

قصر العيني
ينسب قصر العيني إلى عائلة واحد من أعلام القرن التاسع الهجري وهو المؤرخ والمحدث والحافظ أبو محمد بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد الحنفي العيني ، واستمد لقبه من بلدته الأصلية (عينتاب) التي كانت تابعة وقتها لمدينة حلب حيث ولد فيها عام 1361 م. ثم رحل إلى حلب ودمشق والقدس ومكة والمدينة لتلقي العلم على المذهب الحنفي ثم استقر به المقام في القاهرة حيث عاش بقية حياته وتوفي فيها عام 1451 م. عن تسعين عاما ..
حظي العيني بعلاقة طيبة مع سلاطين المماليك ومع شيوخ عصره حيث تتلمذ على يد شيخه السيرامي وسراج الدين البلقيني وقربه كل من برقوق والمؤيد شيخ وتدرج في مناصب عديدة منها التدريس في المدرسة الظاهرية وولاية الحسبة ونظارة الأحباس (الأوقاف) وقضاء الحنفية والتدريس بالمدرسة المؤيدية كما تفرغ فترة للتأليف والكتابة ، ومن أشهر تلاميذه ابن تغري بردي والسخاوي والكمال بن الهمام..
نال الحظوة لدى السلطان المؤيد شيخ وكان يدخل عليه في أي وقت شاء ، أما السلطان الأشرف برسباي فقد جعل العيني نديماً له وكان يجلس معه بالساعات الطوال يتعلم منه ويقول : (لولا القاضي العيني ما حسن إسلامنا ولا عرفنا كيف نسير في المملكة) ، ومن مؤلفاته عمدة القارىء في شرح صحيح البخاري ومنحة السلوك في الفقه الحنفي وعقد الجمان في تاريخ أهل الزمان وهو موسوعة ضخمة في التاريخ ..
دفن بجوار مدرسته وترك ميراثا ضخما من الأراضي منها تلك التي بني عليه (قصر العيني) في منيل الروضة بواسطة حفيده شهاب الدين أحمد بن عبد الرحيم بن بدر الدين العيني والمتوفي عام 1503 م. حيث حظي بالقرب من السلطان الظاهر سيف الدين خُشقدم الذي منحه عام 869 هـ إمرة مائة وتقدمة ألف وهي أعلى رتبة عسكرية للمماليك ثم جعله أميرًا على الحج ثم عُينه مسؤولًا عن إسطبلات السلطان ..
بنى شهاب الدين قصر العيني على النيل عام 1466 م. الموافق 871 هـ وأقام احتفالًا كبيرا بهذه المناسبة دعا فيه السلطان وأعيان الدولة ، وفي عهد قايتباي تمت مصادرة القصر بعد خلاف مع العيني وتحول إلى قصر للضيافة وكان من أحسن المتنزهات بالقاهرة وظل يتمتع بمكانةٍ مرموقةٍ في العصر العثماني ثم اختاره محمد علي ليكون مقرا لأول مستشفى في مصر والتي تعرف اليوم باسم مستشفى قصر العيني ..

بناء قصر العيني
كانت منشية المهراني تتعرض أحيانا للخراب في المحن والأزمات التي حلت بمصر نتيجة نقص النيل وطغيان الرمال على السواحل بالإضافة للفتن والقلاقل التي قامت بها طوائف المماليك، ومن أكبر هذه الأزمات الأزمة التي حدثت سنة 806هـ/1403م وما تلاها، ولكن سرعان ما عاد العمران إليها مرة أخرى وخاصة لما قام الملك المؤيد شيخ بحفر النيل، ومن أجل حماية المنشية عمل المؤيد جسراً بطولها عند الحفر.
ومن الأعمال العظيمة بالمنشأة ما قام به الأمير جاني بلك نائب جده الدوادار، وفقد أنشأ بستانا عظيما كان محله كوم وبركه، وقد انتهى منه بعد شهرين فقط وكان ذلك في شهر ربيع الأول 863هـ، وقد كان كوما خبيثا تتم به بعض الأمراض الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك الوقت من استعماله لأمور الفساد وشرب المسكرات فصار بستانا نزها،
وفي سنة 867هـ/1462 أكمل زراعة البستان وجعل به بحيرة، وكان هذا البستان يقع شمال منشأة المهراني وكانت مساحته 150 فدانا، وكان له باب قريب من خط قناطر السباع (السيدة زينب حاليا) وباب آخر على النيل تجاه الروضة،
وعمل جاني بك بطرف بستانه على النيل قبتين واحدة كبيرة والأخرى صغيرة، وعمل رصيفا على النيل، وانزل بالقبتين جماعة من صوفية الأعاجم وأجرى عليهم الرواتب الهائلة وأوقف عليهم أوقافا كثيرة، وقد أقام جاني بك احتفالات كبيرة ببستانه وقبتيه، وقد استخدمت تلك القبتان كمتنزه عظيم بقية العصر المملوكي وطوال العصر العثماني.
وعمرت المنشأة عمارة عظيمة وهوت إليها القلوب والأفئدة للتنزه والاستمتاع بأوقات حسنة خصوصا بعد أن أنشأ بها الأمير شهاب الدين أحمد بن العيني قصرا عظيما يطل على النيل بجوار بستان جاني بك بجوار القبتين في سنة 871هـ/1466م، وكان هذا القصر والبساتين حوله وقبتا جاني بك متنزهات عظيمة للسلاطين والولاة والأمراء والناس جميعا في العصرين المملوكي والعثماني.
وقد غلب اسم قصر العيني على المنطقة منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وكان السلطان قايتباى (872 -901هـ/1468 – 1496م) كثير التنزه بالمنطقة وقد أمر باصلاح جامع يسمى جامع الرحمة ببستان نائب جدة.
وفي العصر العثماني كان القصر العيني محطة استقبال لولاة مصر العثمانية، وعمرت قبتا جاني بك طول العصر، واستخدمت كتكية عظيمة لطائفة المتصوفة البكتاشية، وكانت منطقة القصر العيني من المناطق المفضلة لسكنى العديد من الأمراء ذوى النفوذ في القرن 11هـ/17م وكانوا يدعون الباشا إلى هناك لحضور حفلات باذخة، وقرب نهاية القرن كان يأتي للاقامة هناك الباشوات المعزلون أو الحديثو التعيين بدلا من الاقامة داخل القاهرة.
وقد أجريت على القصر العيني عدة عمارات ففي سنة 1083هـ/1672م أنشأ والى مصر إبراهيم باشا كتخدا الوزير قصرا في الركن الجنوبي، كما ضم إليه الوالي عبدالرحمن باشا قصرا آخر في سنة 1088هـ/1677م. كما كانت المنطقة تحتوى في النصف الثاني في القرن 11هـ/17 على ثلاثة واربعين مقعدا أو منظرة تطل على النيل كما ذكر الرحالة التركي أوليا شلبي.
وقد ذكر علي مبارك في خططه أن تكية القصر العيني فيها قبتان مفروشتان بالرخام والترابيع (وهما قبتا جاني بك)، وقد ألحق حسين قبودان بإحدى القبتين سبيلا سنة 1197هـ/ 1783م وكان للتكية فدانان فيهما النخيل والأشجار، وفي سنة 1201هـ/1787م عمر التكية حسن باشا فبنى أسوارها وأسوار الغيطان الموقوفة عليها المحيطة بها وأنشأ بها صهريجا وأنشأ بجانبها مصلى.
وفي أثناء الحملة الفرنسية على مصر ( 1213 -1216هـ/1798 -1801م) حولوا القصر إلى مستشفى وزوده بالحصون، ثم أقام محمد علي باشا قشلاق للجند في سنة 1228هـ/1812م ومبنيين بعد ذلك سنة 1253هـ/1837م وجعل كل ذلك مستشفى.
وبالنظر إلى خريطة الحملة الفرنسية للموقع نجد أن منشية المهراني عبارة عن أراضي زراعية وبساتين يتوسطها القصر العيني وبيوت قليلة حوله مثل بيت مصطفى بك شمالا وبيت محمد كاشف الأرناووط جنوباً.

منشأة المهراني (المنيرة وقصر العيني)
ذكر خط منشأة المهرانيّ : خط منشأة المهراني، وهو الخط الثاني، أنشأه سيف الدين بلبان المهراني ناظر اصطبلات الملك الظاهر بيبرس في سنة 671هـ – 1272 وكانت تقع عند كلية طب قصر العيني ويحدها من الجنوب فم الخليج ومن الشرق الخليج المصري ومن الشمال شارع بستان الفاضل ومن الغرب خور منيل الروضة.
وتلي منشأة المهراني موردة الحلفا وكانت من أهم متنزهات مصر في العصرين المملوكي والعثماني وذلك لوقوع الاحتفال بمهرجان وفاء النيل وكسر سد الخليج بها ، ظهرت أرض منشأة (منشية) المهراني أول مرة نتيجة انحسار النيل بعد سنة 500 هـ/1106م،
وقد عمرت في زمن الدولة الأيوبية حيث أقام القاضى الفاضل عبدالرحيم بن علي البيساني جامعا وبستانا عظيما بها، وعمرت الدور حينئذ بجوار الجامع فقيل لها منشأة الفاضل، وكان بستان الفاضل يغذى القاهرة بالعنب والثمار، وظلت المنشأة عامرة حتى طغى النيل عليها فخبت سنة 660هـ/1262م.
وقد عين المقريزي موقع منشأة المهراني وتحدث عن تعميرها في العصر المملوكي فقال : أن موضعها فيما بين النيل والخليج وفيها من الحمراء القصوى فوهة الخليج، انحسر عنها ماء النيل قديما وعرف موضعها بالكوم الأحمر من أجل أنه كان يعمل فيها أقمنة الطوب، فلما سأل الصاحب بها الدين بن حنا الملك الظاهر بيبرس في عمارة جامع بهذا المكان ليقوم مكان الجامع الذي كان بمنشأة الفاضل أجابه إلى ذلك وانشأ الجامع بخط الكوم الأحمر.
وأنشأ هناك الأمير سيف الدين بلبان المهراني دارا وسكنها وبنى مسجدا فعرفت هذه الخطة به وقيل لها منشأة المهراني، فإن المهراني المذكور أول من ابتنى فيها بعد بناء الجامع، وتتابع الناس في البناء بمنشأة المهراني وأكثروا من العمارة حتى يقال أنه كان بها فوق الأربعين من أمراء الدولة سوى من كان هناك من الوزراء وأماثل الكتاب وأعيان القضاة ووجوه الناس، ولم تزل على ذلك حتى انحسر الماء من الجهة الشرقية فخربت وبها الآن بقية يسيرة من الدور.
وذكر “المقريزي” المنشية وعين حدودها وما يجاورها في مواضع أخرى في الخطط. وذكر “ابن دقماق” منشية المهراني ففي كلامه عن الروضة قال “أن جامع الفخر (جامع قايتباى حاليا) بآخر الروضة عن المنيل تجاه طرف منشية المهراني” وكذلك ذكر ” ابن دقماق” أسماء العديد من المساجد والمدارس التي بنيت في منشية المهراني، وذكر أيضا أن الملك الظاهر بيبرس أمر بعمل جامع بها سنة 671هـ/1272م ولكن المؤرخ ” ابن تغرى بردى” ذكر أنه قد أقيمت الخطبة بجامع الظاهر هذا يوم الجمعة ثامن عشر من شهر ربيع الآخر سنة 669هـ/1270م.
وقال “القلقشندي” عن منشأة المهراني أيضا ” ويبدو في آخر الفسطاط وهذه الجزيرة (يقصد الروضة) على فوهة خليج القاهرة حيث السد الذي يفتح عند وفاء النيل مكان كالجزيرة يعرف بمنشأة المهراني، وكان كوما يحرق فيه الآجر يعرف بالكوم الأحمر عدة القضاعي في جملة كيمان الفسطاط، وقال صاحب ايقاظ المتغفل وأول من ابتدأ العمارة يلبان المهراني في الدولة الظاهرية بيبرس فنسبت المنشأة هذه إليه”.
ومن خلال ما ذكر نقول أن منشأة المهراني تشغل اليوم المنطقة التي تحد اليوم من الغرب بسيالة الروضة ومن الجنوب بميدان ومنتزه فم الخليج اللذين حلا محل فم الخليج المصري، والحد الشرقي يتمثل في خط يصل بين شارع العيون جنوبا حتى أول شارع المنيرة شمالا، والحد الجنوبي يتمثل في شارع بستان الفاضل وما في امتداده أي شارع الدكتور حندوسة (شارع مستشفى اللادى كرومر سابقا) حتى كوبرى القصر العيني (كوبرى محمد علي سابقا).
وكانت منشية المهراني عامرة عمارة كبيرة في العصر المملوكي، وكانت تحوى مساجد ومدارس كثيرة، وحمامات عامرة مثل حمام ابن الحوافر المتوفى 657هـ، وخانقاوات مثل خانقاة ارسلان الدوادار المتوفي 717 هـ/ 1317م ، وكان للسلطان الملك المؤيد شيخ معصرة في منشأة المهراني لاستخلاص السكر والعسل.
المراجع : عبد الرحمن زكي ، موسوعة مدينة القاهرة في ألف عام ، د. محمد الششتاوي، متنزهات القاهرة في العصرين المملوكي والعثماني

فم الخليج
جاء في الخطط المقريزية : ” ذكر ما بين بولاق ومنشأة المهراني : وكان فيما بين بولاق ومنشأة المهراني خط فم الخور، وخط حكر ابن الأثير، وخط زريبة قوصون، وخط الميدان السلطانيّ بموردة الملح، وخط منشأة الكتبة.
فأمّا فم الخور، فكان فيه من المناظر الجليلة الوصف عدّة تشرف على النيل، ومن ورائها البساتين، ويفصل بين البساتين والدور المطلة على النيل شارع مسلوك، وأنشئ هناك حمّام وجامع وسوق، وقد تقدّم ذكر الخور، وأنشأ هناك القاضي علاء الدين بن الأثير دارا على النيل، وكان إذ ذاك كاتب السرّ، وبنى الناس بجواره، فعرف ذلك الخط بحكر ابن الأثير، واتصلت العمارة من بولاق إلى فم الخور، ومن فم الخور إلى حكر ابن الأثير، وما برح فيه من مساكن الأكابر من الوزراء والأعيان، ومن الدور العظيمة ما يتجاوز الوصف.
وأما الزريبة فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون، لما وهب البستان الذي كان بالميدان الظاهريّ للأمير قوصون أنشأ قدّامه على النيل زريبة، ووقفها، فعمر الناس هناك حتى انتظمت العمارة من حكر ابن الأثير إلى الزريبة، وعمر هناك حمّام وسوق كبير، وطواحين وعدّة مساكن اتصلت باللوق.
وأما زريبة السلطان، فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون لما عمر ميدان المهاري المجاور لقناطر السباع الآن، أنشأ زريبة في قبليّ الجامع الطيبرسيّ، وحفر لأجل بناء هذه الزريبة البركة المعروفة الآن بالبركة الناصرية، حتى استعمل طينها في البناء، وأنشأ فوق هذه الزريبة دار وكالة وربعين عظيمين، جعل أحدهما وقفا على الخانقاه التي أنشأها بناحية سرياقوس، وأنعم بالآخر على الأمير بكتمر الساقي،
فأنشأ الأمير بكتمر بجواره حمّامين، إحداهما برسم الرجال والأخرى برسم النساء، فكثر بناء الناس فيما هنالك حتى اتصلت العمارة من بحريّ الجامع الطيبرسيّ بزريبة قوصون، وصار هناك أزقة وشوارع ودروب ومساكن، من وراء المناظر المطلة على النيل، تتصل بالخليج. وأكثر الناس من البناء في طريق الميدان السلطانيّ، فصارت العمائر منتظمة من قناطر السباع إلى الميدان، من جهاته كلها، وتنافس الناس في تلك الأماكن وتغالوا في أجرها.
وعمر المكين إبراهيم بن قزوينة ناظر الجيش في قبليّ زريبة السلطان، حيث كان بستان الخشاب، دارا جليلة. وعمر أيضا صلاح الدين الكحال، والصاحب أمين الدين عبد الله بن الغنام، وعدّة من الكتاب، فقيل لهذه الخطة منشأة الكتاب، وأنشأ فيها الصاحب أمين الدين خانقاه بجوار داره، وعمر أيضا كريم الدين الصغير، حتى اتصلت العمارة بمنشأة المهراني،
فصار ساحل النيل من خط دير الطين قبليّ مدينة مصر إلى منية الشيرج بحريّ القاهرة، مسافة لا تقصر عن أزيد من نصف بريد بكثير، كلها منتظمة بالمناظر العظيمة، والمساكن الجليلة، والجوامع، والمساجد، والخوانك، والحمامات، وغيرها من البساتين، لا تجد فيما بين ذلك خرابا البتة، وانتظمت العمارة من وراء الدور المطلة على النيل حتى أشرفت على الخليج “.

باب اللوق (حي التتار)
في عام 660 هـ / 1262 م قرر السلطان بيبرس تعمير أرض اللوق وتحويلها إلى منطقة سكنية وذلك لاستيعاب ثلاثة آلاف فارس من التتار المستأمنين الذين أسلموا وقدموا إلى مصر تباعا مع نسائهم وأولادهم قاصدين الدخول في طاعة السلطان والخدمة في الجيش المملوكي ، وكان لهم دور كبير بعد ذلك حيث دعموا الناصر محمد بن قلاوون لأن والدته هي السيدة خوند أشلون بنت الأمير نكاي نوين أحد أعيان قبائل المغول وكذلك ساندوا العادل كتبغا في الوصول للسلطنة لأنه مغولي الأصل.
وقد جاءت تفاصيل ذلك في الخطط المقريزية ونقلها عنه علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية فقال : ” سكنى التتر فى اللوق : وأول ما بنيت الدور للسكنى فى اللوق فى أيام ملكه وذلك أنه جهّز كشافا من خواصه مع الأمير جمال الدين الرومى السلاحدار والأمير علاء الدين آق سنقر الناصرى ليعرف أخبار هولاكو ومعهم عدة من العرب ، فوجدوا بالشام طائفة من التتر مستأمنين وقد عزموا على قصد السلطان بمصر فلما وردت الأخبار بذلك إلى مصر كتب السلطان إلى نواب الشام بإكرامهم وتجهيز الإقامات لهم وبعث إليهم بالخلع والإنعامات.
وأمر بعمارة دور فى أرض اللوق لإنزالهم فيها فوصلوا إلى ظاهر القاهرة وهم ينيفون على ألف فارس بنسائهم وأولادهم فى يوم الخميس الرابع والعشرين من ذى الحجة سنة ستين وستمائة ، فخرج السلطان يوم السبت السادس والعشرين منه إلى لقائهم بنفسه ومعه العساكر فلم يبق أحد حتى خرج لمشاهدتهم فاجتمع عالم عظيم وكان يوما مشهودا فأنزلهم السلطان فى الدور التى كان قد أمر بعمارتها من أجلهم وعمل لهم دعوة عظيمة هناك وحملت إليهم الخلع والخيول والأموال.
وركب السلطان إلى الميدان وأركبهم معه للعب الكرة وأعطى كبراءهم إمرات فمنهم من عمله أمير مائة ومنهم دون ذلك وأنزل بقيتهم منزلة البحرية وصار كل منهم من سعة الحال كالأمير فى خدمته الأجناد والغلمان وأفرد لهم عدة جهات برسم مرتبهم وكثرت نعمهم وتظاهروا بدين الإسلام ، فلما بلغ التتار ما فعله السلطان مع هؤلاء وفد عليه منهم جماعة بعد جماعة وهو يقابلهم بمزيد الإحسان فتكاثروا فى بلاد مصر وتزايدت العمائر فى اللوق وما حوله.
ولما قدمت رسل القان بركة خان ابن عم هولاكو سنة إحدى وستين وستمائة أنزلهم السلطان الملك الظاهر باللوق وعمل لهم مهما عظيما وصار يركب كل سبت وثلاثاء للعب الكرة باللوق ، وفى هذه السنة قدم من المغل والبهادرية زيادة على ألف وثلثمائة فارس فأنزلوا فى مساكن عمّرت لهم باللوق بأهاليهم وأولادهم ، وفى هذه السنة أيضا قدمت رسل الملك بركة خان ورسل الأشكرى فعملت لهم دعوة عظيمة باللوق فمن هذا يعلم أن جهة اللوق نشأت فيها العمارة فى زمنه على نفقته واتسعت بمدته “.
وكلمة اللوق في الأصل تعني الأرض اللينة التي يغمرها الفيضان ثم انحسر النيل عنها في عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي حيث تعذر البناء عليها فقام القاضي الفاضل بشراء قطعة منها وعمرها وجعلها وقفا على العين الزرقاء بالمدينة المنورة ، ثم قام الشريف فخر الدين بن ثعلب الجعفري بإنشاء بستان كبير مساحته خمسة وسبعين فدانا وفي داخله مندرة (منظرة) وعدة مساكن وعرفت ببستان ابن قريش.
وقام ابنه الأمير حصن الدين ثعلب ببيعه للسلطان الصالح نجم الدين أيوب بثلاثة آلاف دينار مصرية وذلك في رجب سنة 643 هـ حيث بنى حوله سورا وفيه باب جليل عرف باسم باب اللوق ، ثم قام بيبرس باستقطاع غالبية مساحة هذه الأراضي وما حولها لتكون سكنا للتتار وبقيت منه قطعة بستان صغيرة على شاطيء الخليج الناصري للأمير المغولي أرغون شاه نائب السلطنة في عهد أبناء محمد بن قلاوون.
وفي ذلك يقول المقريزي : ” وأما باب اللوق فإنه كان هناك إلى ما بعد سنة أربعين وسبعمائة بمدّة ، باب كبير عليه طوارق حربية مدهونة على ما كانت العادة في أبواب القاهرة وأبواب القلعة وأبواب بيوت الأمراء وكان يقال له باب اللوق ، فلما أنشأ القاضي صلاح الدين بن المغربيّ قيساريته التي بباب اللوق وجعلها لبيع غزل الكتان هدم هذا الباب وجعله في الركن من جدار القيسارية القبليّ مما يلي الغربيّ ، وهذا هو باب الميدان الذي أنشأه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل لما اشترى بستان ابن ثعلب “.


رباط أثر النبي
أصلها عزبة قديمة من ضواحي مصر القديمة عرفت بذلك الاسم نسبة إلى مسجد الآثار النبوية الموجود بهذه القرية ، وفي تاريخ سنة 1228 هـ ضمت الأراضي الزراعية الواقعة في منطقة البستان المعشوق وبركة شطا وبركة الشعيبية إلى بعضها وتكون منها زمام خاص باسم ناحية أثر النبي.
وإنما قيل له رباط الآثار لأن فيه قطعة خشب وحديد يقال إن ذلك من آثار رسول الله ﷺ اشتراها الصاحب تاج الدين بن حنا بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بنى إبراهيم أهل ينبع وذكروا : أنها لم تزل عندهم موروثة من واحد إلى آخر إلى رسول الله ﷺ، وحملها إلى هذا الرباط.
جاء في الخطط التوفيقية : ” أثر النبي : هذه القرية من مديرية الجيزة على الشاطئ الشرقى للنيل ملاصقة لدير الطين من جهة الشمال بجوار مصر القديمة ، بها حجر فيه هيئة أثر قدم يزعم الناس أنه أثر قدم النبى ﷺ.
وهو فى داخل جامع بناه الملك الظاهر مدة ولايته وبنى به قبة على ذلك الأثر ، وهو مشهور يزار إلى الآن وهذه القبة مزينة بالقيشانى ، وبها شبابيك مصنوعة بالجبس والزجاج الملون ، وأرضها مفروشة بالرخام وبها قبلة صغيرة يكتنفها عمودان من الرخام ، ووجه محل القدم من الرخام المنقوش بعمودين صغيرين من الرخام ، وبأعلاه لوح رخام فيه كتابة تركية وسقف الجامع على أربعة أعمدة وقبلته من الحجر ، وله منارة قصيرة وميضأة وخلا ، وتملأ من البحر ويتبعه سبيل متخرب به لوح رخام منقوش فيه بالقلم التركى تاريخ سنة سبع وسبعين وألف ، وله مرتب بالروزنامجة ألفا قرش كل سنة تقام منها شعائره بنظر الشيخ على محسن.
وفى نزهة الناظرين أن إبراهيم باشا الوزير المتولى على مصر سنة إحدى وسبعين وألف ، جددّ هذا الجامع ووسعه ، وبنى تحته رصيفا لدفع ماء النيل عن بنائه ، ورتب له مائة عثمانى وأرصد له طينا ، وعين به قراء ووظائف وحراسا قاطنين به ، وشرط النظر لمن يلى أغاوية الينكجربة بمصر المحروسة انتهى.
وفى تاريخ الجبرتى من حوادث سنة أربع وعشرين ومائتين وألف هـ ، أن فى شهر رجب تقيد الخواجة محمود حسن بزرجان باشا بعمارة المسجد الذى يعرف بالآثار النبوية ، فعمره على وضعه القديم ، وقد كان آل إلى الخراب انتهى.
وأطيانها قليلة ويزرع فيها الذرة والقمح والشعير وقليل من القرطم ، وفيها مضيفة وثلاث أرحية تديرها الدواب ، وبجوارها من بحرى موردة عند جميز العبيد ، ترسو فيها المراكب الواردة من جهة قبلى ، وبها قصر ديوان أفندى بداخله جنينة وهو الآن فى ملك سعد أبى رابية.
وفى الجبرتى أن العزيز محمد على بنى بها قصرا فى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وألف هـ ، وسببه أنه بات بها ليلتين فى قصر كان بها قديم فأعجبه هواؤها فأمر ببناء القصر وفرشه وزخرفه ، وجعل يتردد إليه ويبيت به فى بعض الأحيان كما كان يفعل ذلك فى قصر الجيزة وشبرى والقلعة والأزبكية وغيرها ، والظاهر أنه هو هذا القصر المنسوب إلى ديوان أفندى ، وبجوارها من بحرى على شاطئ البحر مدابغ كان محلها ورشة رخام ، وفى مقابلتها من الجهة الشرقية دير يعرف بدير الملاك ، فيه مدرسة لتعليم أطفال النصارى ، وبه نخيل وأشجار وبئر تعتقد النساء أن من وقفت عن الحمل واغتسلت فيها فإنها تحمل ، واكتساب أهاليها من صناعة نحت الأحجار “.

منيل الروضة
قرية حديثة أنشئت في جزيرة الروضة في العهد العثماني ، والجزيرة وردت في قوانين الدواوين باسم الروضة من ضواحي القاهرة باعتبار أنها من النواحي ذات الوحدة المالية المقرر على أرضها الخراج ، وفي تاريخ سنة 1228 هـ قيدت أطيان هذه الجزيرة باسم منيل الروضة.
ويستفاد مما ذكره المقريزي في خططه عند ذكر الروضة ، أن الروضة هو اسم يطلق على الجزيرة الواقعة في النيل بين مدينة مصر (مصر القديمة) وبين مدينة الجيزة ، عرفت في أول الإسلام بالجزيرة وبجزيرة الفسطاط وجزيرة مصر ، ولما أنشىء فيها المقياس سنة 247 هـ عرفت بجزيرة المقياس ، ثم لما أنشأ فيها أحمد بن طولون الحصن سنة 263 هـ عرفت بجزيرة الحصن.
ولما قدم المعز لدين الله من بلاد المغرب سنة 362 هـ اتخذها متنزها له ومن بعده لخلفائه فعرفت بروضة مصر ، وصارت الجزيرة مدينة عامرة بالناس لها وال وقاض ، وكان يقال في الديوان : القاهرة ومصر والجزيرة ، وقال الكندي : وتعرف قديما بجزيرة الصناعة لأنه كان بها دار الصناعة الخاصة بإنشاء وتعمير السفن والمراكب من سنة 54 هـ إلى سنة 323 هـ ، ووردت في المسالك لابن حوقل باسم الجزيرة.
وذكرها المقدسي في كتاب أحسن التقاسيم فقال : الجزيرة خفيفة الأهل يقع الجامع والمقياس على طرفها عند الجسر مما يلي المصر (مصر القديمة) وبها بساتين ونخيل ومتنزه أمير المؤمنين عند الخليج (سيالة الروضة) بموضع يسمى المختارة ، ولما تكلم عن مدينة الجيزة قال : ويلقى الخليج العمود (أي النيل) تحت الجزيرة عند المختارة.
وفي سنة 488 هـ أنشأ الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي في هذه الجزيرة مكانا نزها سماه الروضة ، ومن ذاك الوقت صارت الجزيرة تعرف بالروضة ، وذكرها الإدريسي في نزهة المشتاق فقال : ومن شاء الانحدار من مصر إلى الإسكندريةخرج من مصر منحدرا إل جزيرة المقياس ومنها إلى نبابة (إمبابة) وهما مدينتان بين شطي النيل كانتا برسم تربية الوحوش فيهما في مدة الأمير صاحب مصر ويقصد به الأمير أحمد بن طولون.
ووردت في الانتصار لابن دقماق باسم الروضة وكانت في زمنه تابعة لمدينة مصر (مصر القديمة) ولا تزال تعرف إلى اليوم باسم جزيرة الروضة وفي دفتر المساحة والمكلفة باسم منيل الروضة.
ويقول المقريزي عن مقياس النيل في جزيرة الروضة أن أول من بناه هو الوالي أسامة بن زيد التنوخي بأمر الخليفة سليمان بن عبد الملك وذلك في سنة 97 هـ ، ثم جدده الوالي يزيد بن عبد الله بأمر الخليفة المتوكل سنة 247 هـ. ، وبها كانت دار الصناعة يعني صناعة السفن الحربية ، وبها كان الجنان والمختار ، وبها كان الهودج الذي بناه الخليفة الآمر بأحكام الله لمحبوبته البدوية ، وبها بنى الملك الصالح نجم الدين أيوب القلعة الصالحية.
المرجع : كتاب القاموس الجغرافي للبلاد المصرية / محمد بك رمزي

بركة الفيل (الحلمية)
في القرن التاسع عشر الميلادي قرر الوالي عباس باشا حلمي الأول بناء سراي ضخمة وميدان فسيح في منطقة كانت تعرف قديما باسم بركة الفيل وذلك على أنقاض بيوت المماليك الذين كانوا يسكنون فيها قديما ، وبعد وفاته آلت ملكيتها إلى أمينة هانم إلهامي زوجة الخديوي توفيق وحفيدة عباس حلمي الأول وأم عباس حلمي الثاني والتي تعرف بلقب أم المحسنين.
وفي أوائل القرن العشرين تم هدم السراي وتقسيم الأرض إلى شوارع وقطع للبناء ، وقد سكن في الحلمية الجديدة الكثير من أعيان ذلك الزمان مثل رياض باشا ناظر النظار ، وأحمد باشا تيمور ، وعبد الله باشا فكري وغيرهم ، والذين تحمل بعض شوارع الحي أسماءهم حتى الآن.
جاء في القاموس الجغرافي : ” جزيرة الفيل : وردت في التحفة وفي قوانين الدواوين من ضواحي القاهرة باعتبار أنها من النواحي ذات الوحدة المالية المقررة على أراضيها الخراج سنويا.
ويستفاد مما ذكره ابن دقماق في كتاب الانتصار عند الكلام على بركة الفيل (ص 45 ج 5) ومما ذكره المقريزي في خططه عند الكلام عن هذه البركة (ص 161 ج 2) أنها بركة كبيرة ظاهر القاهرة تمتد من بستان الحبانية إلى بستان سيف الإسلام إلى تحت الكبش إلى الجسر الأعظم الفاصل بينها وبين بركة قارون ومناظر الكبش مطلة عليها ، وأنه لما أنشأ جوهر القائد مدينة القاهرة كانت البركة تجاهها خارج باب زويلة فيما بين القاهرة ومصر ولم يكن عليها مبان ثم عمر الناس حولها بعد سنة 600 هـ.
وأقول إن بركة الفيل لم تكن بركة عميقة فيها ماء راكد بالمعنى المفهوم الآن من لفظ بركة وإنما كانت تطلق على أرض زراعية يغمرها ماء النيل سنويا وقت الفيضان وكانت تروى من الخليج المصري وبعد نزول الماء تنكشف الأرض وتزرع أصنافا شتوية فكان أشهر محصولاتها القرط وهو البرسيم حيث كان يستهلك في تغذية دواب القاهرة.
وكانت بركة الفيل معتبرة في دفاتر المساحة من النواحي المربوطة على أراضيها الخراج ولم يحذف اسمها من جداول أسماء النواحي إلا بعد أن تحول معظم أراضيها إلى مساكن ، فقد تحولت أراضيها من الزراعة إلى السكن من سنة 620 هـ ولم يبق من أرض البركة من غير بناء إلى سنة 1215 هـ / 1800 م. التي رسمت فيها الحملة الفرنسية خريطة القاهرة إلا قطعة أقيم عليها فيما بعد سراي عباس باشا حلمي الأول والي مصر والمعروفة بسراي الحلمية وحديقتها الكبيرة.
وفي سنة 1894 م. قسمت أراضي الحديقة ، وفي سنة 1902 م. هدمت السراي وقسمت أراضيها أيضا وبيعت جميع القطع وأقيم عليها عمارات حديثة تعرف بين أخطاط القاهرة بالحلمية الجديدة.
وأما سبب تسميتها بركة الفيل فهو لأن الأمير خمارويه بن أحمد بن طولون كان مغرما باقتناء الحيوانات من السباع والنمور والفيلة والزرافات وغيرها وأنشأ لكل نوع منها دارا خاصة له ، وكانت دار الفيلة واقعة على حافة البركة من الجهة القبلية الشرقية حيث شارع نور الظلام ، وكان الناس يقصدون البركة للنزهة والفرجة على الفيلة فاشتهرت بينهم ببركة الفيل من وقتها إلى اليوم “.

ميدان الرميلة
مسجد الرفاعي الموجود اليوم في ميدان الرميلة بجوار جامع السلطان حسن بني حديثا على أنقاض زاوية قديمة للمتصوف الشيخ علي أبو شباك الرفاعي في العصر الأيوبي والتي بنيت أيضا على أنقاض مسجد أقدم منه عرف باسم مسجد الذخيرة واشتهر عند العوام باسم مسجد (لا بالله) وله قصة طريفة حيث كان بناؤه على يد ذخيرة الملك جعفر بن علوان صاحب الشرطة في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله الفاطمي ..
وعندما أضيفت إليه نظارة الحسبة بولاية القاهرة إلى عمل الشرطة قرر أن يبني مسجدا يخلد ذكره وينافس به الجامع الأقمر الذي بناه الخليفة في شارع بين القصرين ، لكنه قرر أن يجند الناس بالسخرة لبناء المسجد فكان يقبض عليهم في الطرقات ويسوقهم الجنود إلى العمل قسرا في المسجد غير عابىء بقولهم (لا بالله) والتي تعني رفضهم العمل فأطلقوا عليه هذا الاسم وكانت نهاية صاحبة عبرة ..
جاء في الخطط المقريزية : مسجد الذخيرة .. هذا المسجد تحت قلعة الجبل بأوّل الرميلة تجاه شبابيك مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاون التي تلي بابها الكبير الذي سدّه الملك الظاهر برقوق ، أنشأه ذخيرة الملك جعفر متولي الشرطة .. قال ابن المأمون في تاريخه : في هذه السنة يعني سنة ست عشرة وخمسمائة استخدم ذخيرة الملك جعفر في ولاية القاهرة والحسبة بسجل أنشأه ابن الصيرفيّ ..
وجرى من عسفه وظلمه ما هو مشهور وبنى المسجد الذي ما بين الباب الجديد إلى الجبل الذي هو به معروف وسمّي (مسجد لا باللّه) بحكم أنه كان يقبض الناس من الطريق ويعسفهم فيحلفونه ويقولون له لا باللِّه ، فيقيدهم ويستعملهم فيه بغير أجرة ولم يعمل فيه منذ أنشأه إلاّ صانع مكره أو فاعل مقيد وكان قد أبدع في عذاب الجناة وأهل الفساد وخَرَجَ عن حُكْمِ الكِتَابِ فابتلى بالأمراض الخارجة عن المعتاد ..
ومات بعدما عجل الله له ما قدّمه وتجنب الناس تشييعه والصلاة عليه وذكر عنه في حالتي غسله وحلوله بقبره ما يُعيذ اللّه كلّ مسلم من مثله ، وقال ابن عبد الظاهر : مسجد الذخيرة تحت قلعة الجبل وذكر ما تقدّم عن ابن المأمون ، وكُتبت عليه هذه الأبيات المشهورة : (بنى مسجداً للّه من غيرِ حِلِّهِ …. وكانَ بحمدِ اللَّهِ غيرُ موفق …. كَمُطعِمَةِ الأيتام مِن كدِّ فرجِها …. لكِ الويلُ لا تزني ولا تتصدّقي) ..