
(1) المؤسسات الثقافية
1- عانت مصر لسنوات طويلة من توجيه الرأي العام للنخبة والعوام عن طريق وزارتي الثقافة والإعلام وهما ابنتان غير شرعيتين لوزارة الإرشاد القومي التي أخذت على عاتقها تدجين المثقفين وعمل غسيل مخ للناس.
2- احتكرت الدولة الإنفاق على المجال الثقافي والإعلامي زمنا طويلا وهو أمر في ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب لأن الأصل في المجالات المعرفية والإبداعية المختلفة هو الحرية وإذا قيد المبدعون بالقيود الحكومية (سلطة المنح والمنع) فقدت الغرض الأساسي منها ودارت في فلك الحكام.
3- الصحافة والإعلام في العالم الحديث صناعة تحتاج إلى رأس مال وإدارة لازمان للتمويل وترتبط بالإعلان بصورة مباشرة ، وفي مرحلة بناء النهضة يجب تقديم التسهيلات المختلفة للرأسمالية الوطنية لتطوير المنظومة الإعلامية وفق معطيات الحرية والديموقراطية للسعي نحو صناعة رأي عام جديد.
4- ارتباط النشاط الثقافي والإبداعي بالأجهزة الحكومية للدولة أحدث ضررا بالغا لكليهما حيث أثقلها بالنفقات وقيدته بالبيروقراطية ، والحل أن يعود المجال الثقافي لمجاله الحقيقي وينطلق من وسط المجتمع معبرا عن صوت الناس الحقيقي.
5- من واجب النخبة المثقفة والإعلام الحر نشر قضية التنوير والثقافة وصناعة الرأي العام الجديد بين قطاعات المجتمع المختلفة حتى تتشكل الجمعيات والمنظمات والمؤسسات التي تقوم على هذه المهمة.
6- لا يعني ذلك بالطبع منع الدعم الحكومي عن المجال الثقافي لكن ينبغي قطع الصلة الإدارية مع الدولة لتتحول كل الكيانات التابعة لوزارة الثقافة إلى مؤسسات مجتمع مدني بما في ذلك قصور الثقافة.
7- في أوائل القرن العشرين بدأت النهضة الثقافية في مصر على صورة مبادرات فردية سواء في الصحافة (الأهرام والمؤيد) أو المسرح (الفرق الشامية) أو الأدب (المنفلوطي) أو الفكر (أحمد لطفي السيد) أو الشعر(أحمد شوقي وحافظ إبراهيم) ، بل إن أعظم مشروع ثقافي آنذاك وهو الجامعة المصرية كان عملا أهليا خالصا.
8- قيام ثورة 19 أوجد روحا ثورية ووطنية فعالة حولت الكثير من هذه المبادرات إلى مؤسسات مجتمعية صنعت ثورة في المجال الثقافي في كل المجالات (عصر المبدعين العظام) الذين شكلوا الرأي العام في مصر خلال الحقبة الليبرالية وساهمت الأحزاب الناشئة آنذاك في ذلك بقوة.
9- يجب فتح المجال لكل من المبادرات والأفكار المتنوعة بهدف تحرير العقول.
10- يجب أن تتحول المبادرات الفردية والمؤسسات الحكومية الثقافة إلى كيانات مجتمع مدني فاعلة لترسم معالم الحياة الثقافية وتصنع الرأي العام المصري الجديد مدعوة بقوة لمشاركة المجتمع المدني في هذه المهمة.

(2) الوعي القومي
1- فضلت الأنظمة المتعاقبة أن تحكم شعبا جاهلا ليسلس لها قياده ، وأغلب الظن أنهم لم يكونوا جادين في محو الأمية التي لا تزال قائمة بنسبة تقترب من نصف السكان ، علاوة على الإضعاف المستمر والممنهج للتعليم حتى تفشت الأمية الثقافية في النصف الآخر مع فشل المؤسسات الثقافية الحكومية.
2- باستثناء فئة صغيرة من المثقفين القارئين الذين يمكنهم مقاومة ذلك فإن الأرضية المعرفية حاليا في غاية السوء حيث يمكننا الجزم بأن البناء العقلي العام مصاب بخلل جسيم يمكن تشخيصه كمرض اسمه (الضحالة الفكرية المزمنة) ومن مضاعفاته غياب ثلاث قناعات إيجابية حيوية وشيوع ثلاث قناعات سلبية مدمرة انعكست على السلوك العام.
3- أول القناعات الحيوية الغائبة هي (غياب القيم الحضارية) المتمثلة في تقدير المنجزات الحضارية الفكرية والمادية و احترام الآخرين والقبول بالرأي الآخر وتقديس حياة الإنسان (سلامته الجسدية والمعاملة الآدمية وحقوقه الأساسية) ، لتسود بدلا من ذلك سلوكيات التعصب والغوغائية وإيذاء الآخرين (مثل انتشار التحرش الجنسي والعنف الطائفي).
4- ثاني هذه القناعات هي (غياب احترام القانون) سواء بالتحايل عليه أو استغلال ثغراته أو بالمخالفة المباشرة (قد يحدث ذلك بسبب القدرة على الإفلات من العقوبة أو باستعمال القوة والنفوذ) ، وتكمن الخطورة الحقيقية في غياب الشعور بالذنب واعتبار ذلك نوعا من الشطارة والفهلوة وإثبات الذات.
5- أهم القناعات الغائبة هي (غياب الروح الوطنية) التي تترجم إلى فقدان الشعور بالانتماء ليحل بدلا منه الشعور بالغربة وتختفي بالتالي سلوكيات الحفاظ على الصالح العام وتسود النظرة السلبية لمؤسسات الدولة (مثل التهرب من التجنيد) وعدم احترام الملكية العامة (مثل تخريب المرافق).
6- أما أول القناعات السلبية الشائعة فهي (ظاهرة ثقافة القطيع) حيث يفتقد الفرد القدرة على التمييز ويفضل بناء اختياراته (خاصة السياسية) على ما يقرره المجموع العام والذي يتأثر غالبا بالإعلام الموجه ، وهو أيضا فريسة سهلة للترويج الإعلاني الذي يجعل القطيع سوقا دائمة ومضمونة للسلع الاستهلاكية الكمالية والمظهرية.
7- القناعة السلبية الثانية هي (ظاهرة الخلاص الفردي) التي تدفع الفرد إلى تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة والبحث عن النجاح الفردي بأي وسيلة (سواء بالسفر للخارج الذي صار حلم الجميع أو السعي للربح بأي صورة ولو على حساب الآخرين).
8- أهم القناعات السلبية الشائعة هي (ظاهرة أخلاق الزحام) حيث يتفشى العنف اللفظي والبدني في البيوت والشوارع وأماكن التجمعات المختلفة لاسيما الطوابير المختلفة (مثل طابور العيش أمام المخابز وغيره).
9- يجب النزيف الحادث في جوهر العقل المصري والذي أدى إلى هذه القناعات ومن ثم إعادة الأمل في إمكانية الإصلاح مرة أخرى.
10- أمامنا مهمة شاقة وهي إعادة البناء العقلي والمعرفي للإنسان المصري من خلال الأحزاب الشبابية الثورية المتناغمة مع مؤسسات المجتمع المدني لصناعة ثقافة مصرية مجتمعية جديدة.

(3) الشخصية المصرية
1- عماد بناء الشخصية المصرية السوية يرتكز على أربع أركان أساسية يجب أن تكون واضحة في برامج الأحزاب السياسية وخطط الاستثمار في الموارد البشرية وجهود المجتمع المدني ، هذه الأركان هي (غرس الإيمان) ، (نشر الأخلاق) ، (حفظ الحياة) ، (بناء العقل).
2- غرس الإيمان يمثل أساس البناء ، ويعتمد بصورة كبيرة على تسليح الفرد بالفقه الإسلامي الوسطي التي يمكنه من الفهم والعمل والتفكير والعبادة بعيدا عن تقليد الآخرين و اتباع القطيع في صورة تجمع بين الاستيعاب النظري والممارسة العملية تحت إشراف علماء الأزهر الشريف.
3- لتحقيق ذلك يلزم وجود تيار إسلامي تجديدي من قلب المجتمع المدني يعتمد أفضل الطرق الحكيمة للوعظ والإرشاد وأحسن الوسائل المناسبة للدعوة ولظروف المدعوين مدركا أن الغرض النهائي لغرس الإيمان هو حسن الصلة بالله عز وجل والوصول إلى التقوى وتحقيق ثمرات العبادة.
4- نشر الأخلاق ويمثل أرضية البناء ، ويهدف بشكل أساسي إلى تغيير سلوكيات المجتمع نحو المودة والرحمة وحب الناس واحترام الآخر والتواضع والحلم والقناعة بأن تحقيق سنة النبي (ص) إنما يكون بحسن الخلق.
5- لتحقيق ذلك يلزم وجود حركة فاعلة للأحزاب والجمعيات في النوادي والمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة تعمق الاتجاه العام نحو ثقافة التعاون والتكافل الاجتماعي وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والدعوة إلى المعاملات الطيبة في البيت والشارع والعمل ووسائل المواصلات وأماكن التجمعات.
6- حفظ الحياة ويمثل أعمدة البناء ، ويهدف إلى الاهتمام بكافة شئون الإنسان المصري من ناحية التوعية الطبية والسلامة البيئية والصحة النفسية ومشكلات الزواج والأمومة والطفولة ومكافحة التدخين والإدمان وحوادث الطرق والتلوث وتطبيق برامج الطب الوقائي والتأمين التعاوني.
7- يتم ذلك من خلال التعاون الوثيق بين المؤسسات السياسية (الأحزاب) والمؤسسات الاجتماعية (الجمعيات) لإنشاء مراكز تطوعية مشتركة لتنفيذ برامج التوعية والتأهيل في البيئة المحلية وكذلك برامج المكافحة والوقاية المختلفة إلى جانب تحصين ذلك بالقوانين اللازمة والقرارات الإدارية الفاعلة للأحزاب الموجودة في البرلمان والحكم المحلي.
8- تنمية العقل ويمثل جدران البناء الحامية ، ويهدف إلى بذل جهد تثقيفي وتعليمي وفكري يبني عقلية علمية مستقبلية جديدة تساهم بفاعلية في بناء الوطن وتفتح آفاق التقدم والنجاح للفرد والمجتمع.
9- يتم ذلك من خلال إنشاء مؤسسات أهلية للعلوم والثقافة توفر التعليم التكميلي المؤهل لسوق العمل واكتشاف ورعاية الموهوبين في المجالات الأدبية والثقافية والفنية وإنشاء المنتديات الفكرية والسياسية.
10- الحكم المحلي المنتخب من الناس هو الأقدر على التنسيق بين الأحزاب والجمعيات والشركات للقيام بهذا الدور إلى جانب إشرافه الكامل على مراكز الشباب وقصور الثقافة داخل نطاقه الجغرافي بما يمكنه من توجيه الإنفاق المالي لصناعة الثقافة الجديدة بنفس الأهمية التي يوجهها للبنية التحتية والخدمات.

(4) الطليعة المصرية
1- الحكم المحلي الرشيد هو الذي يخدم قضايا الثقافة بالدعم المالي والمعنوي لأن محصلتها النهائية تصب في صالح بناء الشخصية المصرية من كل جوانبها وهو بذلك يستثمر في الثروة البشرية التي ينبغي أن تصبح جزءا من الحل وليس سببا للمشكلة.
2- حتى يتحقق ذلك لابد من وجود شرطين مهمين ، أولهما وجود الحكم المحلي المنتخب والذي يملك الصلاحيات المالية اللازمة لتحقيق هذه المهمة ، وثانيا نقل تبعية المؤسسات الثقافية (مثل قصور الثقافة ومسارح الدولة) والشبابية (مثل مراكز الشباب والنوادي الحكومية) من السلطة المركزية إلى الحكم المحلي.
3- مشاركة الشباب في مؤسسات الحكم المحلي يمكنها من تحقيق برامجها الابتكارية على أرض الواقع بما لا يحمل الميزانية المحلية أي أعباء.
4- يتم ذلك عن طريق تبني المبادرات الفردية في المجال الثقافي وإقامة المشروعات المشتركة مع المجتمع المدني والتواصل مع الشركات المهتمة بالتنمية البشرية.
5- إدارة العلاقات العامة الناجحة داخل منظومة الحكم المحلي يمكنها من عمل مشروع وطني لصناعة (الطليعة المصرية) بالتنسيق بين المدارس والجامعات وورش العمل المختلفة في كل المؤسسات المهتمة بالنواحي الدينية والثقافية والإعلامية المحلية (من صحف وقنوات) وفي الجوهر منه (محاور بناء الشخصية المصرية).
6- المشروع الأول لهذه الطليعة ينبغي أن يبدأ بتشجيع الجيل الجديد على القراءة عن طريق مبادرات دعم الكتاب والصحافة المحلية إلى جانب رفع القيود الإدارية المعوقة لإصدار الصحف والمطبوعات المختلفة وتقديم الإعفاء الضريبي الملائم والمشجع (دور لجنة الشباب في البرلمان).
7- المشروع الثاني للطليعة المصرية هو تبني كافة المؤسسات لتنشيط (السياحة الداخلية) ، وهو أمر هام للتربية الوطنية الحقيقية ودراسة عملية لتاريخ الأمة المجيد بزيارة الآثار المصرية التي تملأ البلاد إلى جانب فوائده المادية لوزارة الآثار لو تم بشكل منظم ومنهجي بالتعاون مع وزارة التعليم ومؤسسات التعليم الجامعي المختلفة.
8- المشروع الثالث للطليعة يتمثل في إنشاء منظومة متكاملة للمشروعات الصغيرة التي تحقق الكفاية المادية لصاحبها سواء المشروعات الفردية أو القائمة على نظام التعاونيات إلى جانب المشروعات المتوسطة التي تخدم البيئة المحلية مثل مشروعات جمع القمامة وتدويرها.
9- المحصلة العملية النهائية للثقافة الجديدة هي خلق مجتمع محلي منتج قادر على الحياة بكرامة لا يستجدي الصدقة والإحسان من السلطة الحاكمة أو من الأغنياء وإنما يتمتع بحق من حقوقه في الناتج القومي بشكل عملي قائم على محورين أولهما يوجه سلوكه العام نحو الإيجابية والإنتاج والعيش المشترك وثانيه يعينه على تنفيذ ذلك في الواقع العملي.
10- في الثقافة الجديدة تعمل القطاعات الثلاث ، السياسي (الأحزاب) والاقتصادي (الشركات) والاجتماعي (الجمعيات) في تناغم من خلال منظومة الحكم المحلي الرشيد نحو التقدم المنشود.

(5) المجتمع المدني
1- صناعة الثقافة الجديدة لا تتحقق من خلال الوسط العقلي والثقافي فقط وإنما من خلال الإصلاح الإجتماعي ومحاربة العادات والتقاليد والأفكار المعوقة لتقدم المجتمع المحلي.
2- هذه المهمة تنفذ من خلال محورن هامين ، أولهما المحور السياسي (التنفيذي والتشريعي) ، وثانيهما المحور الاجتماعي (منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية).
3- تتضمن مهام الإصلاح الاجتماعي للمجتمع المحلي أربع محاور أساسية ، ضمان الحريات ، ثقافة التعاون ، السلامة البيئية ، مكافحة التمييز.
4- ضمان الحريات وفي القلب منها الحرية السياسية والفكرية لأن الثراء الحقيقي للمجتمع يعتمد على تعدد الأفكار والآراء وانسيابها في حرية وأمان مما يؤهل المجتمع المحلي لفكرة (الديموقراطية التشاركية) التي تدفع باتجاه التطور الدائم بقدرته على استيعاب الأفكار والمقترحات الجديدة مهما كانت غرابتها.
5- نشر ثقافة التعاون والتضامن الاجتماعي في المجتمع المحلي حتى يتمكن الحكم المحلي من إنشاء ومتابعة برامج ضمان اجتماعي مستديمة وكافية لسد احتياجات المجتمع المحلي بعيدا عن إرهاق موازنة الدولة وهذا لن يتأتى إلا بقناعة المواطنين أن الضمان الاجتماعي يحمي المجتمع المحلي ككل ويحمي أفراده.
6- اتخاذ الإجراءات القانونية والمجتمعية لمقاومة كل العادات الضارة بالبيئة وصحة الإنسان ووجود حلول جذرية لمشاكل عوادم السيارات والتدخين في الأماكن المغلقة وحرق قش الأرز والقضاء على صرف المخلفات الكيماوية للمصانع في النيل والتخلص من الصرف الصحي في الترع والمصارف وحل مشاكل القمامة والنفايات الطبية.
7- مكافحة كل صور التمييز ضد فئات بعينها (المرأة ، الأقباط ، البدو ، إلخ …) في اتجاه عام نحو تحقيق المساواة الحقيقية لجميع مواطني جمهورية مصر العربية في الحقوق والواجبات في إطار ثقافة المواطنة النابعة من عقل ووجدان المصريين جميعا.
8- الإصلاح المجتمعي مهمة شاقة تتطلب تضافر جهود الحكم المحلي مع الأحزاب والبرلمانيين والمؤسسات الدينية والتعليمية المحلية ومؤسسات المجتمع المدني وقصور الثقافة ومراكز الشباب والصحافة والإعلام المحليين.
9- دعم تأسيس المؤسسات الشعبية المختلفة تسهم في توفير الاحتياجات الأساسية ومعاونة الحكم المحلي مما يسهم في تكريس ثقافة التعاون.
10- الحكم المحلي الرشيد يستطيع توظيف فكرة المؤسسات الشعبية في مهمة الإصلاح الاجتماعي وتوجيه البيئة المحلية نحو الأفضل بقيامها بواجب التوعية والتثقيف ويتطلب ذلك الوعي بأهمية القضية وعمل التأهيل اللازم لصناعة (الرائد الاجتماعي المثقف الإيجابي).

(6) الآداب والفنون
1- تجديد الثقافة الوطنية المصرية أمر يحدث دوما عقب الأحداث الجسام في التاريخ المصري ، وهو أمر يرتبط بصحوة العقل الجمعي المصري ويترجم إلى إبداع المبدعين.
2- كل صور الإبداع المختلفة من كتابة وموسيقى وتمثيل وفن تشكيلي وشعر وغيره يعبر عن مدى التغيير الحادث في المجتمع.
3- في أجواء الحرية الحقيقية تزدهر الآداب والفنون وتسير في اتجاه التعبير عن العاطفة الحقيقية للشعب والارتقاء بمكنونات النفس الإنسانية بينما في أجواء القمع تخرج عن هذا الإطار في اتجاه الابتذال والمجون وإخراج أسوأ ما في النفس الإنسانية.
4- في النظم الشمولية يتم توجيه الآداب والفنون لخدمة النظام الحاكم وتغييب وعي الشعب وتقوم هذه النظم بالإغداق على صور معينة من الإبداع الفني لاستعماله في إلهاء المجتمع عن المطالبة بحقوقه واضعا المثقفين في فلكه المادي والوظيفي.
5- في أعقاب الانتكاسات الحادة (مثل الاحتلال البريطاني وهزيمة 67 ) تنحدر الثقافة العامة للمجتمع وتهبط أخلاقياته مما ينعكس بشدة على كل صور الإبداع فتصاب بالضمور والتفاهة والسطحية ولا تعبر عن حقيقة المصريين وإنما تبدأ في الترويج لأفكار مغلوطة تكرس للسلبية والأنانية والخنوع.
6- في أعقاب الثورات العظمى في تاريخ البلاد تعود الآداب والفنون إلى صدارتها المعهودة على هيئة إنتاج ثري وغزير ومتنوع في كل مجالات الإبداع ، ولا يكتفي بدوره التعبيري عن أعماق النفس وإنما يتولى الدور الريادي الأكبر في الإصلاح المجتمعي والسياسي.
7- الإبداع الحقيقي هو الذي يصدر من الناس وإلى الناس لا تتدخل الدولة فيه بالمنح والمنع وإنما يتم تمويله ذاتيا من المجتمع المحلي الواعي بأهمية الثقافة والإبداع.
8- الاستثمار في مجال الفكر والإبداع بكل صوره خطوة هامة على طريق التقدم الحضاري طالما التزم بالقانون والعرف الاجتماعي وسلامة الدولة المصرية ومن واجب الحكومات والحكم المحلي تقديم كل التسهيلات الممكنة لتشجيع ذلك.
9- الربط الإداري للقطاعات الثقافية بالجهاز الحكومي تقيد الإبداع وتثقل كاهل الدولة لكن الدعم المالي (سواء المقدم من الدولة أو من الحكم المحلي) مسموح به إذا قررت ذلك السلطات المنتخبة المعبرة عن إرادة الناس.
10- تحقيق ذلك بنجاح لابد من وجود مؤسسات سياسية (أحزاب) تتبنى قضايا الإبداع الأدبي والفني وتقود (الثورة الثقافية) التي تحقق التنوير المنشود بين قطاعات المجتمع المختلفة وتصنع (الرأي العام الجديد) الملائم للدولة المصرية ذات الحضارة العريقة لتعود إلى موضعها الطبيعي والمتميز بين الأمم.