
ولد الشيخ إسماعيل صادق العدوي في السادس من أغسطس لعام 1930 م الموافق 20 من ربيع الآخر 1303 هجريًا .. ويقول الكاتب حسن علي حمزة الباحث في التراث العدوي إن الشيخ إسماعيل يُنسب إلي قرية بني عدي ومن أجداده الشيخ إبراهيم دقيش العدوي والشيخ إبراهيم حسوب والشيخ حسوب الذي له درب شهير يحمل اسمه ببني عدي البحرية والشيخ أبو حسوب بإحدى قرى مركز البداري جنوب أسيوط ، وعائلته عمرية يمتد نسبها إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان الشيخ إسماعيل رحمه الله يعتز بهذا ويصرح به ، حفظ الشيخ إسماعيل القرآن الكريم في سن مبكرة ونشأ في بيت من بيوت العلم بين القراء والفقهاء والمحدثين المترددين علي بيت أبيه الشيخ صادق العدوي وهو قطب من أقطاب الصوفية ومنارة للعلم آنذاك ثم التحق بمعهد القاهرة الديني وحصل منه على الشهادة الثانوية ثم تخرج في كلية الشريعة والقانون عام 1960 م.
عين الشيخ إسماعيل إمامًا بالأوقاف واختار مسجد سيدي أحمد الدردير العدوي ليمارس فيه رسالته خلفًا لوالده الشيخ صادق إمام المسجد ، وينوه حمزة عما جاء في مقدمة كتاب “ كنوز العلم النافع ” لمحمد هاشم العشيري : ” أن الشيخ إسماعيل رحمه الله رأي رؤيا منامية أن والده الشيخ صادق أمسكه بيده إلي أن أدخله إلي حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسأله رسول الله في كم موضع ذكرت مصر في القرآن ؟ فأجاب الشيخ إسماعيل بالآيات القرآنية التي ذكرت فيها مصر كلها فقال له رسول الله بما معناه “ فتح الله عليك وبارك الله فيك ” ، ويوضح أن الشيخ إسماعيل العدوي كانت له طريقة متميزة ونافذة في الخطابة وإلقاء الدروس جذبت إليه الجماهير الأمر الذي جعله يُختار ليكون إمامًا للجامع الأزهر وأطلق عليه لقب خليفة الإمام صالح الجعفري حيث كانت له دروس دائمة في مساجد الحسين والدردير ومصطفى محمود والأزهر وفي منزله المسمى دار الندوة ثم اختير ليكون رئيسًا لرابطة أئمة العالم الإسلامي.
بعد تخرجه جاء تعيينه بالأزهر الشريف وقد خطب خطبة الجمعة عن الحمد فأبهرت الحاضرين وحمله آل بني عدي بعد الخطبة إلي مسجد سيدي أحمد الدردير وقالوا له : أنت أولي به ففضل البقاء في هذا الوقت هناك وأن يعمل في وظيفة إمام وخطيب مسجد سيدي أحمد الدردير وقد استجيب له في ذلك ، إلي أن انتقل للجامع الأزهر الشريف إمامًا وخطيبًا وسمي في ذلك الوقت (أسد الأزهر) من فرط جرأته في الحق حيث كان لا يخشي في الحق لومة لائم ، وكان الشيخ إسماعيل دائم الترحال وكانت له جولات وصولات في معظم بلدان الدول العربية والإسلامية وخاصة في شهر رمضان حتى أن الملوك والأمراء أغروه بالبقاء لديهم فاعتذر بلباقة وممنونية ، ويؤكد حمزة أن الشيخ مالكي المذهب لكنه كان عالمًا بجميع المذاهب وملمًا بأحكامها خلوتي الطريقة كوالده وأجداده من المشايخ والعلماء.
ويوضح أن الشيخ له تسجيلات وأحاديث وحوارات بالتليفزيون المصري وبكافة الإذاعات العربية ويحكي قائلا : كنا نلتف حول التليفزيون لمشاهدة برنامجه الشهير ” أسماء الله الحسنى “ بالقناة الأولي .. وقد زار بني عدي أكثر من مرة وآخرها ثلاثث لقاءات متتاليات كل عام بمولد الشيخ القوشتي وله برامج عديدة منها : حديث الروح قبل نشرة التاسعة يوميًا وشرح الشمائل المحمدية بالقناة الثانية وشرح صفات سيد الخلق صلي الله عليه وسلم وبرنامج ذكر ودعاء ومناسك الحج والعمرة وكتاب وسنة والقرآن أسرار وأنوار وأحاديث أخري عديدة .. ويشير حمزة أن الشيخ إسماعيل رحمه الله لم يأخذ أجرًا من جميع أحاديثه بالإذاعة والتليفزيون المصري وجميع القوافل الدينية التي كان يقوم بها وقد سأله في ذلك تلاميذه عن سبب عدم تقاضيه مقابل ذلك فقال : أحتسب ما أقوم به لوجه الله تعالي علي روح والدي ووالدتي رحمهما الله فكان نعم االابن البار بهم وبأهله.

وللشيخ إسماعيل صادق العدوي كتاب ” من كنوز العلم النافع “ وديوان شعر مخطوط وقد تم بحمد الله عقب وفاته تفريغ أحاديثه في كتب منها : أحكام الصلاة والطهارة والتصوف جوهر الإسالم وكتاب الشيعة والبهائية والقاديانية والإلحاد إلي جانب كتاب الشمائل المحمدية وجاري طبعهم واستكمال تراث الشيخ ، وكان يحب الشيخ السمالوطي شيخ الإسلام وقال فيه : ” كان جريئًا في الحق وقد سألت الله عز وجل أن يرزقني جرأته فرزقني إياها “ ، ويستطرد حمزة قائال : ” وظل الشيخ في عطاء مستمر فلم يمكث في بيته وأسرته إلا فترة مرضه الأخير وكان راضيا بما كتبه الله عليه من ابتلاء مدة عامين تقريبا وهذا شأن عباد الله الصالحين إلى أن توفي في عشية يوم الأربعاء 23 رمضان 1418 هـ الموافق 23 يناير 1998 م. وصلت عليه الآلاف في مشهد مهيب بالجامع الأزهر ودفن بجوار والده الشيخ صادق العدوي ببستان العلماء “.
وقد اعتاد الشيخ أن يلقي دروس التفسير يوم الاثنين من كل أسبوع وكان قد عرفت عنه القوة في الحق وخفة ظله وروي عنه أنه في إحدى حلقات التفسير كان يفسر قوله تعالى : ” وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ” وذلك في درس التفسير الذي كان يلقيه وكان ذلك مساء يوم الاستفتاء على تجديد فترة ولاية الرئيس مبارك الثالثة وأراد الرجل أن يتكلم في الموضوع ولو تعريضا ولكن الآية التي يفسرها لا تمت من قريب أو بعيد للسياسة فاحتال الرجل بذكاء الأزهري المحنك فقال : كنت أركب القطار مع فضيلة الشيخ البنا وجاءت محطة وصولنا فقال لي الشيخ البنا : يا شيخ إسماعيل القطار والسفر كالحياة والموت والمناصب إذا جاءت محطتك لا بد من نزولك .. ثم أخذ الشيخ إسماعيل صادق العدوي يركز ويشدد ويعيد ويكرر على هذا المعنى بهذه العبارة قائلا باللهجة العامية : يعني إذا جت محطتك انزل كفايه علينا كده انزل خلاص محطتك جت انزل ولا عايز تركب محطتك ومحطة غيرك !! .. وقد ضج المسجد بالضحك وقد وصلهم المعنى الذي يريده الشيخ إلا رجل ساذج مسكين قال : الله يرحمه .. فسأله الشيخ العدوي : هو مين ؟ قال الرجل : الشيخ البنا .. فقال الشيخ العدوي بغيظ : ويرحمك أنت كمان !!
وكان رحمه الله يرج المنبر والقلوب من شدة خطبته وقوتها وأجمع علماء وقته أنه أفضل من يصلى خلفه في هذا الوقت مثل فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك وفضيلة الشيخ الدكتور محمود حماية رحمهما الله .. وكان معروفا بشجاعته وجرأته وعدم خوفه إلا من الله وفراسته وكشفه وشدته مع خفة ظله مع مريديه وتلاميذه .. كان بيته بحى الباطنية مكون من ثلاث طوابق الدور الأول كان ساحة ومضيفة للمريدين ، وقبل وفاته بعدة أعوام انتقل إلى منزل جديد وصغير وأوقف البيت الكبير معهدا أزهريا وانتقلت المجالس إلى مسجد سيدي أحمد الدرديري .. لبى نداء ربه يوم الأربعاء 23 رمضان سنة 1418 هـ الموافق 21 يناير 1998 وصُليَ عليه بالجامع الأزهر صلاة الجنازة عقب صلاة ظهر الخميس وشيعت جنازته من الجامع الأزهر الشريف إلى مدفنه بمقبرة المجاورين محمولا على أعناق مريديه وتلاميذه وأحبابه رافضين حمل النعش في السيارة المخصصة ومشوا خلفه من الجامع الأزهر حتى مثواه الأخير كما كان دأبهم معه عندما يمشون خلفه من الجامع الأزهر إلى بيته لحضور مجالسه ودروسه العطرة .. خسر مريدوه وتلاميذه وبلده والعالم الإسلامي بوفاته عالما عاملا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر يقول الحق ولا يخش في الله لومة لائم..
اشترك رحمه الله في العديد من البرامج الدينية بالتليفزيون والتي يحرص علي مشاهدتها المجتمع الإسلامي لثرائها بالمواد العلمية الفقهية والشرعية ووضوح أسلوبها نذكر منها علي سبيل المثال : برنامج حديث الروح وبرنامج أسماء الله الحسني حيث كان فضيلته هو صاحب فكرة هذا البرنامج بالتليفزيون المصري بالإضافة إلى عدد من اللقاءات الدينية التي تم تصويرها في مصر والإمارات والمغرب والسعودية وغيرهم ، كما قدم الكثير من التسجيلات لإذاعة القرآن الكريم المصرية شرح فيها مناسك الحج والعمرة وكثيراً من الموضوعات الإسلامية وكذلك في إذاعة الإمارات العربية حيث شرح (كتاب الشمائل المحمدية ذكر ودعاء) ولباقي إذاعات دول العالم الإسلامي ، وله موقف عظيم في عام 1973م حيث ذهب رضي الله عنه كثيراً وتواجد بصفة مستمرة بين جنود القوات المسلحة المصرية علي خط النار والقناة وسيناء لرفع الروح المعنوية لديهم أثناء الحرب ويذكرهم بفضل الجهاد ويحرضهم إما النصر أو الشهادة وداوم رضوان الله عليه علي ذلك حتي كتب الله تعالي النصر لجنودنا الأبطال وكان يقول رضي الله عنه : ( إذا جاء الجهاد فهو أولي من الكلام ).
