
ينقسم العصر المملوكي إلى قسمين متباينين هما عصر المماليك البحرية (الأتراك) وعصر المماليك البرجية (الشراكسة) .. وكان الصالح نجم الدين أيوب قد جلب الأتراك وأسكنهم بقلعة الروضة على النيل (فسموا لذلك البحرية) بينما قام السلطان قلاوون بإحضار الشراكسة وأسكنهم أبراج قلعة الجبل (فسموا لذلك البرجية) وذلك ليكونوا قوة له ولأولاده من بعده حيث لعبوا دورا هاما في استمرار أبناء قلاوون على العرش خلافا لكل من سبقه من حكام المماليك ، وبعد وفاة الناصر محمد بن قلاوون دب الصراع بين الطائفتين على المناصب والنفوذ حيث كان بيدهم السلطة الحقيقية بينما كان أبناء الناصر محمد بن قلاوون وأحفاده ألعوبة في أيديهم حتى استطاع واحد من الأمراء الشراكسة وهو برقوق أن يستولي على السلطة لينهي حكم الأتراك ويبدأ عصر الشراكسة وبدأ هو الآخر في جلب نوع جديد من المماليك من الجنس الرومي (اليوناني) ليحفظوا ملكه لأبنائه من بعده (وهو الأمر الذي لم يستمر طويلا) ، وكانت حجة برقوق في القفز على الحكم هي القضاء على حركات التمرد العربية والتي أطلت برأسها خلال عهد أبناء قلاوون بسبب كثرة المصادرات التي لجأ إليها المماليك المتنازعون لتقوية مركزهم ضد خصومهم والإنفاق على أتباعهم مما أحدث حالة عامة من التذمر لدى كافة فئات الشعب حيث كانت القبائل العربية أسرعها في التمرد على ذلك.
ويرصد الدكتور فهد البخيت تلك التغيرات التي صاحبت عصر المماليك الشراكسة وذلك في كتابه القيم (القبائل العربية في الوجه البحري في مصر في العصر المملوكي الثاني ) فيقول : ” أما السلطان برقوق الذي تولى الحكم بحجة القضاء على حركات التمرد العربية فابتدأ حكمه بسياسة مغايرة لمن سبقه من السلاطين فقد كان يقدم أصاغر الأمراء العرب على أكابرهم .. ويقول الصيرفي أن برقوق كان مولعا بتقديم الأسافل وغير ما كان للناس من الترتيب وعادى أكابر العربان والتركمان في بلاد الشام والحجاز ومصر .. ولعل سياسة برقوق هذه كانت تهدف إلى خلق الخلافات في داخل القبائل العربية وإشغالها بصراعات عربية عربية بدل أن يتطلعوا إلى السيادة على المماليك ” ، وقد أسفرت هذه السياسة عن انغماس القبائل العربية في الصراعات بين طوائف المماليك ومشاركتهم في الانقلابات والانقلابات المضادة مما فتح الباب لسلسلة من الحروب العنيفة والنزاعات الدموية في وقت غابت فيه السياسة الرشيدة في إدارة أحوال البلاد فزاد الغلاء وقلت الأقوات واضطربت أحوال الزراعة وتحول المماليك إلى أعمال السلب والنهب خاصة مصادرة الخيول والدواب بأعداد ضخمة مما أدى إلى قيام القبائل العربية بثورات لا تنتهي قابلها المماليك بإجراءات قمعية من قتل وتوسيط وتسمير وسبي وشنق وتعذيب كانت سببا في انهيار الدولة المملوكية آخر الأمر.
وكانت أكبر حركات التمرد في الوجه البحري هي حركة بدر بن سلام زعيم تحالف هوارة والذي قام بجمع عرب البحيرة سنة 782 هـ واستولى على دمنهور فأرسل برقوق حملة ضخمة انتصرت عليه واحتلت مقر إمارته في تروجة (مركز أبو المطامير حاليا) وخربوها تخريبا شديدا ومن ثم قرر برقوق أن يكسر شوكة هوارة بنقلها في عملية إجلاء قسري من البحيرة وأنزلهم في أخميم بصعيد مصر مما أحدث تغييرا سكانيا كبيرا في الوجه القبلي ، وعندما خرج برقوق سنة 796 هـ لمواجهة تيمورلنك تآمر عدد من المماليك مع عرب العايذ في الشرقية للقيام بانقلاب والاستيلاء على القاهرة ووعدوا الأمير موسى بن محمد بن عيسى العايذي بمنصب الخليفة لكن المؤامرة انكشفت وفتك برقوق بزعماء العرب وقتلهم جميعا في سجنهم لكنه عفا عن المماليك المتآمرين وهو ما أحدث ضغينة لدى عرب مصر كلهم ، وعندما قام شيخ ونوروز بالانقلاب على السلطان فرج بن برقوق في عام 809 هـ قاموا بالاستعانة بقبائل الزهور وبني وائل من عرب الشرقية حيث ساعدوهم في حصار القلعة التي احتمى بها نائب الغيبة وفي عام 819 هـ توجه الاستادار فخر الدين وأكثر من المصادرات حتى جمع مائة ألف دينار في وقت يسير وعاث في الأرض فسادا وقاتل عرب البحيرة وفي عام 820 هـ ثار أهل السمناوية على والي دمياط لشدة بطشه بالناس وتسلطه على حرم المسلمين ونسائهم وأولادهم فقبضوا عليه وأشهروه على جمل ثم قتلوه.
وفي عام 832 هـ قرر الأشرف برسباي عددا من الحملات العسكرية إلى البحيرة والغربية والشرقية من أجل سلب الخيول التي بحوزة العربان حيث يشير ابن تغري بردي أن ذلك استمر ثلاثة عقود .. وثار أهل البحيرة عام 838 هـ على كاشف الوجه البحري أقبغا الجمالي بسبب قيامه بحرق بيوت العرب والاعتداء على أعراضهم فكمن له بعضهم وقتلوه .. وفي عام 853 هـ فتك المماليك بقبيلة هلبا سويد بعد أن أغاروا عليهم على حين غفلة بسبب وقوفهم ضد قبائل عربية موالية للمماليك .. وفي عام 875 هـ عجز عيسى بن بقر أمير عربان الشرقية عن تقديم الأموال المطلوبة للسلطان فقبض عليه وسجن فثارت قبائل العرب في الشرقية (بني سعد وبني وائل وبني حرام) وأعدم موسى بن عمران شيخ العرب توسيطا مع عدد من زعماء القبائل وكان من بينهم صبي لم يتجاوز البلوغ فهاجت قبائل الدلتا وهاجمت القاهرة فأرسل السلطان قايتباي حملة بقيادة أزبك من ططخ ففتك بالعرب (وهو الذي تنسب له حديقة الأزبكية) .. وفي عام 879 هـ ثارت عرب غزالة بالجيزة بسبب كثرة المظالم وقتلوا عددا من المماليك وحرروا المساجين .. وفي عام 890 هـ كثرت المصادرات للخيول والدواب بسبب تهديدات العثمانيين فقاد محمد الجويلي أمير عرب البحيرة ثورة ناجحة وألحق بالمماليك هزيمة ساحقة حتى اضطروا لعمل دوريات لحراسة القاهرة.
أما في الصعيد فقد كانت ثورات العرب قد أخذت طابعا استقلاليا وكانت المواجهات مع المماليك أشرس وأعنف وبدأت بحركة عمر بن الأحدب شيخ قبيلة عرك الجهنية في عام 752 هـ واستمرت ثلاث سنوات حيث استطاع السيطرة على الصعيد وساندته القبائل العربية في منفلوط والمراغة والواحات والفيوم والبهنسا وأطلق على نفسه لقب الأمير حيث يقول المقريزي : ” وادعى ابن الأحدب السلطنة وجلس في جتر أخذه من قماش الهذباني وجعل خلفه المسند وأجلس العرب حوله ومد السماط بين يديه فنفذ أمره في الفلاحين وصار الجندي إذا أنكر له خراج قصده وسأله في خلاصه من فلاحه فيكتب له ورقة لفلاحه وأهل بلده فيصل بها إلى حقه ” ، وعندما قطع ابن الأحدب الخراج عن القاهرة سار المماليك في تجريدة كبيرة بقيادة الأمير شيخو حتى وصلوا أسيوط ليجدوا جيشا جرارا من عرب منفلوط والمراغة قوامه عشرة آلاف فارس ومعه ما لا يحصى من المشاة فاستعمل شيخو الحيلة وأرسل إلى عرب بني هلال يستميلهم فانخدعوا فأوقع بهم منفردين قتلا وأسرا ثم التقى مع الجيش العربي في برية وادي الغزلان قرب إدفو وألحق بهم الهزيمة واستولى على ممتلكاتهم وقتل من العرب عشرة آلاف شخص لكنه في النهاية اضطر لمصالحة ابن الأحدب وأقره على مشيخة قبيلته وفي ذلك يقول ابن إياس : ” فلا زال يقطع من رؤوس العربان والفلاحين الذين بضياع الصعيد حتى بنى من رؤوسهم عدة مصاطب ومآذن على شاطىء بحر النيل كما فعل هولاكو ببغداد “.
وعندما قام برقوق بتهجير قبائل هوارة إلى الصعيد بدأت تحدث نزاعات من نوع جديد بين القبائل وبعضها البعض وهو أمر كان في صالح المماليك لكنه في نفس الوقت كفيل بتعطيل أسباب الحياة من مواصلات وخراج إذا استفحل أمره واتسع نطاقه وكان سببا في خراب العمران مما يؤدي إلى ثورات أخرى للقبائل الصغيرة بسبب الفقر والعجز عن سداد الأموال المقررة عليها من قبل كشاف المماليك ، وتجدر الإشارة إلى أن المنافسة على الزعامة بين شيوخ القبيلة الواحدة تؤدي إلى تأجج الصراع القبلي وانقسام القبيلة بين المتنافسين مما يذكي نار الحرب بينهم وجلاء بعض القبائل عن مساكنها فتعمد إلى أعمال التخريب وإفساد الزروع والاعتداء على الفلاحين فعلى أثر الخلاف الذي وقع بين محمد بن عمر الهواري أمير هوارة في الصعيد وابن عمه علي بن غريب عام 801 هـ اشتعلت الفتنة بين بطون قبيلة هوارة في الوجه القبلي واشتركت فيها بطون هوارة التي تقطن البحيرة واتسع النزاع ليشمل قبائل أخرى مثل فزارة وعرك وبني الأحدب (الذين ناصروا علي بن غريب) فهاجموا بعض نواحي الوجه القبلي وطردوا الكاشف وقتلوا عددا من مماليكه فتوجهت إليهم عدة حملات مملوكية تمكنت من فض النزاع وإعادة القبائل إلى أماكنها وتكررت هذه الفتن بين بطون هوارة في عام 851 هـ وفي عام 865 هـ كما اشترك بنو وائل وبنو حرام من عربان الشرقية في فتنة هوارة عام 902 هـ والتي قامت بسبب خلاف بين حميد بن عمر الهواري وقريبه إبراهيم.
ولم تكن قبيلة بني عدي بعيدة عما أصاب العرب في مصر كلها حيث كان أول ظهور لها مستقلة عن قريش في الصعيد في عام 874 هـ عندما أرسل قايتباي عدة حملات للدلتا والصعيد بهدف جباية الأموال حيث كانت الأحوال الاقتصادية وقتها في غاية السوء فثارت القبيلة في كل مضاربها من أول ساحل بني سويف وحتى البهنسا والأشمونين ورفضت الرضوخ للذل وامتنعت عن تقديم الضرائب الباهظة فأرسل الأمير يشبك الداودار نائب السلطان قايتباي جنوده إلى بني عدى حيث دارت رحى معركة شرسة بمنطقة السويقة (وسط قرية بني عدي الحالية) أسفرت عن هزيمة بني عدي واستشهاد كثير من أبنائها ونهب مضارب القبيلة ومصادرة أموالها وممتلكاتها ودوابها .. وأراد يشبك أن يجعل من بني عدي عبرة فانتقى أربعين من خيرة رجالها وقتلهم على الخوازيق ولم يكتف بذلك بل جاء بشيخ بني عدى محمود دقيلة وأحرقه على الحطب حيا (وهو جد الولي محمد بن عمر بن جلبى بن زيدان دقيلة والمدفون ببنى عدى القبلية والتي كانت تعرف وقتها باسم أم جديم) ، وجاء في الروايات الشعبية : ” وخيم الحزن بالقرية على هؤلاء الرجال ودفنوهم وأقاموا بجوارهم مسجدًا سمى مسجد الأربعين وطفح الكيل من ظلم الأمير يشبك فأخذوا يدعون عليه بقول حسبي الله ونعم الوكيل وبالفعل استجاب لهم الله حيث قتل الأمير على أيدي عبيده بعد أن عذبوه وقطعوه أشلاء واشتهرت بني عدى بعدها بأنها بلد حسبي الله ونعم الوكيل “.
واستعمل يشبك الداوادار القسوة ضد من امتنع عن السداد في كافة بلاد الصعيد حيث يقول ابن إياس : ” .. عاد الأمير يشبك الداوادار من الوجه القبلي وكانت مدة غيبته نحوا من سبعة أشهر ففعل ببلاد الصعيد من المظالم ما لا يسمع بمثله حتى قيل إنه شوى بالنار محمود شيخ بني عدي وخوزق من العربان جماعة وسلخ جلد جماعة ودفن جماعة في التراب وهم أحياء وفعل بالعربان من أنواع هذا العذاب ما لا فعله أحد قبله فدخل الرعب منه في قلوب العربان فلما صعد الأمير يشبك إلى القلعة أخلع عليه السلطان خلعة سنية ونزل إلى داره في موكب حافل ثم بعد ذلك قدم إلى السلطان تقادم حافلة بما ينيف عن مائتي ألف دينار ما بين ذهب عين وخيول وجمال ورقيق وأعسال وسكاكر وغلال وغير ذلك .. ” ، وكان يشبك من المقربين إلى قايتباي لأنه ساعده في الانقلاب على تمربغا والوصول للعرش ونتيجة لأعماله في الصعيد أقطعه السلطان قايتباي عدة قطع من الأراضي بناحية المطرية بنى في إحداهما القبة الفداوية المعروفة وفي الأخرى قبة في موضع للتنزه صار بعد ذلك سببا في تسمية المنطقة باسم قرية القبة (ومنه استمدت أسماء حدائق القبة وسراى القبة وحمامات القبة وكوبرى القبة) لكنه لم يهنأ بكل هذه الثروة حيث لقي حتفه في الحملة التي أرسلت لأعالي الفرات ضد التركمان وأعوانهم حيث مات ميتة شنيعة إذ هزم بالقرب من الرها وأسر وتم ذبحه بالبطيء ليعاني أشد أنواع الألم ثم وضعت رأسه على رمح وحشيت تبنا وطيف بها في ممالك العجم.
وفي أعقاب موت قايتباي عام 901 هـ دبت الفوضى في مصر حيث دارت الصراعات بين المماليك المتنازعين واستعانت كل طائفة بقبائل من عربان الشرقية فاستغل الجويلي أمير عربان البحيرة الفرصة وقام بالتعاون مع حسن بن مرعي شيخ عربان الغربية في عام 904 هـ فرفضوا دفع الخراج وهزموا المماليك الذين فقدت هيبتهم ، في نفس الوقت الذي قامت فيه عرب غزالة في الصعيد بمهاجمة المماليك وألحقوا بهم خسائر فادحة في الأرواح فانتقم منهم المماليك شر انتقام وهاجموا منازلهم في الصعيد وقتلوا رجالهم وسبوا نساءهم ، وفي عهد قنصوه الغوري ارتفعت وتيرة الثورة في كافة أنحاء البلاد حيث قتل كاشف الشرقية فقام المماليك بالانتقام من العرب بأساليب وحشية فقطعوا رؤوس الشباب وأرسلوها إلى القاهرة في شلف التبن وقطعوا أجساد آخرين بالمناشير وسلخوا بعضهم أحياء فتزايدت وتيرة الثورة خاصة بعد أن أقدم الغوري على قتل شيوخ العرب في الشرقية مثل أحمد بن مهنا وعبد الدايم بن أحمد بن بقر وعمر بن موسى النفيعي وصالح بن قرطام وعبيد بن أبي الشوارب وقاسم الغريب ، ونتيجة لما حدث في الشرقية قرر عربان الغربية والبحيرة والجيزة الاتحاد سويا وصدوا هجوم المماليك ومنعوا الخراج في عام 918 هـ ولم يتمكن الغوري من السيطرة مرة أخرى على هذه الأقاليم مدة خمس سنوات بينما ظلت الشرقية في حالة ثورة لا تهدأ بسبب قتل زعمائها والتنكيل بأبنائها.
وعندما ترامت الأنباء إلى العرب بمصرع قنصوه الغوري في مرج دابق عام 922 هـ ثارت العرب في الوجه البحري ضد المماليك حتى اضطر طومان باي لتسيير دوريات لحماية القاهرة كما أنه رفض اشتراك العرب معه في مواجهة العثمانيين رغم أن عددا من القبائل حشد جيوشه لمؤازرة المماليك بينما قامت قبيلة بني عدي بالعصيان في الصعيد وتحريض القبائل الأخرى على الانتقام لقتلاها وذلك تحت قيادة شيخها علم الدين العدوي .. وهكذا جاءت الساعات الأخيرة لتسدل الستار على دولة المماليك الشراكسة بعد أن تسببت سياستهم في تحطيم الجبهة الداخلية وتفرقة الناس وإثارة العداوة والبغضاء بدلا من أن يجمعوا الصفوف ويوحدوا القوى فكان ذلك سببا فيما حل بهم من نكبات وتسببوا بسوء صنيعهم في الاحتلال العثماني للبلاد .. ويبدو أن المماليك شعروا بالندم في وقت لا ينفع فيه الندم على سوء معاملتهم للقبائل العربية ويتبين هذا من خلال حديث الأمير المملوكي قيت الرحبي أحد مساعدي السلطان طومان باي الذي وضح فيه الأسباب التي دفعت القبائل العربية للوقوف بجانب العثمانيين حينما قال : ” إن العربان صارت كلها أعداء لنا وعونا لعدونا وليس فيهم من يقاتل معنا ويكافح عنا لأنه ما منهم أحد إلا من قتلنا إما أباه وإما أخاه وإما ابنه أو ابن عمه أو أحد أقاربه وذلك لما كانوا يعصون علينا فهم الآن كل واحد منهم يطالبنا بثأره القديم وأما عدونا فإنه قد جاءهم جديد وليس بينه وبينهم شيء من العداوة فإنه يذهب إليه أكابرهم فيعطيهم ويرضيهم ويعلق آمالهم بجزيل المطامع ويحلف لهم أنه لا يؤذيهم ولا يقتل منهم أحدا ولا يأخذ منهم خراجا “.