
من أشهر علماء بني عدي في القرن الثاني عشر الهجري الإمام العلامة المحقق الشيخ أبو الحسن نور الدين علي بن أحمد مكرم الله المنسفيسي العدوي المالكي (اشتهر بين العامة والخاصة بالشيخ علي الصعيدي) وكان معروفًا بهذا اللقب وسط علماء الأزهر الشريف واشتهر أيضاً بالمنسفيسي وقال عنه خير الدين الزركلي في (الأعلام) : ” علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي .. ولد في بني عدي بالقرب من منفلوط في سنة 1112 هـ / 1700م بدرب السراجية من العائلة المعروفة بناحية بني عدي أولاد عليو وأصوله من منسفيس إحدى قرى مركز أبي قرقاص بالمنيا ومن هذه الأسرة المنسفيسية العدوية الشيخ مكرم الله المنسفيسى العدوى جد المترجم ومنهم الشيخ إبراهيم المنسفيسى العدوى رأيت خطه في كتاب مؤرخ بأول شهر صفر سنة 1142هـ 1729م وهو فقيه مالكي كبير ” .. وقد نشأ بالقرية وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد الفتاح البدري وزميله الشيخ محمد الدردير وتلقى أوليات العلوم الشرعية والعربية عنهما في بني عدي ثم سافر ليجاور في الأزهر وسنه 11 سنة وتلقي عن كبار علماء الأزهر بجد وحرص واجتهاد إلى أن تصدر للتدريس والفتيا وما لبث أن صار علماً من الأعلام الكبار وله أكثر من عشرة مؤلفات وهو أول من وضع الحواشي في الفقه المالكي .. وقد نقلنا ترجمته من كتاب سلسلة أعلام بني عدي للمؤلف حسن علي حمزة.
والده هو الشيخ أحمد بن مكرم الله العدوي قال عنه الأستاذ محمد علي مخلوف : ” أصوله من منسفيس وهو والد الإمام العلامة المحقق الشيخ علي بن أحمد بن مكرم الله المنسفيسي العدوي الصعيدي المالكي وقد نشأ في بني عدي وحفظ بها القرآن الكريم وتلقى الدروس الدينية والعربية على يد العلامة الشيخ عبد الفتاح بن إبراهيم البدري العدوي رئيس مجلس الشرع في بني عدي يقال إنه مدفون في سفح الجبل الذي دفن في أعلاه عالم الصعيد الشيخ حسن بن أحمد رفاعي الهواري وقد توفى في الربع الأول من القرن الثاني عشر الهجري رحمه الله ” .. ويقول الأستاذ أحمد أبو عليو : وقد عرف والده الشيخ مكرم الله بالعلم والتقوى ، أما والدته فهي السيدة فاطمة بنت العلامة الشيخ موسى الفرضي العدوي المالكي الأزهري وكانت تلقب بـلقب (سيتن) وقبرها غربي ضريح الشيخ محمد الحلبي بصحراء بني عدي الوسطانية وقد تزوجها الشيخ أحمد بن مكرم الله بإشارة شيخه العلامة الشيخ عبد الفتاح بن إبراهيم البدري العدوي المالكي رئيس مجلس الشرع ببني عدي الوسطانية لأنه قال لابنه الشيخ مكرم الله المنفيسى العدوي أرجو إذا تزوج ولدك هذه الفتاة أن تلد له غلاماً يحيى مذهب الإمام مالك بن أنس فتزوجها فكان الأمر كما قال إذ أنجب منها هذا الفقيه المالكي العظيم .. وخاله هو الشيخ علي بن موسى الفرضي العدوي وهو أحد تلاميذ العلامة الفقيه الشيخ علي الأجهوري المالكي.
أخذ الشيخ علي بن أحمد بن مكرم الله المنسفيسى العدوي علومه في الأزهر عن أساتذة أجلاء منهم : الشيخ محمد صلاح الدين شلبي البرلسي المتوفى في ليلة الخميس في السابع عشر من صفر الخير سنة 1154هـ أربع وخمسين ومائة وألف من الهجرة 1741م . والشيخ سالم النفراوي الضرير أحد تلاميذ الإمام الخرشي وقد توفى يوم السادس والعشرين من صفر الخير سنة 1168هـ ثمان وستين ومائة وألف من الهجرة 1754م . والشيخ محمد الصغير المغربي المتوفى في رجب سنة 1138هـ ثمان وثلاثين ومائة وألف من الهجرة 1725م. والشيخ محمد بن عبد الرحمن بن ذكرى المولود بفاس أخذ عن شيوخ المغرب وله تآليف منها النصير المكلف لسيدي أحمد زروق وشرح صلاة ابن مشيس ، وفى آخر عهد الشيخ علي الصعيدي العدوي بالطلب تلقى الطريقة الأحمدية عن العارف بالله الشيخ علي بن محمد الشناوي وواظب على الأوراد ووظائف العبادة كدأب كثير من العلماء الأزهريين قديماً وحديثاً إذ وضع الله لهم من محبة ومهابة فإن الذكر والعبادة يضفيان على العالم قوة عجيبة ويملآن النفوس بحبه ويجمعان القلوب عليه وقل أن يكون عالم غير متصل بالله إلا وهو فاشل في مهمة الدعوة إلى الله سبحانه .. قال عنه الجبرتي : تلقن الطريقة الأحمدية عن الشيخ علي بن محمد الشناوي ودرس بالأزهر وغيره وقد بارك الله في أصحابه طبقة بعد طبقة كما هو مشاهد.
وكتب عنه العالم الجليل الأستاذ الشيخ محمود النواوي : ” كان الشيخ علي الصعيدي العدوي من علماء الأزهر في القرن الثاني عشر الهجري وهو عهد كان الحكم فيه بمصر للأتراك العثمانية فشملوها بالعسف والجور والاستبداد وأطفأوا معالم العلم والتعليم في كل مكان سوى الأزهر الذي حفظه الله من كل يد ظالمة فلا تصل إليه لأن الله أراد به أن يبلغ رسالة الإسلام وأن يحفظ كتابه الكريم تشريفاً ميزه الله به وكرامة خلعها عليه كان الشيخ على الصعيدي العدوي من علماء ذلك العهد ” ، ويقول الأستاذ الدكتور محمد موسي الشريف : كانت العامة تعاني كثيراً من الظلم وصعوبات الحياة وتسلط الباشوات والمماليك على الناس والاستيلاء على أموالهم بحجج لا تكاد تنتهي وهذا ظهر بقوة منذ بدايات القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي ولم يكن للعامة بعد الله تعالى إلا أن يلجأوا إلى العلماء الذين لم يخيب أكثرهم ظن أولئك المساكين ووقفوا بقوة أمام جبروت الحكام وظلمهم وأستطيع أن أقول إن العلماء العاملين هم الذين كانوا يقودون الجماهير آنذاك ويحققون مطالبهم أمثال الشيخ علي الصعيدي العدوي ” ، ويقول الأستاذ محي الدين علي الطعمي : ” مؤلفاته في الحواشي سارت بذكرها الركبان منها حاشيته على شرح أبي الحسن على الرسالة في مجلدين ضخمين وأخرى على الخرشي وأخرى على الزرقاني “.
وكان الشيخ على الصعيدي العدوي في فقر يرشحه للتفرغ على أنه كان زاهداً يجود بكل ما يجد ولما قضى أجل التعليم وأنس من نفسه القدرة على الإفادة وأذن الشيوخ له بالتدريس تصدر له في أدب وتواضع وإكباب على الدرس والبحث فأفاد وأجاد وألف كتباً كثيرة من الحواشي التي كانت أكبر مظهر للعلم المتوارث في ذلك العهد التركي ، وقد تتلمذ على يده خلق كثير ممن أصبحوا من مشاهير العلماء وقد أحصاهم الأستاذ محمد على مخلوف فبلغ عددهم واحداً وعشرين عالماً ومن أبرزهم القطب الكبير الشيخ أحمد بن محمد بن أبي حامد الدردير العدوي ويقول الباحث الأستاذ مصطفي عبد الله خضر العسيلي : ” عددهم كثير لا يمكن حصره ” ، ومن مؤلفاته : (حاشية على ابن تركي على العشماوية في فقه المالكية .. حاشية على شرح الزرقاني للعزية في فقه المالكية .. حاشية على شرح أبي الحسن لرسالة بن أبي زيد القيرواني في فقه المالكية .. حاشية على الخرشي في فقه المالكية .. حاشية على شرح الزرقاني على مختصر خليل في فقه المالكية .. حاشية صغرى على شرح عبد السلام على الجوهرة في التوحيد .. حاشية كبرى على شرح عبد السلام على الجوهرة في التوحيد .. حاشية على الأخضري على السلم في المنطق .. حاشية على ابن عبد الحق على شرح البسملة لزكريا الأنصاري .. حاشية على شرح زكريا الأنصاري على ألفية العراقي في الحديث).
والشيخ علي الصعيدي هو مؤسس رواق الصعايدة الذي استقر فيه عدة مشايخ عدوية لكثرة العلماء به من ناحية عدي من زمن شيخ المشايخ علي الصعيدي العدوي بل الشائع أن الشيخ علي هو السبب في إجراء الخير العظيم العميم على يد الأمير عبد الرحمن كتخدا حتى أنه لحبه للصعايدة من أجل الشيخ العدوي جعل مدفنه بجوار هذا الرواق فإن ضريحه عليه سحائب الرحمة عن يمين الخارج من المقصورة إلى باب الصعايدة ويصعد إليه بنحو أربع درجات وهو محل جليل عليه قبة مرتفعة وعلى القبر تركيبة من الرخام منقوش عليها أسماء العشرة المبشرين بالجنة ، ويقول الأستاذ الدكتور محمد موسي الشريف : ” كان شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحابي في إنكاره أحداً ” وكان علي بك الكبير يقبل يد الشيخ إذا دخل عليه وكان الشيخ يكتب شكاوى الناس في ورقة ويتكلم مع الأمير في كل شكوى منها فكان الأمير يتضايق منها فيصيح الشيخ في وجهه قائلاً : ” لا تأسف فالدنيا فانية وسيسألنا الله عن تأخرنا في نصحك إن لم نفعل ثم يمسك بيده ويقول : أنا خائف على هذه الكف من نار جهنم يوم الحساب ” ، ودخل عليه مرةً فشعر تلكؤاً من الأمير فخرج من عنده غاضباً فارتبك الأمير وحاول اللحاق به معتذراً فأبى الشيخ وأخذ يتلو قوله تعالى : (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) وهكذا كان الشيخ أيضاً مع الأمير محمد بك أبو الذهب الذي جاء بعد علي بك الكبير.
وقال العالم العلامة العارف بالله تعالى سيدي أبو الربيع سليمان الحوت المالكي 1160 -1231 هـ في الروضة المقصودة في مآثر بني سودة في ترجمته مانصه : ” كان رحمه الله إماما في جميع الفنون مرجوعا إليه في المفروض والمسنون متبحرا متوسعا في أصول المذهب وفروعه قادرا على استخراج جزئياته من قواعده وأفراده من مجموعه مع الزهد والقناعة والصبر والخوف والإنابة والشكر محبا للعلم وأهله ساعيا في تحصيله بخيله ورجله مكبا على جملته إقراء وتصنيفا – إلى أن قال عازيا للإمام التاودي نفعنا الله به مانصه أطلعني – يعني الشيخ عليا الصعيدي – على حاشيته على الخرشي وعلى طرر شرع في كتبها على الزرقاني وأخرى على تفسير الجلالين واستجازني فأجزته وأجازني وذكر أنه يروي عن السيد محمد السلموني والشيخ عبد الله المغربي كلاهما عن الولي الصالح الشهير سيدي محمد الخرشي .. وهو صاحب عارضة قوية متمكن من المعقول والمنقول بعيد الصيت جميل الذكر من مفاخر المالكية بمصر وصلت حاشيته على الخرشي إلى المغرب فإذا هي ممتعة أنقالا ومباحث توفي رحمه الله – فيما أنهي إلي – سنة إحدى وتسعين بتقديم المثناة ومائة وألف “.
وقد توفي الشيخ علي الصعيدي في اليوم العاشر من رجب سنة 1189هـ / سبتمبر 1775م وذكر الجبرتي ترجمته قائلا : ” مات الإمام الهمام شيخ مشايخ الإسلام عالم العلماء الأعلام إمام المحققين وعمدة المدققين الشيخ علـي بـن أحمـد بـن مكـرم اللـه الصعيـدي العـدوي المالكـي ولـد ببني عدي كما أخبر عن نفسه سنة اثنتي عشرة ومائة وألف .. وقدم إلى مصر وحضر دروس المشايخ كالشيخ عبد الوهاب الملوي والشيخ شلبي البرلسي والشيخ سالم النفراوي والشيخ عبد الله المغربي والسيد محمد السلموني ثلاثتهم عن الخرشي وأقرانه وكسيدي محمد الصغير والشيخ إبراهيم الفيومي ومحمـد بن زكريا والشيخ محمد السجيني والشيخ إبراهيم شعيب المالكي والشيخ أحمد الملوي والشيـخ أحمـد الديربـي والشيخ عيد النمرسي والشيخ مصطفى العزيزي والشيخ محمد العشماوي والشيخ محمد بن يوسف والشيخ أحمد الأسقاطي والبقري والعماوي والسيد علي السيواسي والمدابغي والدفري والبليدي والحفني وآخرين .. تلقن الطريقة الأحمدية عن الشيخ علي بن محمد الشناوي ودرس بالأزهر وغيره وقد بارك الله في أصحابه طبقة بعد طبقة كما هو مشاهد وكان يحكي عن نفسه أنه طالما كان يبيت بالجوع في مبدأ اشتغاله بالعلم وكان لا يقدر على ثمن الورق ومع ذلك إن وجد شيئًا تصدق به وقد تكررت له بشارات حسنة منامـًا ويقظـة ولـه مؤلفـات دالـة علـى فضلـه منهـا حاشيـة على ابن تركي وأخرى على الزرقاني على العزية وأخرى على شرح أبي الحسن على الرسالة في مجلدين ضخمين وأخرى على الخرشي وأخرى على شرح الزرقاني على المختصر وأخرى على الهدهدي على الصغرى وحاشيتان علـى عبـد السلام على الجوهرة كبرى وصغرى وأخرى على الأخضري على السلم وأخرى على ابن عبد الحق على بسملة شيخ الإسلام وأخرى على شرح شيخ الإسلام على ألفية المصطلح للعراقي وغير ذلك .. وله شرح على خطبة كتاب إمداد الفتاح على نور الإيضـاح فـي مذهـب الحنفيـة للشيـخ السرنبلالـي ..
وكان رحمه الله شديد الشكيمة في الدين يصدع بالحق ويأمر بالمعروف وإقامة الشريعة ويحب الاجتهاد في طلب العلم ويكره سفاسف الأمور وينهـى عـن شـرب الدخـان ويمنـع مـن شربـه بحضرتـه وبحضـرة أهـل العلـم تعظيمًا لهم وإذا دخل إلى منزل من منازل الأمراء ورأى من يشرب الدخان شنع عليه وكسر آلته ولو كانت في يد كبير الأمراء وشاع عنه ذلك وعرف في جمع الخاص والعام وتركوه بحضرته فكانوا عندما يرونه مقبـلا مـن بعيـد نبه بعضهم بعضًا ورفعوا شبكاتهم وأقصابهم وأخفوها عنه وإن رأى شيئًا منها أنكـر عليهـم وبخهـم وعنفهم وزجرهم حتى أن علي بك في أيام إمارته كان إذا دخل عليه في حاجة أو شفاعة أخبروه قبل وصوله إلى مجلسه فيرفع الشبك من يده ويخفوه من وجهه وذلك مع عتوه وتجبره وتكبره واتفق أنه دخل عليه في بعض الأوقات فتلقاه على عادته وقبل يده وجلـس فسكت الأمير مفكرًا في أمر من الأمور فظن الشيخ إعراضه عنه فأخذته الحدة وقال يـا من يا من يا من هو غضبك ورضاك على حد سواء بل غضبك خير من رضاك وكرر ذلك وقام قائمًا وهو يأخذ بخاطره ويقول : أنا لم أغضب من شيء ويستعطفه فلم يجبه ولم يجلـس ثانيـًا وخـرج ذاهبـًا ثـم سـأل علـي بـك عـن القضيـة التـي أتـى بسببهـا فأخبـروه فأمر بقضائها واستمر الشيخ منقطعًا عن الدخول إليه مدة حتى ركب في ليلة من ليالي رمضان مع الشيخ الوالـد (يقصد والده الشيخ حسن الجبرتي) فـي حاجة عند بعض الأمراء ومرا ببيت علي بك فقال له ادخل بنا نسلم عليه فقال يا شيخنا أنـا لا أدخل فقـال لا بـد مـن دخولك معي فلم تسعه مخالفته وانسر بذلك علي بك تلك الليلـة سـرورًا كثيرا ..
ولما مات علي بـك واستقل محمد بك أبو الذهب بإمارة مصر كان يجل من شأنـه ويحبـه ولا يـرد شفاعتـه فـي شـيء أبـدًا وكل من تعسر عليه قضاء حاجة ذهب إلى الشيخ وأنهى إليه قصته فيكتبها مع غيرهـا فـي قائمـة حتـى تمتلـئ الورقـة ثـم يذهـب إلـى الأميـر بعـد يوميـن أو ثلاثة فعند ما يستقر في الجلوس يخرج القائمة من جيبه ويقص ما فيها من القصص والدعاوى واحدة بعد واحدة ويأمره بقضاء كل منها والأمير لا يخالفه ولا ينقبض خاطره في شيء من ذلـك ولمـا بنـى الأميـر المذكور مدرستـه كـان المترجـم هـو المتعيـن فـي التدريـس بهـا داخـل القبـة على الكرسـي وابتـدأ بهـا البخـاري وحضـره كبار المدرسين فيها وغيرهم ولم يترك درسه بالأزهر ولا بالبرديكيـة وكـان يقـرئ قبـل ذلـك بمسجـد الغريـب عنـد بـاب البرقيـة فـي وظيفـة جعلهـا لـه الأمير عبد الرحمن كتخدا وكذلك وظيفة بعد الجمعة بجامع مرزه ببولاق وكان على قدم السلف في الاشتغال والقناعة وشرف النفس وعدم التصنع والتقـوى ولا يركـب إلا الحمـار ويؤاسـي أهلـه وأقاربه ويرسل إلى فقرائهم ببلده الصلات والأكسية والبز والطرح للناس والعصائب والمداسات وغير ذلك ولم يـزل مواظبـًا علـى الإقـراء والإفـادة حتـى تمـرض بخـراج فـي ظهـره أيامـًا قليلـة وتوفـي فـي عاشر رجب من السنة وصلي عليه بالأزهر بمشهد عظيم ودفن بالبستان بالقرافة الكبرى رحمه الله ولم يخلف بعده مثله ” ا. هـ.
ومن أهم تلاميذ الصعيدي الشيخ العلامة أحمد بن موسى بن محمد البيلي الأزهري العدوى المالكي (1728م/ 1141هـ – 1799م/1213هـ) نشأ ببني عدي وحفظ القرآن الكريم وأتقنه ثم سافر إلي القاهرة وجاور في الأزهر ولازم الشيخ علي الصعيدي العدوي وظل ملازماً أستاذه حتى أجازة للتدريس وكان الشيخ علي يأمر الطلاب بحضور الشيخ البيلي وكان متبحراً في معظم العلوم (الفقه والنحو والحديث والمنطق) ، من مؤلفاته (مسائل كل صلاة بطلت علي الإمام .. تقرير علي ابن فرج الأشبيلي في علم الحديث .. النكات الغريبة العجاب .. تقريرات علي السبط .. فائدة الورد في النحو .. منظومة في همزة الوصل .. تذكرة الإخوان علي منظومة معاني حروف الجر .. تقرير علي شرح الهدهدي في علم الكلام) .. ومن تلاميذه الشيخ مصطفي العقباوي والشيخ أحمد الطرابلسي والشيخ إسماعيل مصلح والشيخ محمد الخشتي) وقد توفي رحمه الله بعد مشوار حافل بالعلم والعطاء ودفن بجوار الشيخ علي الصعيدي العدوي بالقاهرة .
قال عبد الرحمن الجبرتي في تاريخه عجائب الآثار عن الشيخ البيلي : ” الإمام الفقيه العلامة المحقق الفهامة المتقن المتبحر عين أعيان الفضلاء الأزهرية الشيخ أحمد بن موسى بن أحمد بن محمد البيلي العدوي المالكي ولد ببني عدي سنة إحدى وأربعين ومائة وألف 1141هجرية وبها نشأ فقرأ القرآن وقدم الجامع الأزهر ولازم الشيخ علياً الصعيدي (وهو الشيخ العدوي علي بن أحمد بن مكرم الله المنسفيسي العدوي) ملازمة كلية حتى تمهر في العلوم وبهر فضلة في الخصوص والعموم وكان له قريحة جيدة وحافظة غريبة يملي تقريره خلاصة ما ذكره أرباب الحواشي مع حسن سبك والطلبة يكتبون ذلك بين يديه وقد جمع فيه تقاريره علي عدة كتب كان يقرؤها حتى صارت مجلدات وانتفع بها الطلبة انتفاعاً عاماً ودرس في حياة شيخه الصعيدي شيئاً عديدة واشتهر بالفتوح وكان الشيخ الصعيدي يأمر الطلبة بحضوره وملازمته وكان فيه إنصاف زائد وتؤده ومروءة وتوجه إلي الحق ولديه أسرار ومعارف وفوائد وتمائم وعلم بتنزيل الأوفاق والوفق المثني والعددي والحرفي وطوائف تنزيله بالتطويق والمربعات وغير ذلك ولما توفي الشيخ محمد حسن جلس موضعه للتدريس بإشارة من أهل الباطن ولما توفي الشيخ الدردير ولي مشيخة رواق الصعايدة وله مؤلفات منها مسائل كل صلاة بطلت علي الإمام بطلت علي المأموم وغير ذلك ولم يزل علي حالته وإفادته وملازمة دروسه والجماعة إلي وفاته ” .. قال الأستاذ الكبير المؤرخ محمد علي حسن مخلوف : ” والشيخ محمد حسن الذي جلس الشيخ أحمد البيلي موضوعه بعد وفاته بإشارة من أهل الباطن يغلب الظن أن يكون العالم الفاضل محمد حسن الجزايرلي المدني أحد تلاميذ الإمام الشيخ علي الصعيدي العدوي “.