفاضلية ، ولما أخذت وزارة الداخلية رأيي في هذه التسمية أشرت عليها بتسميتها السعادات وهو اسم القبيلة التي ينتمي إليها جماعة العرب الذين نزلوا قديما بهذه القرية ، وقد وافقت وزارة الداخلية على تسميتها السعادات بقرار أصدرته في سنة 1931 “.
وجاء في موقع شبكة رابطة للتجمع العائلي والعشائري : عرب السعادنة الأشراف القرشيين بني سعد بن أبي وقاص مالك بن أُهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر قريش ، والسعادنة عموماً كانوا ينحرون كل سنة ناقة يسمونها «ناقة سعد» ويوزعون لحمها على الفقراء ذكرى وافتخاراً بهذا النسب الرفيع إنه رجل مبارك يقدسون ذكراه فهم ذرية خال رسول الله ﷺ أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد السابقين إلى الإسلام.
والسعادنة بعضهم حالف قبيلة التياها وبعضهم حالف قبيلة الجبارات بفلسطين وبعضهم حالف قبيلة النعيمات وبعضهم حالف قبيلة بني صخر وانضمو الى عشيرة الهقيش في الأردن وبعضهم حالف قبيلة أولاد الوافي وبعضهم حالف قبيلة ورفله بليبيا وبعضهم حالف قبيلة السلامات في السودان وبعضهم انضم وحالف قبيلة الجهمة في مصر في أسيوط والفيوم والقليوبية وغيرها.
ومن ديارهم كفر الصهبي بشبين القناطر قليوبية وعزبة السعادنة ، كوم أشفين مركز قليوب ، محافظة القليوبية وبعض القرى في مركز ناصر ومركز الوسطى في قرية قمن العروس بني غنيم وفي قرية دنديل والبرج و الدوالطة و دلاص وبني عدي وأبو صير وانفسط وكوم إدريجة ومناشي ابوصير وباها والميمون وطنسا الملق ومعصرة أبوصير وكوم أبو راضي والفشن ونزلة السعادنة في حاجر بني سليمان وبعض القرى حول الصالحية والرواشدية ويوسف الصديق وطامية وإطسا وابشواى وسنورس في الفيوم وقرية السعادنة في مركز فاقوس وفي الحسينية وقرية السعادنة مركز بلبيس بالشرقية وعزبة السعدني بنتما مركز كوم حمادة وعزبة السعدنى الغربية وعزبة السعدنى الشرقيه وعزبة السعدنى الوسطانيه بمركز أيتاي البارود بالبحيرة .
ولهم تواجد بالقاهرة والجيزة والدقهلية والمنيا وقنا والاسماعيليه والسويس والغربية والمنوفية والاسكندرية ودمياط ومن السعادنة عائلات في معظم محافظات مصر وفي بئرالسبع وقضاء الخليل وغزة والقدس بفلسطين. ومن السعادنة بوادي موسى وعمان وقرية الزميلة ولواء الجيزة وتمركز قسم في محافظة مأرب وقسم في محافظة الزرقاء وموزعين في أماكن كثيرَ في الأردن. ، والسعادنة عموماً وسم الأبل ‘U’ الجابية. النعالة.. والنسبة لهم السعدني والسعداني والسعيدني.

شبرا النخلة
في الخطط التوفيقية قرية من مركز بلبيس بمديرية الشرقية ، وفى بحرى ترعة منية يزيد الخارجة من فرع الخليلى ، وفى جنوب ناحية بردين بنحو ساعة ، وعندها فى جهاتها الأربع برك كثيرة المياه ، وبها جامع بمنارة ومجلسان للدعاوى والمشيخة ومكاتب لتعليم القرآن ، ولعمدتها عبد الرحمن أبى خضرة منازل مشيدة وجنينة ذات فواكه ، وله أيضا معمل دجاج ، وزمام أطيانها ألفان وسبعمائة فدان وأربعة عشر فدانا وكسر ، وفى غربيها على بعد ألفى متر تل يعرف بتل أبى طرطور على ترعة منية يزيد ، ارتفاعه عن أرض المزارع نحو خمسة عشر مترا ، ولها سوق كل أسبوع.
ومن هذه القرية أبو الحسن الحوفى كما فى ابن خلكان ، وقال : هو أبو الحسن على بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفى النحوى ، كان عالما بالعربية وتفسير القرآن الكريم ، وله تفسير جيد ، واشتغل عليه خلق كثير وانتفعوا به ، ورأيت خطه على كثير من كتب الأدب قد قرئت عليه ، وكتب لأربابها بالقراءة كما جرت به عادة المشايخ ، وتوفى بكرة يوم السبت مستهل ذى الحجة سنة ثلاثين وأربعمائة رحمه الله تعالى.
والحوفى (بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفى آخرها فاء) هذه النسبة إلى حوف ، وقال السمعانى : ظنى أنها قرية بمصر حتى قرأت فى تاريخ البخارى أنها من عمان ، منها أبو الحسن المذكور ، ثم قال : وكان عنده من تصانيف النّحّاس أبى جعفر المصرى قطعة كبيرة ، قلت: قوله قرية بمصر ليس كذلك ، بل الناحية المعروفة بالشرقية التى قصبتها مدينة بلبيس جميع ريفها يسمونه الحوف ، ولا أعلم ثمّ قرية يقال لها الحوف.
وأبو الحسن من حوف مصر ، وبعد أن فرغت من ترجمة أبى الحسن الحوفى على هذه الصورة ظفرت بترجمته مفصلة ؛ وذلك أنه من قرية يقال لها شبرى النخلة من أعمال الشرقية المذكورة ، وأنه دخل مصر وقرأ على أبى بكر الأدفوى ولقى جماعة من علماء المغرب وأخذ عنهم ، وتصدر لإفادة العربية ، وصنف فى النحو مصنفا كبيرا ، وصنف فى إعراب القرآن كتابا فى عشرة مجلدات ، وله تصانيف كثيرة يشتغل بها الناس ، رحمه الله تعالى، انتهى.
وقوله: وجميع ريفها ، قال فى ديوان الإنشاء : الريف لغة هو موضع المياه والزرع ، ثم جعل ذلك اسما لبلاد القرى ، وقال ابن دريد : الريف ما قارب السواد من أرض العرب ، وقال التبريزى : الريف ما قارب الماء من أرض العرب ، وقال غيره : الريف أرض لها زرع وخصب ، ويطلق فى مصر على الوجه البحرى ، وبالديار المصرية وجهان ، القبلى، والبحرى.
وفى تاريخ بطاركة الاسكندرية أن قصر بابلون مبنى بالحجارة بين الصعيد والريف ، ويقال : انحدر كل من فى الصعيد إلى الريف لطلب الغلة ، ويقال أيضا : أن ماء النيل يعلو أرض الريف والصعيد ، ففى هذه العبارات قد أطلق الريف على الوجه البحرى فقط.

بردين
اسمها الأصلي بوردين وجاءت في كتاب التحفة السنية باسم أبو ردين وفي كتاب تاج العروس باسم البردين ، وفي تاريخ سنة 1228 هـ وردت باسم بردين ، جاء في الخطط التوفيقية : ” بردين هى قرية بمركز بلبيس من مديرية الشرقية ، بينها وبين شبرى النخلة نحو ألف وخمسمائة متر ، وفى الجنوب الغربى للسكة الحديد على نحو ثلثمائة متر ، وبها محطة السكة الحديد، ومحل إقامة مستخدميها.
وفى غربى المحطة بحرى السكة ، كشك مشيد وجنينة عظيمة للخديوى إسماعيل باشا ، وبها منازل مشيدة للدائرة السنية وديوان التفتيش ومساكن المستخدمين ، ومجلسا دعاوى ، ومشيخة ومساجد عامرة أحدها بمنارة ، وبها مكاتب وأرباب حرف وتجار ، وفيها جنان ذات أشجار متنوعة ونخيل ، وبها وابورات لسقى المزروعات ، ولها سوق كل يوم أحد، وأطيانها ألفان وتسعمائة وستة وعشرون فدانا وكسر ، وأهلها ذكورا وإناثا ألفان وخمسمائة وأربع وأربعين نفسا، وتكسبهم من الزراعة “.
وإليها ينسب ، كما فى الضوء اللامع للسخاوى ، الحسن بن أحمد بن محمد البدر البردينى ، ثم القاهرى الشافعى ، ولد بقرية بردين من الشرقية فى حدود الخمسين وسبعمائة ، قدم القاهرة ونشأ فقيرا ، وأنزله أبو غالب القبطى الكاتب بمدرسته التى أنشأها بجوار الخوخة فقرأ على الشمس الكلائى ولم يتميز فى شئ من العلوم.
ولما ترعرع تكسب بالشهادة ، ثم ولى التوقيع واشتهر به مع معرفته بالأمور الدنيوية فراج بذلك على ابن خلدون فنوه به ، قلت : ورأيته شهد على الصدر الأبسيطى فى إذنه للجمّال الزيتونى بالتدريس والإفتاء فى سنة تسع وثمانمائة ، ولم ينتقل فى غالب عمره عن ركوب الحمار حتى كان بآخر دولة الجمّال الأستادار ، فنوّه به كاتب السر ، فتح الله وركب حينئذ الفرس.
وناب فى الحكم وطال لسانه ، واشتهر بالمروءة والعصبية ، فهرع إليه الناس فى قضاء حوائجهم ، وكان يتوجه على كل من فتح الله كاتب السر ، وابن نصر الله ناظر الجيش بالآخر ، وعلى سائر الأكابر بهما فكانت حوائجه مقضية عند الجميع ، قال : وحفظت عنه كلمات منكرة مثل إنكاره أن يكون فى الميراث خمس أو سبع لأن الله لم يذكره فى كتابه ، وغير ذلك من الخرافات التى كان يسميها المفردات.
وكان مع شدة جهله عريض الدعوى ، غير ميال بما يقول ويفعل ، مات فى رجب سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وقد زاد على الثمانين وتغير عقله ، وله فى هدم الأماكن التى أخذها المؤيد حين بنى جامعه بباب زويلة مصائب ، استوعبها المقريزى فى تاريخه انتهى.


حفنة
قرية قديمة ينسب لها ثامن شيوخ الأزهر الشيخ محمد سالم الحفناوي ، جاء في الخطط التوفيقية : حفنة قرية من قسم بلبيس من مديرية الشرقية واقعة على ترعة منية يزيد التى فمها من بحر مويس غربى منية يزيد على بعد نصف ساعة ومصبها بمصرف بلبيس الواردة فيه مياه الشيبينى أحد فروع ترعة الشرقاوية ، وهى قرية صغيرة بها بعض نخيل ومن مزروعاتها صنف الحناء وليس لها سوق وإنما يتسوق أهلها من سوق بلبيس.
وإليها ينسب كما فى حوادث سنة إحدى وثمانين ومائة وألف من تاريخ الجبرتى القطب الكبير والإمام الشهير أوحد أهل زمانه علما وعملا المشهود له بالكمال والتحقيق والمجمع على تقدمه فى كل فريق شمس الملة والدين الإمام محمد بن سالم الحفناوى الشافعى الخلوتى ، ولد بها على رأس المائة الحادية عشرة وهو شريف حسينى من جهة أم أبيه السيدة ترك ابنة السيد سالم بن محمد بن على بن عبد الكريم ابن السيد برطع المدفون ببركة الحاج ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين رضى الله تعالى عنه.
كان والده مستوفيا عند بعض الأمراء بمصر وكان على غاية من العفة والصلاح نشأ بالقرية المذكورة وانتسب إليها وغلبت عليه النسبة حتى صار لا يذكر إلا بها ، قرأ القرآن بها إلى سورة الشعراء ثم ألزمه أبوه بإشارة الشيخ عبد الرؤوف البشبيشى بالمجاورة بالأزهر ، وأخذ العلم عن علماء عصره ، ولازم الدروس حتى مهر ، وأفاد فى حياة أشياخه وأجازوه بالإفتاء والتدريس ، وكان يتردد إلى زاوية الشيخ شاهين الخلوتى فى سفح الجبل ويمكث فيها الليالى متحنثا- أى متعبدا- وأقبل على العلم وعقد الدروس وختم الختوم بحضرة جميع العلماء.
وكان الشيخ مصطفى العزيزى إذا رفع إليه سؤال يرسله إليه واشتغل بعلم العروض أياما حتى برع فيه ، وعانى النظم والنثر وتخرج عليه غالب أهل عصره كأخيه العلامة الشيخ يوسف والشيخ إسمعيل الغنيمى ، صاحب التآليف البديع ة، والتحريرات الرفيعة ، المتوفى سنة إحدى وستين وشيخ الشيوخ على العدوى والشيخ محمد الغيلانى وغيرهم.
ومن مؤلفاته المشهورة حاشية على شرح رسالة العضد للسعد وحاشية على الشنشورى فى علم الفرائض ، وحاشية على مختصر السعد ، وحاشية على شرح السمرقندى للياسمينية فى الجبر والمقابلة وغير ذلك ، وكان كريم الطبع جدا وليس للدنيا عنده قدر ولا قيمة ، كريم السجايا مهيب الشكل عظيم اللحية أبيضها. ، ومن مكارم أخلاقه إصغاؤه لكلام كل متكلم وكان إذا سأله إنسان أعز حاجة عليه أعطاها له كائنة ما كانت ويجد لذلك انشراحا.
وكانت له صدقات وصلات خفية وظاهرة ، وكان راتب بيته من الخبز كل يوم نحو الأردب ، وكان شرب القهوة والسكر لا ينقطع من بيته ليلا ونهارا ويجتمع على مائدته الأربعون والخمسون والستون، وكان يصرف على بيوت أتباعه والمنتمين إليه ، وشاع ذكره فى الأقطار وهادته الملوك والأمراء ، وكان رزقه فيضا إلهيا ، توفى يوم السبت قبل الظهر السابع والعشرين من ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومائة وألف ودفن بقرافة المجاورين وقبره مشهور يزار إلى الآن.
وأما أخوه الشيخ يوسف ، فهو كما فى تاريخ الجبرتى الإمام العالم العلامة والمدقق الفهامة الشيخ يوسف شقيق الأستاذ شمس الدين الحفنى ، أخذ العلم عن مشايخ عصره ، مشاركا لأخيه وتلقى عن أخيه ولازمه ودرس وأفاد وأفتى وألف ونظم ونثر فمن مؤلفاته : حاشية على شرح الأشمونى ، وحاشية على مختصر السعد وحاشية على شرح الخزرجية ، وأخرى على جمع الجوامع لكنها لم تكمل وحاشية على الناصر وابن قاسم وعمل شرحا على شرح السعد لعقائد النسفى وآخر على شرح منلا حنفى فى آداب البحث، وله ديوان شعر توفى فى شهر صفر سنة ثمان وسبعين ومائة وألف.


الجوسق
جاء في القاموس الجغرافي : ” الجوسق قرية قديمة وردت في معجم البلدان بأنها قرية كبيرة عامرة بالحوف الشرقي من أعمال بلبيس من نواحي مصر وفي قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد من أعمال الشرقية وفي التحفة وردت مصحفة الجوشق وصوابه الجوسق وهي كلمة أعجمية معناها البيت الخلوي والعامة يقولون الكشك ، وفي سنة 1870 أضيف إلى الجوسق زمام ناحية العبسي المجاورة لتداخل أطيانهما بعضها في بعض ، ومن تلك السنة صارا ناحية واحدة من الوجهتين العقارية والمالية باسم الجوسق والعبسي وأما من الوجهة الإدارية فكل ناحية منهما منفصلة عن الأخرى “.
وجاء في الخطط التوفيقية : ” جوسق قرية من مديرية الشرقية بقسم بلبيس على الشاطئ الشرقى لترعة الخضراوية وفى الجنوب الغربى لمنية حمل بنحو ثلاثة آلاف وثلثمائة متر وفى شمال ناحية العبسى بنحو أربعمائة متر وبها جامع وقليل نخيل ” ، وينسب إليها الشيخ سليمان الجوسقي زعيم ثورة القاهرة الأولى ضد الفرنسيين والذي قام بصفع نابليون بونابرت على وجهه في حادثة مشهورة ، وبعدها أعدم في قلعة الجبل مع ستة من شيوخ الأزهر.
وكان نابليون قد علم أن الجوسقي هو العقل المدبر لعمليات الاغتيال فقرر إلقاء القبض عليه ، أعجب نابليون بقدرة شيخ كفيف على القيام بذلك بمفردة وحاول نابليون استمالة الشيخ ، فقدم له العديد من العروض وكان الشيخ يسمع تلك العروض في إباء وشموخ ويرفضها بسخرية واستهزاء ، إلى أن قدم له العرض الأكبر وهو أن يجعله سلطانً على مصر زاعماً انه لم يجد في البلاد من هو في قوته وكفائته.
وقتها أظهر الشيخ قبولاً للعرض ومد نابليون يده إليه متنفسا الصعداء ، وكذلك مد الشيخ يده اليمنى مصافحا إياه فكانت المفاجأة أن رفع يده اليسري ، ليصفع نابليون بونابرت صفعة قوية على وجهه لا ينساها ، فاستشاط نابليون غضبا وأمر بقتل الرجل وإلقاء جثته في النيل. ، وسجل الأديب الكبير علي أحمد باكثير هذا الموقف في مسرحيته «الدودة والثعبان» وقال على لسان الجوسقي : معذرة يا بونابرت هذه ليست يدي ، هذه يد الشعب.
جاء في تاريخ الجبرتى : الشيخ سليمان الجوسقى شيخ طائفة العميان بزاويتهم المعروفة الآن بالشنوانى ، تولى شيخا على العميان بعد وفاة الشيخ الشبراوى وسار فيهم بشهامة وصرامة وجبروت وجمع بجاههم أموالا عظيمة وعقارات ، فكان يشترى غلال المستحقين المعطلة بدون الطفيف ويخرج كشوفاتها وتحاويلها على الملتزمين ويطالبهم بها كيلا وعينا ، ومن عصى عليه أرسل عليه الجيوش الكثيرة من العميان فلا يجد بدّا من الدفع وإن كانت غلال معطلة صالح عليها بما أحب من الثمن.
وله إخوان يرسلهم إلى الملتزمين بالجهة القبلية يأتون إليه بالسفن المشحونة بالغلال والسمن والعسل والسكر والزيت وغير ذلك ، ويبيعها فى سنى الغلوات بالسواحل والرقع بأقصى القيمة ، ويطحن منها دقيقا ويبيع خلاصته فى البطط بحارة اليهود ، ويعجن نخالته خبزا للفقراء العميان يتقوّتون به مع ما يجمعونه من الشحاذة فى طوافهم آناء الليل وأطراف النهار بالأسواق والأزقة ، وتغنيهم بالمدائح والخرافات وقراءة القرآن فى البيوت ومصاطب الشوارع وغير ذلك.
صار المترجم من أعيان الصدور والمشار إليهم فى المجالس تخشى سطوته وتسمع كلمته ، ويقال: قال الشيخ كذا، وأمر الشيخ بكذا، وصار يلبس الملابس والفراوى ويركب البغال وأتباعه محدقة به، وتزوج الكثير من النساء المغنيات الجميلات واشترى السرارى البيض والحبش والسود. وكان يقرض الأكابر المقادير الكثيرة من المال ليكون له عليهم فضل، ولم يزل على ذلك حتى حمله التفاخر فى زمن الفرنسيس على توليه كبير إثارة الفتنة التى أصابته وغيرها وقتل فيمن قتل بالقلعة ولم يعلم له قبر، وذلك سنة ثلاث عشرة ومائتين وألف.

الطحاوية
في القرن التاسع عشر تأسست قرية الطحاوية نسبة إلى عشيرة الطحاوية وهم من عرب الهنادي التي تنتمي إلى قبيلة بني سليم العربية المعروفة ، وقد انتقلوا من البحيرة إلى الشرقية في القرن الثامن عشر بعد حروب عديدة ضد كل من قبائل أولاد علي والجميعات ثم دخلوا في خدمة محمد علي باشا واشتركوا في جيش إبراهيم باشا فتم منحهم الإقطاعيات الكبرى في وادي الطميلات ومناطق عديدة بالشرقية ( ملكوا نصف أراضي مركز أبو حماد ونصف أراضي مركز كفر صقر وربع أراضي مركز بلبيس علاوة على مئات الأفدنة المتفرقة في التل والقصاصين).
ذكرها الباحث بكر يحيى محمد في كتابه قبائل البدو في مديرية الشرقية في القرن التاسع عشر فقال : ” الطحاوية بطن من قبيلة الهنادي المنتشرة في شتى أنحاء البلاد وانحدرت من جهة الغرب منذ قرنين من الزمان ونزلت بناحية الذروة (السعادات الآن) واستوطنتها واندمجت بأهلها واحترفت الزراعة وعنيت بتربية الخيل ، وقد أنشأت هذه القبيلة لها قرية بالبر الشرقي لترعة الإسماعيلية شرقي السعادات سميت باسمها الطحاوية وشيخها الشيخ طلب راجح الطحاوي ، ومن مشايخهم سليمان الطحاوي وعامر الشافعي الطحاوي وكريم الشافعي الطحاوي والشرقاوي الطحاوي “.
وقال الحبوني في كتاب أنساب قبائل العرب عن قبيلة الهنادي : قبيلة الهنادي يسكن معظم أفرادها بمديرية الشرقية ومنها فروع أخرى تسكن فديريات الغربية والدقهلية والفيوم وسُمِّيت الهنادي نسبة إلى والدهم (هند بن سلَّام) الذي يرجع نسبه إلى قبيلة بني سُلَيْم وقد خلَّف سلَّام ثلاثة أولاد هند وإليه ترجع قبيلة الهنادي، وعون ومنه قبيلة بني عونة ، وبهيج وإليه يرجع نسب قبيلة البهجة ، وكانت قبيلة الهنادي تقطن جهة طرابلس الغرب ثم نزحت إلى مديرية البحيرة التي منحهالهم السلطان سليم العثماني ، ثم انتقلوا إلى مديرية الشرقية.
جاء في القاموس الجغرافي محمد رمزي : ” الطحاوية هذه الناحية أصلها من توابع ناحية الزورة (السعادات) ثم فصلت عنها من الوجهة الإدارية في سنة 1928 باسم الزورة الشرقية وقد طلب مدتها تسميتها منشأة راجح بشارة الطحاوي ، ولما أخذت وزارة الداخلية رأيي في هذه التسمية أشرت عليها باختصار هذا الاسم وجعله الطحاوية وبناء على ذلك أصدرت وزارة الداخلية قرارا في سنة 1931 بتسميتها الطحاوية ، وفي سنة 1931 صدر قرار من وزارة المالية بفصلها من الوجهة المالية من زمام ناحية السعادات وبذلك أصبحت الطحاوية ناحية قائمة بذاتها “.
وجاء في موسوعة القبائل أن الطحاوية هم أولاد شيخ العرب الشافعي بن أبو بكر بن موسى بن سعد وهم : يونس وقد اشتهر في الهنادي بالصدق والصراحة والأمانة وكان منه عائلة قوية ، وعقَّب بشارة ومنه السعدي بيك عضو الجمعية التشريعية ، وابنه محمد السعدي عضو مجلس النواب أيام الملكية بمصر ، وكان منه سعود وله يونس ومنه عليوة وله الشافعي وجندل والمصري ، وقاسم ومبدي.
الطحاوي : وقد اشتهر وذاع صيته وتزعم قبيلة الهنادي في عهد محمد علي باشا والي مصر في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد ، ومنه اشتق اسم الطحاوية على أولاد الشافعي الذين هم أكبر وأشهر فروعُ الهنادي في الشرقية. ، سليمان وكان قائد سرية الهنادي واشتهر بالفروسية في الحروب ، وسرية الهنادي صحبت جيش إبراهيم باشا ابن محمد علي أثناء فتوحه لبلاد الشام ، كما للشافعي أيضًا أولاد آخرون وهم كريم وعامر.
الهنادي في الوثائق العثمانية إبان حكم محمد علي باشا: مُنح الشيخ عامر الطحاوي شيخ عربان الهنادي مائة فدان في وادي الطميلات (معية سنية عربي ، مجموعة ٤، سجل ١ – أمر ٢٤٨، ١٢٥٠ هـ.) ، صدر قرار مجلس ديوان خديوي إلى مأمور الشرقية بالموافقة على تأجير الأطيان التي طلبها الشيخ خميس من عربان الهنادي (ديوان خديوي تركي، دفتر ٧٦٤، وثيقة ١١٥ ) ، صدر قرار مجلس الملكية بشأن تأجير بعض الأطيان لكل من الشيخ أحمد الطحاوي والشيخ خميس الطحاوي من عربان الهنادي (ديوان خديوي تركي دفتر ٧٧٩، وثيقة ١٥٨) ،
تولى عامر الطحاوي شيخ قبيلة الهنادي الأشراف على وادي الطميلات وبلغت قيمة المساحة التي في عهدته حوالي خمسة آلاف فدان كما مُنح أيضًا أطيان في قسم ميت العز وأطيان أخرى في مديرية الشرقية ، وصدر أمر آخر بإعطاء شيخ العرب عامر الطحاوي مائة فدان من أصل ثلاثمائة فدان بأبعادية ميت العز (ديوان خديوي تركي دفتر ٧٧٩، وثيقة ١٥٨، م / معية عربي، مجموعة ١، وثيقة ٦٤، ١٢٥٠ هـ. / معية سنيه: فهارس أوامر كريمة، دفتر ٤١١، وثيقة ٨١٨. / معية عربي، دفتر ٢٦، وثيقة ٣،)
وينتسب الهنادي إلى هند بن سلَّام من لبيد من بني سُلَيْم ، والهنادي على رأسهم عشيرة الطحاوية كانوا بدوًا يسكنون الخيام أو بيوت الشعر منذ قرن ونصف قرن فقط ، ولكنهم بعد ذلك تركوا البداوة وسكنوا القرى ومالوا للزراعة والتحضُّر في المدن ، واشتهروا بتربية الخيول العربية من الصافنات الجياد ويتاجرون فيها من مدة كبيرة ، ويأتيهم الأمراء والأعيان والفرسان من كل مكان لشراء الخيول الأصيلة ، ولربما جلبوا سلالات أوروبية الآن ، وقد ملك العديد منهم اصطبلات لتربية هذه الخيول ، واشتهر الطحاوية من الهنادي بحب الصيد بالخيول والصقور فكانوا في غاية النزاهة والإقبال على الحياة ببساطة وراحة بال ، ومن الطحاوية رجالات كثيرون نالوا قسطًا من العلم وتقلَّدوا مراكز ومناصب قيادية في الدولة المصرية منذ عهد الملكية وحتى الآن.

كفور عرب العايد
في الخطط التوفيقية : العائذ وهو اسم لخطة من مديرية الشرقية بجوار الجبل الشرقى فى شمال بلبيس وجنوب الصوّة وشرقى بردين ، تشتمل على عدة قرى وكفور منها : الدهسانية والمهنوية والخربة وسنيكة والجبلة والوراورة والمسيد ، وفى جميعها نخيل كثير وأشجار ومساجد عامرة ، وأكثر أبنيتها باللبن وكذا سائر قراها وكفورها ؛ مثل الكفر القديم الواقع فى شرقى مصرف بلبيس الآخذ من الترعة الشرقاوية بنحو ثلثمائة متر وفى شرقى الدهسانية بنحو أربعمائة متر ، وكفر سليمان فى شمال الكفر القديم بنحو ألف متر ، وكفر بغدادى أباظة فى شمال كفر سليمان بنحو خمسمائة متر ، وفى جنوب عمريط بنحو ألف وخمسمائة متر.
وكذا كفر أباظة الذى أنشأه سليمان أباظة فى شمال ترعة شرويدة بنحو ثلثمائة متر وفى شرقى بردين بنحو خمسة آلاف متر ، ومنها كفر عياد الموضوع على ترعة صغيرة خارجة من مصرف بلبيس فى شرقى سنيكة بنحو ربع ساعة وفي جنوب المسيد بقليل ، وليس بكفر سليمان وكفر بغدادى نخيل بخلاف باقى تلك الكفور فنخيلها غاية فى الكثرة مع اختلاف أصنافه واتصال بعضه ببعض حتى إن الكفور التى بداخله لا ترى من الخارج ، ومنه الصنف العامرى الذى تكلمنا على سبب تسميته بذلك فى الكلام على ناحية القرين ، وفى تلك الكفور أبنية من الآجر ، مشيدة لأكابرها بمناظر مبلطة ، ومضايف متسعة ، يكرم فيها الأمير والفقير.
وفى تاريخ ابن خلدون أن أهل العائذ عرب يمنيون بحسب الأصل ، وهم بطن من بطون كهلان ، ولهم حظوظ فى الدول قبل الإسلام وبعده ، وكان ورودهم الديار المصرية فى أول القرن السابع من الهجرة ، وكان عليهم ضمان السابلة من مصر إلى عقبة أيلة إلى الكرك ، وعن المقريزى أن أهل العائذ فخذ من جذام نزلوا بين القاهرة وعقبة أيلة ، ثم قال : والعائذ – بذال معجمة – بطن من جذام ينسبون إلى عائذ الله ، وقيل ينسبون إلى عائذة إحدى بطون جذام ، وللعائذ من القاهرة إلى عقبة أيلة.
ثم إن أهل العائذ فى أول أمرهم نزلوا ببلاد قديمة كانت فى تلك الجهة ، اندرس أكثر آثارها ، ولم يبق إلا أسماؤها مثل عزيزية القصور وسنتة وقسورية فاستولوا على أرضها ومزارعها واستخدموا من بقى من أهلها بما لهم من البأس والقوة واستمروا كذلك زمنا مديدا ، ودائما يوجد فيهم عائلات مشهورة ، وكان من أشهرهم عائلة أولاد منصور وتسمى بالمناصرة إقامتهم بالكفر القديم ، وكان كبيرهم شيخ العرب إبراهيم العائذى متكلما على قبيلة العائذ جميعها زمن الفرانساوية ، وجاء العزيز المرحوم محمد على وهم فى خشونة العرب ولهم مناوشات كثيرة مع غيرهم من قبائل العرب.
ولما عمل العزيز الطرق التى دانت له بها جميع رقاب أهل القطر ، دخلوا تحت طاعته وأتمروا بأوامره فبعد أن كان إبراهيم العائذى شيخ قبيلة العائذ كلها ، جعل ناظر قسم فى جانب بلبيس، ثم مأمورا عليه أيضا ، ثم لزم بيته بكفر إبراهيم ، وهو الذى أنشأه وسمى باسمه ، وبقى محفوظ المقام محترما إلى أن توفى سنة ١٢٥٢ هـ ، وكان شجاعا جوادا ، وأعقب ذرية ذكورا وإناثا. ، فمن أولاده سليمان الصاوى، كان شيخا على بلدتهم بعد موت والده إلى أن توفى سنة ١٢٦٥ هـ ، ومنهم ابنه على كان ناظر قسم العائذ مدة ثم مات سنة 1274 هـ.
ومن مشاهير العائذ : عياد كريم المهناوى ، من المهنوية ، نشأ بها وتعلم رماحة الخيل حتى برع فيها ، ثم جعل شيخ بعض العائذ ، ثم ملاحظا ، ثم ناظر نظار العائذ ، ثم مأمور جانب بلبيس ، وأنشأ كفرا يسمى باسمه إلى الآن ، ثم توفى سنة ١٢٦٢ هـ ، وترك من الأولاد نحو عشرة ذكور وإناث ، أكبرهم عبد الله بن عياد ، تولى بعد أبيه مشيخة الخط ، ثم جعل ملاحظا ثم ناظرا ثم رجع شيخا على كفره، ثم انتخب فى أعضاء مجلس شورى النوّاب ، ثم توفى سنة ١٢٩٢ هـ ، وله من الأولاد الذكور ثلاثة ، أحدهم عياد ، جعل حاكم خط زمنا ثم عوفى ، وثانيهم عبد الله شيخ قريته.

كفر أباظة (من عرب العايد)
في الخطط التوفيقية : ومن أشهر عائلات العائذ ، وأعظمها رتبة ، وأرفعها مكانا ، عائلة أولاد أباظة ، تقلبت فى الرتب السنية ، والمناصب الديوانية منهم جملة ، فأسبقهم فى ذلك الأمير الجليل ذو المجد الأثيل ، المرحوم حسن أغا أباظة ، جعله المرحوم إبراهيم باشا سر عسكر والد الخديوى إسماعيل باشا شيخ مشايخ نصف الشرقية سنة سبع وعشرين ومائتين وألف وقت تشريفه جهة بردين للمساحة العمومية.
وبعد مدة جعل ناظر نظار نصفها ، ثم مأمور جانب شيبة وهى المركز ، ثم مأمور جانب هيهيا وهى المركز أيضا ، ثم باشمعاون الشرقية والدقهلية ، ثم عوفى من الخدامة لمرض قام به ، وبقى معافى مشتغلا بشأنه وزروعاته ، وكان يزرع نحو أربعة آلاف فدان إلى أن توفى سنة ١٢٦٥ خمسة وستين ومائتين وألف ، وكان كريما جوادا فصيح اللسان ، ومن آثاره مسجد عظيم أنشأه فى كفر أباظة مقام الشعائر إلى الآن ، وبنى ضريح الشيخ تاج الدين ومقبرتهم الآن عنده بعد أن كانت بمشهد الطواحين.
أما ابنه السيد باشا أباظة ، فقد فاق أباه ، ونال من المجد أعلاه ، ولد بكفر أباظة وتربى به وقرأ القرآن وشيئا من الحساب على الفقيه الشيخ عوض الجزار الذى كان مرتبا لتعليمهم ، وكانت العلماء تفد عليهم كثيرا فأقام عندهم منهم جماعة فصار يتعلم منهم ، ثم لازمه الشيخ خليل العزازى إلى أن توفى ، وكان عالما فاضلا فنجب على يديه وتأهل للمناصب ، فجعل أولا مأمور جهة هيهيا وسنه نحو ست عشرة سنة ، ثم انتقل إلى جهة شيبة ، ثم قسمت الشرقية نصفين ، فجعل وكيل نصفها القبلى والمركز منية القمح ، ثم انتقل إلى قسم شيبة ، ثم إلى قسم العائذ.
ثم تعهدت الأكابر بالبلاد ، فتعهد بنحو عشرين بلدا من بلاد الشرقية ، وكل ذلك فى مدة العزيز المرحوم محمد على وابنه إبراهيم باشا سر عسكر والد الخديوى إسماعيل باشا ، ثم قعد عن الخدم الديوانية فى جميع مدة المرحوم عباس باشا ، ولما تولى المرحوم سعيد باشا ورحب صدره لأولاد العرب ، أنعم عليه برتبة أمير ألاى وجعله مدير البحيرة ، ثم رقاه فقلده بوكالة الداخلية ، ثم جعله ناظرا على مضابط المعية ، وأحيل عليه مع ذلك نظر قلم عرضحالاتها ، ثم جعل وكيل مديرية الروضة ، وهى الغربية والمنوفية وكانتا يومئذ مديرية واحدة.
ولما تولى الخديوى إسماعيل باشا على الديار المصرية جعله عضوا فى مجلس المنصورة ، فبقى فيه ثلاثة أشهر ، ثم جعل مدير القليوبية ، ثم وكيل مجلس الاستئناف بوجه بحرى ، وشرف برتبة المتمايز ، وأحسن إليه بنيشان مجيدى ، ثم جعل رئيس مجلس زراعة النصف الثانى من الوجه البحرى ستة أشهر، ثم جعل عضوا بمجلس الأحكام ، ثم وكيل تفتيش عموم الأقاليم ، وشرف برتبة أمير ميران ، ثم جعل مدير عموم وجه بحرى ، ثم جعل عضوا بمجلس الأحكام ثانيا.
ثم عوفى من الخدامة لمرض قام به إلى أن توفى إلى رحمة الله فى سنة ١٢٩٢ اثنين وتسعين ومائتين وألف ، وكان رحمه الله سهل الأخلاق حسن التلاق ، وملك من الأطيان نحو ستة آلاف فدان فى نحو خمس عشرة قرية ، وله من المآثر مسجد عظيم أنشأه بشرويدة ، وأنشأ بها أيضا مدرسة لتعليم أولاده وأولاد أتباعه القرآن الشريف والخط والحساب واللغة العربية والتركية ، وله بها كتبخانة تشتمل على نحو خمسة آلاف مجلد ، وله فى البحر الحلو جوار شراعية كثيرة ، وقد أعقب ستة عشر ولدا من الذكور ، ومثلها من الإناث ، وسنبين بعضا منهم.

أولاد سيد باشا أباظة (من عرب العايد)
في الخطط التوفيقية : وأما أولاد السيد باشا أباظة ، فمنهم الشيخ عبد الرحمن أباظة ، ولد بكفر أباظة وانكف بصره ، وقرأ القرآن الشريف ، وتعلم بعض علوم فقهية ونحوية فى بلده ، ثم أرسله والده إلى الأزهر وسنه خمس عشرة سنه ، فأقام به عشر سنين، فحصّل تحصيلا عظيما ، ثم رجع إلى بلده بأمر أبيه ، وتولى أمر الزراعة ومشيخة البلد ، ويقال إنه كان عنده عتو كبير ، وجبروت زائد على الأهالى.
ومنهم أحمد بك أباظة ، نشأ بكفر أباظة وقرأ به القرآن ، وتعلم بعض العربية ، ثم ألحق بمدارس المحروسة ، فتعلم بعض العلوم واللغات ، ثم خرج منها برتبة ملازم ثان فى العساكر المشاة ، ثم عوفى ثم جعل عضوا فى مجلس شورى النواب ، وشرف برتبة البيكباشى ، وأعطى نيشانا مجيديا مع من أنعم عليهم بالرتب والنياشين من عمد البلاد ، ثم أنعم عليه الخديوى إسماعيل باشا برتبة قائم مقام ، وجعله وكيل مديرية البحيرة ، ثم وكيل مديرية الدقهلية ، ثم القليوبية ثم جعله مفتشا فى شفالك النصف الأول من الشرقية ، ثم رئيس مجلس القليوبية ، وأنعم عليه برتبة أمير ألاى.
ومنهم عثمان بك أباظة ، نشأ بكفر أباظة المذكور ، وبه تربى وقرأ القرآن ، وبعض العلوم ثم تولى أمر زراعة أبيه ، ثم دخل فى الخدامات الميرية ، فجعل ناظر قسم منية القمح ، ثم ناظر قلم قضايا مديرية الشرقية برتبة البيكباشى ، ثم وكيل مديرية الشرقية ، ثم مفتش الزنكلون والحوش بعد جعل التفتيشين تفتيشا واحدا ، وهما تعلق ابراهيم باشا ابن أخى الخديوى إسماعيل باشا ، وقد أنعم عليه برتبة أمير ألاى.
ومنهم مأمون بك أباظة ، نشأ بذلك الكفر وقرأ به القرآن ، وتعلم بعض العلوم ثم ألحق بمدارس المحروسة ، ثم خرج منها إلى زراعة أبيه ، ثم دخل فى خدمة الميرى ، فجعل حاكم خط ثم ناظر قسم ثم عوفى.
ومنهم سليمان بك أباظة ، ولد بذلك الكفر أيضا ، وقرأ القرآن به وبعض العلوم على الشيخ العزازى ، ثم ألحق بالمدارس الملكية ، فكان فيها بارعا نجيبا ، ثم خرج منها وأقام بالمدرسة التى أنشأها والده بشرويدة مدة ثم أقام بزراعة أبيه ، ثم وظف برياسة مجلس بلبيس.
ومنهم إسماعيل بك أباظة ، نشأ بكفر أباظة وقرأ به القرآن ، ثم ألحق بمدرسة بنها ثم بمدرسة المبتديان ، ثم التجهيزية ، ثم الإدارة وقرأ بها العلوم واللغات ، والشريعة الإسلامية ، والقوانين الإفرنجية ، ثم مات والده ، فلحق ببلده وأقام بالزراعة ، وجعل له عزبة أقام بها ، ثم صار معاونا أول بمديرية الشرقية.
ومنهم إبراهيم بك أباظة ، ولد بكفر أباظة ، وتعلم القرآن بشرويدة وبعض العلوم ، ثم ألحق بالمدارس الميرية بالمحروسة وبرع فى الفنون واللغات، ثم أخرجه والده منها مع نجابته وأقامه فى الزراعة إلى الآن.
ومنهم أمين بك أباظة ، نشأ بشرويدة ، وقرأ بها القرآن ، ثم أدخل مدرسة المبتديان ثم التجهيزية ، ثم أخرج منها أيضا وأقيم فى الزراعة التى لهم فى ناحية البورة ، ثم إن باقى أولاده صغارا وأطفالا لم يدخلوا فى ميادين الرجال.

العائلة الأباظية (من عرب العايد)
في الخطط التوفيقية : وأما سليمان باشا أباظة ابن المرحوم حسن أغا أباظة ، فإنه ولد بكفر أباظة أيضا ، وتعلم القرآن الشريف وفن الحساب وبعض علوم الشريعة على مذهب الإمام الشافعى ، وتعلم علم النحو والعروض والأدب على الفاضل الشيخ خليل العزازى المذكور ، وبقى ببلده خليط أخيه السيد باشا أباظة مدة، ثم اقتسما ، فأقام فى زراعته بطاهرة مقبلا على شأنه محمود السيرة إلى أن ندب للخدامة ، فجعل ناظر قسم منية القمح فى سنة إحدى وسبعين وسنه نحو عشرين سنة ، ثم نقل إلى قسم العائذ ، ثم جعل معاونا أول بمديرية الشرقية ، ثم ناظر قسم بلبيس ، ثم قسم منية القمح ثانيا.
ثم تعطلت مطاليب قسم بلبيس ، فأعيد إليه لنجابته ، ثم أحسن إليه برتبة البيكباشى ، وجعل مفتشا أول بالنصف الثانى من الشرقية ومركزه أبو كبير ، ثم مفتش عموم شفالك الشرقية جميعها والمركز كفر الحمام ، وكوفئ على حسن إدارتها برتبة قائم مقام ، ثم بعد ستة أشهر أنعم عليه برتبة أميرألاى ، ثم جعل مفتش النصف الأول من الشرقية والمركز بردين ، ثم مدير الغربية ، ثم لبعض الأسباب جعل ناظر عرب وجه بحرى بمركز الزقازيق ، ثم جعل مدير القليوبية والمركز بنها العسل ، ثم مدير الشرقية ، وأنعم عليه برتبة أميرميران ، وأعطى نيشانين ، ولم يسبق ذلك لغيره من أقرانه.
وله من الآثار مسجد عظيم بناه بطاهرة ، ووقف عليه أطيانا ، ورتب به الشيخ حسن الدحلوب من علماء ناحية المنير يقرأ درس فقه على مذهب الإمام الشافعى ، ودرس نحو ، ويجتمع فيه من التلامذة من البلاد المجاورة نحو ثلاثين تلميذا ، وله كتبخانة فيها نحو ألفى كتاب ، وفى المسجد مزولة من عمل الشيخ خليل العزازى ، وساعة لمعرفة الأوقات ، وتملك من الأطيان نحو ألفى فدان فى عدة بلاد ، وله بها وابورات لسقى الزرع وحلج القطن ، وله من الأولاد الذكور والإناث عدة أكبرهم حسن بك ، قرأ القرآن فى بلده لدى معلم خاص ، وتعلم بعض علوم العربية ، وبعض اللغة التركية ، ثم ألحق بمدرسة بنها مدة ، ثم بعد ذلك أقام بزراعة أبيه.
وأما حاشية حسن أغا أباظة الذى هو أصل هذه الشجرة المباركة ، فمنهم بغدادى أباظة أخو حسن أغا أباظة ، نشأ بكفر أباظة إلى أن ظهر ظهور الرجال ، وحسنت له بأخيه الأحوال ، فجعل شيخ مشايخ جانب بلبيس ، ثم مأمور قسم هيهيا ، ثم عوفى من الخدامات سنة ١٢٥٥ خمس وخمسين ومائتين ألف إلى أن توفى إلى رحمة الله سنة ١٢٧٥ خمس وسبعين ومائتين وألف ، وكانت زراعته نحو خمسمائة فدان، وقد أنشأ فى حياته كفرا وكان يسكنه وبنى فيه مسجدا وغرس نخيلا وأشجارا ، ورزق من الأولاد أربعة ذكورا وأربعة إناثا ، ترقى أحدهم ، محمد أباظة فجعل عضوا فى مجلس شورى النواب ، ثم رئيس مجلس بلبيس ، ثم مأمور ضبطيته.
ومنهم: سليمان أباظة القمحاوى ، ابن عم حسن أغا أباظة، نشأ بكفر أباظة إلى أن جعل شيخ خط ، ثم ناظر قسم العائذ فى مدة العزيز محمد على ، ثم توفى سنة ١٢٦١ إحدى وستين ومائتين وألف ، وترك ولدين : أحدهما : محمد المهدى ، قرأ القرآن وجاور بالأزهر فجوّد القرآن وتعلم بعض العلوم ، ثم رجع فأقام فى زراعتهم بجزيرة أبى نملة ، وثانيهما : عبد الله أفندى قرأ القرآن بكفر أباظة ، ودخل مدرسة خاله السيد باشا أباظة ، فتعلم بها بعض الفنون واللغة التركية ، ثم أقام بأبى نملة مع أخيه وأمه إلى أن جعل معاونا بمديرية الشرقية وسنه إذ ذاك عشرون سنة تقريبا.
ومنهم حسين بن عبد الرحمن أباظة ابن عم حسن أغا أباظة ، نشأ بكفر أباظة إلى أن بلغ مبلغ الرجال ، فجعل شيخ خط الشوبك ثم حاكم خطها ، ثم عوفى من الخدامات سنة تسع وأربعين ، فأقام بأرض الشوبك ، واستحوذ هناك على نحو ألفى فدان ، وبنى بها كفرا يسمى كفر أبى حسين ، وأنشأ فيه مسجدا ، وتوفى سنة ١٢٨٢ اثنين وثمانين ومائتين وألف ، وكان مهذب الأخلاق ، كريم السجايا ، كثير الأضياف ، لبشاشته وحسن ملاقاته ، رحمة الله عليه.