1 / الطريقة الصوفية العدوية

بداية من العصر المملوكي كانت الطرق الصوفية قد حققت تواجدا كبيرا في المجتمع المصري ممثلا في عدة مدارس منها صوفية المشرق ومنها الطريقة الجيلانية (القادرية) والرفاعية والتى انتقل أتباعهما إلى مصر وبها انتشرت القادرية فى أفريقيا الشمالية والمدارية بشكل كبير فيما لاقت الرفاعية أرضاً خصبة فى مصر من خلال داعيتها أبو الفتح الواسطى واثرت تأثيراً كبيرا على نشأة الطريقة البرهامية أتباع السيد برهان الدين إبراهيم الدسوقي الذى عاش فى هذا القرن ناشراً دعوته فى مدينة دسوق فى دلتا مصر وهذه المدرسة متأثرة كثيراً بآراء الغزالى (العلم اللدني) أى تلقي العلم بالذوق والكشف .. وكذلك  الصوفية الفلسفية والتي وفدت إلى مصر عن طريق الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي الطائي الأندلسي صاحب فصوص الحكم والفتوحات المكية وقد تأثر كثيرا بأفكار الحلاج والسهروردي والبسطامي وذي النون المصري حيث الشطحات الفلسفية والعبارات الغامضة وكان يرى أن الإنسان الكامل حقاً يمكن أن تحل فيه بعض الصفات الإلهية (وحدة الوجود) ، وقد تأثر به فى مصر سلطان العاشقين عمر بن الفارض وعبد الحق ابن سبعين ..

ومن مدارسها أيضا صوفية المغرب وهى التى وفدت على مصر مع مقدم السيد أبي الحسن الشاذلي حيث بنت أفكارها الاساسية علي مجاهدة النفس ورياضتها ولزوم تلقي العلم من شيخ أو مربي أو مرشد يأخذ المريد البيعة علي يده ، وقد تميزت طريقته بالسهولة والبساطة في واجباتها التى تركزت علي الذكر وهو عندهم ( الله ) و ( هو ) ، ومن تلاميذه الفقيه الأندلسي أبو العباس أحمد بن عمر المرسي داعية الأسكندرية والذي نبغ إثنان من تلاميذه أولهما هو ياقوت العرشي خليفته في الطريقه والثاني هو الفقيه المالكي وشيخ الجامع الأزهر ودرة زمانه ابن عطاء الله السكندري صاحب (الحكم العطائية) وهذه المدرسة بها مسحة من محبة آل البيت .. وآخرهم الصوفية الشعبية وهى التى انتشرت في مصر عندما قدم إلى مدينة طنطا أشهر الأولياء على الإطلاق وهو شيخ العرب السيد أحمد بن علي البدوي التى تلقب بجملة من الألقاب : (السطوحي .. أبو الفتيان .. العيسوي .. أبو فراج .. العطاب)  حيث اختلط التصوف بالتراث الشعبي وسار الأولياء أقرب لأبطال السيرالشعبية وقد انتشر تلاميذه في طول البلاد وعرضها حتى صارت أكبر طريقة في مصر من حيث العدد.

ورغم أن السلطنة المملوكية كانت تضم مصر والشام والحجاز وغيرها من الأقاليم إلا أن التصوف وجد طريقه في مصر سهلا ميسورا بينما كان الأشراف في الحجاز هم أصحاب النفوذ الفعلي هناك كما كانت مدرسة الحنابلة في الشام لا تزال صاحبة التأثير الأقوى في الدوائر العلمية ولذلك نجد أن أهم فروع بني عدي هناك وهم أبناء علي بن عليل وقدامة بن مقدام قد حافظوا على التقليد السلفي رغم أن فروعهم في مصر سلكت مذهب التصوف مثل آل عنان ، ومع مرور الوقت سوف نجد أن ارتباط بني عدي بالتصوف في مصر قد ازداد متانة جيلا بعد جيل وتحولت المقابر العادية للرجال المنتسبين للقبيلة إلى أضرحة ورفع أصحابها إلى درجة الولاية بالمعنى الصوفي رغم أن وفاتهم سابقة على ظهور الطرق حتى صارت مركزا للتجمع والسكن مثل ضريح محمد ضياء الدين أبي الجيوش العدوي في الباب الأخضر بالإسكندرية وسيدي سالم العمري وسيدي ظافر في البرلس وشيوخ الرفاعية في النحارية وعدد من السابقين واللاحقين في شباس عمير وقلين ومحلة القصب والعدوية وعدد من قرى وسط الدلتا واستمر هذا الحال طوال العهد المملوكي.

ولا يفوتنا بحال من الأحوال أن نلقي الضوء على واحدة من أهم الطرق الصوفية التي شهدها عصر المماليك ألا وهي الطريقة العدوية والتي دار حولها جدل كبير بسبب شطحاتها وظهورها المفاجىء والغريب في مصر وارتباطها بعدد من الأحداث السياسية في السلطنة المملوكية ثم اختفائها المريب وذوبانها في الطرق الصوفية الأخرى ، ويرى كثير من المؤرخين أن اسمها جاء من انتسابها للشيخ عدي بن مسافر (467 هـ 1075 م – 557 هـ 1162 م) لكن عددا آخر وصف الشيخ عدي نفسه باسم العدوي مما يدل على أن هذه النسبة تعود إلى شيء أبعد ولعلها محاولة خفية من بعض بني عدي أو مواليهم لركوب موجة إحياء الأمجاد القرشية عن طريق المد الصوفي خاصة وهو ينتسب إلى بني أمية وفي نفس الوقت يصف أتباعه أنفسهم بوصف الأكراد وكأنها محاولى لإبعاد شبهة ما عن أنفسهم مثلما فعل الأيوبيون من قبل ، وكان مركز الدعوة الأساسية للرجل في جزيرة ابن عمر في أعالي الفرات (واسم المنطقة أساسا مختلف على سبب التسمية لكنها تحمل إشارة إلى العمريين الذين كانت الموصل ولا زالت إحدى مراكزهم الهامة).

وقد ولد الشيخ في بعلبك في بلاد الشام ثم انتقل إلى البصرة وفيها اشتهر ثم انتقل إلى منطقة الشيخان شمال الموصل إلى أن توفي هناك ومما يجدر ذكره هنا بحق الشيخ عدي بن مسافر أنه عالم مسلم صوفي قال عنة ابن كثير انه شيخ الشافعية الاكراد في جبال الهكار وله اتباع يغلون فيه وقال الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن يوسف اللخمي في كتابه بهجة الاسرار : ” كان شيخ الإسلام ” .. وعن الشيخ أبي محمد عبد الله البطائحي : ” كان الشيخ عدي إذا سجد سمع لمخه من رأس صوت كصوت وقع الحصا في الفرعة اليابسة من شدة المجاهدة ” ، أما سند تلقيه الطريقة الصوفية فيرجع في النهاية إلى عمر بن الخطاب على عكس سائر الطرق التي ترجع إلى الإمام علي بن أبي طالب حيث ذكرها علي بن أحمد السخاوي في كتابه تحفة الأحباب وبغية الطلاب فيقول : ” أما الشيخ عدي بن مسافر فإن له كرامات عظيمة اشتهرت فى البلاد وله مريدون وخدام قيل إنه لبس الخرقة من الشيخ عقيل وهو لبسها من مسلمة وهو لبسها من الشيخ أبى سعيد الخراز وهو لبسها من الشيخ محمد القلانسي وهو لبسها من والده عليان الرملي وهو لبسها من الشيخ عمار السعدي وهو لبسها من الشيخ يوسف الفاني وهو لبسها من والده الشيخ يعقوب وهو لبسها من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو لبسها من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) “.

وكان أول ظهور للطريقة العدوية في مصر في عهد الظاهر بيبرس حيث كان الشيخ خضر العدوي مقربا من السلطان وله تأثير كبير عليه حتى إن بيبرس أطلق اسم خضر على أحد أولاده .. ويقول الباحث أبوالعلا خليل : ” كان الشيخ خضر بن أبى بكر بن موسى المهراني العدوي الكردي له حال كاهني رأى السلطان الظاهر بيبرس قبل أن يلي السلطنة ـ والحديث للمناوي فى الكواكب الدرية فى تراجم السادة الصوفية ـ وهو فقير ملتف بعباءة نائم بمسجد دمشق فقال : هذا يصير سلطانا فكان الأمر كذلك فاعتقده ، ويستكمل ابن تغري بردي فى المنهل الصافي : ( وكان بيبرس إذ ذاك من أصاغر الأمراء وضرب الدهر ضرباته إلى ان تسلطن الظاهر بيبرس فصار له فى الشيخ خضر اعتقاد عظيم وبنى له زاويته بزقاق الكحل بالقرب من جامع الظاهر ووقفها عليه وظل الظاهر بيبرس يتردد اليه بزاويته المذكورة فى الجمعة مرة ومرتين وصار لا يخرج عن رأيه ويستصحبه فى غزواته وأسفاره ) ، وكانت أحوال الشيخ خضر العدوي عجيبة ـ والحديث للمقريزى فى الخطط  وأموره غريبة وأقوال الناس فيه مختلفة : فمنهم من يثبت صلاحه ويعتقده ومنهم من يرميه بالعظائم والمنكر الفاحش ، ويذكر النويري فى نهاية الأرب فى فنون الأدب : ( وفى يوم الأثنين ثانى عشر شوال سنة إحدى وسبعين وستمائة أحضر الشيخ خضر بن أبي بكر بن موسى العدوي المهراني شيخ السلطان الظاهر بيبرس الى قلعة الجبل وأحضر جماعة اتهموه بفواحش كثيرة ونسبوا إليه قبائح عظيمة ، رفض الشيخ خضر الدفاع عن نفسه وقال : كل كلام معيب مفسود وتوكلت على الله ) ..

استشار السلطان الظاهر بيبرس الأمراء فى أمره فمنهم من أشار بقتله ومنهم من أشار بحبسه فمال السلطان الظاهر الى قتله ففهم الشيخ خضر ماهم فيه فقال للسلطان : اسمع ما أقول لك : ” أنا أجلي قريب من أجلك وما بينى وبينك إلا مدة أيام يسيرة من مات منا لحقه الآخر عن قريب ” .. فوجم الملك الظاهر وكف عن قتله وأمر أن يحبس فى مكان لا يصل إليه أحد ولا يسمع كلامه أحد فيكون كمن قبر وهو حي وكان يرسل اليه الأطعمة الفاخرة والفواكه والملابس وظل الشيخ خضر العدوي الكردي فى محبسه بالقلعة خمس سنوات إلى أن أدركه الأجل يوم الخميس سادس المحرم سنة ست وسبعين وستمائة ، وأخرج من حبس القلعة ميتا وسلم الى أهله فغسل بزاويته وصلى عليه بجامع الظاهر ودفن بزاويته التى عمرها له السلطان الظاهر وكان السلطان الظاهر بيبرس بدمشق فلما بلغه خبر وفاة الشيخ خضر صرخ وقال : مات .. ثم قام من مكانه ولم يستكمل قراءة الكتاب وكان ذلك آخر العهد أيضا بالملك الظاهر ومات بعد عشرين يوما بالتمام والكمال ، وكانت زاوية وضريح الشيخ خضر العدوي الكردي تقع على الضفة الغربية للخليج مباشرة وليس ببعيد عن مسجد سيدى عبدالقادر الدشطوطي بباب الشعرية وكانت الزاوية تعرف بجامع العدوي وفى عام 1957م وفى عهد إبراهيم بغدادي عندما كان محافظا للقاهرة تم ازالتها ضمن شريط طويل من المبانى القديمة لتوسيع شارع الخليج المصرى ” بورسعيد حاليا ” وتم نقل رفات الشيخ خضر العدوي الكردي إلى محله الحالي في الزاوية العدوية بالقرافة ” ا. هـ.

وفي كتاب تحفة الأحباب وبغية الطلاب نرى فصلا آخر من فصول الطريقة العدوية في عهد الناصر محمد بن قلاوون حيث يحكي المؤلف عن شيخ مشايخ الاسلام زين الدين أبي المحاسن ويقول : ” وفى قبلي هذه التربة والرباط تربة (هذه التربة سماها المقريزي فى الخطط بالزاوية العدوية) الشيخ الصالح العارف المحقق الرباني شيخ مشايخ الإسلام زين الدين أبي المحاسن يوسف بن الشيخ شرف الدين محمد بن الحسن بن الشيخ أبي البركات بن صخر بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن الحسن بن مروان بن الحسن بن مروان بن الحكم‏ بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشي الأموي نزيل القاهرة توفى سنة سبع وتسعين وستمائة وبناء هذه التربة والقبة التى على ضريحه من أعاجيب البناء ووافق الفراغ من العمارة في ربيع الأول سنة خمس عشرة وسبعمائة وقد حكى الأزهرى أنه كان له بداية ونهاية وسياحة وتجريد وتحقيق وتدقيق ومعرفة تامة فى طريق القوم وكان من كبار الصالحين في عصره وقيل إنه يعرف بصاحب الحورية أيضا وقد تقدم ذكر صاحب الحورية من أولاد السيد الشريف ابن طباطبا البصري.

وحكى الشيخ تقى الدين أبو جعفر أحمد المقريزي فى كتابه المواعظ و الآثار فى باب ذكر الزوايا فقال الزاوية العدوية بالقرافة الصغرى تنسب إلى العارف باللّه عدي بن مسافر الهكاري العدوي المشهور فى الآفاق صحب عدة من المشايخ ثم انقطع فى جبل الهكارية من أعمال الموصل وبنى له هناك زاوية فمال إليه أهل تلك النواحى وظهر له مناقب ومآثر هناك إلى أن كثر أصحابه وأولاد أخيه الشيخ العارف صخر بن مسافر فتوفى الشيخ عدي هناك فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة وتخلف من بعده أخوه صخر وتفرق أولاده فى البلاد ، وأقبل إليهم العباد فنزل منهم بالموصل الشيخ شمس الدين الحسن بن أبي المفاخر عدي بن أبى البركات بن صخر أخو عدي بن مسافر الملقب‏ بتاج العارفين أبي محمد شيخ الأكراد وجده هو أخو عدي بن مسافر كان من رجال العلم دهاء ورأيا وحزما وله فضل وأدب وله أتباع ومريدون يبالغون فيه توفى شهيدا فى سنة أربع وأربعين وستمائة وله من العمر ثلاث و خمسون سنة قتله صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ وقد نزل الشيخ أبو البركات بن صخر أبو هذه الذرية عند عمه عدي بن مسافر بالمكان المعروف بلالش فى جبل الهكارية من أعمال الموصل.

و قدم الشيخ زين الدين أبو المحاسن يوسف إلى بلاد الشام فأكرم وأنعم عليه بأمرة ثم تركها وانقطع على هيئة الملوك من اقتناء الخيول المسومة والمماليك و الجوارى والملابس والغلمان وعمل الأسمطة الفاخرة فخاف على نفسه فترك ولده الشيخ عز الدين هناك ودخل إلى القاهرة و أقام بها فأكرم بها ثم أن ولده عز الدين اتسعت عليه النعمة فافتتنت به بعض نساء الطائفة القيمرية وبالغت فى تعظيمه وبذلت له الأموال الكثيرة وصار جماعتها يلومونها فيه فلا تصغي إلى قولهم بل تزداد فيه اعتقادا ، فلما كان فى بعض الأيام أتاه الأمير الكبير علم الدين سنجر الدوادار ومعه الشهاب محمود فإذا هو كالملك فى قلعته للتجمل الظاهر والحشمة الزائدة والفرش الأطلس والآنية الذهب والفضة والصيني وغير ذلك من الأطعمة الملونة والأشربة المختلفة ولما دخل عليه الأمير سنجر المذكور قبل يده وهو جالس لم يعبأ به و صار قائما هو والشهاب محمود بين يديه يحدثانه إلى أن أذن لهما بالجلوس فجلسا على ركبهما متأدبين فلما أرادا الانصراف أنعم عليهما بما يقارب الخمسة عشر ألف درهم ..

 ثم بعد ذلك أنعم على الشيخ‏ عز الدين بإمرة بدمشق ثم اتتقل إلى إمرة بصفد ثم أعيد إلى دمشق وترك الإمرة وانقطع وتردد إليه جماعة من الأكراد من كل قطر وحملوا إليه الأموال ثم أنه أراد أن يخرج على السلطان بمن معه من الأكراد واشتروا العدد والسلاح والخيول ووعد رجاله بنيابات البلاد ونزل بأرض الجون فبلغ ذلك السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فكتب إلى الأمير تنكز نائب الشام فكشف أخبارهم وأمسك السلطان من بهذه الزاوية من الفقراء العدوية واختلفت الأخبار فى خروجهم فقيل يريدون سلطنة مصر وقيل يريدون اليمن وحصل للسلطان من ذلك قلق عظيم ثم جاءه الخبر بعد أيام بأن الأمير تنكز نائب الشام قبض على عز الدين المذكور وسجنه فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة إلى أن مات ، وتفرقت الأكراد وهذه الواقعة كانت بعد موت الشيخ زين الدين يوسف المدفون بهذه التربة بأربعين سنة فقد ظهر بهذه الحكاية أن الشيخ عدي بن مسافر لم يكن بمصر ولا بالقرافة بل هذه الذرية من أولاد أخيه صخر والشيخ عدي يعرف بالأعزب وبهذه التربة قبر بإيوان شرقي باب القبة به الشيخ الصالح العارف بهاء الدين أبو الفتح محمد بن أحمد العدوي أحد خلفاء الشيخ الصالح زين الدين أبي المحاسن يوسف توفى فى ثالث عشر ربيع الأول سنة سبع و ثلاثين و سبعمائة “.

ومن تتبع الأحداث الواردة عند المؤرخين لا يمكننا أن نغفل عن عن المسار الذي سارت فيه الطريقة العدوية حيث جمعت بين التصوف والسياسة وهو ما يرجح ما ذهبنا إليه من أنها محاولة لإحياء الأمجاد القرشية وإن كنا لا نملك دليلا على انتسابهم إلى بني عدي بن كعب إلا أن عددا كبيرا من الشواهد تشير بوضوح إلى ذلك خاصة وأن الشام والموصل كان فيهما تجمع كبير من بني عدي بن كعب ، وقد ارتبطت الطريقة العدوية باليزيدية في شمال العراق حيث عاشوا بالقرب من قبر عدي بن مسافر في رعاية الدولة العثمانية وتولى بعضهم ولايات في أربيل وكان منهم عدد من الأسرات اليزيدية الحاكمة وشارك بعضهم في فتح بغداد مع السلطان مراد الرابع واشتهر منهم في ولاية حلب الشيخ عز الدين بن يوسف الكردي العدوي المتوفي سنة 948 هـ / 1541 م. والذي تولى إمارة حلب في أواخر الدولة الجركسية وأوائل الدولة العثمانية وصار له نفوذ كبير في البلاد وعرف بعدائه لبيت جان بولاد الكردي (جنبلاط) ، أما في مصر فقد سلكوا مسلك التصوف واندمجوا مع سائر الطرق وعاشوا في القاهرة بالقرب من الزاوية العدوية بالقرافة ومسجد العدوي في باب الشعرية حيث عاش عدد من خلفائهم بعيدا عن السياسة التي عصفت بآبائهم تاركين لنا قدرا كبيرا من الغموض حول أصلهم وعلاقتهم بقبيلة بني عدي حيث ساهموا في انتشار الاسم وارتباطه بالصوفية من وقتهم وحتى يومنا هذا.