5 / السابقون الأولون

رغم أن شهرة بني عدي جاءت في المقام الأول بسبب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلا أن القبيلة حفلت بعدد كبير من الصحابة الأجلاء رجالا ونساء من السابقين الأولين ومن المجاهدين الأبطال ، ويأتي في مقدمة هؤلاء رجال بني رزاح وعلى رأسهم الصحابي الجليل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو ابن داعي الحنيفية زيد بن عمرو وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد السابقين الأولين إذ أسلم بعد ثلاثة عشر شخصا قبل أن يدخل النبي (ص) دار الأرقم وأسلمت معه زوجته فاطمة بنت الخطاب (أخت عمر) ، وكان سعيد وزوجته سببا مباشرا في إسلام عمر حيث هاجم بيتهما بعد أن علم بإسلامهما وعندهما خباب بن الأرت يعلمهم القرآن فلطم فاطمة عندما واجهته بشجاعة وأعلنت إسلامها أمامه ثم رق لها وطلب منها أن تعطيه الصحيفة التي فيها سورة طه فاشترطت عليه أن يتطهر ثم أعطته إياها فلما قرأها دخل الإسلام في قلبه وخرج من بيتهم إلى النبي (ص).

ولم يهاجر سعيد بن زيد إلى الحبشة لأنه كان من سادة قومه وكان من أوائل المهاجرين إلى المدينة مع زوجته وفي غزوة بدر كانت مهمته استطلاع القافلة في طريق الشام مع طلحة بن عبيد الله ثم شهد المشاهد كلها مع النبي (ص) وشارك في فتح الشام حيث كان من قادة معركة اليرموك حيث كان موقعه قيادة القلب (وهو التشكيل الأوسط بين الميمنة والميسرة) ، ويحكي شاهد عيان عن دور سعيد في المعركة فيقول : ” اضطررنا يوم اليرموك إلى سعيد بن زيد فلله در سعيد ما سعيد يومئذٍ إلا مثل الأسد لمّا نظر إلى الروم وخافها اقتحم إلى الأرض وجثا على ركبتيه حتى إذا دنوا منه وثب في وجوههم مثل الليث فطعن برايته أول رجل من القوم فقتله وأخذ والله يقاتل راجلاً قتال الرجل الشجاع البأس فارسًا ويعطف الناس إليه ” ثم شهد فتح دمشق وعينه أبو عبيدة قائدا لحامية المدينة بعد فتحها واستخلفه عليها عندما توجه بالجيش إلى فلسطين لفتح القدس.  

وكان لسعيد بن زيد أبناء كُثُر قال ابن الجوزي في صفة الصفوة : ” رزَقَهُ الله أولاداً كثرى ” وقال أبو نعيم الأصبهاني : ” كان عثمان قد أقطع سعيدًا أرضًا بالكوفة فنزلها وسكنها إلى أن مات وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد وكان له أربعة بنين : عبد الله وعبد الرحمن وزيد والأسود كلهم أعقب وأنجب ” يقصد من سكن منهم بالكوفة أربعة لأن أبناء سعيد الذكور كانوا خمسة عشر والإناث تسعة عشر وقال : ” وعقبه كثير بالكوفة ” ، وقصة بشارته بالجنة معروفة حيث قال عنه النبي (ص) : ” يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ” فخرج عليهم سعيد يقطر منه ماء الوضوء وأراد عبد الله بن عمر أن يعرف سر ذلك فذهب إليه وطلب أن يضيفه فبات عنده فلم ير زيادة في صلاة أوقيام فصارحه بالحقيقة وأنه سمع النبي يقول ذلك عنه فقال سعيد : ” إن هو إلا ما قد رأيت غير أني لا أبيت وفي قلبي غل على أحد من المسلمين ولا أحسد أحدًا من المسلمين على شيء أو خير آتاه الله إياه ” قال : ” هذه التي بلغت بك ما بلغت “.

ومن السابقين الأولين زيد بن الخطاب والذي شهد المشاهد كلها مع النبي (ص) ثم استشهد في معركة اليمامة وكان يحمل لواء المسلمين يومئذ ويصيح : ” أما الرجال فلا رجال .. اللهم إني أعتذر إليك من فرار أصحابي وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة ومحكم اليمامة ” ثم قام محفزا الجيش صائحا : ” أيها الناس عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوّكم وامضوا قدما .. وواللَّه لا أتكلم حتى يهزمهم اللَّه أو ألقاه سبحانه فأكلمه بحجتي ” ، وانقض على قائد المرتدين في المعركة وهو الرجال بن عنفوة فأطاح به وتناولته سيوف المرتدين فسقط شهيدا بعد أن جلب النصر للجيش ، وقد كان عمر شديد الحب لأخيه زيد فقد رُوي أن عمر قال لزيد يوم أحد : ” البس درعي ” فقال زيد : ” إني أريد من الشهادة ما تريد ” فتركاها كليهما وقد حزن عليه عمر حزنًا شديدًا لما قُتل وقال : ” سبقني إلى الحسنيين : أسلم قبلي واستشهد قبلي ” وكان يقول : ” ما هبت الصبا إلا وأنا أجد ريح زيد “.

ومن السابقين الأولين الصحابي الجليل عامر بن ربيعة العنزي حليف الخطاب والذي تبناه فكان يدعى قبل تحريم التبني عامر بن الخطاب وقد أسلم قبل دخول النبي (ص) دار الأرقم هو وزوجته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم (من بني عويج) وهاجرا معا إلى الحبشة ، وتحكي ليلى عن هذه الهجرة فتقول : ” كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة  فأتى عمر وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجه  فقال : أين يا أم عبد الله ؟ فقلت : آذيتمونا في ديننا  فنذهب في أرض الله لا نؤذى في عبادة الله .. فقال : صحبكم الله .. ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة فأخبرته بما رأيت من رقة عمر فقال : ترجين أن يسلم ؟ .. فقلت : نعم .. فقال : والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب ” ، وقد كانا من أوائل المهاجرين إلى المدينة حيث شهد عامر المشاهد كلها مع النبي (ص) وصحب عمر في رحلته إلى الشام يوم مؤتمر الجابية وكان حامل لوائه.

ومن السابقات المؤمنات من بني عدي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب وقد أسلمت في مكة ثم هاجرت مع زوجها خنيس بن حذافة السهمي فلما استشهد في غزوة أحد تزوجها النبي (ص) وكانت صوامة قوامة ولها في السيرة النبوية مكانة رفيعة كما أن المصحف وضع في بيتها عندما تم جمعه ، ومن الصحابيات أيضا عاتكة بنت زيد (أخت سعيد بن زيد) والتي عرفت بالبلاغة وفصاحة القول وقد أسلمت في مكة وهاجرت بصحبة زوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق فلما استشهد في حصار الطائف تزوجها عمر بن الخطاب ثم الزبير بن العوام ثم قالت بعد ذلك متندرة : ” لا أتزوج بعد ذلك إني لأحسبني لو تزوجت جميع أهل الأرض لقتلوا عن آخرهم ” ، ومن السابقات أيضا الشفاء بنت عبد الله زوجة الصحابي أبي حثمة بن حذيفة بن غانم (من بني عويج) وقد هاجرت معه إلى الحبشة ولما توفي بمكة هاجرت إلى المدينة مع ابنها سليمان بن أبي حثمة وكانت تحسن القراءة والكتابة وتعلم النساء فعينها عمر في وظيفة (المحتسب) على سوق المدينة.

ومن أعلام بني رزاح أحد أعمدة الإسلام وعلم من أعلام الفقه والحديث والفتيا بالإضافة إلى ما عرف عنه من اجتهاد في العبادة وزهد في الدنيا ألا وهو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي كان مثالا في إنكار الذات والترفع عن المناصب إذ عرضت عليه الخلافة أكثر من مرة وكان أحق بها إلا أنه اتخذ لنفسه مبدأ ثابتا وهو ألا يكون سببا في صراع تسفك فيه دماء مسلم واحد فاعتزل الفتنة ، وقد خرج في بدر وأحد يريد الجهاد فرده النبي لصغر سنه وشهد بعدها المشاهد كلها مع النبي (ص) ثم خرج وشارك في الفتوحات الإسلامية في جبهة العراق وفارس ثم في جبهة الشام ومصر ثم إفريقية حيث كان في المدد الذي أرسل لمعاونة عمرو بن العاص واختط بالفسطاط دارا أطلق عليها (دار البركة) وأسكن فيها بعض أبنائه وصارت سلالته من بعده بمثابة قبيلة كاملة (خمسة عشر ولدا) فكان فيها زعامة بني عدي حتى يومنا هذا (فيها البيت والعدد).

ومن الصحابة الأجلاء من بني رزاح الحارث بن عمرو بن المؤمل وإياس بن عمرو بن المؤمل وعبد الله بن عمرو بن بجرة الذي استشهد في معركة اليمامة وسراقة بن المعتمر الذي كان في أول أمره شديد على المسلمين ثم أسلم هو وابناه عبد الله بن سراقة وعمرو بن سراقة وشهدوا بدرا ، ومن السابقين الأولين من حلفاء بني عدي أربعة إخوة من بني البكير هم عاقل (استشهد في بدر) وخالد (استشهد يوم الرجيع) وعامر (استشهد في معركة اليمامة) وإياس (حضر فتح مصر واختط بها دارا ومات فيها هو وأولاده) ، ومن الحلفاء أيضا خولي بن أبي خولي وأخويه هلال وعبد الله (حضروا بدرا) والصحابي الجليل واقد بن عبد الله التميمي (أول من ضرب بسهم في سرية نخلة بقيادة عبد الله بن جحش) وقد شهد المشاهد كلها مع النبي (ص) ومن الموالي مهجع العكي مولى عمر بن الخطاب (استشهد في بدر) وجهجاه بن قيس الغفاري الذي حضر غزوة بني المصطلق والحديبية.  

ومن السابقات المؤمنات من الجواري لبيبة جارية بني مؤمل بن حبيب بن عدي بن كعب أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب وكان عمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وكان يضربها حتى إذا ملَّ قال : إني أعتذر إليك إني لم أتركك إلا ملالة وفي رواية (سآمة) فتقول : كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم فمر بها أبو بكر وهي كذلك  فابتاعها وأعتقها ، وكانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكان عمر يضربها على إسلامها وكان كفار قريش يقولون : لو كان دين محمد خيراً ما سبقتنا إليه زنيرة فأنزل الله في شأنها قوله تعالى : ” وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ” ـ (الأحقاف / 7) وتحكي عن ذلك أم هانئ بنت أبي طالب فتقول : لما أسلمت زنيرة أصيب بصرها فقالوا : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت : كذبوا والله ما يغني اللات والعزى ولا ينفعان فرد الله إليها بصرها.

ويأتي على رأس بني عويج سيد القوم وشيخ القبيلة نعيم بن عبد الله النحام وهو من السابقين الأولين حيث أسلم بعد عشرة وذلك قبل أن يدخل النبي (ص) دار الأرقم وكان يكتم إسلامه وسماه النبي (ص) النحام حيث أخبره أنه سمع نحمته في الجنة ، وكان أبوه يقوت فقراء بني عدي فلقيه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال له : ” يا ابن عبد الله هدمت ما كان أبوك يبني وقطعت ما وصله حين تابعت محمدا ” .. قال نعيم : ” قد بايعته فلا تقل هذا يا أبا عبد شمس فإني إنما رفعت بنيان أبي وشرفته ”  ، ولما أراد الهجرة تعلق به قومه وقالوا ” دن بأي دين شئت ” فأقام بمكة في منعة من قومه لا يقربه أحد ثم هاجر مع القبيلة كلها لما أسلمت وأوعبت بالهجرة في العام السابع فلما قدم على النبي (ص) اعتنقه وقبله وقال له : ” يا نعيم قومك كانوا خيرا لك من قومي ” .. وقد استشهد نعيم في معركة أجنادين فكان عمر يترحم عليه ويقول : ” رحم الله نعيما سبقني إلى الحسنيين أسلم قبلي وسبقني إلى الجنة “.

وقد كان نعيم أحد أسباب إسلام عمر حيث خرج عمر في ذلك اليوم وهو مغضب بسبب ما دار  بين حمزة وخاله أبي جهل عندما شجه وأعلن إسلامه قبل ثلاثة أيام ورأى أن خاله قد أهين على ملأ من القوم فأراد أن يثأر لكرامته وعزم على أمر عظيم ، فخرج وهو يريد أن يقتل النبي (ص) فسن سيفه وخرج من داره قاصدًا النبي وفي الطريق لقيه نُعَيم وكان من المسلمين الذين أخفوا إسلامهم فقال له : ” أين تريد يا عمر؟ ” فرد عليه قائلًا : ” أريد محمدًا هذا الصابي الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله ” ، فلمّا عرف أنه يتجه لقتل النبي قال له : ” والله لقد غرتك نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الارض وقد قتلت محمدًا ؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟ فإن ابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو وأختك فاطمة بنت الخطاب قد والله أسلما وتابعا محمدًا على دينه فعليك بهما ” فانطلق مسرعًا غاضبًا إليهما في القصة المشهورة.

ومن السابقين الأولين من بني عويج عدي بن نضلة الذي هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ومات بها وهو أول من ورث في الإسلام ورثه ابنه النعمان بن عدي الذي كان معه في الحبشة وقد ولاه عمر بن الخطاب ميسان بالعراق وهو الوحيد من بني عدي الذي تولى في عهده وذلك لما يعلم من صلاحه لكنه عزله عندما قال أبياتا عن الخمر هي : (ألا هل أتى الحسناء أن حليله .. بميسان يسقى في زجاج وحنتم .. إذا شئت غنتني دهاقين قرية .. ورقاصة تجثو على كل منسم .. فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني .. ولا تسقني بالأصغر المتثلم .. لعل أمير المؤمنين يسوءه .. تنادمنا في الجوسق المتهدم) ، فقال عمر حين سمع ذلك : ” نعم والله إن ذلك ليسوءني فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته ” فقدم عليه واعتذر قائلاً : ” والله يا أمير المؤمنين ما صنعت شيئاً مما بلغك أني قلته قط ولكني كنت امرأ شاعراً وجدت فضلاً من قول فقلت فيما تقول الشعراء ” فقال له عمر : ” وأيم الله لا تعمل لي على عمل ما بقيت وقد قلت ما قلت ” وقد عاش في البصرة وغزا مع المسلمين حتى مات وقيل كان في المدد الذي جاء إلى مصر هو وأولاده.

ومن السابقين الأولين من بني عويج معمر بن عبد الله بن نضلة والذي هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية وعاد مع جعفر بن أبي طالب وهو الذي حلق للنبي (ص) في عمرة القضاء وكذلك في حجة الوداع حيث كان يرحل رحل النبي (ص) وقد شهد فتح مصر واختط بها دارا وسكن فيها هو وأولاده من بعده ، ومن السابقين الأولين مسعود بن الأسود بن حارثة (ابن العجماء نسبة إلى أمه) وقد أسلم قديما وهو من أصحاب بيعة الرضوان وهو الذي حاول التوسط للمرأة المخزومية عند النبي لأنها كانت قريبة له وقد شهد فتح مصر واختط بها دارا وسكن بها هو وأولاده ، ومن مهاجرة الحبشة أيضا عروة بن أبي أثاثة وتوفي هناك وأبو حثمة بن حذيفة (والد ليلى وزوج الشفاء) ومسعود بن سويد بن حارثة وكان من السبعين الذين هاجروا واستشهد في مؤتة ومطيع بن الأسود بن حارثة وكان اسمه العاصي فسماه النبي (ص) لما قدم عليه (مطيع) وقال لعمر : ” إن ابن عمك العاص ليس بعاص ولكنه مطيع ” وكان كثير الأبناء حيث كان فيهم قادة عشيرة بني عويج.

ومن مشيخة بني عويج أبو الجهم عامر بن حذيفة وهو من معمري قريش حيث شهد بناء الكعبة مرتين الأولى قبل بعثة النبي (ص) والثانية مع عبد الله بن الزبير وقد استخلفه النبي (ص) على أنفال حنين فقام بالمهمة خير قيام لما عرف عنه من الشدة والغلظة ، وقد شرف بلبس قميص النبي (ص) حيث كان لدى النبي (ص) خميصتين سوداوين فلبس إحداهما وبعث بالأخرى إلى أبي الجهم وكانت خميصة رسول الله (ص) ذات علم فكان إذا قام إلى الصلاة نظر إلى علمها فكرهها لذلك وبعث بها إلى أبي الجهم بعد أن لبسها لبسات وأرسل إلى خميصة أبي الجهم فلبسها بعد ما لبسها أبو الجهم لبسات ، وكان كثير الأولاد فشارك هو وبنوه وأبناء إخوته وعمومته في فتوح الشام واستشهد ابنه الصحابي عبد الله بن أبي الجهم في أجنادين (وكان قد أسلم معه) وهو أحد الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان مع حكيم بن حزام وجبير بن مطعم ونيار بن مكرم وتحدى الثوار قائلا : ” دعوه فقد صلى الله عليه ورسوله “.

ومن رجال بني عويج الأفذاذ فارس الفرسان خارجة بن حذافة بن غانم الذي كان يعدل ألف فارس وكان من السبعين المهاجرين مع نعيم بن عبد الله وجعله عمر بن الخطاب على ربع المدد الذي أمد به عمرو بن العاص في فتح مصر فكان له دور حاسم في معركة عين شمس ثم تولى قيادة حامية حصن بابليون بعد فتحه ثم قاد حملة كبيرة لفتح الصعيد وشارك في فتح إفريقية والنوبة وذات الصواري ، وقد شارك في تأسيس مدينة الفسطاط وبنى فيها دارا سكنها هو وأولاده من بعده عرفت باسم (دار القند) وكان موضعها في المنطقة التي ضمت عشائر قريش وعرفت باسم (خطة أهل الراية) حيث كان يتولى منصب صاحب الشرطة وقد تزوج امرأة من كندة أنجب منها ولديه عبد الرحمن وأبان وتزوج امرأة قبطية من قرية سلطيس أنجب منها ولديه عبد الله وعون حيث كانت عائلته هي الموجة الأولى من موجات هجرة بني عدي إلى مصر ..

وينتمي خارجة بن حذافة إلى فرع من بني عدي عرف بقوة الشكيمة ومنعة الجار وهو من القلائل الذين ينتسبون إلى بني عدي من جهة الأب والأم معا فأبوه هو حذافة بن غانم من سادات القبيلة قبل الإسلام وأخواه المثلم وحفص .. والمثلم له قصة مشهورة في ثأر بني عدي مع أبي بن خلف قبل الإسلام وكان من الشعراء المخضرمين وله صحبة وبه كان يكنى أبوه وهو من رؤساء قومه عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام واشتهر بحمايته لرجل من بني النمر بن قاسط اسمه أوس قتل رجلا من بني جمح ولجأ إلى المثلم فمنعه وكادت تنشب فتنة بين الحيين جمح وعدي بسببه وله أبيات في ذلك منها : (فلست أسلم أوسا أو أموت إذا .. حتى أردّ وثغر النحر مبلول) .. أما حفص فكان شاعرا مجيدا وله صحبة ونزل مصر وسكنها هو وأولاده من بعده .. وأمهم جميعا هي فاطمة بنت عمرو بن بجرة بن خلف بن صداد العدوية من بني رزاح.   

وقد ورد في تاريخ المدينة لابن شبة منازل بني عدي في المدينة ومصيرها من بعدهم في صدر الإسلام حيث يقول المؤلف : ” وَاتَّخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دَارَهُ الَّتِي فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ الْجَنَابِذِ بَابُهَا شَارِعٌ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى مَسْجِدِهِمْ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَرْكَهَا مِيرَاثًا فَتَجَاوَزَهَا وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ وَأَمْسَكَ بَعْضٌ ، وَاتَّخَذَ النَّحَّامُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ دَارَهُ الَّتِي بَابُهَا وِجَاهَ زَاوِيَةِ رَحَبَةِ دَارِ الْقَضَاءِ وَشَرْقِيُّهَا الدَّارُ الَّتِي قُبِضَتْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ الَّتِي كَانَتْ بَيْتَ عَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَهِيَ بِأَيْدِي وَلَدِهِ عَلَى حَوْزِ الصَّدَقَةِ وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَازَهَا لَهُ قَطِيعَةً مِنْهُ لَهُ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لِلنَّحَّامِ دَارٌ هِيَ مَوْضِعُ الْقُبَّةِ فِي دَارِ مَرْوَانَ ، وَاتَّخَذَ النُّعْمَانُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَدَاهٍ دَارَهُ الَّتِي صَارَتْ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ ، فَبَنَاهَا وَهِيَ الشَّارِعَةُ عِنْدَ الْخَيَّاطِينَ بِالْبَلَاطِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفَاكِهَةِ ابْتَاعَهَا مِنْ آلِ النَّحَّامِ وَآلِ أَبِي جَهْمٍ وَكَانَتْ صَارَتْ لَهُمْ مَوَارِيثُ وَتَوَرَّثْنَهَا قَالَ : وَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِ النَّسَبِ : هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَضْلَةَ بْنِ عَمْرٍو.

وَاتَّخَذَ مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ دَارَهُ الَّتِي بِالْبَلَاطِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : دَارُ أَبِي مُطِيعٍ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفَاكِهَةِ نَاقَلَ بِهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى دَارِ أُوَيْسٍ وَكَانَتْ لَهُ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَهَا لِمُطِيعٍ وَبَلَغَنَا أَنَّهَا كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَأَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ الْأَسَدِيَّ ابْتَاعَهَا هِيَ وَدَارَهُ الَّتِي مِنْ وَرَائِهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَشَرَكَهُ ابْنُ مُطِيعٍ فَقَاوَمَهُ حَكِيمٌ وَأَخَذَ ابْنُ مُطِيعٍ دَارَهُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَبَقِيَتْ دَارُ حَكِيمٍ فِي يَدِهِ رِبْحًا فَقِيلَ لِحَكِيمٍ : خَدَعَكَ فَقَالَ : دَارٌ بِدَارٍ وَمِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَكَانَ يُقَالُ لِدَارِ أَبِي مُطِيعٍ : الْعَنْقَاءُ .. قَالَ لَهَا الشَّاعِرُ : إِلَى الْعَنْقَاءِ دَارِ أَبِي مُطِيعٍ ، وَاتَّخَذَتِ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ خَلَفِ بْنِ صَدَّادٍ دَارَهَا فِي الْحَكَّاكِينَ الشَّارِعَةِ فِي الْخَطِّ فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَيْدِي وَلَدِهَا وَهُمْ بَنُو سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيِّ فَصَارَتْ لِلْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ وَبَقِيَتْ بِأَيْدِيهِمْ مِنْهَا طَائِفَةٌ.

 وَاتَّخَذَ أَبُو الْجَهْمِ دَارَهُ الَّتِي بَيْنَ دَارِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : دَارُ ابْنِ عُتْبَةَ وَبَيْنَ دَارِ نَوْفَلِ بْنِ عَدِيٍّ بَابُهَا شَارِعٌ فِي الْبَلَاطِ بِوِجَاهِ غَرْبِيِّ دَارِ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَبَاعَ بَعْضُ وَلَدِهِ طَائِفَةً مِنْهَا فَصَارَتْ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ بِأَيْدِي بَعْضِ وَلَدِهِ ، وَاتَّخَذَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ دَارَهُ الَّتِي بَيْنَ دَارِ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَيْنَ خَطِّ الْخَمَّارِينَ فِي بَنِي زُرَيْقٍ الذَّاهِبِ إِلَى دَارِ أَبِي عُتْبَةَ فَخَرَجَ بَعْضُهَا مِنْ أَيْدِي وَلَدِهِ إِلَى غَيْرِ وَاحِدٍ وَبَقِيَ بَعْضُهَا ، وَاتَّخَذَ رُوَيْشِدٌ الثَّقَفِيُّ – وَهُوَ فِي بَيْتِ بَنِي عَدِيٍّ – لِصِهْرٍ لَهُ فِيهِمْ دَارًا يُقَالُ لَهَا : الْقُمْقُمُ الَّتِي فِي كُتَّابِ ابْنِ زَيَّانَ الَّتِي شَرْقِيُّهَا الطَّرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بُيُوتِ آلِ مُصَبَّحٍ وَغَرْبِيُّهَا أَدْنَى دَارِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ يَمَانِيُّهَا دَارُ الْأُوَيْسِيِّينَ الَّتِي لِسَكَنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيِّ وَشَامِيُّهَا قِبْلَةُ بُيُوتِ آلِ مُصَبَّحٍ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ مُوسَى بْنِ عِيسَى وَدَارُ رُوَيْشِدٍ هَذِهِ الَّتِي حَرَّقَهَا عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الشَّرَابِ “.