صراع القوميات

1 / أمريكا الإيطالية

في عام 2013 احتفلت روما بجلوس البابا فرنسيس على كرسي البابوية في الفاتيكان .. وكان سبب ذلك أنه لأول مرة منذ القرن الثامن الميلادي يتولى البابوية كاردينال من خارج قارة أوروبا حيث جاء البابا الجديد من الأرجنتين وهي إحدى دول أمريكا اللاتينية .. والحقيقة أن البابا فرنسيس واسمه الأصلي خورخي ماريو بيرجوليو ينحدر من أصول إيطالية حيث كان والده مهاجرا إيطاليا حديثا ووالدته أرجنتينية من عائلة تنحدر من مدينة جنوا الإيطالية ..

وربما لا يعلم الكثيرون أن الإيطاليين يشكلون نسبة تجاوز 60 % من سكان الأرجنتين بينما الأسبان وبقية الأوروبيين وغيرهم يشكلون نسبة 30 % فقط ويشكل السكان الأصليون 10 % المتبقية .. وليس في الأرجنتين وحدها بل يشكل الإيطاليون ثلث سكان أورجواي ونسبة متفاوتة في بقية امريكا الجنوبية والأهم أنهم يشكلون 15 % من سكان البرازيل بتعداد يتجاوز ثلاثين مليون نسمة وهو أكبر تجمع للإيطاليين خارج إيطاليا وكذلك أكثر من عدد البرازيليين من أصول برتغالية ..

وربما يسأل سائل : لماذا لم تنتشر اللغة الإيطالية ويصبح لها السيادة على الأقليات الأسبانية والبرتغالية في تلك المناطق طالما أنهم كانوا أكثرية عددية .. والإجابة ببساطة أن أسبانيا كانت قد استكملت توحيدها السياسي قبل الكشوف الجغرافية عندما اتحدت أقاليم غاليسيا وليون وقشتالة ونافار وأرجون وأندلوسيا تحت تاج واحد وكذلك فعلت البرتغال باتحاد الإمارات المكونة لها فوصلوا العالم الجديد وهم شعوب موحدة تحت راية قومية واحدة ولغة قياسية ..

أما إيطاليا فقد كانت في زمن الكشوف الجغرافية تعاني من الانقسام والتشرذم حيث كانت مقسمة بين ممالك نابولي وصقلية وسردينيا في الجنوب ودوقيات ميلان في الشمال وتوسكانا (فلورنسا) وسافوي (تورينو) بالإضافة إلى الولايات البابوية في المنتصف وعدد من الجمهوريات البحرية المستقلة في جنوا وبيزا والبندقية وعدد من الإمارات الصغيرة وأجزاء خاضعة لكل من النمسا وفرنسا .. ولم تستكمل توحيدها إلا في نهاية القرن التاسع عشر بعد حروب طاحنة ..

وكان المهاجرون الإيطاليون إلى العالم الجديد يسلكون نفس هذا المسلك حيث انعزلت كل طائفة من المهاجرين وأصرت على التحدث بلهجتها المحلية حيث كانت فكرة الانتماء لوحدة جامعة لهم بعيدة عن الواقع آنذاك بل نقلوا خلافاتهم السياسية معهم إلى بلاد المهجر .. وإن كان ذلك لا ينفي تأثير اللهجات الإيطالية على اللغة الأسبانية بحكم الأكثرية السكانية خاصة في أجوار العاصمة الأرجنتينية بيونس أيريس التي يمكن أن نطلق عليها اسم أمريكا الإيطالية ..

2 / أمريكا اللاتينية

أثناء الصراعات الأوروبية ظهر مصطلح (أمريكا اللاتينية) وقصد به تلك المنطقة من العالم الجديد التي تسكنها مجموعات من السكان الأوروبيين ممن ينتمون إلى (أوروبا اللاتينية) وكان معظمهم من الإيطاليين والأسبان والبرتغاليين والفرنسيين وذلك لتكون عونا لها في مواجهة أوروبا الجرمانية وأمريكا الأنجلوساكسونية وأوروبا السلافية .. ثم صار هذا المصطلح رسميا ومتداولا وقصد به دول أمريكا الجنوبية والوسطى والكاريبي والمكسيك ..

والحقيقة أن الأوروبيين في أمريكا اللاتينية يشكلون الأغلبية بنسبة 36 % من السكان (ويقصد بهم من ينحدر من أبوين أوروبيين) ويشكل السكان الأصليون من الهنود الحمر 10 % فقط بينما يشكل المستيزو نسبة 30 % (وهم نتاج تزاوج الأوروبيين بالهنود الحمر خلال القرون الماضية) ويشكل الخلاسيون نسبة 20 % (وهم نتاج تزاوج الأوروبيين بالأفارقة أثناء حقبة العبودية) .. أما النسبة الباقية فهي مجموع السود والآسيويين وآخرين ..

وهذه النسبة متباينة في دول أمريكا اللاتينية تبعا لمكونات كل دولة .. في بعض المناطق (السهول والوديان) احتفظ الأوروبيون بأغلبية مطلقة مع عدم اختلاط بالآخرين مثل الأرجنتين وأورجواي وكوستاريكا وبورتوريكو وبنسبة أقل في شيلي حيث أطلق عليهم (أمريكا الأوروبية) .. وفي مناطق أخرى (الأجزاء الجبلية) ظلت الغالبية للهنود الحمر مثل بوليفيا وبيرو وجواتيمالا وبنسبة أقل في الإكوادور حيث أطلق عليهم (أمريكا الأصلية) ..

وهناك مناطق حدث فيها اختلاط وتزاوج بين الأوروبيين والهنود ليشكل (المستيزو) غالبية السكان مع أقلية من الأوروبيين وأقلية من الهنود الحمر مثل المكسيك وبدرجة أقل في كولومبيا وباراجواي ومعظم دول أمريكا الوسطى حيث يطلق عليهم (أمريكا المستيزا) أي الهجينة .. أما في في البرازيل يشكل الأوروبيون أكثر من نصف السكان في مناطق خاصة بهم بينما يشكل الخلاسيون النسبة الباقية مع أقليات معزولة من الأفارقة والهنود الحمر ..

وفي فنزويلا ترتفع نسبة الخلاسيين والمستيزو مع أقلية أوروبية بينما يشكل الخلاسيون غالبية كوبا والدومينيكان .. هذه الخلطة هي التي أكسبت تلك المنطقة من العالم طابعها القومي المميز وأعطتها شخصيتها الخاصة .. وربما رأى البعض أن مصطلح أمريكا اللاتينية غير دقيق لأنه مرتبط بانتماء لغوي لفئة الغزاة من السكان لكنه أصبح معبرا عن الثقافة السائدة التي صبغت تلك المنطقة من العالم وصارت معبرة عن هويتها ..

3 / رجال العالم الجديد

في العالم الجديد أطلق المستوطنون الأوروبيون أسماء بلدانهم القديمة وشخصياتهم التاريخية على مناطق مختلفة من القارة .. وهكذا ظهرت أسماء مثل (نيوانجلند .. نيويورك .. نيو أمستردام .. نيوجيرسي .. نيو هامبشير .. فرجينيا .. جورجيا .. كارولينا .. ماريلاند .. بنسلفانيا .. لويزيانا .. واشنطن .. جورج تاون .. هسبانيولا .. غرناطة الجديدة .. ساو باولو .. سان فرانسيسكو .. سانت ياجو .. دومينيكان .. ساو تومي) ..

وقد سميت القارة كلها سميت باسم واحد من المستكشفين الأوائل وهو الإيطالي أمريكو فيسبوتشي الذي كان أول من سار بمحاذاة الساحل من أول خليج المكسيك وحتى مصب نهر الأمازون حيث قرر أن الأراضي المكتشفة عبارة عن قارة جديدة وليست امتدادا لقارة آسيا .. وقد ظهر الاسم أول الأمر في الخرائط التجارية تكريما لمجهودات الرجل الذي لم يتخيل أن يتم تداول الاسم حتى يصبح اسما رسميا للقارة ينتسب له السكان ..

ولذا كان من المقبول أن تطلق دولة على نفسها اسم كولومبيا تيمنا بالمستكشف الإيطالي كريستوفر كولمبس الذي اكتشف العالم الجديد .. وهو ذلك المغامر الذي قاد أول رحلة بحرية إلى تلك المنطقة من العالم والتي كانت مجهولة .. وتكرر الاسم في مناطق أخرى حيث توجد مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا ومدينة كولومبيا في ولاية ميزوري الأمريكية وكذلك مقاطعة كولومبيا الأمريكية التي تحوي العاصمة واشنطن ..

ومن الطبيعي أيضا أن تطلق دولة على نفسها اسم بوليفيا أو تسمي دولة أخرى نفسها باسم جمهورية فنزويلا البوليفارية وذلك نسبة للسياسي الكبير ومحرر أمريكا الجنوبية سيمون بوليفار .. وهو الزعيم الذي قاد المقاومة ضد الاحتلال الأسباني ونجح في تحقيق الاستقلال في كل من فنزويلا وكولومبيا والإكوادور وبيرو وبوليفيا وساهم في طرد الجيوش الأسبانية من بقية القارة لكنه لم ينجح في توحيد كافة أقاليمها كما كان يحلم ..

أما النجاح الحقيقي فكان من نصيب الزعيم الأمريكي الكبير جورج واشنطن الذي سميت باسمه العاصمة الجديدة واشنطن بعد أن كان مقترحا لها اسم (روما الجديدة) وكذلك أطلق اسمه على إحدى ولايات الغرب الأمريكي .. وذلك لجهوده الكبيرة في قيادة الجيش الأمريكي في حرب الاستقلال ثم دوره في إرساء النظام السياسي والاقتصادي عندما صار أول رئيس للدولة الناشئة التي قدر لها أن تكون أقوى دولة في العصر الحديث ..

4 / الفناء الخلفي

الوجه الآخر للسياسة الدولية يظهر بوضوح في أمريكا اللاتينية التي تعتبرها الولايات المتحدة بمثابة الفناء الخلفي لها .. في عام 1989 قام الجيش الأمريكي بغزو دولة بنما وانتهك سيادتها من أجل إلقاء القبض على رئيس الدولة الجنرال مانويل نورييجا والذي كان من عملاء أمريكا لكن اكتشفت أنه يقوم بتهريب المخدرات إلى ولاية فلوريدا وتم نقله مثل السجناء العاديين ليمثل أمام المحكمة ويقضي بقية حياته في السجون الأمريكية ..

في المقابل دعمت أمريكا عددا من الانقلابات العسكرية الدموية ضد الحكومات المنتخبة في عدد من دول القارة .. وأشهرها بالطبع هو انقلاب شيلي الذي قام فيه الجنرال بينوشيه بالإطاحة بالرئيس سلفادور أليندي حيث قامت الطائرات بقصف مقر إقامة الرئيس وقتله مع مرافقيه لتدخل البلاد في دوامة لمدة سبعة عشر عاما انتهت بسقوط نظامه بعد أن تكبدت البلاد فيها خسائر في الأرواح وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وقمع للحريات ..

وفي الأرجنتين تلقى الجنرال فيديلا دعما غير محدود وصل إلى مساعدته في تنظيم كأس العالم عام 1978 بل ومساعدته ليفوز منتخب الأرجنتين بالبطولة في مهزلة رياضية حيث التلاعب بنتائج المباريات ورشوة وابتزاز الفرق الأخرى (تدخل كيسنجر شخصيا مع جنرالات بيرو حتى يخسر منتخبها أمام الأرجنتين بفارق ستة أهداف) .. وظل حكم الجنرال قائما لمدة سبعة أعوام قام فيها بقتل وسجن أكثر من ثلاثين ألف شخص ..

وفي الستينات كانت البرازيل على طريق النهضة الاقتصادية .. لكن بحجة مقاومة المد الشيوعي قام الجيش هناك بانقلاب عسكري مدعوم من أمريكا حكم فيها خمسة من الجنرالات طوال عقدين من الزمان .. وفي بوليفيا قام الجيش بانقلاب عسكري في عام 1964 لمواجهة القوى الثورية (وفي أحداثها قتل الثائر الشهير تشي جيفارا) وكانت مقدمة لعهد من الانقلابات المتتالية لمدة خمسة عشر عاما لم تشهد فيها البلاد أي قدر من الاستقرار ..

أما أطرف الأحداث فقد كانت تلك الفضيحة المعروفة باسم (إيران جيت) حيث قامت إدارة ريجان سرا ببيع أسلحة إلى إيران أثناء حربها مع العراق مقابل الإفراج عن بعض الرهائن في لبنان (وذلك رغم العداوة والقطيعة بينهما في العلن) ونقلت الأسلحة عن طريق البرتغال وإسرائيل وتم إيداع المال في سويسرا وذلك لتمويل ميليشيات كونترا العميلة ضد حكومة جبهة الساندنيستا اليسارية الحاكمة في نيكاراجوا وذلك دون علم الكونجرس !!

5 / آسيا .. مغول ستان

تخيل أن شخصا جلس يوزع أملاكه على أولاده لكن بدلا من الأموال والعقارات أعطى كلا منهم مملكة بحجم قارة .. ذلك هو جنكيزخان الذي أعطى ابنه الكبير كوجي سيبيريا وروسيا ورسم له خط التوسع باتجاه أوروبا .. وأعطى ابنه الثاني جغتاي بلاد تركستان ورسم له خط التوسع باتجاه الهند .. وأعطى ابنه الثالث أقطاي منغوليا ورسم له خط التوسع باتجاه الصين .. وأعطى ابنه الرابع تولوي إيران ورسم له خط التوسع باتجاه العراق والأناضول ..

وهكذا نشأت العواصم الأربعة الكبرى في تاريخ المغول .. قراقورم في منغوليا .. تبريز في إيران .. سمرقند في تركستان (والتي أعاد تيمورلنك بناءها) .. وفي أقصى الشمال قام الفاتح باتو خان ببناء مدينة سراي باتو على نهر الفولجا والتي صارت عاصمة أكبر الدول المغولية (القبيلة الذهبية) حيث توسع في أوروبا الشرقية واستولى على أوكرانيا والقرم وبولندا والمجر وبلغاريا ورومانيا .. وشهدت أوج عظمتها في عهد السلطان محمد أوزبك خان ..

وقد توقفت فتوحات المغول عند حدود آسيا حيث هزموا عند عين جالوت في فلسطين وفشلوا في اقتحام فيينا في النمسا وصدت قواتهم شمالي فيتنام وأغرقت مراكبهم عندما حاولوا مهاجمة اليابان .. لكنهم استولوا على بغداد عاصمة العباسيين بواسطة هولاكو خان وكذلك نجحوا في احتلال الصين بواسطة قوبلاي خان الذي أسس أسرة يوان وبنى عاصمة جديدة للبلاد (خان بالق) والتي تحولت إلى بكين الحالية وصارت عاصمة الصين حتى الآن ..

أما أعظم الدول المغولية فكانت في الهند بعدما استولى عليها ناصر الدين محمد بابور وجلس على عرش الطاووس والذي سرقه الفرس بعد ذلك والمزين بأكبر ماسة في العالم (كوهينور) والتي صارت جوهرة التاج البريطاني فيما بعد .. ومن أشهر ملوك هذه الدولة البادشاه جلال الدين محمد أكبر الذي تزوج ابنة ملك الراجبوتيين الأميرة الهندوسية جودا باي وكذلك الملك شاه جهان الذي بنى لزوجته ذلك الضريح الفخم الذي عرف باسم (تاج محل) ..

وقد أدى هذا التوسع إلى انتشار العرق المغولي في ربوع قارة آسيا .. في أفغانستان بقية منهم (الهزاره) وفي تترستان وبشكيرستان وكذلك كلميكيا (الدولة البوذية الوحيدة في أوروبا) .. والأهم أن الحروب المغولية تسببت في هجرة الأوغوز إلى الأناضول (وهم أجداد العثمانيين) وكذلك في ازدهار تجارة العبيد مما أدى إلى وجود المماليك في مصر (ومنهم المغولي السلطان العادل كتبغا الذي جلب عشرة آلاف مغولي وبنى لهم حي الحسينية بالقاهرة) ..

6 / حرب الأفيون

في تعليقه على نهاية حرب الأفيون الشهيرة يقول الكاتب فيكتور هوجو : ” دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا .. أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق .. وأحد هذين المنتصرين ملأ جيوبه والثاني ملأ صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين .. إن الحكومات تتحول أحيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك” ..

كانت بداية الحرب قد حدثت بسبب رفض إمبراطور الصين استيراد أي بضائع بريطانية حيث أعلن أن بلاده مكتفية ذاتيا وأنها ليست بحاجة إلى بضائع البرابرة .. أما بريطانيا فكانت تستورد عددا كبيرا من البضائع من الصين وبكميات ضخمة خاصة الشاي والحرير وكانت تدفع فيها كميات كبيرة من الفضة حتى أوشك مخزونها على النفاذ ..

ومن أجل ضبط ميزان المدفوعات قررت بريطانيا تهريب الأفيون وترويجه بين الصينيين من سكان الساحل وكانت تجلبه من مستعمرتها في البنغال (بنجلاديش الحالية) ولاقى ذلك رواجا كبيرا حتى صار ملايين الصينيين مدمنين للأفيون في وقت قصير لدرجة أن الرجل الصيني كان يبيع منزله وزوجته وأولاده وكل ما يملك من أجل شراء الأفيون ..

تنبه الإمبراطور الصيني لهذا الأمر وأصدر قراره بحظر تجارة الأفيون ثم بعد ذلك قام بمهاجمة مركز تجارة الأفيون وأجبر التجار البريطانيين والأمريكيين علي تسليم مخدراتهم وقام بإحراق ألف طن في احتفالية كبيرة عام 1839 .. وعندها قامت بريطانيا بإعلان الحرب على الصين تحت ستار الدعوة لحرية التجارة واحتلت الساحل عام 1842 ..

ولم تحقق الحرب الأولى هدف بريطانيا فقامت مع فرنسا بمهاجمة الصين في حرب ثانية في عام 1856 امتدت أربع سنوات أجبرت الصين في نهايتها على السماح بحرية التجارة (بما في ذلك الأفيون) والسماح بدخول المسيحية إلى البلاد واستيلاء بريطانيا على موانىء صينية .. وترتب على ذلك تضاعف مدمني الأفيون إلى 120 مليون صيني ..

وانتهت الأحداث في ربيع عام 1860 عندما قام البريطانيون والفرنسيون بمهاجمة القصر الصيفي للإمبراطور بالقرب من بكين (وكان تحفة معمارية تحوي كميات من الآثار التاريخية القيمة) وقاموا بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام ثم أشعلوا فيه النيران .. وظلت آثار تلك الحرب مدمرة للصين ولم تنته مشكلة الأفيون إلا مع قدوم الشيوعيين للحكم ..

7 / أوروبا الجرمانية

استهلت أوروبا تاريخها الحديث ـ وهو من الغرابة بمكان ـ على بعد شاسع فوق سهول آسيا .. فقد كان تحرك قبائل الهون (الوحوش ذوي القدمين كما كانوا يصفونهم) هو الذي دفع القبائل الجرمانية نحو الغرب حيث بدأ في القرنين الرابع والخامس ما يعرف باسم (الغزوات البربرية) لأوروبا .. وهذه الغزوات هي التي أكسبت أوروبا طابعها السياسي والقومي الحالي بعد أن حطم البرابرة وحدة أوروبا الغربية التي كانت حتى وصولهم جزء من الإمبراطورية الرومانية ..

وبدلا من الإمبراطورية الرومانية استبدل البرابرة بها ممالكهم الخاصة التي ترعرعت لتصبح الدول الكبرى التي نعرفها اليوم .. قام الأنجلوساكسون بتأسيس مملكة انجلترا .. ومن مملكة الفرنجة في نصف فرنسا الشمالي نمت مملكة فرنسا .. وبدأ القوط الغربيون إنشاء مملكة أسبانيا وجنوب فرنسا .. وأعطى اللمبارديون والبرجنديون اسميهما لكل من لومبارديا في إيطاليا وبرجنديا في وسط أوروبا .. واستولى الفنداليون على شمال أفريقيا وقرطاج ..

كانت الأحداث الكبرى قد بدأت بانتصار البرابرة على الجيوش الرومانية في معركة أدريانوبل عام 378 م. ثم غزو روما على يد آلاريك زعيم القوط الغربيين عام 410 م. ثم سقوط روما بشكل نهائي وإلغاء منصب الإمبراطور في الشطر الغربي من الدولة العريقة عام 476 م. بيد أدواكر الهريولي الذي أعلن نفسه ملكا على إيطاليا ثم آل الأمر من بعده إلى ثيودوريك ملك القوط الشرقيين .. وكانوا جميعا على المذهب الآريوسي الذي انتشر بينهم على يد الإمبراطور فالنس ..

لكن هؤلاء البدائيين من غابات وسهول أوروبا الشرقية وآسيا بالرغم من تحطيمهم الإمبراطورية الرومانية فإنهم قد تأثروا هم أنفسهم بالحضارة الرومانية .. ورغم أنهم جاءوا أول الأمر للسلب والنهب إلا أن حكامها سرعان ما اعتنقوا المسيحية واتخذوا ألقابا رومانية .. كان أثرهم كبيرا على أوروبا الشمالية حيث سادت القبائل الجرمانية بصورة أساسية لكن التدفق البربري في جنوب أوروبا لم يغير شيئا من طبيعة السكان الذين كان كثير منهم يدين بالكاثوليكية (الكنيسة الرومانية الجامعة) ..

بالطبع حدث الصدام بين هؤلاء الملوك وبين الإمبراطور في القسطنطينية عاصمة الشطر الشرقي من الدولة الرومانية والذي نجا من غزواتهم بأعجوبة وكذلك حدث الصدام بينهم وبين البابوية في روما والتي بذلت كل جهدها لتحويلهم من الآريوسية إلى الكاثوليكية حيث استجاب كلوفيتش الأول ملك الميروفنجيين الفرنجة للبابا واعتنق الكاثوليكية بعد أن وحد فرنسا عام 486 م. ومن يومها أطلق الفاتيكان على فرنسا لقب (الابنة الكبرى للكنيسة الكاثوليكية) ..

المرجع : موسوعة كتاب المعرفة (الشعوب والسكان)

8 / أوروبا وتجارة التوابل

لم يكن ينمو في أوروبا في العصور الوسطى غير القليل النادر من علف الماشية وهو ما يعني أن أغلب الحيوانات كانت لا بد أن تذبح في الخريف ولم يكن يحتفظ إلا بالقليل منها لأغراض الاستيلاد خلال الشتاء .. وكان اللحم يحفظ عن طريق التدخين أو التمليح لكنه لم يكن مستساغ الطعم إطلاقا ولجعل مذاقه أكثر قبولا كان الطهاة يستخدمون التوابل المختلفة ومصدرها جنوب شرق آسيا وأفريقيا الاستوائية ..

وكانت التوابل تجلب برا عن طريق التجار العرب من المحيط الهندي إلى مدن شرق المتوسط ومنها بحرا إلى المدن التجارية الأوروبية جنوا والبندقية (فينيسيا) عن طريق أسطولهما التجاري ومن هاتين المدينتين تنتقل التوابل إلى بقية أوروبا .. ولسنوات عديدة ـ قبل الكشوف الجغرافية ـ كانت كل من جنوا والبندقية تحتكران كل تجارة التوابل وشكل ذلك لهما مصدرا لثروة كبيرة ..

وكانت إحدى الدوافع الأساسية للرحلات الاستكشافية هي محاولة إيجاد طريق بديل إلى بلاد التوابل البعيدة حتى لا تمر التجارة بأراضي الدولة المملوكية في مصر والشام حيث كان المماليك يفرضون المكوس الكبيرة على التجارة الداخلة في أملاكهم والخارجة منها مما يعود عليهم بأموال باهظة .. وقد بدأت أولى المحاولات على أيدي أسبانيا والبرتغال تدفعهم إلى ذلك الحماسة الدينية ..

كانت المملكتان آنذاك في ذروة انتصارهما على العرب وتم لهما القضاء على الكيان السياسي المتبقي من الحقبة العربية ممثلا في مملكة غرناطة وذلك في عام 1492 م. ونتج عن ذلك احتياج الأسبان والبرتغاليين الشديد للمال حيث كانت تلك المملكة الصغيرة حلقة وصل تجارية وسياسية هامة مع العالم الإسلامي لا سيما بلاد المغرب العربي وأفريقيا طوال قرنين من الزمان ..

ومع طرد العرب انقطعت الصلة التي كانت تنعش مواردهم .. وهكذا بدأت أولى الحملات برعاية الأمير هنري الملاح ابن ملك البرتغال حيث أبحر بارثلوميو دياز عام 1488 م. ليستكشف سواحل أفريقيا الغربية واستطاع فاسكو دي جاما عام 1497 م. تحقيق إنجاز كبير بمواصلة رحلته إلى سواحل الهند ليكتشف طريق رأس الرجاء الصالح وينهي عهد احتكار المدن الإيطالية للتجارة ..

وبرعاية إيزابيلا القشتالية ملكة أسبانيا أبحر كريستوفر كولومبس عام 1492 م. بعد أن أقنعها أنه يمكن الوصول إلى جزر الهند الشرقية (الملايو) عن طريق الإبحار غربا في الأطلنطي لكنه لم يصل إلى ما أراد إطلاقا بل حط رحاله في (جزر الهند الغربية) كما أسماها وهي جزر البهاما في البحر الكاريبي وكانت مقدمة لارتياد القارة الأمريكية والتي أكملها أمريكو فسبوتشي عام 1499 م.

المرجع : سلسلة موسوعة كتب المعرفة (الشعوب والسكان)

9 / أفريقيا الخضراء

دائما ما عرفت أفريقيا جنوب الصحراء بوصف (أفريقيا السمراء) بسبب تمايز سكانها عن الشمال الصحراوي في السمات الظاهرية واللغات وفي مظاهر الحياة الاجتماعية .. لكن من الناحية الجغرافية يمكننا أن نسميها (أفريقيا الخضراء) والتي تتمتع بوفرة المياه وكثافة الزراعة سواء في الغابات أو السهوب أو السهول الساحلية أو في وديان الأنهار وذلك بسبب الأمطار الغزيرة التي تستمر غالبا طوال العام ..

وفي هذه البقعة الخضراء ينتشر مليار نسمة من قبائل أفريقية يرجع معظمها في أصوله إلى جذر مشترك يضم الشعوب (الكونغو نيجيرية) والتي تتوزع إلى فرعين كبيرين وهما شعوب الحزام المداري في أفريقيا الاستوائية الغربية ومن أشهرهم اليوروبا والفولاني والإغبو وهؤلاء عرفوا عند العرب باسم (التكرور) نسبة إلى مملكة قديمة حيث انتشر الإسلام بين سكان المنطقة ..

أما في جنوب القارة فينتشر الفرع الآخر المعروف باسم (البانتو) والذي يضم قبائل متنوعة شكلت شعوب دول المنطقة مثل الزولو في جنوب أفريقيا والشونا في زيمبابوي والكيكويو في كينيا واللوبا في الكونغو والسوكوما في تنزانيا والهوتو والتوتسي في رواندا وبوروندي والسوتو في ليسوتو .. ويتحدثون لهجات محلية تنتمي إلى لغات البانتو وأكبرها اللغة السواحيلية في شرق أفريقيا ..

ووسط هذا الطوفان البشري توجد مجموعات عرقية لا تنتمي للأغلبية وإنما ترجع أصولها إلى جذور جينية أخرى .. منهم سكان منابع النيل (جنوب السودان) حيث القبائل النيلية (النيلوتيك) مثل الدنكا والنوير والشيلك والماساي والنوبيين .. ومنهم مجموعات الأقزام والبيجمي في وسط أفريقيا .. وفي تشاد وحوض النيجر قبائل الهوسا وكذلك الصحراويين مثل السونغاي والفور والكانوري والسارا ..

وتضم هذه الاستثناءات أيضا سكان هضبة الحبشة حيث القبائل الجعزية مثل التغراي والأمحرة (وهم المتحدرين من الجزيرة العربية) وكذلك القبائل الكوشية مثل الأرومو .. وتضم كذلك قبائل الخويسان البدائية في جنوب أفريقيا (البوشمن والهوتنتوت) .. وكذلك سكان جزيرة مدغشقر المتحدرين من جنوب شرق آسيا .. وأخيرا الهولنديون القادمون ومن وراء البحار (البوير) في جنوب أفريقيا ..

10 / حلم الوحدة الأفريقية

في القمة الروسية الأفريقية عام 2019 كان واضحا حرص روسيا على التعامل مباشرة مع التجمعات الأفريقة الاقتصادية وليس مع الدول خاصة التجمعات الأربع الناجحة وهي الإيكواس (غرب أفريقيا) وسيماك (وسط أفريقيا) وسادك (أفريقيا الجنوبية) وإياك (شرق أفريقيا) وتمثل جميعها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والتي خطت خطوات واسعة نحو التكامل الاقتصادي فيما بينها ومن ثم تحقيق حلم العملة الأفريقة الموحدة (الأفرو) في عام 2028 كما هو مخطط ..

وتعتبر مجموعة الإيكواس هي الأكثر نجاحا بسبب عودة نيجيريا للقيام بدورها القيادي في المنطقة وذلك بعد انتهاء الحكم العسكري فيها عام 1999 حيث بدأ وضع خطة تدريجية للوحدة الاقتصادية شملت السعي لإنشاء اتحاد جمركي وفتح الحدود للأفراد والبضائع بين دول المجموعة وعمل جواز سفر موحد وقريبا من المقرر أن يبدأ العمل بالعملة الموحدة (الإيكوا) رغم محاولات فرنسا المستميتة عرقلة ذلك حتى لا تفقد نفوذها على مستعمراتها السابقة ..

وفي شرق أفريقيا اتفقت دول مجموعة إياك على التحول إلى دولة فيدرالية بالتدريج بعد حل المشكلات السياسية الداخلية وتم تحديد مدينة أروشا التي تقع على الحدود بين كينيا وتنزانيا لتكون عاصمة للدولة المستقبلية .. وقد تأسس في عام 2010 السوق المشتركة لدول شرق أفريقيا ووضع خطة لتوحيد العملة (الشيلينج) وهو إنجاز كبير في منطقة كانت حتى وقت قريب حافلة بالنزاعات الدموية خاصة في رواندا وبوروندي وبين أوغندا وجيرانها ..

وفي وسط أفريقيا كانت النجاحات متشابهة في مجموعة سيماك حيث تم توحيد العملة وإنشاء بنك مركزي في الكاميرون ووضع خطة طموحة للاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والتجارة الحرة والتكامل الاقتصادي وقوة عسكرية مشتركة لحماية ذلك .. وفي الجنوب انضمت جميع دول المنطقة إلى تجمع سادك بما في ذلك الكونغو الديموقراطية وجنوب أفريقيا في خطوة للعمل المشترك على التنمية الاقتصادية لدول المجموعة بعد عقود من الحروب الأهلية والعنصرية ..

على العكس من ذلك فإن دول شمال أفريقيا والقرن الأفريقي لا تزال بطيئة في هذا المجال رغم أن مشكلاتها السياسية أقل بكثير من مثيلاتها في التجمعات الناجحة لكن ربما يكون السبب هو الخوف من ازدياد معدل نزوح الأفارقة إليها إذا تم فتح الحدود بينها وبين أفريقيا جنوب الصحراء .. لكن يبدو في الأفق أن الآية ستنعكس وأن مواطني شمال أفريقيا هم الذين سوف يسعون للهجرة جنوبا بل ربما فرضت شروط قاسية على دول الشمال للموافقة على انضمامهم للاتحاد الناجح !!

11 / إندونيسيا قاطرة الآسيان

(رؤية واحدة .. هوية واحدة .. مجتمع واحد) هو شعار رابطة آسيان التي تضم دول جنوب شرق آسيا وهي واحدة من أهم التجارب الدولية الناجحة في مجال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري .. وذلك رغم الخلفيات المتنوعة في المنطقة فهي تضم ثلاث دول إسلامية (إندونيسيا وماليزيا وبروناي) وثلاث دول بوذية (بورما وتايلاند وكمبوديا) ودولتين شيوعيتين (فيتنام ولاوس) ودولة مسيحية (الفلبين) ودولة مختلطة (سنغافورة) ..

وينتمي سكان النصف الجنوبي منها إلى الشعوب الأسترونيزية بينما ينتمي سكان النصف الشمالي إلى الشعوب الأستروآسيوية (الفيت والخمير) والتاي كاداي (التاي واللاو) حيث تجمعهم سويا صلات عرقية وجينية (ما عدا بورما التي ينحدر سكانها من شعب ميان من الغزاة التبتين) .. وكان الدافع الأول لقيام هذا الاتحاد هو الموقع الجغرافي الذي يتوسط أربع قوى اقتصادية كبرى تحيط به من كل جهاته وهي الصين والهند واليابان وأستراليا ..

ويوجد مقر الرابطة في جاكرتا عاصمة إندونيسيا والتي تلعب دورا حيويا في قيادة آسيان فهي أكبر ثقل سكاني في المنطقة فهي رابع دولة في العالم في عدد السكان (بعد الصين والهند والولايات المتحدة) .. وهي أعلى دول الرابطة من حيث الناتج الإجمالي وهي الوحيدة من بينهم الموجودة في مجموعة دول العشرين كما أن لها دورا سياسيا بارزا منذ القدم حيث كانت إحدى الدول المؤسسة لمنظمة عدم الانحياز والذي أعلن في مدينة باندونج الإندونيسية ..

وإندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية من ناحية عدد السكان (يليها في تعداد المسلمين باكستان ثم الهند ثم بقية الدول) لكن وجودها في أطراف العالم الإسلامي جعل تأثيرها السياسي في هذا المجال أقل من بقية الدول الإسلامية الأخرى التي تقع في مركز الثقل .. ولذلك ارتبط نفوذها الإقليمي بواقعها الجغرافي لأن السياسة تصنعها الجغرافيا والديموغرافيا معا .. الجغرافيا تعني الموقع بين دول الجوار والديموغرافيا تعني الثقل السكاني في محيطها ..

ومع تطور العمل في رابطة آسيان صارت رقما صعبا في الاقتصاد العالمي وباتت محل منافسة من الدول الكبرى للاستثمار حيث عقدت الصين اتفاقية تاريخية مع آسيان عام 2004 لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم (2 مليار نسمة مجموع الصين وآسيان) ودخلت اليابان على الخط فقررت الاستثمار في البنية التحتية لدول آسيان بالإضافة إلى منح وقروض تقدر بعشرين مليار دولار وسط ترحيب من الآسيان بهذا التنافس الإيجابي ..

12 / العالم الإسلامي

العالم الإسلامي حقيقة جغرافية وديموغرافية .. بقعة أرض شاسعة وثقل سكاني كبير .. وهو ليس كتلة صماء أو كيانا واحدا بل إنه ينقسم إلى تكتلات متباينة من الناحية القومية ففي أقصى الجنوب تمتد الشعوب الأفريقية من الحبشة شرقا وحتى السنغال غربا وتضم جماعات الأرومو والهوسا والفولاني والولفيين .. وإلى الشمال منهم يحتل الوطن العربي موضع المركز الروحي والقيادي لهذا العالم المترامي ..

وإلى الشرق قليلا تأتي الشعوب الإيرانية والتركية في الهضبة الآسيوية من السند إلى الأناضول .. وفي القارة الهندية تجمع ضخم من الهنود والبنغال بينما في جنوب شرق آسيا ينتشر شعب الملايو في الأرخبيل والهند الصينية .. وإلى الشمال منهم عدد من الشعوب الإسلامية في الصين (تركستان الشرقية) وفي روسيا (تترستان وبشكيرستان وداغستان والشيشان) وفي البلقان (البوسنة وألبانيا وكوسوفا) ..

وتكاد تكون هذه التقسيمة جغرافية في المقام الأول لكنها معبرة تماما عن التنويعات القومية داخل هذا المكون الكبير وهو أمر موجود في كل التكتلات العالمية الكبرى غير أنه واضح في العالم الإسلامي لاتساع رقعته الجغرافية وتنوع مكوناته الأساسية والتي يجمع بينها (الدين الإسلامي) و(الجوار الجغرافي) ، وكل كتلة من هذه الكتل تنقسم بدورها إلى مجموعة من الأجزاء الجغرافية الصغيرة ..

وانتماء كل هذه المكونات للعالم الإسلامي أمر بديهي حتى لو انخلعت من الثقافة الإسلامية بالكلية أو نهجت نهج التغريب الكامل وهو ما حدث مع تركيا في الماضي مثلا عندما انسلخت بالكلية من ماضيها وجعلت حروف الكتابة باللغة اللاتينية ودخلت في حلف الأطلنطي ولم تنضم وقتها لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومع ذلك ظل العالم الغربي يعتبرها جزء من العالم الإسلامي ورفض إلحاقها به ..

وكذلك جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية والتي خضعت للحكم الشيوعي أكثر من نصف قرن إلا أنها ظلت محتفظة بخصوصياتها الثقافية واللغوية التي عادت للظهور بعد انهيار الكتلة الشرقية ولا تصنف إلا باعتبارها جزء من العالم الإسلامي ، وكذلك الحال مع عدد كبير من الدول الأفريقية المسلمة التي تنضوي تحت المظلة الفرانكفونية لكنها بحكم الجغرافيا جزء من العالم الإسلامي ..

وفي جنوب شرق آسيا دخلت كل من ماليزيا وإندونيسيا وبروناي في تجمع (الآسيان) حيث أصبحت علاقتهم بجيرانهم في الهند الصينية أقوى من علاقتهم بأي دولة إسلامية سياسيا واقتصاديا لكن لا يمكن اعتبارهم جزء من ثقافة الهند الصينية بأي حال من الأحوال وإنما كانوا وسيظلوا أيضا جزء من العالم الإسلامي .. كل هذا حادث في الدول الإسلامية الطرفية فما بالك بالدول المركزية فيه ؟؟