2 / الدولة الحفصية

عندما انهارت دولة الموحدين تقسمت أراضيها بين أربع دول وهي : بني الأحمر في غرناطة والمرينيون في المغرب الأقصى والزيانيون في المغرب الأوسط والحفصيون في تونس وشرق الجزائر وطرابلس ، وقد استمرت الدولة الحفصية من عام 1229 وحتى عام 1574م واستمدت التسمية من أبي حفص عمر (1174 – 1195م) أحد أجداد الأسرة وهو من رجالات ابن تومرت الأوفياء والذي يرجع بنسبه إلى فرع قديم من قبيلة بني عدي هاجر إلى بلاد المصامدة في المغرب الأقصى بعد قيام الدولة العباسية ، وقد دار جدل كبير بين المؤرخين حول نسب الحفصيين يشبه ما دار حول الفاطميين من قبل خاصة وقد نشأ الاثنان في نفس البقعة الجغرافية لكن مع فارق الزمن فمن المؤرخين من أرجعهم إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مثل ابن نخيل الذي يعد أول كاتب لديوان الدولة الحفصية والبعض الأخر ينسبهم  إلى قبيلة هنتاتة البربرية التي تعتبر من أهم قبائل المصامدة وموطنها بجبال درن القريبة من مدينة مراكش المغربية حيث كان أبو حفص يتمتع بنفوذ ومكانة بين قبائل المصامدة ، وقد كان وجود بني عدي في المغرب والأندلس أمرا شائعا ومعروفا بل كان منهم الزعماء مثل عثمان بن حمزة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي كان له في الأندلس رياسة وشرف وقتل على يد عبد الرحمن الداخل مما يرجح أن بني عدي في المغرب دخلت في جوار المصامدة ونشأ بينهم حلف كما حدث من قبل وتحالفت كتامة مع الفاطميين.

وقد حسم ابن خلدون مسألة نسبهم فقال : ” وأما نسبه فهو عمر بن يحيى بن محمد بن وانودين بن علي بن أحمد بن والال بن إدريس بن خالد بن إليسع بن إلياس بن عمر بن وافتن بن محمد بن نحية بن كعب بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب هكذا نسبه ابن نخيل وغيره من الموحدين ويظهر منه أن هذا النسب القرشي وقع في المصامدة والتحم به واشتملت عليه عصبيته شأن الأنساب التي تقع من قوم إلى قوم وتلتحم بهم كما قلناه أول الكتاب ” ، ويقول الدكتور أيمن زغروت في موقع النسابون العرب : (لم يكن لسالم بن عبد الله بن عمر ابن اسمه محمد قط  وإنما له من الولد ثلاثة هم : أبو بكر وعمر وعبد الله قال بذلك الامام ابن حزم في جمهرته وكقاعدة في الأنساب أنه لو ثبت لهم شهرة بالنسب العمري فاضطراب العمود لا يكفي لنفي النسب العمري عنهم ، وقد وجدت نصا لابن حزم يتحدث فيه عن ذرية سالم بن عبد الله بن عمر المذكور لكن من ابنه أبي بكر وليس محمد أن منهم من سكن بصرة المغرب إلا انه صرح بأنهم بادوا فيقول ابن حزم : ” ومنهم قوم سكنوا بصرة المغرب وقد بادوا وكان رحل منهم إلى فاس وأوطنها إدريس بن عامر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن أبي بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر” ومن هذا النص فقد ثبت وجود تاريخي لذرية سالم بن عبد الله بن عمر في المغرب لكن ما يضعف الإمكانية أنه نص على أنهم بادوا وهذا لا يكفي لان الأنساب في هذه الأصقاع كان لا يضبطها المدونون بحيث ترقى تصريحات ابن حزم إلى اليقين بفناء هذا البيت بالمغرب وعليه فربما سكن هذا الفرع بين ظهراني هنتاتة و المصامدة وتزعموهم ومما يقوي هذا المنحى نعت بعض الكتب أبي حفص بلقب السيد و الله أعلم “.

 ويعد ابنه الأمير أبو زكريا الحفصي (1228-1249م) هو المؤسس الفعلي للدولة حيث قام بالاستيلاء على السلطة وأعلن استقلاله واستطاع أن يؤسس دولة خلفت الدولة الموحدية في المنطقة وقضى ابنه المستنصر (1249-1277م) على الحملة الصليبية الثامنة (سنة 1270) ثم اتخذ لقب أمير المؤمنين ، وبعد وفاته تنازع أولاده الحكم وجرت حروب طاحنة بينهم وفي أواخر القرن الثالث عشر الميلادي انشق عن الأسرة فرعان حكم أحدهما في بجاية والآخر في قسنطينة وفي منتصف القرن الرابع عشر الميلادي استولى المرينيون على البلاد ، وبعد جلاء المرينيين استعادت الدولة الحفصية حيويتها إذ حكمها أبو العباس أحمد (1370-1394م) وأبو فارس عبد العزيز (1394-1434م) ثم أبو عمر يحيى (1435-1488م) حيث عرفت هذه الفترة الاستقرار وعم الأمن أرجاء الدولة وأصبحت العاصمة تونس مركزا تجاريا مهماً ، وابتداء من سنة 1494م بدأت مرحلة السقوط السريع حيث استقلت العديد من المدن والمناطق ومنذ 1505 م سيطر الأتراك عن طريق قادتهم عروج وخير الدين بربروسة على المنطقة ثم حاصر الإمبراطور الجرماني كارل الخامس وملك إسبانيا كارلوس الأول تونس سنة 1535م. حيث وقع آخر الحفصيين تحت الضغط المتزايد من القادة الأتراك الذين استقروا في الجزائر من جهة والإسبان من جهة أخرى وفي سنة 1574م أفلح حاكم الجزائر في دخول تونس وتم خلع آخر السلاطين الحفصيين ودخلت بذلك تونس تحت سلطة العثمانيين.

وكانت الدولة الحفصية قد شهدت إسدال الستار على الحروب الصليبية عندما تصدى ملوكها للحملة الصليبية الثامنة التي قادها لويس التاسع والذي قصد احتلال تونس والسير منها عن طريق البر إلى مصر ثم الشام وذلك بعد أن فشل من قبل في غزو مصر عن طريق البحر لكن حظه العاثر انتهى به إلى الوفاة على الأراضي التونسية كما انتهى الحال به من قبل إلى الأسر في الأراضي المصرية ، وكان لويس قد بدأ الدعوة لتلك الحملة عام 1267 م. لكنه أبحر في عام 1270 م. من كاليجاري في صقلية ووصل سواحل إفريقية في يوليو وذلك في موسم سيء للرسو حيث مرض العديد من جنوده بسبب مياه الشرب الملوثة وفي 25 أغسطس مات لويس بالكوليرا ويروى أن آخر ما تلفظ به لويس كان ” القدس ” وبسبب تفشي الأمراض تم التخلي عن حصار تونس في 30 أكتوبر وذلك باتفاق مع السلطان حيث حصل الصليبييون على اتفاق تجارة حرة مع تونس وتم الموافقة على وجود القساوسة والرهبان في المدينة ، وكان هذا الاتفاق فرصة للسلطان المملوكي  بيبرس للطعن على الحفصيين ونعتهم بالجبن حيث كان يفضل المواجهة بينما المستنصر الحفصي يفضل السياسة لكن السبب الحقيقي هو تلقب الحفصيين بلقب الخلافة الذي يعارض مشروع الخلافة العباسية الصورية التي صنعها بيبرس في القاهرة.  

ويرصد الباحث أحمد عبد الفتاح أبو هشيمة تأثير الدولة الحفصية على المشرق العربي وقت تأسيسها حيث رفعت راية الخلافة الإسلامية مستندة إلى النسب القرشي وذلك في بحثه القيم المنشور في مجلة الجزائر الثقافية تحت عنوان : (مصر وبلاد الحجاز في ضوء تداعيات إعلان الخلافة الحفصية) فيقول : ” وبعد موت أبي زكريا تولى زعامة الحفصيين ابنه أبو عبد الله محمد الذي تسمى (المستنصر بالله) والذي أعلن نفسه أمير المؤمنين بعد سقوط بغداد بيد التتار عام (656هـ) وكان إعلانه نفسه أميرا للمؤمنين سنة (657هـ/1259م) وبايعه شريف مكة بالخلافة .. ويعد عهد «أبو عبدالله المستنصر» (647 – 675هـ : 1249 ـ 1277م) من أزهى عصور الدولة الحفصية  فلم يكن عهده أقل من عصر أبيه ازدهارا حيث ذاعت شهرته في الآفاق واجتمع في بلاطه رسل وسفراء الممالك المجاورة ولم يقنع بلقب الأمير فلقب نفسه بالخليفة وحصل على وثيقة من شريف مكة تجعله وارثا للخلفاء العباسيين الذين قضى عليهم المغول وهكذا صارت الخلافة الحفصية خلافة قوية امتد سلطانها الروحي على الحجاز شرقا وعلى المغرب والأندلس غربا .. وقد بايعته قبائل بني مرين وقدم إليه ملوك برنو بالسودان هدايا نفيسة كما كان يتلقى السفارات من المدن الإيطالية وبعض دول البحر المتوسط وعدد من دول أوروبا النائية التي كان ملوكها يقدمون إليه الهدايا.

وبالرغم من أن مصر وبلاد الحجاز قد نجوا من الاستيلاء المغولي إلا أنهم لم يسلما من آثار الهجمة المغولية فقد كانت تعيش مصر في اضطرابات سياسية مستمرة في ظل عدم ظهور القيادة الموحدة والسلطة المركزية حيث كان السلطان آنذاك هو نور الدين على بن أيبك وهو أبعد من أن يشكل سلطة قوية وكان هذا الأمر هو المحرك الأساسي والدافع لتوجه شريف مكة ابن نمى إلى المستنصر الحفصي الذي كانت سلطته العليا تشع على جزء كبير من بلاد المغرب فقرر الاعتراف به كخليفة للمسلمين وذلك حسب الإخباريين بإيعاز من شخص لا يتضح تماما دوره في هذه القضية وهو الفيلسوف الصوفي ابن سبعين من مواليد مدينة مرسية ، ويبدو أن هذا الأندلسي الذي كان قد أقام بتونس كالكثير من أهل بلاده قد اضطر إلى مغادرة تلك المدينة بسبب مناهضة رجال الدين الذين أزعجهم نظرياته الصوفية المتطرفة فارتحل إلى الجزيرة العربية ويدعي ابن خلدون أنه قد أوحى إلى شريف مكة بسلوكه السالف الذكر على سبيل الانتقام وإن هذا لموقف غريب ! .. وحررت رسالة البيعة بقلم الفيلسوف نفسه بأسلوب مسهب ومتأثر بالمذهب الباطني ونقلت إلى تونس في غضون سنة 657هـ/ 1259م بواسطة العالم التقليدي عبد الله بن برطلة وهو أندلسي مثله ومن مدينة مرسية أيضا وفي موكب رسمي وعام تليت تلك الرسالة من طرف قاضي القضاة أبي القاسم بن البراء الذي علق عليها وأشاد بزعيم الإسلام الجديد ..

.. وغريب الأمر أنه في أوائل سنة 659هـ/ أواخر 1260م  تلقى المستنصر بكل اعتزاز وسرور رسالة رسمية من مصر تخبره بالانتصار العظيم الذي احرزه المماليك على المغول في فلسطين (رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م) وتلقبه بأمير المؤمنين ويتساءل برنشفيك قائلا : هل كان بإمكانه أن يظن وهو يتلقى تلك الرسالة أن السياسة المصرية التي أبدت استعدادها برهة من الزمن للاعتراف بسلطته الروحية قد اصبحت خاضعة لقادة آخرين قبل ذلك بقليل ؟ .. وقد تفرد بذكر هذه الرسالة ابن القنفذ القسنطيني (ت 810هـ / 1407م) قائلا : ” وفي سنة تسع المذكورة قرئ كتاب هزيمة المغول على المستنصر وخططه أهل الديار المصرية في الكتاب المذكور بأمير المؤمنين وكان هذا من أكبر آمال المستنصر وأحبها إليه ” .. ولكن سرعان ما أن تغيرت سياسة الدولة المملوكية تجاه الحفصيين وخاصة بعد أن استولى السلطان بيبرس الأول على الحكم عن طريق الاغتيال في شهر ذي القعدة 658هـ/ أكتوبر 1260م. .. ويفهم من ظاهر سياق الرواية السابقة أن السلطان المملوكي سيف الدين قطز (657-658هـ/ 1259-1260م) هو الذى أرسل تلك الرسالة قبل حادث اغتياله على يد بيبرس البندقداري وهذا يتنافى إطلاقا مع ما ورد في المصادر المملوكية بشأن إحياء الخلافة العباسية وأن أول من فكر في إحيائها هو السلطان المظفر قطز عقب انتصاره على المغول بعين جالوت .

وكانت إحياء الخلافة العباسية في القاهرة سنة 659هـ /1261م  بمثابة الحل السعيد الذي وجده السلطان الظاهر بيبرس لإضفاء الشرعية على دولته العسكرية التي قامت بدور هائل في تصفية الوجود الصليبي وقد أثبتت الأحداث طوال عصر سلاطين المماليك أن الخلفاء العباسيين في القاهرة لم يكن لهم من الخلافة سوى اسمها كما تحددت إقامة معظمهم بحيث كانت أقرب إلى الاعتقال .. وقد تلقب الخليفة العباسي بلقب المستنصر بالله فهل كان ذلك حقًا من باب الصدفة ؟ ..  وبهذه الطريقة سيحاول السلطان المملوكي بسط الحماية المصرية على البقاع المقدسة في الجزيرة العربية ولكن ذلك سوف لا يمنع الأمير الحفصي الجالس على العرش ومعظم الذين سيخلفونه من بعده من حمل لقب خليفة والتصرف بصفتهم تلك لأن الخلافة الحفصية كانت أقرب وأشد التصاقًا بشبح ذلك اللقب لأن الخليفة الحفصي كان صاحب السلطة والنفوذ رغم الاعتبارات الأخرى على العكس من الخليفة العباسي الصوري .. ورغم ذلك لم تغفل مصر دورها الريادي عبر تاريخها الطويل فنري التحرك المصري السريع لنجدة تونس من الغزو الصليبي سنة (668-669هـ/1270م) وخاصة عندما علم السلطان الظاهر بيبرس الأول بموقف الخليفة الحفصي المتخاذل تجاه مواجهة الغزو الصليبي.

وقد أكد ذلك المقريزي بقوله : ” أن المستنصر بالله الحفصي بعث سنة (670هـ/ 1271م) بهدية إلى السلطان المملوكي الظاهر بيبرس صحبة رسالة اعتبرت في أسلوبها مقصرة في مخاطبة السلطان فلم يتقبل بيبرس شخصيا تلك الهدية بل وزعت على الأمراء ووجهت رسالة استنكارية إلى المستنصر الحفصي في التظاهر بالمنكرات واستخدام الإفرنج وأنه لم يخرج إلى مجابهة الصليبيين عندما نزلوا في قرطاجنة وكان مستخفيًا وأنه قال له : إن مثلك لا يصلح أن يلي أمور المسلمين وأنه يجب عليك أن تتحلى بالشجاعة والإباء وبذل كل الجهد للدفاع عن بلادك .. ويتضح أن الهدية التي أرسلها المستنصر إلى الظاهر بيبرس كانت خمسة وعشرين جوادا وأنه قبل هذه الخيول ووزعها على الأمراء ولم يأخذ لنفسه منها شيئًا وكانت هذه الهدية ردا على رسالته السابقة في محاولة لاستمالته وتغيير موقفه تجاه المستنصر ولكن الظاهر بيبرس أرسل إليه ردا أشد قسوة من المرة الأولى وأنكر عليه التظاهر بالمنكر واستخدام الفرنج عونا على المسلمين كما استنكر عليه ما دفعه من أموال طائلة للويس في وقت كانت فيه بلاده في أمس الحاجة إليه ومن بين العبارات التي وجهها إليه قوله : “ لقد كان من واجبك ضرورة الخروج للدفاع عن بلدك حتى ولو متخفيا وكيف تخاف وأنت في عساكرك ؟ ”.

وكل ذلك يدل على أن الظاهر بيبرس قد أصيب بخيبة أمل من موقف المستنصر الحفصي في مجابهة الحملة وكان يؤمل منه أن تكون مجابهته لهم لا تقل عن مجابهة المماليك للصليبيين سواء في صد هجماتهم أو في استرجاع الأراضي التي استولوا عليها ونتيجة لذلك الأمل الذي كان يخامر فكر بيبرس بعث هذا الأخير إلى المستنصر الحفصي برسالة يخبره فيها بأنه سيبعث له بنجدة عسكرية تساعده على مجابهة الغزاة الإفرنج ، وكتب إلى أعراب برقة وبلاد الغرب يأمرهم بالمسير إلى تونس لنجدة صاحبها وأن يحفروا آبار المياة في الطرقات التي سوف تسلكها النجدة العسكرية في مسيرتها صوب تونس وقد شرع فعلا في تعبئة النجدة العسكرية لولا وصول الأخبار عن رحيل الصليبيين عن تونس ” .. انتهى كلام الباحث أحمد أبو هشيمة والذي يتبنى فيه موقف بيبرس بينما أرى من وجهة نظري أن المستنصر الحفصي كانت له رؤية في مواجهة الحملة الصليبية تخالف رؤية بيبرس لأنه في النهاية قد ربح الحرب وصد الحملة دون أن يتكبد خسائر فادحة أو تتعرض دولته الناشئة لأي انتكاسات .. ونتيجة لذلك صارت تونس مركزا سياسيا وثقافيا هاما جذب السفراء والعلماء من جميع بقاع العالم الإسلامي ولا سيما الأندلس فكان بلاط الدولة الحفصية يزخر بأهل الأندلس الذين هاجروا إلى تونس وأقيمت قصور وبساتين ومساجد تأثرت بالأسلوب الأندلسي في البناء.

وقد ظلت العلاقة متوترة مع المماليك الذين كانوا في توجس من الخلافة الحفصية خشية أن تكرر ما فعلته الدولة الفاطمية من قبل والتي حققت نجاحاتها بمراسلة العرب في مصر ولعل ذلك كان دافعا للمماليك لتقليل حدة العداء مع العرب بل والتقرب من عشائر قريش وبني عدي تحديدا وتعيين عدد منهم في مناصب الوزارة وكتابة السر (مثل آل فضل الله العمريين) ، وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون استقبل أحد الخلفاء الحفصيين والذي عزل في نزاع داخلي وقرر اللجوء بأهله إلى مصر فاستضافه وأكرم وفادته كما ذكر ذلك ابن بطوطة وهو يتحدث عن رحلته إلى الإسكندرية فيقول : ” وكان فيها أيضا في ذلك العهد سلطان إفريقية المخلوع وهو زكرياء أبو يحيى بن أحمد بن أبي حفص المعروف باللحياني وأمر الملك الناصر بإنزاله بدار السلطنة من إسكندرية وأجرى له مائة درهم في كل يوم وكان معه أولاده عبد الواحد ومصري وإسكندري وحاجبه أبو زكرياء بن يعقوب ووزيره أبو عبد الله بن ياسين وبالإسكندرية توفي اللحياني المذكور وولده الإسكندري وبقي المصري بها إلى اليوم .. قال ابن جزي : من الغريب ما اتفق من صدق الزجر في اسمي ولدي اللحياني الإسكندري والمصري فمات الإسكندري بها وعاش المصري دهرا طويلا بها وهي من بلاد مصر وتحول عبد الواحد لبلاد الأندلس والمغرب وإفريقية وتوفي هنالك بجزيرة جرية “.