
سبع الليل وبنت السلطان
اعتاد سبع الليل على سرقة الأموال من بيوت الأغنياء بعد أن تعلم الحيل العديدة على أيدي الشطار والعيارين لكنه كان لصا شريفا فهو يسرق على قدر الحاجة ولا يطمع في غيره فإذا دخل بيتا أخذ منه ما يكفي قوته ووالدته أياما ويترك لصاحب البيت ما يكفي لمؤنته وعياله ، لكن في مساء إحدى الليالي حدثته نفسه بسرقة قصر السلطان بعد أن سمع في السوق أن قافلة مكونة من أربعين جملا سوف تودع في خزانة القصر في تلك الليلة.
تسلل سبع الليل إلى ساحة القصر الخلفية ولاحظ أن هناك حالة من التراخي بين الحراس في تلك المنطقة حيث تمكن من الدخول بسهولة في الظلام الدامس ووصل إلى خزانة القصر واستولى على أحمال جمل واحد ثم رفعها على كتفه وتسلق بها السور وخرج بسلام ، وفي الصباح خرج إلى السوق يتسمع الأخبار حيث كان الناس يتحدثون عن عصابة من الشطار خدعوا حراس السلطان وسرقوا كل البضاعة في خزانة القصر وقفزوا بها من السور العالي البنيان.
وفي القصر غضب السلطان غضبا شديدا لسرقة الخزانة وشعر بالخطر الشديد لأن اللصوص الذين دخلوا وسرقوا الأموال يمكنهم أن يصلوا إليه إلى زوجته وابنته ولذلك أمر جنود الدرك والعسس بالبحث عن هؤلاء اللصوص في كل مكان دون جدوى ، وبعد تفكير اقترحت بنت السلطان على والدها أن ينصب فخا لهؤلاء اللصوص وأن يعلن في الناس أن هناك قافلة جديدة سوف تحمل ركائبها إلى القصر وبهذه الحيلة ينكشف اللصوص.
وفي المقهى جلس سبع الليل ينفق من الأموال التي سرقها حتى أوشكت على النفاذ لكنه قرر عدم ارتكاب أي سرقات أخرى حتى تهدأ الأحوال ، وعندما رجع إلى بيته طلبت منه والدته أن يصطحب معه خاله في المرة القادمة بدلا من جلوسه في اليبيت عاطلا عن العمل لكن سبع الليل لم يوافق لأن خاله كسول بليد لا يملك مهارة العيارين ، وبينما يتحدثان ارتفع صوت المنادي في الطرقات ان هناك قافلة جديدة سوف تدخل خزانة قصر السلطان بعد أيام فألحت عليه والدته مرة أخرى أن يذهب مثل المرة الأولى وأن يصطحب خاله حتى يمكنه العودة بأحمال جملين بدلا من أحمال جمل واحد.
وافق سبع الليل على ما طلبته والدته واصطحب خاله البليد في الليلة الموعودة وتسلقا سور قصر السلطان عالي البنيان وقفزا إلى الناحية الأخرى ، ونزل سبع الليل سليما بينما وقع خاله في الفخ المنصوب وهوى في الحفرة العميقة ومات في الحال ، وتمكن سبع الليل من سرقة ما قدر على حمله ثم خشي من افتضاح أمره فأقدم على قطع رأس خاله دون أن يطرف له رمش وأخذها معه حتى لا يتم التعرف على صاحب الجثة ، وعندما عرفت والدته بما حدث ولولت وبكت حزنا على أخيها لكنه أوصاها بالكتمان وأن تقوم بدفن الرأس سرا وألا تظهر أي شيء يدل على الحزن أمام الناس.
وفي القصر أصيب السلطان بالغضب وخيبة الأمل وأرسل الجواسيس في كل مكان يتشممون الأخبار لمعرفة صاحب الجثة دون جدوى وبدأ السلطان يشعر بالخوف لكن ابنته أشارت عليه بفكرة جديدة ، طلبت منه أن يعلق الجثة في سوق المدينة أمام كل الناس ثم يراقبونها جيدا فمن رأوه يبكي بالقرب منها ألقوا القبض عليه فقام السلطان بفعل ذلك وانتشر الخبر في المدينة وتجمع الناس حول الجثة من كل حدب وصوب لكن دون أن يبكي أحدهم أو يظهر الحزن.
وظلت والدة سبع الليل تكتم حزنها لبعض الوقت حتى نفذ صبرها فطلبت من ابنها أن يفكر لها في حيلة تستطيع بها أن تقترب من جثة أخيها وتبكي عليه ، وفي اليوم التالي تظاهرت والدة سبع الليل ووالدته أنها بائعة لبن ثم عبرت من أمام الجثة حيث تعمد ابنها أن يصطدم بها وهو يمشي مسرعا مما أوقع الأوعية منها وانسكب اللبن على الأرض ، وهنا جلست والدته على الأرض وراحت تبكي وتولول وتنتحب لكن الحراس والناس ظنوا أنها تبكي على اللبن المسكوب وانطلت الحيلة عليهم بل وأشفقوا عليها وجمعوا لها مالا أعطوه إياها وعادت إلى بيتها وقد حققت مرادها وفوقه كيسا من الدراهم.
وبعد أيام قليلة لم تتحمل والدة سبع الليل أن تصبر أكثر من ذلك وهي ترى جثة أخيها مصلوبة في السوق فطلبت من ابنها أن يجد حيلة تمكنه من سرقة جثة خاله حتى لا يبقى فرجة للناس ، وفي مساء ذلك اليوم تنكر سبع الليل في زي تاجر غريب وحمل جرة خمر وسار إلى مكان الجثة وبدأ يلاطف الحراس ويتحدث معهم ويحكي لهم حكايات لفقها ثم عرض عليهم أن يسقيهم من جرته إكراما لهم فشربوا جميعا من الخمر الذي جهزه وفقدوا وعيهم فقام سبع الليل بسرقة جثة خاله وقتل كبير الحراس ووضع جثته مكان الجثة التي سرقها ثم أسرع مع والدته ودفنوا جثة خاله في مكان لا يصل إليه أحد.
وفي الصباح علم السلطان بما حدث فشعر بالخوف والفزع وتساءل عن هذا اللص الجريء الذي عجز عن معرفته أو الإيقاع به ولم يعرف ماذا يفعل وشعر باليأس التام من العثور عليه ، لكن ابنته هدأت خاطره وأخبرته أنها تملك حيلة يمكن بها أن تكشف عن هوية ذلك اللص وهي أنها سوف تتنكر وتنزل إلى الأسواق والمقاهي لتبحث عن أي شخص من البسطاء تظهر عليه علامات الثراء المفاجئة ، ثم ارتدت ملابس الرجال ووضت شاربا ولحية وعمامة فخمة وسمح لها والدها بالنزول فنزلت وبدأت في ارتياد المقاهي مثلما يفعل الرجال حيث جلست تسمع لحكاياتهم ورواياتهم.
وعندما دخل سبع الليل إلى المقهى نظرت إليه بنت السلطان وأعجبت بوسامته فلما جلس ازداد حبها له بسبب هيبته وظرفه وكرمه البادي في إنفاقه المال بلا حساب على القريب والغريب لكن أصابها الشك في نفس الوقت بأنه قد يكون هو اللص المقصود ، أما سبع الليل فلم يعرف أنها امرأة بسبب جودة التكر لكنه ارتاب في الأمر وقرر أن يستكشف الشخص الذي أمامه وهل هو تاجر غريب كما يدعي أم أنه من جواسيس السلطان ويلعب لعبة فيها احتيال ومكر.
وهكذا قام سبع الليل بدعوة بنت السلطان إلى منزله بحجة إكرام الضيف وهو يظن أنها رجل فذهبت معه وهي تظن أنها فرصة لمعرفة اللص ، وفي البيت جلسا لتناول الطعام والشراب وتبادل الأحاديث والحكايات ثم قدم سبع الليل إليها الحشيش لتتناوله على عادة الرجال في ذلك العصر فترددت أول الأمر وأسقط في يدها وخشيت أن ترفض فتنكشف حقيقة شخصيتها فتناولت من يده الحشيش ووضعته في فمها ، وبعد وقت قصير تقل رأسها ودخلت في حالة من السكر والنشوة والسطل فنزعت العمامة دون أن تدري وانساب شعرها الأسود الفاحم على كتفيها ثم نزعت اللحية والشارب ليظهر جمال وجهها الفتان أمام عين سبع الليل الذي أصابه السكر مضاعفا بسبب المخدر أولا ثم جمال بنت السلطان وفتنتها البادية أمام عينيه.
وتحت تأثير الحشيش حمل سبع الليل الفتاة إلى غرفة نومه وأرقدها في فراشه وهي مستسلمة له وراغبة فيه وتطارحا الغرام وفعلا ما يفعله الأزواج وسط حالة مزاجية مرتفعة من كليهما وقد غمر الفراش موجة من السعادة واللذة والعشق الحميم ، وفي تلك الساعة أباح كل منهما بسره إلى الآخر فأخبرته أنها بنت السلطان وأنها نزلت تبحث عن اللص الذي يسرق خزائن القصر بينما أخبرها أنه هو اللص الذي تبحث عنه وأنه الآن بين يديها تفعل به ما شاءت ، لكن تأثير المخدر انقلب بعدها إلى ارتخاء الأجساد فألقت رأسها على كتفه وخلد كلاهما إلى نوم عميق.
وفي الصباح أدركت بنت السلطان حقيقة ما حدث في تلك الليلة فكتمت ذلك وعادت إلى والدها بعد أن وضعت علامة معينة بالطلاء على بيت سبع الليل وأسرع الجنود إلى تلك المنطقة لكن وجدوا جميع البيوت عليها جميعا نفس العلامة فضاعت عليهم الفرصة ، أما سبع الليل فقد خرج عند أول الليل وظل يرابط أمام أسوار القصر من بعيد قاصدا هذه المرة الدخول إلى غرفة بنت السلطان لأنه قد أحبها بالفعل وقرر أنه في هذه المرة سوف يسرق ما هو أغلى من الأموال والكنوز ، سوف يسرق الأميرة بنت السلطان.
وبينما هو يراقب أسوار القصر شاهد شيئا عجيبا ، هناك باب سري جانبي يفتح من خزانة القصر تخرج منه البضائع المخزنة تحت نظر عدد من الحراس ومعهم رجال ملثمون ثم أغلق الباب وتحركت القافلة باتجاه الجبل وبعدها هتف أحد حراس القصر أن اللص الذي اعتاد سرقة الخزانة السلطانية قد رجع مرة أخرى وارتكب سرقة جديدة ، وتحير سبع الليل ولم يعرف معنى ما حدث فقرر أن يتبع القافلة خفية وسار خلفهم حتى انتهت رحلتهم إلى مغارة في قلب الجبل تتبع واحدا من شيوخ المنسر وقطاع الطرق.
وبينما كان سبع الليل يراقب المغارة من خلف صخرة إذا به يشعر برمح مصوب إلى ظهره يمسكه فارس ملثم على صهوة جواده فالتفت فإذا هي الأميرة بنت السلطان وقد تبعته دون أن يدري وها هي تهدده الآن ، أمسك سبع الليل الرمح وجذبه بقوة فسقطت الأميرة من فوق الحصان وجلست تبكي فرق لها قلب سبع الليل وعاتبته على ما فعل معها في تلك الليلة فاعتذر بأنه لم يكن في وعيه وإنما كان غارقا تحت سطوة جمالها ، ثم إنه بين لها أن هناك خيانة من حراس القصر بالاتفاق مع قطاع الطرق وأنه كان يسرق أحمال جمل واحد بينما يسرق اللصوص الكبار كميات كبيرة من البضائع والكنوز دون أن يدري السلطان.
وبينما يحاول أن يشرح لها وهو يشير إلى المغارة ظهر فجأة مجموعة من المنسر وقطاع الطرق الملثمين يحيطون بهم وقد شهروا سيوفهم ، وعلى الفور حمل سبع الليل الأميرة ووضعها على الحصان ودفعه للتحرك سريعا بعيدا عنهم وأخذ منها الرمح وبدأ يتصارع معهم ويمنعهم من اللحاق بالحصان الذي جرى بكل سرعته باتجاه قصر السلطان ، ولكن الكثرة غلبت الشجاعة ووقع سبع الليل أسيرا في يدهم لكن بعد أن اطمأن لنجاة حبيبته بنت السلطان.
اقتاده اللصوص الملثمون إلى شيخ المنسر الذي أعجب بقوته وشجاعته وخيره بين أمرين أحدهما أن يقتله لأنه عرف سرهم والعرض الثاني أن يعمل معه ويصير واحدا منهم ، وقد أظهر سبع الليل موافقته على ذلك حتى ينجو من الموت لكنه أضمر في نفسه خطة أخرى يستعمل فيها الحيلة حتى يفر منهم ، وعرف منهم أنهم سوف يهاجمون قصر السلطان هذه الليلة وسيأخذونه معهم ففكر في ذلك ووجدها فرصة مناسبة للهرب عندما تحين ساعة اقتحام القصر.
وفي الطريق إلى القصر أمر شيخ المنسر بتقسيم اللصوص الملثمين إلى قسمين أحدهما يضم شيخ المنسر ومعه سبع الليل وعدد قليل من اللصوص ساروا باتجاه البوابة الخلفية للقصر والقسم الثاني أمرهم شيخ المنسر بمهاجمة بوابة خزانة القصر عند وقت الفجر ، وفي الوقت المتفق عليه قفز شيخ المنسر وسبع الليل ومن معهما إلى ساحة القصر الخلفية وحدثت المفاجأة حيث أضيئت نيران المشاعل فجأة وظهر مقدم درك القصر ومعه عدد كبير من الجنود ألقوا القبض على سبع الليل وربطوه بالحبال ثم تقدم مقدم الدرك من شيخ المنسر وأعطاه مفتاحا حديديا كبيرا ثم أشار له أن يرحل سريعا مع رجاله.
وتم إيقاظ السلطان والحاشية ليشاهدوا اقتياد سبع الليل إلى سجن القصر وأعلن مقدم الدرك أن اللص الذي يسرق خزانة القصر قد سقط أخيرا في قبضته وأن السلطان الآن في أمان تام ، ودقت الطبول إعلانا بالاحتفال بذلك بينما جلست بنت السلطان في شرفتها تطل على سبع الليل وهو يسير بين الجنود وبكت حسرة عل شبابه وجماله ، وعندما حاولت أن تشرح للسلطان أن هناك عصابة من قطاع الطرق هي التي تسرق الخزانة لم يصدقها وأعلن أن سبع الليل سوف يشنق في صباح اليوم التالي.
وعندما هدأت الأمور عند الفجر تسللت بنت السلطان إلى سجن القصر وقابلت سبع الليل وأخبرها أن هجوما سوف يتم على بوابة الخزانة عند الفجر لكنها أخبرته أن كل شيء هاديء ولم يحدث هجوم ، وهناك فطن سبع الليل إلى الخدعة وسألها عن المفتاح الحديدي الكبير فأخبرته أن هذا هو مفتاح غرفة نوم السلطان وهو ما يعني وجود خطر كبير على حياة السلطان لأن الهجوم القادم لن يكون بغرض السرقة وإنما بغرض قتل السلطان وربما كان مقدم درك القصر يرتب لذلك ليجلس على العرش.
قامت بنت السلطان بفك وثاق سبع الليل وتسللا معا حيث تنكر في هيئة جندي مملوكي واتجه معها إلى غرفة مقدم الدرك وأخبرت الحارس على بابه أنها تحمل رسالة من السلطان إلى المقدم فسمح لها بالدخول وطلبت منه أن يذهب إلى غرفة السلطان ، وفوجىء المقدم بما حدث لكنه لم يجد الوقت الكافي حيث هجم عليه سبع الليل وجرده من سلاحة ثم كم فمه وأوثقه بالحبال ووضعه في جوال دقيق وحمله إلى الزنزانة التي كان فيها ووضعه بدلا منه.
وفي الحال رتب سبع الليل حيلة أخرى فركب على فرسه وطار إلى حيث مغارة اللصوص وأخبرهم أنه رسول من قبل المقدم وطلب منهم الإسراع بمهاجمة القصر قبل الموعد المحدد وأخبرهم أن الدخول سوف يكون من الباب الأمامي للقصر وليس الباب الجانبي وأعطاهم مفتاحا حديديا أكبر ليكون أمارة على صدقه ، ومن حسن تنكره وبراعة حيلته لم يعرفه شيخ المنسر وانطلت عليه الخدعة وقاد اللصوص سريعا إلى البوابة الأمامية للقصر وفتحها ودخل.
في نفس التوقيت كانت بنت السلطان قد أقنعت والدها أن يقف في شرفة القصر في تلك الساعة ليشاهد شيئا هاما ، وعندما رأى تسلل اللصوص أمر الحراس فأطلقوا النفير ودقت الطبول وأحاط الجنود باللصوص وألقوا القبض عليهم ، واستل سبع الليل سيفه وقبض على شيخ المنسر واقتاده مقيدا إلى السلطان ثم خرجت مجموعة من الجند إلى المغارة ووجدوا فيها كافة المسروقات التي كانت في خزانة القصر.
وهكذا تم القضاء على المؤامرة وظهرت الحقيقة وقرر السلطان أن يعين سبع الليل في منصب مقدم درك القصر وأن يتزوج من ابنته ، وقد أنجبوا البنين والبنات وعاشوا في تبات ونبات.
(من كتاب حكايات الشطار والعيارين محمد رجب النجار)

طيف الخيال
بعد غياب طويل قرر (طيف الخيال) أن يسافر من الموصل بالعراق إلى القاهرة بمصر ليلتقي مرة أخرى بصديقه المحبوب الأمير المملوكي وصال الجندي ويلبي دعوته لحضور ذلك الحفل الذي عزم على إقامته ، ولا أحد يعرف ما هي طبيعة طيف الخيال ، هل هو إنسي أم جني ؟ ، هل هو ذكر أم أنثى ؟ ، هل هو حقيقة أو وهم ؟ ، هل هو شرير أو خير ؟
دخل طيف الخيال إلى ساحة الاحتفال فقوبل بالتحية من الحاضرين وقد نادوا عليه بوصفه المعروف وهو (الأحدب) ساخرين من مظهره قائلين قسما بحسن قوامك الفتان يا أوحد الأمراء في الحدبان ، ثم انطلقوا يعرضون به بألفاظ خادشة للحياء مشبهين انحناء جسده بانحناء مؤخرات النساء فشكرهم طيف الخيال على هذا الاستقبال ثم بدأ في الرقص وإلقاء الأشعار والأزجال مفتتحا بالدعاء لمولانا السلطان بالبقاء والنصر والفتح والارتقاء.
ثم بدأ طيف الخيال يحكي عن خبراته في الحياة داعيا الحاضرين إلى مزيد من التهتك والمجون وقال أيها السادة دمتم في نعمة وسعادة واعلموا أن لكل شخص مثال كما جاء في الأمثال ولكل أسلوب طريقة وتحت كل خيال حقيقة وفي الهزل راحة من كلال الجد والنحس يظهر السعد وقد يمل المليح ويحب القبيح.
وراح طيف الخيال يحدث الحاضرين عن الليلى الخوالى التي نعم فيها بمصاحبة الغانيات الحسان وأجمل الغلمان ثم ذكر شراب القهوة الذي يكثر في مجالس اللهو ووصفه بأنه سلوة الأحزان وخفة الميزان ومطاوعة الشيطان وعصيان السلطان ، ثم ذكر شراب الذرة المسكرة وإكثار الدخول إلى المعصرة وكيف برع الخمارون في هذه الصناعة وأبدعوا أشكالا وألوانا من المزر والطبطاب ، ثم ذكر أحدث ما ظهر وهو صنائع الحرافيش الذين عرفوا سر الحشيش لأنهم ذاقوا بها لذة الكسل وهربوا بها من نصب العمل فأكلوها في الأسواق والوسائد وهاموا في طلب الرقص والمشاهد.
وعند رجوعي من الموصل الحدباء إلى الديار المصرية في الدولة الظاهرية سقى الله عهدها وأعذب في الجنان وردها وجدت تلك الرسوم دارسة ومواطن أنسها غير آنسة عافية الآثار ساقطة الجد بالعشار وقد هزم أمر السلطان جيش الشيطان فانكفأت خمور الجرات وتابت البغايا والخاطيات وشاعت الأخبار وقوي الإنكار وانزوى المسطول في الزوايا الغبراء وصارت كل يابسة بين يديه خضراء ، فدعاني بعض الأخلاء إلى محله وأنزلني بين قومه وأهله واعتذر إلي عن تقصيره في إكرامي ولاختصاره في الضيافة إذ لم يأت بمرامي وقال غلب على ظني أن الشيطان قد مات وعد من جملة الرفات قم بنا نبكيه ونصف هذه الحالة ونرثيه فابتديت وقلت مات يا قوم شيخنا إبليس وخلا منه ربعه المأنوس.
ثم توجه بالنداء إلى صديقه الأمير ليخرج من باب الدار إلى ساحة الاحتفال فقال والله لقد سطا علينا الزمان وصال وفرق بيني وبين أخي وصال وما قصدت هذه الديار إلا في طلبه ولا تغربت عن أوطاني إلا بسببه فلعلك تجمع شملي بك يا أمير وصال يا كامل الخصال يا جميل المقامات ومن خلف مثلك ما مات.
خرج الأمير إلى ساحة الاحتفال بملابسه المزركشة وقد غطى رأسه بغطاء الرأس المملوكي مثلث الأضلاع والمعروف باسم الشربوش ونفش شاربه الضخم وخاطب الجمهور وقال سلام على من حضر مقامي وسمع كلامي من عرفني فقد تمتع بأنسي ومن جهلني فأنا أعرفه بنفسي أنا أبو الخصال المعروف بأمير وصال صاحب الدبوس والناموس والكابوس والسالوس أنا ملاكم الحيطان ومحظ الشيطان أنا أنطح من كبش وأنتن من وحش أنا عيبة عيوب وذنوب وذنوب أنا قبضة من كف وقاد وغمزة من عين قواد آكل من نار وأشرب من رمل أحل العقد وإن كانت من المد وأسامر وأقامر فأنا هماز عياب معربد فاتك فلا تجهلوا مقداري وقد كشفت لكم عن أسراري.
أين تلك الأيام التي كانت مواهب وكانت بإشراق الأحبة حبايب وأين أوقات المعشوق والاجتماعات بباب اللوق وأين جلوسنا في بستان الخشاب وشربنا في دار أم شهاب ، ولقد كنت كثير الحنين إلى تلك الدمن وما فات من طيب ذلك الزمن ، وكانت أيامي أيام الوفا وإخواني إخوان الصفا وكنت أشربها سلسبيلا وكانت الهموم لا تجد إلى قلبي سبيلا.
ثم نادى على الكاتب بابوج ليقرأ على الجمهور إعلان تولي الأمير لمنصبه الجديد فقرأ ديباجة المقدمة ثم أكمل قائلا : أما بعد فإن أول من ينتدب لاجتلاب الفرح ويستحضر لاستماع النوادر والملح من يقوم في دفع الهموم مقام ابنة الكروم ، ولما كان الأمير الأوحد عين الدين فخر البله والمجانين وصال الأحبة أطال الله قفاه وبارك في خصاه وأعطاه من الصفع أوفره وأوفاه ممن يتحمل بطلعة المجالس ويحن إلى صفع كل قاعد وجالس كان جديرا بأن تمد له الأكف والسواعد ويكون كالبحر الذي ساحله المصادر والموارد فوضنا إليه أمور القبور وجعلناه أميرا على مساخرة الجمهور وأضفنا إليه من الولايات ما يأتي ذكره من خرائب هذه الجهات وهي ولاية مصر القديمة مع ما دثر من الجدران والخراب وسد عماير الأهرام وما يجاورها من التلال والآجام ، ولا يدع من البدع المضحكة بابا مقفلا ولا عملا من أعمال المساخر معطلا ولينظر في باب الممازحة والملاعبة والممازجة والمداعبة.
وهنا وقف الشاعر صريعر البخيل ليلقي قصيدة في مدح الأمير ليخلد فيها هذا الاحتفال الكبير ومطلعها : إن البلاد التي اصبحت واليها أضحت ولا جنة المأوى ضواحيها ، وألقى فيها هلاوس ومساخر عدة يعرض فيها بالأمير ومجونه حتى ختمها بقوله : فإنها كالتي أنشدتها طربا صدورها علمت منها قوافيها ، وهنا يضحك طيف الخيال ويقول : صريعر قل ثوابه فساء خطابه ، ويغضب الأمير ويطرد الشاعر ولا يعطيه شيئا.
وتأثرا بذلك يتوجه الأمير وصال إلى صديقه طيف الخيال قائلا : أخي طيف الخيال قد عزمت على ترك مسلك الخلاعة والتوبة لله المخلصة والعمل بالسنة والجماعة فقد دنا الرحيل وما بقي إلا القليل وقد عزمت على الزواج فاطلب لي أم رشيد الخاطبة لأنها تعرف كل حرة وعاهرة وكل مليحة بمصر والقاهرة لأنهن يخرجن من الحمامات متنكرات في ملاحف الخدامات وتعيرهم الثياب والحلي بلا أجرة وهي أقود من في نساء الفسطاط وتجمع الرأسين مثل مسمار الخياط وهي مع ذلك تتلطف بقلوب العشاق لا تخلف في وعد ولا تعاكس في نقد.
خرج طيف الخيال ينادي أم رشيد ست العبيد وهو لا يعرف هل هي خاطبة أم قوادة ونادى عليها فردت عليه قائلة : مسيتم بالسعادة ولا زلتم في نعمة وسيادة وفي خير والخير عادة يا أولادي ، ولا بليتم بالكبر وثقل الجسم والسمع والبصر ، من هذا الذي طلبني في الليل الدامس والدروب مغلقة والطرف ناعس وأزعجني من رقدتي والنجوم راكدة وكل صبية مع عشيقها راقدة.
فلما أخبرها طيف الخيال رغبة الأمير وصال قالت له في الحال : ونعم من الأمير وصال الذي ربي في النعيم وفي الدلال ، ثم وصلت إلى الساحة واستمعت إلى طلب الأمير الذي قال : يا خالتي أم رشيد كيف نعم الله عليك ولقد كنت قسما بالله مشتاقا إليك وما طلبتك إلا لتزوجيني وإلى غيرك فلا تحوجيني وأريد هذه العروس درية اللون حسنة الكون ملفوفة البدن لا رقيقة ولا مفرطة السمن أسيلة الخد قائمة النهد بيضاء ناعمة كأنها حبة لؤلؤ.
قالت أم رشيد : يا ولدي عندي لك صبية كأنها الشمس المضية إلا أنها نفرت من زوجها الأول من ألم الافتضاض وداوتها القوابل بدواء مضاض والعهد هي معذورة إذ نفرت من البعل وألقت النعل على النعل ، وراحت أم رشيد تتغزل في أوصافها ومحاسنها لكنها غمزت ولمزت بها لأنها كانت تسكن عند معلمتها أم إسحق المعروفة بميلها إلى عشق النساء ثم سألت الأمير ضاحكة إن كان يريدها بعقد شرعي أو بدون عقد فأكد عليها أنها يريدها زوجة ولا شيء غير ذلك.
حضر المأذون وبدأ خطبته بالديباجة المعهودة ثم قال : الزوجة المباركة هي الحافظة للعيال الجامعة للمال والمعدة لحسن المآل والمولدة للطعام والممهدة للمنام وهي مشتكى الحزن ومستودعة السر والعلن والمساعدة على الأغراض والمعللة في الأمراض الخليلة الصاحبة النائحة النادبة المسامرة الضجيعة المطية المطيعة ، وهذا الأمير وصال مكور الخصال قد عزم على الاتصال بالست المصونة والدرة المكنونة ضبة بنت مفتاح على ما أصدقها في هذا النكاح وهي مائة معجلة وأربعة وأربعون مؤجلة قل : قبلت هذا النكاح بهذا الصداق عصمك الله من الفراق والطلاق ، فقال الأمير وصال : قبلت وبئس ما عملت فلا بد من تدبير الحال وتجهيز المال لأني الليلة أعوز من زنبور وأفلس من طنبور.
قال طيف الخيال : يا أمير وصال عهدتك ذا مال وجمال وخيل وبغال ، فأجابه الأمير وصال : مال المال وحال الحال وذهب الذهب وسلب السلب وفضت الفضة وقعدت النهضة ، وأما فرسي فقد افترسته يد الأسقام بمرور الليالي والأيام حتى بكيته بكاء عروة بن خزام فكاد يسقط من ضعف قواه عن حمل المقود والمخلاة وعميت عيناه واصطكت ركبتاه ، ثم طلب الأمير من صديقه طيف الخيال أن يقرضه بعض المال ليشتر حصانا يجمع بين صفات الخيل العربية المشهورة مثل اليحموم والورهاء والشقراء والغبراء ، ثم راح الأمير يعدد ما يعرفه عن الأعرج فرس بني هلال والورد فرس عامر بن الطفيل والأعرابي فرس عباد بن زياد والنعامة فرس عنترة بن شداد.
أجابه طيف الخيال قائلا : والله لي ثلاثة أيام لم أستطعم بطعام ، فسأله الأمير وصال متعجبا : ما فعل ريشك ورياشك وأين أثاثك وقماشك ، فيرد عليه طيف الخيال قائلا : لم يبق عندي ما يباع ويشترى إلا حصيرا قد تساوى بالثرى ، وهنا يعلن الأمير أنه دعا أصحابه لهذا الاحتفال حتى يعينوه على تكاليف الزواج ويمدوه بالمال حتى لا يعود مرة أخرى إلى حياة التهتك والخلاعة والقمار واللهو ثم ختمها بقوله : ها أنا قد مددت لكم يدي وعرفتم مقصدي.
وهنا عادت أم رشيد وتكلمت قائلة : مسيتم بالسعادة يا ولدي قد وقع الفاس في الراس فاعمل عمل الناس ودارت المؤذنات ينادين الصنعة يا بنات فحضرت كل تعمل بتزيين النساء وقد تجهزت العروس في الحمام ومعها عشرون شمعة وأحمال من زهر البستان وحولها البنات الحسان من المغنيات والراقصات والماشطة أم شهاب الدمشقية فأحضر الدراهم وإلا اجتمعوا حولك جميعا وضربوك بالنعال.
وأقيمت الزفة العظيمة وركب الأمير وصال على فرس مزركش يتقدمه حملة الشموع ومن خلفه الأبواق والطبول حتى وصل إلى مكان العروس وحولها الماشطات والمزينات وقد سترت وجهها بمنديل ذهبي منقوش ووضعت على رأسها تاجا يشبه الشربوش ، فلما كشف عن وجهها الخمار شهقت شهيق الحمار وإذا هي من أكبر الدواهي عجوز شمطاء بأنف كالجبل ومشافر كمشافر الجمل ولون كلون الجعل وأجفان مكحولة بالعمش وخدود مضرجة بالنمش وأسنان كأسنان التمساح ونكهة تفوح برائحة المستراح.
وعندما يراها الأمير وصال يخر واقعا على الأرض من الاختلال وتصيح العروس بعد شخير ونخير أرجفتني وأفزعت ابني الصغير يا أم رشيد ماله قد وقفت أعماله كأنه سكران وبات بالأمس سهران ، ومن خلفها يخرج حفيد العروسة وينظر في وجه الأمير وصال ثم يتعوذ من الشيطان ويقول : له صورة يستحسن القرد عندها على أن وجه القرد أحسن منظرا ، وراح يغني ويرقص حول رأس الأمير الذي غضب وأفاق من رقاده وضرب الولد وأطاح بالعروس والماشطات فتفرق الجميع وهم خائفون.
وعزم الأمير وصال على معاقبة أم رشيد وزوجها الشيخ عفلق وصاح قائلا : لا بد من ضربهم بالسياط وتشهير العجوز السوء بمدينة الفسطاط ليتعظ بها إبليس وتتوب كل عجوز من النصب على الرجال والتدليس ، لكن زوجها حضر وهو في غاية الشيب والوهن وعندما رآه طيف الخيال قال : ما هذا من أهل الملام ولا لجرح بميت إيلام فإنه شيخ كبير أعور نصف ضرير وقد بلغ به التغفل والنسيان إلى غاية صار بها حمارا في صورة إنسان لأنه عاش مع العجوز وشرب من يدها مائة سطل وكوز.
وبدأ عفلق العجوز يشكو ما صنع به الدهر ويستعطف الأمير وصال ويحكي عن بطولاته من العربدة والمجون ثم يقارن ذلك بما صار عليه حاله حتى تأثر طيف الخيال وقال يا شيخ عفلق قد ظهر عليك دلايل الكبر ورأيت ما فيه للعين معتبر فهل لك أن تذهب إلى الحكيم يقطينوس الطبيب لعله يجد لك علاجا ويداويك ، فبكى الشيخ عفلق وشهق وقام وقعد وتأوه وقال : إن الحكيم يقطينوس ابن المعين ابن السديد هو الذي ماتت على يده زوجتي أم رشيد ، وذهل الأمير وصال وطيف الخيال من خبر موت القوادة وأرسلوا في طلب الطبيب ليعلموا منه كيف ماتت المرأة العجوز وقد كانت قبلها تعد الفرح والعروس.
انزعج الطبيب لهذا الداعي في ظلام الليل والذي لم يتقيد بآداب طلب الطبيب وصاح هاتفا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من هذا الطارق في الليل الغاسق ومن ذا الذي أزعجني في فراشي في جنح الليل الغاشي وأقامني من رقدتي وما انهضم الطعام من معدتي حتى سقط نبضي وكدت من خفقان قلبي أقضي ، وما جرت العادة بأن يطلب الطبيب بالليل إلا بعد أن تحمل له الأحمال وتشد له البغال والخيل.
ثم راح الطبيب يتذكر أيام الوباء والطاعون ويسخر من عمله وقتها والذي كان يشبه عمل الحانوتية وحفاري القبور فقال : ولم يعد هذا في أيام الوباء والطواعين والمرضى مطرحين على مصاطب الدكاكين وعلى أبوابنا الزحام والفوانيس بأيدي الخدام والجنايز في الجوامع والحلل النفايس تجلى على الصفوف كالعرايس والناس لا ينشف لهم دمعة والمقربون لا يخرجون إلا بالقرعة والمغسل لا يستر في الغسل والحمال متبرم بثقل الحمل والحفار لا يوقر قبرا ولا يتحامى ثيبا ولا بكرا ، وقد شمل الإقليم ذلك الوباء وعادت الأرواح والقوى كالهباء فذكر الله بالخير تلك الأيام فما كانت إلا كالأحلام.
وهنا كلمه الأمير وصال وشرح له أنه ليس مريضا يطلب العلاج وإنما هو فقط يريد أن يسأل عما حصل للخاطبة أم رشيد فقال الطبيب : لقد أبادها المبيد وهلكت على يدي ، وذلك أني دعيت على سبيل العادة إلى منزل مشهور بالقوادة وإذا بعجوز قد ضربها الشيب وذنبها أنها تستسحسن العيب وحولها نساء حسان كزهر البستان والورد الطري الريان وقد حسنت صحبة القوم.
وفتحت العجوز عينها ناعسة من النوم ورمقتني بطرف مدمع وأشارت لي بصوت لا يكاد يسمع وقال لي أوصيك بكفالة هذا المكان وأن تعمر ما فيه وتقوم للعشاق مكاني فيه فتؤلف بين القلوب وتجمع بين المحب والمحبوب ، ثم تكلمت إلى صاحباتها من النساء وقالت لهن : عليكن بصدق المواعيد والسعي إلى الحرفة ولو كانت ليلة العيد وتبسطن في مجالس العشاق من الفسطاط وحتى بولاق.
ثم نزل بها حادث الموت وفات فيها فوات الفوت ولما أردت الانصراف قال لي من حضر من أولئك الظراف يا طبيب ما وصفت علاجا ولا قلت شيئا فقلت لهم سأبكي معكم هذه الفقيدة وأرثيها ثم رفعت صوتي في الجمع وقد بلل الثرى بالدمع وجعلت أقول : ساعدوني بالنوح والتعديد بعد فقد العجوز أم رشيد ، ثم عدد الطبيب أفعالها القبيحة وجمعها للنساء مع الرجال ووصف لها قبرا يليق بهذه الأعمال ويذكر كل يوم بليالي الوصال.
سمع طيف الخيال ذلك ثم قال : أستغفر الله من هذه الخصال وأعوذ بعفو الغفار ذي الجلال من تحمل الأوزار والعمل بعمل أهل النار فالإنابة أجمل ونحن نقول ما لا نفعل ، كل حي إلى الممات يصير ما له ساعة النزاع نصير وزمان العمر الطويل إذا ما اختلف الليل والنهار قصير والسعيد الذي يرى طرق الرشد بعين اليقين وهو بصير.
تعجب الأمير وصال من توبة طيف الخيال بعد ما رأى نهاية أم رشيد فتأثر بذلك وقال : يا أخي يا طيف الخيال ما بقي إلا الارتحال وقد عزمت على الحجاز وخرجت بالحقيقة عن المجاز وقصدت غسل هذه الآثام بماء زمزم والمقام ونويت زيارة سيد الأنام فاجعلني نصب عينك وهذا فراق بيني وبينك.
(من كتاب خيال الظل وتمثيليات ابن دانيال دراسة وتحقيق إبراهيم حمادة).