مشروع النظام السياسي للدولة

(1) الرئاسة
1- أنهى الاحتلال العثماني نظام السلطنة الذي دام قرابة 300 عام واستبدل به في إدارة مصر نظاما متعدد السلطات (الوالي والديوان والإنكشارية والمماليك) والذي دام قرابة 300 عام حفل بصراعات داخلية مسلحة ونهب للثروات وإغفال لرعاية المقدرات وهو ما كان سببا أساسيا لقيام ثورة 1795 التي تحرك فيها الشعب بشكل منظم ضد السلطة الحاكمة.
2- إرادة الشعب حملت محمد علي باشا إلى مقعد الوالي عام 1805 والذي تمكن من القضاء على المماليك وأسس الجيش الحديث عام 1811 مما أتاح له التمتع بسلطات مطلقة كرأس للدولة في مرحلة الصعود ، ساعده في ذلك كفاءته ونجاحاته المتواصلة.
3- السياسة الخانعة لخلفاء محمد علي مع العثمانيين والأوروبيين كانت دافعا قويا للثورة العرابية عام 1881 التي كان في القلب من أهدافها نزع السلطة المطلقة للخديوي لصالح المؤسسية.
4- قامت ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني ممثلا في سلطته الحاكمة (المعتمد البريطاني) الذي كان الحاكم الفعلي للبلاد وذلك للمطالبة بالاستقلال ووضع الدستور وعودة الحياة النيابية.
5- كان دستور 1923 خطوة هامة نحو تقليص سلطة رأس الدولة لصالح مجلسي الشيوخ والنواب ووجود رئيس وزراء يتمتع بقدر من استقلالية القرار لكنه بإيعاز من الإنجليز احتفظ للملك بحق حل البرلمان وعزل رئيس الحكومة.
6- قامت ثورة 1952 ضد استبداد الملك وفساد الحاشية لكنها حولت مصر في سنوات قلائل إلى دولة شمولية ، ولعبت الشخصية الكاريزمية للرئيس جمال عبد الناصر في منحه سلطات لا محدودة جمع فيها بين صلاحيات الوالي والخديوي والمعتمد والملك وذلك في دستور 1957 الذي تم تفصيله للزعيم.
7- قامت ثورة التصحيح عام 1971 ضد مراكز القوى (بقايا النظام الناصري) وتم وضع دستور71 الذي مهد نظريا للعودة إلى الديموقراطية لكنه أبقى على الصلاحيات المطلقة لرأس الدولة (الرئيس) حيث تمتع بسلطة حل البرلمان وتعيين رئيس الوزراء والوزراء وكبار موظفي الدولة وإعفائهم إلى جانب وضعه الدستوري كمسئول أعلى عن الجيش والشرطة والقضاء.
8- على مدار الأعوام الماضية تضخمت مؤسسة رئاسة الجمهورية على نحو بالغ وتغولت على كافة السلطات بوسائل مختلفة أصابت مؤسسات الدولة تدريجيا بالشلل وسيطر الهاجس الأمني لتأمين شخص الرئيس على توجهات وسياسات المؤسسات الأمنية والحكومية.
9- قامت ثورة 25 يناير عام 2011 لتحقيق مطالب عديدة في القلب منها رحيل الرئيس بشخصه ورحيل النظام بصلاحياته المطلقة وعقليته الأمنية وفساد إدارته.
10-آن الأوان لتغيير جذري في الأوضاع ليتحول الرئيس إلى رمز للدولة وحكم بين السلطات الثلاث لا يتدخل في أعمالها ، يتم اختياره عن طريق البرلمان ويقوم بدور بروتوكولي بحت مع التغيير التام لطبيعة مؤسسة الرئاسة وملحقاتها وأجهزتها الأمنية والحرس الجمهوري لتناسب المهمة الجديدة.

(2) السلطة القضائية
1- الدعامة الأساسية لاستقرار النظام العام في البلاد المتحضرة هي الاستقلالية التامة للسلطة القضائية دستوريا وماليا وإداريا.
2- على مدار سنين طويلة في مصر كانت وزارة العدل مخلب قط للنظام الحاكم لمحاولة فرض السيطرة على القضاة بدلا من دورها في تسهيل أعمال العدالة من أول مذبحة القضاة عام 69 مرورا بالتحكم في المرتبات والانتدابات وتحويل القضاة للصلاحية والتضييق على نادي القضاة.
3- الوضع الدستوري والقانوني الأمثل هو إلغاء هيمنة وزارة العدل على السلطة القضائية التي يجب أن تتبع لسلطة رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية رئيس محكمة النقض (قاضي قضاة مصر) ويضم هذا المجلس رؤساء جميع الهيئات القضائية.
4- يختص المجلس بالإشراف الكامل ماليا وإداريا على شئون العملية القضائية (بما في ذلك تعيين النائب العام) والتفتيش القضائي ، ويتم دعمه بالأجهزة المالية والإدارية المعاونة لضمان الإنهاء الكامل لكل صور هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
5- إلغاء انتدابات القضاة للهيئات الحكومية لضمان الحيدة والنزاهة والشفافية ووضع نظام محدد لقواعد التحاق العاملين بالهيئات القضائية المختلفة حتى لا تتسرب الوساطة والمحسوبية وتعيين الأبناء والأقارب إلى بيت العدالة.
6- تعديل قانون السلطة القضائية بما يضمن تسهيل إجراءات التقاضي في الدرجات المختلفة وتدعيم المحاكم بنظم معلومات وشبكات كمبيوتر مع التطوير الدائم للمباني وضمان الاحتياجات الأساسية ومن أهمها وجود جهاز الشرطة القضائية لحماية المحاكم والقيام بمهمة تنفيذ الأحكام.
7- إلغاء كافة أشكال المحاكم والنيابات الاستثنائية التي أبدعتها الدولة الشمولية للسيطرة على النظام السياسي في البلاد بما في ذلك محاكم أمن الدولة العليا والمحاكم العسكرية للمدنيين ونقل تبعية السجون من وزارة الداخلية إلى السلطة القضائية.
8- إزالة كافة العراقيل القانونية التي تسوغ للسلطة التنفيذية المراوغة في تنفيذ أحكام مجلس الدولة (القضاء الإداري والإدارية العليا) ، وهو ما كانت تقوم به الحكومات في السابق بالإيعاز لهيئة قضايا الدولة بالاستشكال أمام محاكم غير مختصة لوقف هذه الأحكام.
9- تدرج ميزانية الهيئات القضائية جميعا رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة مع احتفاظ البرلمان والجهاز المركزي للمحاسبات بالمتابعة لأوجه الإنفاق والرسوم المتحصلة.
10- تعديل قانون المحاماة بما يهيئ للمحامي الإمكانيات والإجراءات والحصانة التي تلزم للدفاع عن المتهم والمطالبة بالحقوق ، ويتم ذلك بالتعاون الجاد بين نقابة المحامين والهيئات القضائية.

(3) السلطة التشريعية
1- الدستور والحياة النيابية السليمة والفصل بين السلطات هي الثمرة الحقيقية للديموقراطية التي تعد تتويجا لكفاح الإنسان الطويل لنيل حريته من الحكام المستبدين.
2- تطور النظام النيابي المصري من أول مجلس شورى النواب عام 1866 في مصر الخديوية ثم الجمعية التشريعية أثناء الاحتلال والذي قام بتعطيل أعمالها أثناء الحرب العالمية الأولى ثم مجلسي الشيوخ والنواب بعد ثورة 19 مرورا بمجلس الأمة بعد ثورة 52 وانتهاءا بمجلسي الشعب والشورى بعد دستور 71 وتعديلاته.
3- تقوم الأنظمة الحاكمة في معظم الدول الأوروبية على النظام البرلماني حيث يتولى رئاسة الوزارة زعيم الحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية ويشكل الحكومة أما النظام الأمريكي فإنه يمثل التطور الطبيعي نحو الفصل بين السلطات حيث ينتخب الرئيس (السلطة التنفيذية) انتخابا حرا مباشرا ويختار معاونيه لكنه لا يملك سلطة حل المجلسين التشريعيين النواب والشيوخ الذين يراقبان أعمال الحكومة ولا يملكان عزل الرئيس.
4- النظام البرلماني في مصر يصبح في غاية الصعوبة لحداثة الممارسة الحزبية وعدم رسوخ الثقافة الديموقراطية والنظام الرئاسي العادي يكرس لعودة الرئيس الفرعون مرة أخرى والنظام المختلط تتضارب فيه الاختصاصات.
5- النظام الأمثل هو وجود منصب (رئيس الدولة) البروتوكولي رمزا للدولة وانتخاب شخص آخر في منصب رئيس السلطة التنفيذية (الحكومة) انتخابا حرا مباشرا لفترتين فقط ولا يملك أيهما حل البرلمان.
6- يقوم مجلس نواب الشعب المنتخب بدور الرقابة والتشريع ومحاسبة السلطة التنفيذية ، ويتم انتخاب المجلس وفق تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية يمثل فيها الأعضاء طبقا لعدد السكان ، ويتبع هذا المجلس الجهاز المركزي للمحاسبات وأعمال الرقابة الإدارية ، ويشكل مجلس نواب الشعب الغرفة البرلمانية الأولى.
7- الغرفة البرلمانية الثانية تمثل بمجلس وطني تكون مهمته متابعة الشئون الدستورية وأعمال السيادة والأمن القومي والوحدة الوطنية وتتشكل من 100 عضو نصفهم بالانتخاب وفق شروط ضابطة (مثل السن والتعليم) والنصف الآخر يتشكل من القضاة الدستوريين (قضاة المحكمة العليا) وممثلين عن قيادة القوات المسلحة وهيئة الأمن القومي والمؤسسات الدينية الكبرى (الأزهر ودار الإفتاء والكنيسة) وممثلين عن الاتحاد العام للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني المصرية.
8- لم يعد هناك سبب للإبقاء على نسبة 50% عمال وفلاحين فهي من بقايا النظم الشمولية.
9- لنجاح المنظومة النيابية يجب أن تختفي ظاهرة نائب الخدمات الذي يسعى لمكاسب محددة لدائرته أو نائب التأشيرات الذي يلاحق الوزراء ويستجدي منهم التوقيعات.
10- ضرورة وجود لجنة قضائية دائمة لإدارة العملية الانتخابية.

(4) السلطة التنفيذية
1- رئيس الحكومة هو الشخصية الأكبر تأثيرا على مجريات حياة المصريين بوصفه كبير موظفي الدولة العموميين ورغم ذلك تعرضت هذه المكانة الوظيفية للتدخل من قبل رأس السلطة السياسية عبر تاريخ الدولة الحديثة في مصر من أول سيطرة الخديوي على ناظر النظار مرورا بتدخل الملك ضد رؤساء الحكومات وانتهاءا بتحويل رئيس مجلس الوزراء إلى سكرتارية لرئيس الجمهورية.
2- لا تكفي الأغلبية البرلمانية سندا لرئيس السلطة التنفيذية وإنما ينبغي تحصين المنصب بأن يتم انتخاب (رئيس الوزراء) انتخابا حرا مباشرا مع إعطائه الصلاحيات الدستورية والقانونية لإدارة السلطة التنفيذية بالكفاءة اللازمة والفعالية المطلوبة.
3- يتم الانتخاب بحد أقصى مدتين كل منهما أربع سنوات وتترك له حرية اختيار الوزراء لضمان التناغم بين الأجهزة الحكومية المختلفة ، فلكي تتم محاسبته ومساءلته يلزم قبلها إعطاؤه المساحة المطلوبة من حرية القرار والصلاحيات.
4- لا يملك رئيس الوزراء سلطة حل المجالس البرلمانية ولا يملك البرلمان حق سحب الثقة منه في إطار عملية من التوازن بين السلطات.
5- يسأل رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب عن الخطة العامة للدولة والموازنة العامة والحساب الختامي وله حق اقتراح القوانين ودعوة المجلس لبحثها وإقرارها بالأغلبية.
6- الواقع الحالي يحمل رئيس الوزراء تركة ثقيلة من الوزارات والأجهزة الحكومية التي تتابع إنشاؤها على فترات طويلة لضمان سيطرة النظام الشمولي على كل مرافق الدولة الحيوية ومفاصلها وهو ما يتطلب إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية كافة وفق نظام الدول الديموقراطية الحديثة.
7- إعادة الهيكلة لا بد أن تشمل في جوهرها خفض أعداد العمالة الحكومية وخفض أجور القيادات الحكومية وتقليص أعداد وأعمال اللجان المختلفة والتخلص نهائيا من نظام المستشارين الذين يتقاضون مبالغ طائلة وإنهاء مسألة التعدد الوظيفي للموظف الواحد والقضاء على الكشوف الوهمية للبدلات والمكافآت المتعددة (على سبيل المثال تنفق وزارة الصحة حاليا ثلث ميزانيتها على ديوان عام الوزارة).
8- إعادة الهيكلة تشمل أيضا إعادة تنظيم القطاعات المختلفة داخل الوزارة الواحدة والقضاء على ظاهرة تعدد الوكلاء والمساعدين وكذلك داخل الديوان العام للمحافظات.
9- إعادة النظر في الدرجات الوظيفية بما يناسب متطلبات العمل الحقيقية في الجهاز الإداري للدولة.
10- تختص الحكومة بوضع السياسات العامة للوزارات المختلفة لكنها تعطي مساحة كبيرة من التفويض للحكم المحلي (المحافظين) في اتجاه نحو تفعيل حقيقي وجاد لسياسة اللامركزية.

(5) الإدارة المحلية
1- النظام الحالي للحكم المحلي يكرس للمركزية الشديدة وتبعية المحافظات للقاهرة وارتباط المؤسسات المحلية بإداراتها العليا ارتباطا يصيب دولاب العمل الحكومي بالشلل.
2- السبب الأساسي لذلك هو التقسيم الإداري الحالي للمحافظات ، وهو التقسيم المبني على نظام المديريات الذي أقره محمد علي عند توليه واعتمد فيه على تقسيم المديرية إلى (بنادر) و (مراكز).
3- حدود هذه المديريات ظلت مرتبطة بإجراءات فك زمام القطر المصري التي أبدعها السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون في ولايته الثالثة (1308-1340 م.) طبقا لفروع نهر النيل وتقسيم الأراضي على جانبيه وهذا الإجراء كان لازما آنذاك لإحداث نهضة زراعية.
4- التوزيع السكاني الحالي وخطط النهضة المنشودة والسعي نحو جودة الخدمات للمواطن تتطلب تقسيما إداريا استثنائيا يراعى تفاوت الكثافة السكانية حيث يفضل تقسيم المحافظات إلى ثلاث قطاعات أساسية (مناطق حدودية) ، (أقاليم سكانية) ، (العاصمة الجديدة).
5- قطاع المناطق الحدودية ويشمل خمس قطاعات (سيناء ، البحر الأحمر ، أسوان ، الوادي الجديد ، مطروح) وهي مناطق شديدة الأهمية للأمن القومي ، شاسعة المساحة ، قليلة الكثافة السكانية ، لها طبيعة سكانية مميزة (عرب سيناء والصحراء الشرقية وبدو مطروح والواحات وأهل النوبة).
6- هذه المناطق ينتخب من أقسامها الإدارية الحالية (مجلس منطقة) لمعاونة محافظ المنطقة الذي تعينه رئاسة الوزراء بالتنسيق مع قيادة القوات المسلحة ، وتكون السياسة الحاكمة لكل المناطق هي السعي نحو إنشاء المدن الجديدة وفتح المجال للاستثمار وتحسين البنية التحتية حتى تصبح جاذبة للسكان.
7- الأقاليم السكانية وهي (القاهرة الكبرى وتشمل حلوان وشبرا الخيمة وأحياء الجيزة الحضرية) ، (الإسكندرية) ، (إقليم قناة السويس) ،(شرق الدلتا ويشمل محافظات الشرقية ، الدقهلية ، دمياط ، شمال القليوبية) ، غرب الدلتا (ويشمل كفر الشيخ ، الغربية ، المنوفية ، البحيرة) ، (شمال الصعيد ويشمل بقية الجيزة ، بني سويف ، الفيوم ، المنيا) ، (جنوب الصعيد ويشمل أسيوط ، سوهاج ، قنا ، الأقصر).
8- ينتخب محافظ الإقليم وينتخب معه مجلس لإدارة الإقليم وتكون له الصلاحيات الكاملة في الإشراف المالي والإداري على الخدمات المقدمة للمواطنين ورسم السياسة العامة للاستثمار بالتعاون مع رئاسة الوزراء ويكون المقر الإداري للإقليم في أكبر أو أوسط مدينة فيه.
9- يتم تقسيم الإقليم الواحد إلى عدد من الوحدات البلدية (من 6-12 وحدة) وفق طبيعة الاحتياجات اللازمة وطبيعة النشاط الاقتصادي من إقليم لآخر ويتم انتخاب رئيس الوحدة والمجلس البلدي (يحلان محل نظام الإدارة المحلية الحالي وكذلك المجالس المحلية الفاشلة) ويشرف هذا المجلس إشرافا إداريا مباشرا على الخدمات والبنية التحتية (كل مجلس يشرف على مساحة نصف أو ثلث محافظة حالية).
10- بناء عاصمة جديدة للبلاد أمر يحدث مع كل النقلات الحضارية في تاريخ مصر ، وفعلته دول كثيرة للخروج من تكدس العاصمة التقليدية إلى مدينة جديدة صغيرة تحوي مؤسسات الدولة والسفارات ومقر الحكم وتصبح رمزا لحقبة جديدة تنهي حقبة القاهرة الزمنية (ألف عام) وقبلها الإسكندرية (ألف عام).

(6) سيادة القانون
1- على مدار ستة عقود من الحكم الشمولي تمت صياغة مجموعة من المصطلحات العجيبة ما أنزل الله بها من سلطان وذلك لإضفاء الهيبة والغموض على مؤسسات الحكم والأجهزة المعاونة.
2- مصطلح (القيادة السياسية) ويقصد به شخص الرئيس ، (جهات عليا في الدولة) ويقصد رئاسة الوزراء ، (جهة سيادية) ويقصد بها رئاسة الجمهورية ، (جهة أمنية) ويقصد بها مباحث أمن الدولة ، (جهة أمنية سيادية) ويقصد بها المخابرات العامة ، (الوزارات السيادية) ويقصد بها وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والإعلام.
3- هذه المصطلحات جميعا تكرس لفكرة التسلط المطلق حيث يسعى النظام الدكتاتوري إلى فرض الهيمنة الكاملة على عقل المواطن وتصوير الأجهزة الحكومية كأنها مقدسات لا ينبغي ذكرها باسمها الحقيقي مثلما هو الحال في الدول الحديثة.
4- على مستوى الممارسات ترسخ تدريجيا لدى المواطن اعتبار هذه الهيئات فوق القانون والمساءلة وأن الإذعان لها والخنوع لأمرها بات حتميا مهما كان الصادر عنها من أفعال أو تجاوزات.
5- أضفت هذه الهالة من التخويف حصانة وهمية على العاملين بهذه الهيئات وذلك لقدرتها على إلحاق الأذى بالناس وتسبب ذلك في شيوع النظرة الاستعلائية في التعامل مع المواطن.
6- انسحب هذا السلوك على مؤسسات أخرى تبحث عن نفس المكانة مثل السلك القضائي والسلك الدبلوماسي وأساتذة الجامعات وأعضاء البرلمان والمجالس المحلية المزورة وحتى صغار الموظفين في المصالح الحكومية المختلفة وعلى رأسهم المحافظون ورؤساء المدن .
7- صارت الأجهزة الحكومية المختلفة كابوسا للمواطن يبحث فيها عن حقوقه كمن يتسول الصدقات لا كصاحب حق أصيل ، تجد ذلك في علاقة الفلاح بوزارة الزراعة والعامل بوزارة القوى العاملة والمريض بوزارة الصحة والسائق بعسكري المرور …إلخ.
8- في الدولة الحديثة السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) هي مؤسسات أقيمت من أجل خدمة المواطن والسهر على أمنه وراحته واحتياجاته ، يتقاضون رواتبهم من ضرائبه التي يدفعها ومن نصيبه في الناتج القومي.
9- المتولي للوظيفة العمومية سواء كانت سياسية بالانتخاب (رئيس الدولة ورئيس الوزراء والمحافظين) أو إدارية بالتعيين (وظائف الهيكل الإداري الطبيعية) يجب أن يدرك أنه خادم للشعب حقيقة لا مجازا ، ومن لم يدرك هذا الأمر وجب عليه ترك وظيفته لمن هو أهل لها.
10- الإنجاز الحقيقي يتمثل في صياغة (عقد اجتماعي) جديد وفق هذا المفهوم الذي يصبح فيه المواطن هو صاحب السيادة الأولى والأخيرة.