4 / الفاروق

 لا تذكر قبيلة بني عدي في أي موطن إلا ويلحقها وصف لازم بالتبعية وهي قولهم (عشيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب) لأن القبيلة استمدت شهرتها من أهم أبنائها والذي كان له دور كبير في نصرة الدين والتي جاءت بهداية من الله واستجابة لدعاء نبيه (ص) عندما دعا ربه أن يعز الإسلام بأحد العمرين (عمر بن الخطاب أو أبي الحكم عمرو بن هشام) رغم أنهما في هذا الوقت كانا من أشد الناس على المسلمين ، وقد وصف ابن مسعود مسيرة عمر بعبارته الخالدة : ” كان إسلامه فتحا وهجرته نصرا وإمارته رحمة .. ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه ” لذا سماه الرسول (ص) باسم الفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل حيث كان يوم إسلامه من الأيام الحاسمة في مسيرة الدعوة الإسلامية بدأت فيها رحلة صحبته المباركة مع خير الخلق سيدنا محمد (ص) وصاحبه أبي بكر الصديق.

ويحكي عمر بنفسه عن هذا اليوم فيقول : ” فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترة فما تمالك أن وقع على ركبتيه فقال : ما أنت بمنته يا عمر .. قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، قال : فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد  قال : فقلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم قال : فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن  فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد  قال : فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق “.

 ولا نتجاوز حين نقول إن سيرة عمر هي جزء لا يتجزأ من السيرة النبوية بل هي جزء من تاريخ الإسلام ذاته لأن هذه الصحبة الطيبة من النبي ووزيريه كانت تمثل القيادة العليا للدولة الإسلامية في العهد النبوي وانتهت بهم تلك المسيرة إلى صنع دولة شامخة البنيان متينة الأركان ثم جمع الله بين النبي (ص) وصاحبيه في القبر لتكون الصحبة في الحياة والممات ويكون الشرف خفاقا في العالمين ، ويروي ابن عباس تلك اللحظة التي حضر فيها تأبين الفاروق فيقول : ” .. فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت إليه فإذا هو علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما “.

وفي يوم هجرته يحكي الإمام علي فيقول : ” ما علمت أن أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى فى يده أسهمًا واختصر عَنزته ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا ثم أتى المقام فصلى متمكنًا ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم : شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المعاطس (الأنوف) من أراد أن تثكله أمه ويُيتم ولده ويرمل زوجته فليلقنى وراء هذا الوادى .. ” ، وعندما رق رفيقه في الهجرة عياش بن أبي ربيعة لكلام المشركين عن أمه  قال له ‏‏:‏‏ ” يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم  فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت ” فلما رأى إصراره قال له : ” أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها ” ‏‏.‏‏

وتظهر شدته على المشركين في أسرى بدر إذ قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر : ” ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ ” فقال أبو بكر : يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله (ص) : ” ما ترى يا ابن الخطاب ؟ ” قلت: لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكن أن تمكنا فنضرب أعناقهم .. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ” ، ويحكي عمر قائلا : ” فهوي رسول الله (ص) ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت ” فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله (ص) : ” أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ” حيث نزل القرآن معاتبا للنبي ومؤيدا لرأي عمر.

وفي الحديبية يتبدى جانب من شخصيته التي لا تهادن ولا تواري لكنه بعد ترو وتدبر يراجع نفسه ولا يعاند حيث يروي سهل بن حنيف الأنصاري عن ذلك فيقول : ” فأتى عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله (ص) : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ .. قال : بلى .. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ .. قال : بلى .. قال : ففيم نعطي الدنية في أنفسنا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ .. قال : يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله ، فانطلق ابن الخطاب ولم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على باطل ؟ .. قال : بلى .. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ .. قال : بلى .. قال : فعلى ما نعطي الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ .. قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا فنزل القرآن على محمد رسول الله (ص) فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال : يا رسول الله أو فتح هو؟ .. قال : نعم .. فطابت نفسه ورجع “.

ويوم وفاة النبي (ص) أصابته صدمة فقام يقول : ” إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله تُوُفِّي إن رسول الله ما مات لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ” حتى جاء أبو بكر من السنح ودخل بيت عائشة وكشف عن جثمان النبي محمد (ص) وجثى عليه يُقبله ويبكي ثم خرج إلى المسجد حتى أتى المنبر فقال : ” اجلس يا عمر ” ، فجلس عمر وجلس الناس فتشهد أبو بكر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ” ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ”  ثم تلا قوله تعالى : ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ قال عمر: ” والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعُقِرْت حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض وعلمت أن النبي قد مات “.

وعندما سمع عمر بن الخطاب باجتماع الأنصار في السقيفة ذهبَ على الفور إلى أبي بكر وهو في منزل الرسول وبلغه الخبر وانضم إليهما أبو عبيدة بن الجراح فساروا معاً إلى السقيفة فاستمعوا للأنصار ثم قال أبو بكر : ” أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله وما تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة ابن الجراح ” ، يقول عمر : ” فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي أن أتأمرعلى قوم فيهم أبو بكر ” .. فلما قال قائل : “منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ” وتعالت الأصوات واللغط  قال عمر: ” يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله (ص) قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ” فقالت الأنصار: ” نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ” .. فقال لأبي بكر : ” ابسط يدك لأبايعك ” فبايعه وتبعه الناس فبايعوه.

وكان عمر خير وزير للصديق رغم أنهما طيلة العهد النبوي كانا على طرفي نقيض في الرأي والمشورة ولكن هذا التباين بينهما كان يحمل في طياته الرحمة والعزم معا للأمة الإسلامية فكانا مثل كفتي الميزان تعدل كل منهما الأخرى ، وقد جرت بينهما الكثير من المحاورات من أشهرها عندما توسط عمر لتغيير أسامة بن زيد وتعيين من هو أسن منه فقال له أبو بكر : ” ثكلتك أمك يا ابن الخطاب يوليه رسول الله وأعزله أنا ” ، وعندما ارتدت العرب وقالوا لا نُؤَدِّي زكاة قال : ” لو منعوني عِقالا لجاهدتُهم عليه ” .. فقال عمر له : ” يا خليفةَ رسولِ الله  تَأَلَّفِ الناسَ وارْفُقْ بهم ” .. فقال له : ” أَجَبَّار في الجاهلية وخَوَّار في الإِسلام ؟ إِنَّهُ قد انقطع الوحيُ وتَمَّ الدِّينُ أَيَنْقُصُ وأنا حَيّ ” ، وعندما استحر القتل في حفظة القرآن في حروب الردة خاف عمر أن يضيع شيء من القرآن بموت حفظته فأشار على أبي بكر بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع فنفر أبو بكر من مقالته وكَبَرَ عليه أن يفعل ما لم يفعله النبي فظل عمر يراوده حتى اطمئن أبو بكر لهذا الأمر.

وعندما شعر الصديق بدنو اجله قال للصحابة : ” إنه قد نزل بي ما قد ترون ولا أظنني إلا ميتاً وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدي ورد عليكم أمركم  فأمروا عليكم من أحببتم فإنكم إن أمرتم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي ” ، ثم دعى عبد الرحمن بن عوف وقال له : ” أخبرني عن عمر؟ ” فأجابه : ” إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة ” فقال أبو بكر : ” ذلك لأنه يراني رفيقاً ولو أفضي الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه وقد رمَقتُهُ فكنتُ إذا غضبتُ على رجل أراني الرضا عنه وإذا لنتُ له أراني الشدّة عليه ” ثم دعا عثمان بن عفان وقاله له أيضا : ” أخبرني عن عمر ” فقال : ” سريرته خير من علانيته وليس فينا مثله ” ، ثم دعى طلحة بن عبيد الله فقال له : ” استخلفتَ على الناس عمر وقد رأيتَ ما يلقى الناس منه وأنت معه وكيف به إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك ” فقال أبو بكر : ” أجلسوني ” فأجلسوه ثم أجابه : ” أبالله تخوّفني إذا لقيتُ ربي فسألني قلتُ : استخلفت على أهلك خير أهلك “.

ثم دعى عثمان مجددا فقال له : ” اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهِد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين أما بعد…” لكن أغميَ عليه في تلك اللحظة قبل أن يكمل كلامه فكتب عثمان : ” أما بعد فإني قد استخلفتُ عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً ” وعندما استيقظ أبو بكر من إغماءته قال لعثمان : ” اقرأ عليّ ” فقرأ عثمان وعندما انتهى كبَّر أبو بكر وقال : ” أراك خِفتَ أن يختلف الناس إن مُتُّ في غشيتي ؟ ” قال : ” نعم ” فقال : ” جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله ” ، وبعد أن كتبَ العهد أمر أبو بكر أن يُقرَأ على الناس فجمعهم وأرسله مع أحد مواليه إلى عمر بن الخطاب فقال عمر للناس : ” أنصتوا واسمعوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّه لم يألكم نصحاً ” ثم جاءهم أبو بكر وقال : ” أترضون بما استخلفتُ عليكم ؟ فإني ما استخلفتُ عليكم ذا قرابة وإني قد استخلفتُ عليكم عمر فاسمعوا له وأطيعوا فإني والله ما آلوت من جهد الرأي ” فرد الناس : ” سمعنا وأطعنا “.

وكانت سياسة عمر تتمثل في مقالته التي قالها بعد وفاة أبي بكر وهي قوله : ” إنما مَثَل العرب مثل جمل آنف اتبعَ قائده فلينظر حيث يقوده وأما أنا فوربِّ الكعبة لأحملنَّكم على الطريق ” .. وذلك لأن الحالة العامة للدولة الناشئة وقت توليه الحكم كانت مختلفة عما كان في زمن النبي والصديق إذا كانت الجيوش قد خرجت من الجزيرة العربية في مواجهة مع أكبر قوتين في العالم في وقت واحد وهما الفرس والروم ، ولا عجب أن يكون أول قرار له هو عزل خالد بن الوليد عن قيادة جيوش الشام وتولية أبي عبيدة بن الجراح لأنه كان يرى في خالد سرعة واندفاعا وطالما حاول مع الصديق في هذا الأمر فكان يجيبه بقوله : ” لا أشيم سيفا سله الله ” وذلك لحرص أبي بكر الشديد على الاستفادة من قدرات خالد الفذة وعبقريته القتالية وهو الأمر الذي خالفه فيه عمر حيث جعل الولاية في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في المقام الأول ثم الكفاءة القيادية في المقام الثاني.

وقد شهد عهد عمر عددا من الانتصارات الحاسمة في معارك فاصلة سطرت في التاريخ بأحرف من نور وكانت السبب المباشر في قيام الإمبراطورية العربية الإسلامية التي غيرت معالم المنطقة الثقافية والاجتماعية حتى يومنا هذا .. ثلاث من هذه المعارك كانت على الجبهة الرومانية وثلاث على الجبهة الفارسية ، في جبهة الشام ومصر كانت أجنادين في يوليو 634 م. بقيادة خالد بن الوليد واليرموك في أغسطس 636 م. بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وعين شمس في يوليو 640 م. بقيادة عمرو بن العاص ، وفي جبهة العراق وفارس كانت القادسية في نوفمبر 636 م. بقيادة سعد بن أبي وقاص وجلولاء في أبريل 637 م. بقيادة هاشم بن عتبة ونهاوند (فتح الفتوح) في عام 642 م. بقيادة القعقاع بن عمرو ، وقد أسفرت هذه المعارك عن فتح العراق وفارس والشام ومصر وضمهم للدولة الناشئة ومن ثم بناء الأمصار الجديدة وهي الكوفة والبصرة والفسطاط.

وقد أدرك عمر أهمية الجيش في نشر الإسلام لذلك أوجد فرقًا نظامية تقدر كل منها بأربعة آلاف فارس لترابط في كل مصر من الأمصار وهذا يعني تأسيس جيش نظامي ثابت يقدر عدده بإثنين وثلاثين ألف فارس عدا المشاة والمتطوعين مما يكفل حماية الدولة ونظم الرتب في الجيش مثل (أمير الجيش) على عشرة آلاف أو تزيد و(أمير الكردوس) على ألف و(القائد) على مئة ، وعرف الجيش الإسلامي خلال هذا العهد استخدام أسلحة الحصار التي اقتبست عن الروم ومنها المنجنيق وأبراج الحصار والدبابة وأكباش الدك كما أصدر أمرًا بوجوب تعلم الجنود ركوب الخيل والرماية والمشي حفاة والسباحة وأنشأ مراكز عسكرية في المدينة والكوفة والبصرة والموصل والفسطاط ودمشق والأردن وفلسطين بنيت فيها ثكنات مخصصة لإقامة العساكر كما شيدت اصطبلات كبيرة يأوي كل منها قرابة أربعة آلاف حصان مخصصة لدعم الجند عند الحاجة.

ونتيجة لاتساع الدولة في عهده فقد لجأ إلى عدد من التدابير الإدارية اللازمة حيث كان مع كل وال من الولاة عدد من الموظفين المعينين من قبله في وظائف الصلاة والشرطة والقضاء والخراج والحسبة إلى جانب ترتيب البريد للتواصل مع الأمصار وإنشاء الدواوين (ديوان الإنشاء لكتابة الرسائل وديوان العطاء وديوان الجند وديوان الجباية وديوان الأموال الذي تحول إلى بيت المال) وبذلك تأسست النواة الإدارية لمؤسسات الدولة الجديدة ، ولعل من أهم أعماله هو اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الإسلامي العام حيث قال : ” الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها ” وذلك سنة سبع عشرة فلما اتفقوا قال بعضهم ابدءوا برمضان فقال عمر: ” بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم ” ، وعندما طعن ووافته المنية قرر اعتماد مبدأ الشورى فجعل الخلافة في النفر الذين توفي النبي (ص) وهو عنهم راض واستأذن أم المؤمنين عائشة أن يدفن بجوار صاحبيه .. رضي الله عن الفاروق الذي رفع ذكر بني عدي وشرف قومه بنصرة دينه وحب رسوله (ص).