مركز دمنهور

سنطيس والعهد العمري

في مايو عام 641 م. انتصر عمرو بن العاص على الجيش الروماني عند بلدة سلطيس (سنطيس الحالية جنوب دمنهور) والتي انحاز أهلها للعرب وهو ما دفع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يكتب بشأنها عهدا خاصا بالإعفاء من الجزية والاكتفاء بالخراج وقد أورده القرشي المصري في كتابه فتوح مصر وأخبارها وفيه : ” أن عمر بن الخطاب كتب فى أهل سلطيس خاصّة : من كان منهم فى أيديكم فخيّروه بين الإسلام فإن أسلم فهو من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وإن اختار دينه فخلّوا بينه وبين قريته .. وتضرب عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوّة للمسلمين على عدوّهم ولا يجعلون فيئاً ولا عبيداً “.

وعندما قام الروم بغزو الإسكندرية في عام 645 م. وصلوا إلى سلطيس ، وتم إعادة عمرو بن العاص لقيادة الجيوش حيث طلب منه خارجة بن حذافة العدوي سرعة التحرك لحماية القرى التي حافظت على العهد لأن العرب يتلقون الجزية مقابل حماية البلاد من أي غزو أو اعتداء لكن عمرو رأى التمهل حيث قدر أن تقدم الرومان في الدلتا سوف يصحبه أعمال سلب ونهب مما يثير الخلافات بين الرومان القادمين من القسطنطينية وهؤلاء المستقرين في مصر كما أن تقدم الرومان سوف يثير خوف الأقباط فيدفعهم ذلك إلى معاونة المسلمين.

وفي ذلك يقول ابن عبد الحكم : ” وضوى إلى المقوقس من أطاعه من القبط فأما الروم فلم يطعه منهم أحد ، فقال خارجة بن حذافة لعمرو : ناهضهم قبل أن يكثر مددهم ولا أمن أن تنتقض مصر كلّها ، فقال عمرو: لا ، ولكن أدعهم حتى يسيروا إلىّ فإنهم يصيبون من مرّوا به فيخزى الله بعضهم ببعض ، فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورها ويأكلون أطمعتها وينتهبون ما مرّوا به فلم يعرض لهم عمرو “.

وبعد انتهاء المعارك وفتح الإسكندرية للمرة الثانية بالقوة في صيف عام 646 م. أراد عمرو معاقبة كل سكان البحيرة حيث قامت بعض القرى بنقض العهد وظل بعضها على الحياد وأعلنت ثلاث منها مناصرة العرب وهي سلطيس وقرطسا وبلهيب ، لكن أمير المؤمنين عثمان بن عفان أصدر عفوا عاما عن الجميع وألا يحدث أسر للرجال أو سبي للنساء خاصة وقد تحجج الأقباط في قرى الدلتا بتأخر نجدة المسلمين عنهم رغم دفعهم الجزية ، وتكلم أهل سلطيس مع عمرو بن العاص طالبين منه التمسك بالعهد العمري السابق فاستجاب لهم.

ويقول في ذلك ابن عبد الحكم : ” وجمع عمرو ما أصاب منهم فجاءه أهل تلك القرى ممن لم يكن نقض فقالوا : قد كنا على صلحنا وقد مرّ علينا هؤلاء اللصوص فأخذوا متاعنا ودوابّنا وهو قائم فى يديك ، فردّ عليهم عمرو ما كان لهم من متاع عرفوه وأقاموا عليه البيّنة ، وقال بعضهم لعمرو : ما حلّ لك ما صنعت بنا كان لنا أن تقاتل عنّا لأنا فى ذمّتك ولم ننقض فأما من نقض فأبعده الله ، فندم عمرو وقال : يا ليتنى كنت لقيتهم حين خرجوا من الإسكندرية “.

وكان من نتاج العلاقة الطيبة مع الأهالي هو حدوث مصاهرة وزواج لعدد من قادة العرب بسيدات من قرية سلطيس وهم خارجة بن حذافة العدوي وعقبة بن عامر الجهني ومعاوية بن حديج الكندي وعبد الرحمن بن جعفر بن ربيعة الأزدي ، وعرف أولادهم باسم أبناء السلطيسيات ومنهم عياض بن عقبة وأبو عبيدة بن عقبة وعون بن خارجة وعبد الله بن خارجة وعبد الرحمن بن معاوية بن حديج وعمران بن عبد الرحمن بن جعفر وكانوا جميعا من وجهاء مصر وقادتها في العصر الأموي.

مدينة دمنهور

دمنهور من المدن المصرية القديمة اسمها الأصلي دمي إن حور أي مقر المعبود حور وسميت في العصور البطلمية والرومانية باسم هيرموبوليس بارفا وأرموكاتون وعرفت في القبطية باسم تمينهور ومنها اشتق اسمها العربي ، وردت في معجم البلدان فقال : إن دمنهور بلدة بينها وبين الإسكندرية يوم واحد في طريق مصر وكانت بها وقعة بين عبيد بن السري بن الحكم وبين خالد بن يزيد بن مزيد.

ويقول عنها ابن دقماق في الانتصار : ” وهي مدينة قديمة عامرة وبها جامع ومدارس وحمامات وفنادق وقياسر وغير ذلك وهي قاعدة البحيرة وبها مقام نائب الوجه البحري وهي في الجنوب الشرقي من الإسكندرية وبينهما مرحلة وتعرف بدمنهور المدينة “.

وجاء عنها في الخطط التوفيقية : ” كانت فى القرن السابع عامرة جيدة الأبنية فتهدمت بزلزلة سنة ٧٠٢ من الهجرة وكانت تنقل منها الأقمشة الدمنهورية إلى الجهات وهى واقعة على خليج إسكندرية وبينها وبين الإسكندرية نحو مرحلة .. وقد جدد السلطان برقوق أسوار دمنهور فى سنة ٧٩٢ هجرية، وكان فيها وجاق من الينكشارية ..

وفيها شارع يمر من قنطرة السكة الحديد إلى وسطها تحفه حوانيت وخانات وقهاو ويتوصل منه إلى سوق القطن فوق ترعة الخطاطبة ولها غير السوق الدائم سوق كل يوم أحد يباع فيه أنواع البهائم وخلافها وفيها أربع معاصر للزيت وأربعة دكاكين صاغة بقرب جامع الزواوى وثلاثة دكاكين قبانية.

وبها عدة مساجد جامعة أكثرها بمنارات غير الزوايا فمنها جامع سيدى محمد الأفلاقى فى حارة باب النصر وهو جامع قديم قد جرى ترميمه من زمن قريب وجامع سيدى محمد الجزيرى على قنطرة السكة الحديد وهو جامع قديم بلا منارة وقد جدد من أوقافه وجامع سيدى أحمد الجيشى فى حارة الحوفى وجامع الأفندى فى جهة السوق بناه الشيخ على العادلى ..

وجامع سيدى مجاهد جهة السوق وجامع سيدى زارع بجوار الورشة وجامع الخراشى بالحارة الشرقية وهى حارة الخراشى وجامع النمر بحارة محمد مصلى وجامع السوسى فى الجهة الشرقية القبلية وجامع أبى عبد الله المغربى بجهة نقرهه وجامع الشربجى بجهة قرطسه وجامع ابن مسعود بقرب جامع السوسى وجامع الزواوى بجهة الصاغة وجامع الحبشى عند ساحة الغلة.

وفيها أضرحة كثيرة لبعض الأولياء ويعمل لبعضهم موالد كل سنة فيعمل لسيدى عطية أبى الريش مولد كبير بعد مولد سيدى إبراهيم الدسوقى يحضره خلق كثيرون وتباع فيه سلع كثيرة وليلة لسيدى محمد الزرقا وليلتان للخراشى وليلة لسيدى أحمد الحبشى وكذا لسيدى خضر الأنصارى والبشابشة وسيدى محمد الخطيب وسيدى محمد أبى طقية والشيخ الكنانى.

وفيها تجار بكثرة من الأهالى والأجانب – كالأروام والأفرنج – ولهم فيها منازل وخانات ولهم فيها ثلاث وابورات للطحين ووابور لحلج القطن ، وبها كنيسة للأفرنج على قنطرة السكة وكنيسة للقبط فى قرطسه ، وبها حمامان أحدهما للزواوى – أحد علمائها – والثانى للحبشى ، وكان فيها ورشة ينسج بها مقاطع القطن والكتان فى زمن المرحوم محمد على باشا وتقيم الآن فيها عساكر المديرية “.

أبو الريش

جاء في الخطط التوفيقية : أبو الريش قرية من قرى دمنهور البحيرة كانت تسمى طموس ، وكان بينها وبين دمنهور نحو خمسمائة متر ، ثم اتسعت دمنهور حتى اختلطت بها وصارت الآن من ضمن دمنهور ، وفيها مقام سيدى عطية أبى الريش ، مشهور يزار ويعمل له مولد كل سنة بعد مولد سيدى إبراهيم الدسوقى.

وهذه القرية ولد بها السيد عبد الله الطبلاوى المترجم فى خلاصة الأثر ، بأنه السيد عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسينى المغربى الأصل ثم القاهرى الشافعى المعروف بالطبلاوى ، لنزوله بمصر عند الشيخ العلامة ناصر الدين الطبلاوى الشافعى.

وكان أعظم شيوخه الشيخ المذكور أخذ عنه عدة علوم منها : علم القراءات وساد فيها سيادة عظيمة بحيث إنه كتب فيها حواشى على شرح الشاطبية للجعبرى بخطه ، جردها تلميذه الشيخ سليمان اليسارى المقرئ ، وانفرد بعلم اللغة فى زمنه على جميع أقرانه ، بحيث إنه كتب نسخا متعددة من القاموس واختصر لسان العرب وسماه (رشف الضرب من لسان العرب) لم يكمل.

وكان عارفا بارعا بعلم العروض وله شرح على تأنيس المروض فى علم العروض ، وله شرح عقود الجمان فى المعانى والبيان ، تأليف الجلال السيوطى ، وله حاشية على حاشية العلامة البدر الدمامينى ، على مغنى اللبيب لابن هشام.

كان من المشتغلين بالعلم فقها وأصولا ، ومن أعيان الأدباء نثرا ونظما ، وكان خطه يضرب به المثل فى الحسن والصحة ، وكتب بخطه من القاموس نسخا هى الآن مرجع المصريين لتحريه فى تحريره ا، وكان كريم النفس حسن الخلق والخلق من بيت علم ودين.

وله شيوخ كثيرون منهم العلامة أبو النصر الطبلاوى والشمس الرملى والشهاب أحمد بن قاسم العبادى وغيرهم من أكابر المحققين ، واستمر حسن السيرة جميل الطريق إلى أن نقل من مجاز دار الدنيا إلى الحقيقة، وشعره مشهور ونثره منثور ولواء حمده على كاهل الدهر منشور.

وله قصيدة مدح بها أستاذه الطبلاوى المذكور والتزم فى قوافيها تجنيس الخال وهى مشهورة ومطلعها : يا سلسلة الصدغ من لواك على الخال ، وذكره الخفاجى وأخاه سيدى محمدا ، وأثنى عليهما كثيرا ؛ وكانت وفاة السيد عبد الله فى صبح يوم الاثنين مستهل ذى الحجة سنة سبع وعشرين وألف ، وصلى عليه بالأزهر ودفن بالقرب من العارف بالله تعالى سيدى عمر بن الفارض وقد ناهز السبعين انتهى.

أعلام دمنهور

الشيخ عبد الرحمن الحلبي الدمنهوري : قال السخاوى فى الضوء اللامع لأهل القرن التاسع : هو عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن عبد الواحد بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جابر التاج ابن فقيه حلب الشهاب الأذرعى الدمنهورى الشافعى ، ولد بحلب سنة تسعة وخمسين وسبعمائة ، فحفظ القرآن والمنهاج.

وتفقه بحلب ثم بالقاهرة على الشرف ابن غنوم وغيره ، وما قدم القاهرة إلا بعد أن درس فى الأسدية بحلب ، ثم ولى قضاء دمنهور الوحش زمنا ، وكان فاضلا كيسا مشاركا فى العلوم مستحضر الأشياء حسنة ، كتب الخط الحسن ، وقال الشعر الجي د، وحدث فسمع منه الفضلاء ، ومات فى يوم الثلاثاء العشرين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة بدمنهور.

الشيخ شمس الدين محمد بن علي الدمنهوري : محمد بن على بن عبد الرحمن بن عيسى بن أحمد ابن محمد الشمس الدمنهورى ، ثم الفوّى الفخارى نسبة لبيع الفخار ، ولد بدمنهور ونشأ بها ، فقرأ القرآن واشتغل بالفقه على ابن الخلال وجماع ة، وكتب عن السراج الأسوانى شيئا من نظمه وجلس ببلده لتعليم الأطفال فانتفع به ونعم الرجل صلاحا وخيرا وأنسا ، مات قريب الستين بعد الثمانمائة.

الشيخ ناصر الدين الدمنهوري : جاء في ذيل الطبقات للشعراني في القرن العاشر الهجري : العالم العلامة القائم فى دين الله تعالى بالتأييد والنصر من لا تأخذه فى الله لومة لائم المهاجر بأولاده وعياله فى طلب الزيادة من العلم ، الشيخ ناصر الدين الدمنهورى ، ما رأيت فى عصرنا قط من هاجر من بلاده فى طلب العلم هو وأولاده وعياله وله حرص عظيم على اتباع السنة المحمدية فى أحواله كلها غيره.

الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري : جاء في الجبرتي : العالم العلامة أوحد الزمان وفريد الأوان الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهورى المذاهبى ، ولد بدمنهور سنة إحدى ومائة وألف ، وقدم الأزهر وهو صغير ، وكان يتيما فاشتغل بالعلم وجال فى تحصيله واجتهد فى تكميله ، وأجازه علماء المذاهب الأربعة ، وكانت له حافظة ومعرفة فى فنون غريبة، وأفتى على المذاهب الأربعة ، وألف الكتب العديدة ، وكان يدرس بالمشهد الحسينى فى رمضان.

وولى مشيخة الجامع الأزهر بعد موت الشيخ السجينى، وهابته الأمراء لكونه قوّالا للحق أمارا بالمعروف ، وقصدته الملوك من الأطراف ، وهادته بهدايا فاخرة ، حج سنة سبع وسبعين ومائة وألف مع الركب المصرى ، ولما وصل مكة أتى إليه رئيسها وعلماؤها لزيارته ، توفى عاشر شهر رجب سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف ، وكان منزله ببولاق فخرج بمشهد حافل وصلى عليه بالأزهر، ودفن بالبستان.

وأما مؤلفاته فهى كثيرة جدا منها : حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون ، ومنتهى الإرادات فى تحقيق الاستعارات ، ونهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف ، والفتح الربانى بمفردات ابن حنبل الشيبانى ، وطريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب الإمام الأعظم ، وإحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد ، والرقائق الألمعية على الرسالة الوضعية ، وعين الحياة فى استنباط المياه ، والأنوار الساطعات على أشرف المربعات والقول الصريح فى علم التشريح.

مركز دمنهور

في القرن الرابع الهجري ذكر ابن حوقل في كتابه صورة الأرض وصفا تفصيلا للمنطقة التي يمر بها فرع النيل الواصل إلى الإسكندرية من أول محلة نقيدة في الجنوب الشرقي (حاليا النقيدي مركز كوم حمادة) وحتى برسيق في الشمال الغربي (مركز أبو حمص حاليا) وفيها دنشال وشبرا الدمنهورية (شبرا أبو مينا) وقابيل (قرانفيل) وقرطسا فقال : ” محلّة نقيده وهى ضيعة كبيرة عامرة بها منبر وعامل عليها ولها حمّام وناحية كبيرة وغلّات غزيرة وضياع برسمها وفى ضمنها جليلة ستّة عشر سقسا ، ومن محلّة نقيده إلى دنشال بلد عامر فيه جامع وحمّام وكروم كثيرة وبرسمه ضياع جليلة وعمل مضاف إليها ستّة عشر سقسا ..

ومن دنشال إلى قرطسا وهو بلد كبير فيه حمّام ومنبر وبرسمه ناحية وضياع وافرة غزيرة فوق ما تقدّم ذكره ممّا بالمدن المضافة إليها الكور والضياع وبقرطسا كروم وفواكه غزيرة عظيمة ويجلب منها ستّة عشر سقسا ، ومن قرطسا إلى شبرو أبو مينا ضيعة كبيرة بها جامع وخلق كثير وبادية ومزارع وغلّات واسعة اثنا عشر سقسا ، ومن شبرو أبو مينا إلى قرنفيل ضيعة بها جامع وعمارة آهلة غنّاء اثنا عشر سقسا ، ولها وبرسمها ضياع تعرف بالجابريّة تدخل فى صفقتها ، ومن قرنفيل إلى برسيق ضيعة بها منبر وبيع وأسواق ولها كورة كبيرة اثنا عشر سقسا “.

وفي الخطط التوفيقية شرح مفصل لظهور مدينة دمنهور الحديثة عن طريق اندماج عدة قرى مع بعضها حيث يقول : ” ثم إن دمنهور البحيرة الآن مدينة كبيرة وهى مركز مديرية البحيرة وكانت فى الزمن الأول ثمان بلاد : شبرى والدمنهورية وقرطسة – بلد الحبشى – ونقرهة وسكنيده وهذه الخمسة هى الموجودة الآن ، وأما الثلاثة الآخر فمنها : بلدة كانت تسمى طموس ومحلها الآن محل أبى الريش بينه وبين دمنهور نحو خمسمائة متر ومنها : بلدة كانت تسمى الأتلة وبلدة كانت تسمى قراقص وقد عدمتا.

فأما شبرى دمنهور : فهى فى غربى السكة الحديد على شمال الذاهب إلى الإسكندرية ومبانيها بالآجر وبها منازل مشيدة مشرفة على الفرع المذكور وجامع يعرف بجامع الحيسى وبداخله ضريحه ، وأما : قرطسه فهى فى شرقى السكة فى مقابلة شبرى ، ونقرهة عند السوق على الشاطئ الغربى لترعة الخطاطبة وكذا سكنيده وقد صارت كلها مدينة واحدة وأغلب أبنيتها بالآجر وعلى دورين وفيها ما هو على ثلاثة أدوار أو دور واحد وفيها قصور تشبه قصور الإسكندرية وبها ديوان المديرية بجميع لوازمه.

وشرح محمد رمزي في القاموس الجغرافي نشأة أبعدية دمنهور فقال : ” وكانت دمنهور ذات وحدة مالية ولها زمام خاص إلا أنه لم يكن متصلا بسكنها بل يفصلها عنه أراضي ناحية شبرا الدمنهورية ولذلك فإنه في تاريخ سنة 1273 هـ فصل زمام دمنهور عنها وتكون منه ومن أراضي نواح أخرى ناحية جديدة باسم أبعادية دمنهور وبذلك أصبحت دمنهور قاصرة على سكنها القائم على قطعة أرض يتلاقى عندها زمام نواحي شبرا الدمنهورية وسكنيدة وقرطسا ونقرها وطاموس ومنشية غربال “.

منشأة الخزان

في القرن التاسع عشر تغيرت خريطة الجزء الشمالي الشرقي من مديرية البحيرة بسبب حفر ترعة المحمودية حيث توزعت أراضي ناحية نفرة القديمة ليتأسس في موضعها منشأة الخزان بمركز دمنهور حاليا ، وحوض نفرة قرية من العصر المملوكي كانت من إقطاعات عرب البحيرة ذكرها ابن الجيعان في القرن التاسع فقال : ” حوض نفرة مساحته 88 فدان عبرته 150 دينار للعربان والمقطعين “.

جاء في القاموس الجغرافي : كان يوجد ناحية مالية قديمة تسمى حوض نفرة وردت في التحفة من أعمال البحيرة ، ووردت أيضا في دليل سنة 1224 هـ بين نواحي ولاية البحيرة ، وفي تاريخ سنة 1228 هـ أضيف زمام هذا الحوض إلى أراضي ناحية بويط وبذلك ألغيت وحدته من عداد النواحي بمصر ، ولانخفاض منسوب أغلب الأراضي الزراعية التي بناحية بويط وتسلط مياه الصرف عليها تلفت أراضيها.

فقررت نظارة المالية في سنة 1854 رفع الأموال عن الأراضي التالفة بناحية بويط بما فيها أراضي حوض نفرة وأراضي نواحي أخرى مجاورة لبويط كانت تالفة مثلها وعرفت تلك الأراضي باسم الخزان لتخزين المياه فيها ، وفي سنة 1275 هـ حصرت الأطيان الواقعة في منطقة الخزان وأنشىء لها دفتر مساحة وناحية مالية جديدة باسم الخزان.

وفي سنة 1900 فصل بعض العزب الواقعة بأراضي ناحية الخزان وتكون منها ناحية إدارية هي منشأة الخزان ، هذه التي وردت في جدول أسماء النواحي في سنة 1902 باسم منشية الخزان ، ولأن أغلب أراضي ناحية الخزان هي ملك وزثة طوسون باشا فقد جعل لها تفتيشا زراعيا وقسم أطيانها إلى نظارات ، وعين لكل منطقة ناظر زراعة يدير حركة الإصلاح والزراعة في أراضيها ومن ذلك أنه أطلق على الأراضي الداخلة في حدود إدارة ناحية منشأة الخزان هذه اسم نظارة نفرة.

وفي 7 مايو سنة 1940 أصدر وزير الماليةالقرار رقم 71 بتقسيم أراضي ناحية الخزان على الإحدى عشر نظارة التابعة للتفتيش السابق ذكره ، وفصل زمام خاص لكل ناحية منها من أراضي ناحية الخزان المذكورة ، وعلى ذلك فصلت نظارة نفرة بزمام خاص باسمها وليس باسم الناحية الإدارية وهي منشأة الخزان ، وبذلك أصبحت هذه الناحية معروفة في دفاتر وزارة الداخلية باسم منشأة الخزان وفي دفاتر وزارة المالية باسم نظارة نفرة.

وأرى لإزالة اللبس ضرورة توحيد التسمية ويا حبذا لو سميت نفرة باسمها الأصلي ، وفوق ذلك فإن منشأة الخزان تابعة من الوجهة الإدارية إلى مركز دمنهور ونظارة نفرة تابعة من الوجهة المالية إلى مركز المحمودية ، مع العلم بأن القرية التي تسمى منشأة الخزان هي التي تعرف اليوم بعزبة نفرة الحمرة ويقال لها المنشية الحمرة بأراضي نظارة نفرة بمركز المحمودية بمديرية البحيرة.