
الشيخ علم الدين بن محمود العدوي
زعيم قبيلة بني عدي وشيخ عربان منفلوط وأسيوط وحاكم الصعيد الأوسط في العصر العثماني ، الشيخ علم الدين بن محمود دقيلة العدوي والذي لعب دورا كبيرا في مرحلة مفصلية من تاريخ مصر عندما حشد جيوشه بعد هزيمة مرج دابق للانتقام من المماليك بسبب ما فعلوه في بني عدي عام 874 هـ أثناء ثورتهم الكبرى عندما أحرقوا والده الشيخ محمود حيا وأعدموا أربعين شهيدا من سادة القبيلة ودمروا القرية ونهبوها ..
يقول ابن إياس عن ذلك في كتاب بدائع الزهور : ” في شهر المحرم خرج الأمير يشبك الدوادار إلى الوجه القبلي بسبب جمع الغل من البلاد القبلية وعاد في شعبان وكانت مدة غيبته نحوا من سبعة أشهر ، ففعل ببلاد الصعيد من المظالم ما لم يسمع بمثله حتى أنه شوى بالنار محمودا شيخ بني عدي وخوزق من عربه جماعة وسلخ جلد جماعة ودفن جماعة في التراب وهم أحياء وفعل من أنواع العذاب ما لم يفعله أحد قبله ” ..
وبينما كان الشيخ علم الدين العدوي يستعد للزحف على القاهرة أتته الأخبار بهزيمة طومان باي في معركة الريدانية وانتصار العثمانيين حيث دارت المراسلات بين السلطان سليم الأول وكبار شيوخ العرب في الصعيد وهم هوارة وبني عدي وعزالة حيث قرر تكليفهم بحكم الصعيد فقسمت الإمارة بينهم فكانت هوارة في الجنوب وعزالة في الشمال وتولت قبيلة بني عدي إدارة الصعيد الأوسط من البهنسا وحتى منفلوط ..
وذكر ابن زنبل الرمال تكليف شيوخ العرب الكبار بتولي الإمارة في نواحي مصر فيقول : (خلع السلطان سليم بعد دخوله القاهرة على شيخ العرب حماد شيخ عزالة بإقليم الجيزة وجاء إليه الأمير علي بن عمر شيخ هوارة فخلع عليه بإمارة الصعيد بمدينة جرجا وخلع على علم الدين شيخ بني عدي وكتب لهم التوقيع بذلك وخلع عليهم وانصرفوا) ، وذكر بالتفصيل المراسلات العديدة والتفاويض والهدايا والمنح المتبادلة بينهما ..
وكان النظام الإقطاعي هو السائد في عصر المماليك تأثرا بالسلاجقة والفرنجة فكانت الأرياف مقسمة إقطاعيات للأمراء المماليك ما عدا مناطق محددة انتزعتها القبائل العربية بقوة السلاح في الشرقية والبحيرة والصعيد وذكرت في السجلات الرسمية وكتاب التحفة السنية لابن الجيعان ، فلما جاء العثمانيون تم منح الأرياف بالكامل للقبائل العربية واقتصرت مهمة المماليك على حكم المدن الكبرى على هيئة موظفين ..

الشيخ عبد الجواد المحسن العدوي
عدد كبير من علماء وشيوخ بني عدي يرجع نسبهم لواحد من أعلام القرن التاسع الهجري وهو السيد عبد الجواد المحسن العدوي ، وهو جد كل من إمام المالكية الشيخ محمد البنوفري العدوي المتوفي عام 995 هـ صاحب المسجد المعروف بالاسكندرية والعارف بالله الشيخ أحمد الشهير بالبوشي المتوفي عام 1062 هـ والشيخ محمد صغير المتوفي عام 1110 هـ والشيخ إبراهيم بن خطيب العدوي المتوفي عام 1160 هـ والشيخ الجيوشي المتوفي عام 1211 هـ. صاحب الضريح في منطقة باب الليمون بالظاهر باب الشعرية ..
وجميعهم من أولاد الشيخ طه بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الجواد البنوفري االعدوي المعروف بالمحسن ، وقد ذكره الأستاذ محمد مخلوف في كتابه تاريخ بني عدي في صفحة 521 حيث قال : ” العارف بالله الشيخ عبد الجواد البنوفري ، أبو المكارم الملقب بالمحسن ، العدوي العمري دفين المعلى بالحجاز ، تنتمي إليه عائلات فرغل والجيوشي وعبد الدائم وخراشي ومصطفى عبد الجواد وبنوفري “.
وذكر اسمه محررا في الوثائق الرسمية حيث جاء : ” اشترى بماله المحترم المكرم الشيخ فرغل بن الحاج محمد بن محمد صغير بن العارف بالله الشيخ أحمد الشهير بالبوشي من ذرية الشيخ العارف بالله الشيخ أبي المكارم المحسن عبد الجواد البنوفري العمري العدوي من الحرمة المصونة أم حسن ابنة عيسى أبو شهاب العدوي ما يخصها في إرثها من زوجها الشيخ عبد المطلب بن الشيخ محمد صغير البنوفري العدوي … إلخ “.
وفي عقد بيع موثق ومؤرخ جاء فيه : ” في غرة شهر رمضان المعظم سنة 1267 هـ سبع وستين ومائتين وألف (30 يونيو 1851 م.) أشهدت على نفسها الحرمة المصونة زينب بنت المرحوم علي بن الحاج أحمد بن محمد صغير بن العارف بالله الشيخ أحمد الشهير بالبوشي من ذرية الشيخ العارف بالله الشيخ عبد الجواد الشهير بالبنوفري العدوي أنها باعت ما هو لها وملكها لها بيعه للمحترمين المكرمين … إلخ “.
وقد عاصر المحسن العدوي أحداث ثورة بني عدي الكبرى ضد المماليك ورحل بعدها إلى موطن أبائه في الحجاز حيث وافته المنية في مكة المكرمة ودفن في مقبرة المعلاة بجوار الحرم ، ويحمل الشيخ المحسن لقب البنوفري نسبة إلى قرية بنوفر من أعمال الغربية في وسط الدلتا والتي كانت تجاور قرية العدوية (أبو الغر حاليا) والتي كانت إحدى مصادر الهجرات المستمرة لقبيلة بني عدي من الدلتا إلى الصعيد.
وينسب إلى المحسن العدوي كل من الشيخ فرغل بن محمد صغير المتوفي 1208 هـ والشيخ حسن بن خطيب المتوفي 1204 هـ والشيخ محمد أبو المكارم العدوي المتوفي 1127 هـ والشيخ سليمان خطيب المتوفي 1155 هـ والشيخ فرغل بن محمد فرغل المتوفي 1288 هـ والشيخ حسن خطيب نائب الشرع المتوفي 1196 هـ والشيخ أحمد بن سليمان نائب الشرع المتوفي 1180 هـ ، وتتوزع مقابرهم بين بني عدي ومقابر بستان العلماء بالقاهرة ..
ومن ذريته الشيخ محمد ابوالود بن الشيخ محمد بن الشيخ محمد البنوفري استاذ الشيخ علي الصعيدي العدوي والذي اوصي الشيخ علي الصعيدي ان يدفن بجوار استاذه ابوالود ببستان العلماء بالقاهره ومن ذريته الشيخ فرغل العالم المعروف وهو جد ال فرغل من ذريتة كذلك الشيخ العالم عبدالرحمن قطه البنوفرى العالم المعروف وكذا الشيخ محمد عبدالرحمن قطه العدوى والشيخ احمد محمد قطه والشيخ محمد ابوايوب البنوفري ..
ومن ذريته كذلك كل من الشيخ محمد الطويل البنوفرى صاحب الضريح بقرية العزيه منفلوط والشيخ ابراهيم خطيب صاحب الضريح بالفدان والشيخ سليمان خطيب صاحب الضريح بالفدان والشيخ عبدالمطلب وضريحه بالفدان والشيخ مصطفى بن الشيخ محمد صغير البنوفري والشيخ المعروف حجازي عبدالمطلب البنوفري الشيخ يوسف بن الشيخ محمد ابوالمكارم العدوي والشيخ علي طه المتوفي عام 1933 م.
ومنهم الشيخ حسن محمد فرغل وابنه الدكتور يحي هاشم حسن فرغل والشيخ احمد سيد بنوفري جنيد والشيخ المقرئ العظيم بالاذاعه على محمود جنيد والشيخ محمد سحرب البنوفري والشيخ بنوفري عبدالله بنوفري ، وتنسب إليه عائلات ال ابي عابده وال جنيد وال بنوفري جنيد وال الجيوشي وال خراشي الجيوشي وال مصطفي وال قرعون وال ابو أيوب وال الشيخ علي خطيب وال شلوفه خطيب وال قطه وال فرغل وال عبدالدايم المحسن.

الشيخ محمد بن عنان العمري
صاحب الضريح الموجود في مسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة (أولاد عنان سابقا) هو السيد محمد بن عنان العمري ، ونسبه هو محمد بن أحمد شمس الدين بن سعد بن ابراهيم بن سالم بن علي بن عثمان بن يوسف بن علي حجي بن علي بن خضر بن علي بن عنان بن علي بن عليم بن عبدالرحمن بن عبدالمجيد بن أبى النجا بن أبى بكر شبانه بن أبى القاسم بن عبدالله بن عنان بن أبي العباس بن محمد بن علي بن عليل بن محمد بن عمار العدوي بن يوسف بن يعقوب بن عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
قال تلميذه الشيخ عبد الوهاب الشعرانى فى الطبقات الكبري : ” كان رضي الله عنه من الزهاد العباد وما كنت أمثله وأحواله إلا بطاوس اليماني أو سفيان الثوري وما رأيت في عصرنا مثله ، وكان مشايخ العصر إذاحضروا عنده صاروا كالأطفال في حجر مربيهم ، وكان على قدم في العبادة والصيام وقيام الليل من حين البلوغ ، وكان يضرب به المثل في قيام الليل وفي العفة والصيانة ..
ولما بلغ خبره إلى سيدي الشيخ كمال الدين إمام جامع الكاملية سافر إلى بلاد الشرقية بقصد رؤيته فقط فلما اجتمع به أعجبه عجباً شديداً فأخذ عليه العهد وسافر به إلى سيدي أبي العباس الغمري بالمحلة فآخى بينه وبينه .. وكان رضي الله عنه وقته مضبوطاً لا يتفرغ قط لكلام لغو، ولا لشيء من أخبار الناس ويقول كل نفس مقوم على بسنة ..
وكان يتهيأ لتوجه الليل من العصر لا يستطيع أحد أن يخاطبه إلى أن يصلي الوتر فإذا صلى قام للتهجد لا يستطيع أحد أن يكلمه حتى يضحى النهار ، وكان هذا دأبه ليلا ونهارا شتاء وصيفاً وكنا ونحن شباب في ليالي الشتاء نحفظ ألواحنا ونكتب في الليل ونقرأ ماضينا وهو واقف يصلي على سطح جامع الغمري ثم ننام ونقوم فنجده قائماً يصلي وهو متلفع بحرامه فنقول هذا الشيخ لا يكل ولايتعب هذا والناس من شدة البرد تحت اللحف لا يستطيعون خروج شيء من أعضائهم ..
ومناقب الشيخ رضي الله عنه لا تحصر والله أعلم .. ولما حضرته الوفاة ومات نصفه الأسفل حضرت صلاة العصر فأحرم جالساً خلف الإمام لا يستطيع السجود ثم اضطجع والسبحة في يده يحركها فكانت آخر حركة يده آخر حركة لسانه فوجدناه ميتاً .. وذلك في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة عن مائة وعشرين سنين ودفن بجامع المقسم بباب البحر وصلى عليه الأئمة والسلطان طومان باي وصار يكشف رجل الشيخ ويمرغ خدوده عليها ، وكان يوماً في مصر مشهوداً رضي الله عنه “.
وفي ربوع الدلتا نشأت قرى تنتسب للسادة العنانية مثل كفر عنان مركز زفتى بالغربية وكفر العنانية بجوار برهمتوش بمركز السنبلاوين وكذلك العنانية من أعمال دمياط فضلا عن مسجد أولاد عنان بساحل المقس بالقاهرة وكذلك تأسست عدد من القرى حول أضرحة أوليائهم ..
وكان السيد علي بن عنان بن علي بن عليم العمري قد رحل بأولاده وعشيرته من فلسطين إلى مصر في القرن السابع الهجري واستقر في قرية ميت أبو خالد مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية ومنها انتشر أولاده وأحفاده وذريته في أرجاء الدلتا وهم ..
الأول : يوسف بن عنان (الرشيد) وضريحه بقرية القيطون بميت غمر وأولاده هم : الشيخ عثمان بقرية أوليله بمركز ميت غمر .. الشيخ هارون بضريح والده بقرية القيطون بميت غمر .. الشيخ نصار بأبوطوالة بمنيا القمح بالشرقية .. الشيخ علي ببهنيا بديرب نجم بالشرقية ..
الثاني : خضر بن عنان (أبوالحجاج) وضريحه بجوار مسجده العُمري بقرية بشلا ميت غمر وأولاده هم : الشيخ يوسف وضريحه بقرية البوها مركز ميت غمر .. الشيخ سليمان وضريحه بأجا بالدقهلية .. الشيخ علي بضريح والده ببشلا ميت غمر ..
الثالث : محمد بن عنان (أبو مشعل) بقرية القبة بمنيا القمح بالشرقية و أولاده هم : الشيخ علي بن عنان مع والده بالقبة .. الشيخ محمد شمس الدين بالعقدة مركز منيا القمح .. الشيخ حسن بن عنان بقرية بني شبل مركز الزقازيق .. الشيخ عنان بقرية كرديده مركز منيا القمح ..
ومنهم الشيخ ذو النون بن عنان بقرية النحاس مركز الزقازيق .. الشيخ عبدالله بن عنان بقرية الولجا مركز منيا القمح .. الشيخ أحمد بن عنان بقرية تل حوين مركز الزقازيق .. الشيخ أحمد الصغير بقرية الولجا مركز منيا القمح .. الشيخ كوثر بن عنان بقرية بقطارس مركز أجا ..
الرابع : عمر بن عنان (السطيحه) وضريحه بجوار والده بقرية بميت غمر وأولاده هم : الشيخ يوسف بن عنان بقرية طوخ القراموص بمركز أبوكبير بالشرقية .. الشيخ خضر بميت أبوخالد ميت غمر بالدقهلية .. الشيخ محمد بن عنان بقرية طصفا بمركز كفر شكر بالقليوبية ..
ومن العنانية الشيخ محمد أبو صبابه والشيخ إبراهيم والشيخ محمد والشيخ علي حجى ببشلا وأحمد شمس الدين وعبد القادر بن عنان ببرهمتوش بالسنبلاوين وعلي بن عنان بمدينة أجا وابن عنان بكفر الشراقوه مركز أجا وعبدالقادر بن عنان بكفر عنان زفتى بالغربية ومحمد بن عنان بالحمراوي بكفر الشيخ ..
واشتهر منهم الولي الأكرم محمد بن عنان العمري شيخ أئمة عصره ودرة زمانه في الورع والزهد والمتوفي عام 922 هـ وهو صاحب الضريح بمسجد أولاد عنان (جامع الفتح حاليا) بميدان رمسيس بالقاهرة ، ووقف السادة العنانية المسجل بوزارة الأوقاف المصرية فى ذريته والتى كانت تتناوب على تولى مشيخة السجادة العنانية العمرية حتى يومنا هذا ..


الشيخ البنوفري العدوي
المسجد المعروف باسم البنوفري في حي الجمرك بالإسكندرية كان في الأصل زاوية ورباطا لشيخ المذهب المالكي في القرن العاشر الهجري العلامة الإمام الفقيه أبي عبد الله محمد بن سلامة البنوفري العدوي ، وكان يرابط فيه أربعة أشهر من كل عام حيث يجلس إليه التلاميذ والمريدون فيستمعون إليه ، وقد غلب عليه لقب البنوفري تمييزا له عن الولي الأكرم سيدي محمد ضياء الدين أبي الجيوش بن عبد الوهاب العدوي (من رجال القرن السادس الهجري) صاحب الضريح القريب منه ناحية الشمال الغربي في امتداد منطقة الباب الأخضر قديما (شارع إسماعيل صبري حاليا) ..
وقد جاءت ترجمته في كتاب شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف فقال (أبو عبد الله محمد بن سلامة البنوفري به عرف المصري من أعيان فقهائها وفضلائها الإمام العمدة العالم المشهور بالصلاح والدين المتين تفرد برئاسة المذهب في مصر ، أخذ عن الناصر اللقاني والتاجوري وغيرهما وعنه الشيخ سالم السنهوري وبه تفقه وغيره ، توفي في حدود سنة 998 هـ / 1589 م) ، وذكر أحمد بابا التنبكتي في كتابه نيل الابتهاج بأنه مشهور بالدين والخير والورع والزهد والفقه ، وكتب عنه الإمام الغزي بالتفصيل في كتابه (الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة) فقال :
(الإمام العلامة شيخ الإسلام الورع الزاهد الخاشع الناسك العابد الشيخ شمس الدين البنوفري المالكي شيخ المالكية بمصر أخذ العلم عن جماعة منهم الشيخ ناصر الدين اللقاني والشيخ عبد الرحمن الأجهوري وكان يحبه ويثني عليه كثيراً ويصفه بالزهد ومنهم الشيخ فتح الله الدميري والشيخ نور الدين الديلمي وأجازوه بالإفتاء والتدريس .. وكان مكباً على العلم والعمل غير ملتفت إلى شيء من الدنيا طارحاً للتكلف مؤثراً للخمول وكان يقسم السنة ثلاثة أقسام أربعة أشهر يحج وأربعة أشهر يرابط وأربعة أشهر يقريء العلوم ويصلي وكانت وفاته أواخر القرن العاشر رحمه الله تعالى رحمة واسعة) ..
وقد اشتهر في السودان حيث تتلمذ على يديه فقهاء مملكة سنار الذين نشروا المذهب المالكي في عموم البلاد وقتها ومن أشهرهم الشيخ إبراهيم البولاد والشيخ علي ود عشيب والشيخ عبد الرحمن ولد جابر والشيخ إسماعيل الركابي وقد رحلوا إليه في أسيوط وتلقوا عنه دروس الفقه ونالوا منه إجازة التدرس والإفتاء ، ويرجع نسب الشيخ البنوفري إلى جده طه بن محمد بن أحمد بن علي بن العارف بالله الشيخ عبد الجواد المحسن العدوي دفين المعلاة بمكة المكرمة وهو من قرية بني عدي مركز منفلوط وهو جد الشيخ محمد الصغير المتوفي عام 1110 هـ وتنسب له عائلات معروفة حتى اليوم ..

خير الدين الرملي .. إمام المذهب الحنفي
الإمام الرملي (993 – 1081 هـ / 1585 – 1670 م) وهو خير الدين بن أحمد بن علي بن زين الدين بن عبد الوهاب الأيوبي العليمي الفاروقي الرملي شيخ الحنفية في عصره مفسر ومحدث وفقيه وهو من أهل مدينة الرملة بفلسطين مولدا ووفاة وتعلم بها وبالأزهر الشريف في القاهرة وعاد إلى الرملة فاشتغل بالتدريس وأفتى وشاعت فتاواه في الآفاق ووردت إليه الأسئلة من كل جهة .. ولمكانة الرملي العلمية قصده العلماء والفقهاء والمفتون وطلاب العلم للأخذ عنه والاستفادة من مكتبته التي جمع فيها الكثير من نفائس الكتب.
تلقى خير الدين العلم في القاهرة مع أخوين له وهما شمس الدين وعبد النبي وكان أصغرهم سنا ويفيد مخطوط الفتاوى الخيرية أن ابنه محيي الدين (1020-1071هـ/1611-1660م) توفي في حياة والده وقد ترجم له المحبي في خلاصة الأثر كما ورد أن خير الدين أنجب ولدا آخر اسمه نجم الدين والذي تولى الإفتاء في القدس ، نسخ بخط يده أكثر من ألف ومائتي مجلد وورد أنه جمع في بيته مكتبة ضخمة ومن مآثر خير الدين تجديد بعض مساجد الرملة على نفقته الخاصة.
خلف خير الدين عددا من المصنفات في علوم الشرع وعلى رأسها (الفتاوى الخيرية لنفع البرية) وكان ولده محيي الدين قد تصدى لجمع كثير من فتاوى والده ودوّنها وقال في مقدمتها : (هذا نذر يسير من جم غفير من أجوبة عن أسئلة سئل عنها سيدنا ومولانا شيخ الاسلام والمسلمين خاتمة الفقهاء والمحققين أوحد الزمان في فقه أبي حنيفة النعمان سيدي ووالدي خير الدين) وبعد وفاة محيي الدين في حياة والده تابع إبراهيم بن سليمان الجينيني جمع الفتاوى ..
وقال عنه تلميذه إبراهيم بن سليمان الجنيني : (ومجلسه محفوظ من الفحش والغيبة لا تخلى أوقاته من الكتابة أو الإفادة .. وكانت أعراب البوادي إذا وصلت إليهم فتواه لا يختلفون فيها مع أنهم لا يعملون بالشرع في غالب أمورهم) .. وكان الرملي يأنف من الذهاب إلى الحكام بل كانوا يسعون إليه بأنفسهم وقد توفي في 27 رمضان 1081هـ/ الموافق لشهر شباط 1671م ودفن في حي الباشقردي في مدينة الرملة ..
ذكره صاحب خلاصة الأثر بقوله : ” متين الدين عظيم الهيبة تهابه الحكام من القضاة وأهل السياسة وكانت الرملة في زمنه أعدل البلاد وللشرع بها ناموس عظيم وكذا في البلاد القريبة منها فانه كان إذا حكم على إنسان بغير وجه شرعي جاءه المحكوم عليه بصورة حجة القاضي فيفتيه ببطلانه فتنفذ فتواه وقل أن تقع مشكلة في دمشق أو في غيرها من المدن الكبرى إلا ويستفتى فيها مع كثرة العلماء والمفتين “.

مجير الدين العليمي .. مؤرخ القدس
هو مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف العليمي العمري ، ولد بالقدس في الثالث عشر من ذي القعدة سنة (٨٦٠ ه / ١٤٥٦ م) وقد أشار بنفسه إلى تاريخ ولادته فقال : « فإن مولدي بالقدس الشريف في ليلة يسفر صباحها عن يوم الأحد ثالث عشري ذي القعدة سنة ستين وثمانمائة » ونشأ في بيت عرف عنه حب العلم والعلماء فقد كان أبوه أحد العلماء الأفذاذ في زمنه وقاضي قضاة الحنابلة.
وفي رحاب المسجد الأقصى وفي مدارس بيت المقدس العامرة بالعلماء والتلاميذ نشأ مجير الدين منذ نعومة أظفاره على حب العلم والعلماء حيث تعلم على شيوخ عصره ثم رحل إلى القاهرة ليتتلمذ على يد أستاذه الشيخ الكمالي وحضر معه مقابلته مع السلطان الأشرف قايتباي عام 1470 ثم قام برحلة أخرى للقاهرة لطلب العلم وأداء مهمات سياسية مرتبطة بالوضع السياسي في القدس وذلك في عام 1475 م. حيث قضى في مصر عشر سنوات.
وبعد عودته من مصر ولي قضاء الرملة سنة (٨٨٩ ه / ١٤٨٤ م) وسافر إليها وأقام بها سنتين ثم توسع عمله وأصبح قاضيا في أربع مدن هي : القدس والخليل والرملة ونابلس ثم ترك قضاء نابلس باختياره بعد سنتين واستمر على الباقي ، وكانت مدة ولايته للقدس واحد وثلاثين عاما ونصفا غير السنتين المتقدمتين في الرملة لم يتخللها عزل ، وظل في القضاء حتى توفي في سنة (٩٢٨ ه / ١٥٢١ م) ودفن في مقبرة ماملا في بيت المقدس.
وهو مؤلف الكتاب الموسوعي (الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل) والذي يتناول تاريخ وجغرافية فلسطين ومدينة بيت المقدس ومدينة الخليل والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ، وصف بالخرائط الوصفية المسجد الأقصى وأقسامه ومساحته وقبة الصخرة والمناطق المحيطة به من تكايا ومدارس ومساجد وغير ذلك ثم بعد ذلك انتقل للتعريف بالمدارس الموجودة بالقدس الشريف سواء تلك الموجودة داخل السور أو التي خارجه أو التي هي قريبة منه أو بعيدة عنه.
ثم يتحدث عن الترب والمقابر ودور الحديث والزوايا وحتى الآبار وعدد أفواهها ثم انتقل بعد ذلك لوصف حارات وأزقة وأسواق المدينة إذ يصفها وصفا ماديا دقيقا فلا يوجد أحد قبله قد اعتنى بالقدس بهذا الشكل الدقيق المميز ، وبعدها يصف مناطق بيت لحم والرملة ويافا واللد وغزة وأريحا ونابلس والأحداث التي مرت بها بشكل مختصر ثم يأتي إلى مدينة الخليل فيسهب في وصفها ذاكرا الحارات والزوايا والأربطة وعيون الماء والأضرحة ثم يفرد عنوانا خاصا لإقطاع تميم الداري.