
مع هذا الانتشار الكبير لقبيلة بني عدي في ربوع البلاد إلا أن جماعات قليلة منهم لا زالت تعيش في موطنها الأصلي في الجزيرة العربية وقد جاء حصر بهم في موقع النسابون العرب وغيرها من مواقع الأنساب ومنتديات القبائل العربية ومنهم :
السوالمة في مكة المكرمة : ويعيش فيها السوالمة وهم من بني عدي أبناء سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهم أهل ماشية يسكنون في شرق مكة المكرمة (الشرائع المغمس العزيزية منى الغسالة) وينتهي اسمهم في الوثائق الرسمية بالسالمي القرشي .. وهم عدة فخوذ منها البقاقير ومفرده البقاري وكان لهم ثلث ديار قريش في مكة قبل الحكم السعودي وكان لهم مقبرة يدفنون موتاهم فيها في شرق مكة على حدود عرفة في (المغمس) تسمى (المصنعية) وينقسمون كالتالي : (الصعاعيق آل سليمان آل حميد آل غنيه آل عويد) وينقسمون الى فخوذ عدة وشيخهم حالياً عيضه بن محمد بن سعود القرشي وهم أكثر قريش مكة عدداً وكل قريش مكة تشهد بذلك .. أما بالنسبة للشرائع (حي في شرق مكة) فقد كان لهم ويسمونه (الصحين) تصغير للصحن وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز أمر بجعل الصحين مخطط باسم الشرائع ولما دخل عليه شيخ قبيلة البقاقير آنذآك محمد بن سعود القرشي طلب منه الملك فهد الحجة ولكنها لم يقدمها له لضياعها فضحك الملك فهد وقال له هذا ما هو (صحين) هذا (صحن) با أبو عيضة ثم قام بإنشاء المخطط وإعطاء كل بقاري منحة فيه .. ومن فروع السوالمة الأخرى المهادية ومفردهم (المهيدي) وكان لهم مقبرة مقابل الجمرات دفن فيها عدد من التابعين وما زالت ولكن متوقفة لا يدفن فيها أحد .. والرقعان ومفردهم (الرقيعي) وهم فخوذ عدة والغجرة ومفردهم (الغجيري) وينقسمون إلى فخوذ عدة وشيخهم عطيه أبو سمن .. والعشيق ومفردهم ( العاشق) وهم أيضاً عدة فخوذ.
وقد دخل السوالم من بني عدي في حلف مع أحد فروع بني مخزوم وهم القنعان ومفردهم (القناعي) وهم ذرية عبدالله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن يقضة بن مخزوم ومنهم الشاعر المعروف عمر بن أبي ربيعة وهم أهل ماشية يسكنون أعلى المغمس ولهم عدة مواقع فيه منها (الجلالي وجزء من عرفة وهم عدة فخوذ منهم الغلالية والحواذين و المواسية) وكل فخذ من هذه الفخوذ ينقسم الى عدة فخوذ ايضاً وقد كان لهم ثلث ديار قريش في مكة .. وكان للبقاري قبل الحكم السعودي ثلث مكة ولباقي السوالمة ثلث وللقنعان ثلث مكة علما بأن جميع هذه القبائل مازلت تحتفظ بمسمى القرشي ليومنا الحالي فتجد أخر اسم في بطاقته القرشي .. كما أن المشاعر المقدسة كانت لهم قبل الحــكم السعـودي (منى وعرفة ومزدلفة) لا يبيع فيها سوى القرشي ولكن في حكم الملك فيصل رحمه الله طلب أخذ المشاعر منهم فدخل عليه شيخ قبيلة قريش (السوالم والقنعان) في ذلك الوقت محمد بن علي القرشي من المهادية رحمه الله ليتفاوض معه وقرروا رفض إعطاءه المشاعر المقدسة ولكن الملك فيصل بسياسته المعروفة اخذ المشاعر وذلك لمصلحة الحجاج (والمغمس هو وادي شرق مكة المكرمة يسمى الوادي الأخضر وفيه موقعة أبرهه الحبشي وفيه سوق ذي المجاز من أسواق العرب في الجاهلية وقد ورد بكثرة في شعر عمر بن أبي ربيعة).
العمريون في القصيم : سبب تواجد الاسرة العُمرية في بريدة عندما قدم جدهم أمين خير الله العُمري (المحفور والمخطوط اسمه في قبة المسجد العُمري) للحجاز ومن ثم انتقل للقصيم لطلب العلم وكان من عائلة غنية واستقر في بريدة منذ ما يقارب ثلاثة قرون ومشهود لهم بأنهم أسرة علم وتعليم فقد انبرى عدد من أبنائها في القديم والحديث بالاتجاه إلى طلب العلم وتعليمه ولقد سعى الكثير منهم إلى ميادين العلم فاستفادوا وأفادوا مجتمعهم من عهد الجد عبدالله العُمري الذي تبين من آثاره أنه طالب علم حيث وجد عنده عدد من أمهات الكتب في الحديث والفقه والعقيدة وأهمها صحيح البخاري مخطوط كما كان خطه جميلا (يدل على ذلك كتاباته في كراس خاص به) مع إلمامه بقواعد الحساب حيث دون بعض الحسابات المتعلقة بأموره التجارية وحساب ماله وما عليه خاصة فيما يتعلق بزكاته وطريقة حسابه لها .. وورث أبناؤه وأحفاده حب العلم فكان حفيده عبدالله بن مبارك العُمري إمام مسجد الشقة العليا ومرجع لأهل هذه البلدة في الأمور الدينية ولديه كتاب لتدريس أبناء بلدته القرآن الكريم والعلوم الدينية .. واشتهر حفيده محمد بن عمر العُمري قاضي الخبراء في نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر الهجري وقد توجه وفد من أهالي الخبراء إلى قاضي بريدة في عصره وطلبوا منه ترشيح شخص يثق به ويعلمه ليكون قاضياً لديهم وإماماً وخطيباً في جامع البلدة فاختار لهم الشيخ محمد بن عمر حيث جلس للتدريس والفتيا والإصلاح بين الناس وأجرى الله على يديه الخير في تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم وخلف عدداً من طلاب العلم وبقي هناك حتى توفي على الأرجح عام 1318هـ .
وتولى ابنه علي بن محمد الإمامة في أحد مساجد الرس وكان طالب علم متميز وقد نفع الله به فعلاوة على إمامة المسجد والخطابة به كان له دور في الإصلاح بين الناس وكتابة عقودهم وأنكحتهم كما اشتهر بعلاج الناس بالرقية الشرعية وأشتهر منهم الشيخ محمد بن سليمان العُمري المتوفي عام 1308هـ بالعلم والزهد والتقى والصلاح وكان مقرباً لأمير بريدة في عهده حسن المهنا أبا الخيل فهو إمامه في سفراته ومستشاره في القضايا الدينية وكاتب عقوده التجارية حيث من المعلوم أن الأمير حسن كان يعمل بالتجارة إلى جانب الإمارة كما كان يقدم خدمات جليلة للناس تطوعاً خاصة في المكاتبات فيما بينهم .. ومنهم الشيخ سليمان بن محمد العُمري الذي سار على نهج والده فطلب العلم على مشائخ عصره وحصل على قسط وافر من العلم واشتهر بالكتابة للناس احتساباً وكانت الوثائق التي كتبها معتمدة عند قضاة بريدة حيث كان الناس يرغبون بالكتابة عنده لأن كتابته مختصرة ودقيقة .. ومن أبرز العلماء والقضاة في الأسرة العلامة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن محمد بن عمر العُمري الذي انصرف منذ صغره لطلب العلم على المشائخ في عنيزة ثم طلب العلم على يد الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم في بريدة قرابة عشر سنوات وكان رئيساً للمحكمة المستعجلة بالمدينة إلى جانب التدريس والإمامة بالمسجد النبوي وذلك لمدة 15 عاماً .. ومن أبرز تلاميذه من الأسرة ابن عمه الشيخ محمد بن حمد العُمري الراوية والباحث المعروف والذي كان يملك أكبر مكتبة خاصة بالرياض تحوي على الكثير من أمهات الكتب الدينية والأدبية والاجتماعية وعشرات المخطوطات النادرة.
الكعابنة في تبوك : وقد سكنت فيها قبيلة الكعابنة قرب منطقة العلا ثم توزعت منها إلى بادية الشام .. وسبب رحيل قبيلة الكعابنة ومجلاهم من العلا الى بلاد الشام الصراع مع تحالف قبائل حرب وبلي بسبب الثأر وقرب المسافة بينهم حيث قامت القبيلتان بقتل الشيخ علي أبو ذينة وضاع دمه بين القبيلتين فلم يعرفوا من قاتله فما كان من الشيخ عليان بن ربقان الكعابنة إلا أن يقتل شيخ قبيلة بلي وهو ملوح أبو شامه ليأخذو ثأرهم فدارت الحروب بينهم ، وقامت قبيلة الكعابنة بالجلوه الى منطقة تبوك (وهم الآن أقدم سكانها) وساحل البحر الأحمر وقسم منهم رحل إلى بلاد الشام وسكنوا في الطفيله والشوبك .. دارت حروب يقال إنها استمرت مائة عام بين عشائر الكعابنة ومن خلال هذه الحروب انقسموا إلى قسمين : قسم رحل إلى فلسطين وقسم بقي في الأردن .. أما الذين بقوا في الأردن فقد سكنو في مادبا وطور الحشاش وأم الرصاص وأبو حليليفه وقرية عليان وسحاب والموقر في جوار وحلف قبيلة بني صخر في بلاد الشام .. وأفخاذهم في المملكة العربية السعودية تتفرع عن بطني عياد وعواد فمن عياد : (الكسابين الغرضان الرشايدة الغوايرة المطيرات الفاير) ومن عواد : (الغنامين الزيادين القديمات الجلوي آل ابن عويض الأحمد وهم عائلة صالح بن أحمد الحميدي ويعدون هناك أقدم سكان تبوك).
وقد جاء تفصيل ذلك في صفحة عشائر الكعابنة : ” الكعابنة وهم بطن من بطون قريش خرجوا من الجزيرة العربية في القرن الخامس الهجري واستقروا في جنوب بلاد الشام (الطفيلية وادي موسى نمور الصافي إلى حدود بئر السبع غربي شرق نهر الأردن والبحر الميت) ودارت حروب استمرت مائة عام بين عشائر الكعابنة وانقسموا قسمين .. القسم الاول : المتواجدين في الضفة الشرقية من نهر الأردن خرج منهم قسم إلى منطقة البلقاء شرقي الأردن ومنطقة مادبا وخرج منهم بطن يسمى الآن بني صخر (متحالف مع بني صخر) وطغى على اسم الكعابنه وهم الخرشان والجبور وانضمت اليهم بعض العشائر مثل الدهامشة والهقيش والزبن والفايز وخبير وعشائر أخرى بقوا في الطفيلية وانقسم الكعابنه الى الجبور والخرشان والطوقة .. والقسم الثاني تحرك نحو البلقاء واستقر في مادبا ولايزالون حتى الآن يسمون الكعابنه وهم الزويديين والرملات والجمازيين والعمور والرواعيين أما المتواجدين في الضفة الغربية من نهر الأردن انحصروا إلى منطقة الخليل ثم انقسمت القبيلة الى قسمين قسم مع صف بن نجدي والآخر مع ابن بيص ودارت بينهم حروب وتغلب صف فيها وخرج منهم واستقر في مرج ابن عامر شمال فلسطين المحتلة وهم الآن يعرفون بعرب الكعابنه وخرج منهم قسم استقر في العوجا وأريحا وهم النجوم والعطيفات وعشائر أخرى والذين بقوا في الخليل الفراجات وهم النجادة والمليحات والبراقة وأبو قربة والزويدين وهم البريدات والبصايصة والخلايفة والعامريين والضويعيين واللاتيمين والطعيمات والرشيدين وابو غورية “.
عشيرة بني عمر في تهامة : وينتسبون إلى فرع عبيد الله بن عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفرع محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر لكن الأرجح أنهم فروع عديدة من جميع بني عدي انتقلوا من الحجاز للجنوب في أوائل العصر العباسي وقد دخلت في تحالف مع قبائل الجنوب (غامد وزهران) .. وقد جاءت تفصيلات عنهم في موقع منتدى الأنساب العربية حيث يقول : ” ومسكنهم في تهامة كانت تعرف بالسابق بمخلاف عشم وكانت مقر إمارة المخلاف من العمريين وتشتهر بالزراعة والعيون الجارية والجبال الشاهقة والقصور الفارهة ومن أشهرها قصر (ذى عين) ويوجد بها أكبر الأسواق بتهامة بعد مكة وبها مقر شيوخ بنى عمر بن على العُمرى (الحسين) ووادى راش وبه مقر شيوخ بنى عمر العُمرى الأشاعيب (آل موالا) وهى إحدى قبائل الباحة بموجب الوثائق القبلية .. وسبب تسميت المخواة بهذا الاسم يرجع إلى التآخى بين أبناء الخلفاء والصحابة وتوحيدهم تحت مسمى بنى عمر بن على العُمرى وبنى عاصم بن عمر العُمرى من قبل ألف عام وقد دون نسبهم أئمة الأنساب مثل الإمام السمعانى والإمام ابن حزم والإمام الذهبى والقلقشندى والمغيري والدولة السعودية ممثلة فى وزارة الداخلية وإمارة الباحة ومحافظة المخواة “.
وقد كانت لهم الريادة والزعامة على المنطقة خلال العصور التاريخية وفي زمن العثمانيين .. وفى الوقت الحاضر تسكن القبيلتان (بني عمر الأشاعيب من بني عدي وبني عمر العلي من بني هاشم) محافظة المخواة إحدى محافظات منطقة الباحة فى تهامة الحجاز جنوب مكة وتعرف ديارها ببلاد بني عمر وكل قبيلة لها ديار تعرف باسم حدبة بني عمر بن علي العُمرى والمخواة هى حاضرتهم وبها مقر شيخها الشيخ حسين بن على الحسين العُمرى وحدبة بنى عاصم بن عمر العُمرى ومقر شيخها الشيخ أحمد بن عبدالله آل موالا العُمرى حيث تداخلت وتشعبت مع قبائل زهران فى الشعاب (الوادى الصغير) وعرفوا ببني عمر الأشاعيب وانتشر منهم بسراة وتعرف ديارهم بسراة بني عمر وأصبح يطلق عليهم بني ناشر (جزء منهم فى جبال السراة) وتداخلوا مع قبيلة غامد بمحافظة بالجرشى .. ومنطقة المخواة من الأماكن السياحية وهى محافظة كبيرة ومتقدمة فى العمران والمدارس والمستشفيات وبها جميع الخدمات وهى مقر القبيلتين بني عمر بن على العُمرى وبني عاصم بن عمر العُمرى ولايسكنها أحد غيرهم تحدها من الشرق غامد وزهران من الغرب والجنوب والشمال إمارة مكة وقبيلة الأشراف العبادلة وبني سهيم وبني عامر وزبيد.
آل أبي الرجال في اليمن : أول من قدم من قبائل قريش إلى مضارب جازان و تولى حكم جزء منها هو الشيخ الأمير عيسى بن حمزة بن وهاس بن داوود بن عبدالرحمن بن عبدالله بن داوود بن سليمان بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما و ذلك في عام 462 هـ تقريباً .. ثم تبعته القبائل القرشية بمرور الوقت ومنهم قبيلة آل أبي الرجال : في منطقة الوادي الكبير (بيش حاليا) ثم انتشرت منها إلى مناطق اليمن الجنوبية وهم يحملون في ألقابهم اسم (العمري) وهم ينتسبون إلى فرع عبد الله بن عمر ومن أشهر شخصياتهم في العصر الحديث القاضي علي أبو الرجال وهو العلامة الأديب المثقف الوزير القائد الإداري الكفء القدير ، شغل عدة مناصب عليا في الدولة وأسهم إسهاماً كبيراً في إثراء الحياة الأدبية والثقافية في اليمن .. وهو من مواليد عام 1352هـ الموافق 1933م. .. وجاء في ذكر نسبه أنه القاضي علي بن أحمد بن أبي الرجال من أسرة (أبو الرجال) الأسرة العلمية التي توارثت العلم أباً عن جد ما يقرب من ألف سنة فما من عصر إلا وفيه أديب أو خطيب أو عالم مجتهد أو قاض كبير أو وزير من آل أبي الرجال .. قال جحاف وغيره أن الحسن بن سرح بن يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يجمع نسب القضاة آل أبي الرجال جميعاً.
ومن اليمن عبرت فروع من بني عدي إلى أريتريا في الجانب الآخر من البحر الأحمر وهم قبائل المنفري حيث ينتسبون إلى عبد الحي بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث هاجر عبد الحي هذا من الحجــاز إلى (الحبشة) وهو الاسم القديم لإرتريا وسكن في أرض الساهو وحينما علموا أنه من ذرية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ملكوه عليهم وزوجــه من بناتهم وانتشرت ذريته هناك وهم اليوم ثلاث قبائل كبيرة وهناك قبيلة الطروعا وهم من بني أمية هاجــروا بعد أن سقط ملكهم بالشام وأستضعفهم بنو العباس فلم يجدوا مـــكانا آمن من جبال (الحبشة) إرتريا حاليا فسكنوها وذريتهم إلى اليوم هناك وهناك قبائل عربية أخرى سكنت في جبال أرض الساهو وأخذوا عادات القوم هناك وتأثر الساهو بهم أيضا وقد ذكر هذا الكلام بالتفصيل الشيخ العلامة الفقيه الأصولي إبراهيم المختار مفتي إرتريا رحمه الله في كتابه الحاوي لأخبار الشعب الساهاوي.
أسرة آل سنبل في الحجاز : أسرة حجازية شهيرة لها فرعان أصليان مكي ومدني وقد ظهر منها الكثير من العلماء والفضلاء وأول من عرف منها الجد الجامع لفروعهم الشيخ محمد سنبل الشافعي المكي وهو أحد أعلام القرن الثاني عشر الهجري وكل آل سنبل العمريين ينتهون وينتسبون إليه وقد أعقب الشيخ محمد سنبل بن محمد أربعة رجال هم : محمد علي ومحمد هلال ومحمد حديدي ومحمد سعيد وبنتين هما آمنة وزينب ، أما محمد هلال فهو أحد علماء المسجد الحرام وأعقب الشيخ عبدالغني مفتي مكة وبنت وأما محمد حديدي فأعقب رجلين هما : عثمان وحسين وأما الشيخ محمد سعيد الفقيه بالمروه فهو جد الشيخ طاهر سنبل .. ولد الشيخ محمد سعيد بن محمد سنبل العمري القرشي في مكة في أواخر القرن الثاني عشر الهجري وهو أحد ابرز علماء المسجد الحرام وله علم بالمذاهب الأربعة وكان محدثا فقيهاً قصده العلماء الأجلاء للأخذ عنه .. أخذ العلوم ورواها عن الشيخ عمر النمرسي .. قال صاحب تنـزيل الرحمات في مخطوطه : إمام الحديث الإمام الشافعي الصغير درس وأفاد وانتفع به العباد له مؤلفات منها أوائل سنبل وهي رسالة في أوائل الحديث عمل بها أهل الحرمين الشريفين وكان يسكن المروه فكانت داره تغص بالعلماء وطلاب العلم فعرف الفقيه بالمروه توفي بالطائف سنة 1175هـ ودفن أمام شباك سيدنا عبدالله بن عباس وأعقب أبناء منهم علماء في مكة وهم : الشيخ محمد والشيخ محمد عباس والشيخ محمد طاهر وكلهم مدرسون بالمسجد الحرام إلا أنهم أحناف ومحمد حجي وأبي الحسن وعبدالله وعبد الرحمن.
ومن أبنائه الشيخ محمد طاهر بن محمد سعيد .. مولده في مكة في أوائل القرن الثالث عشر الهجري وبها نشأ وتعلم وقرأ العلوم على جملة من العلماء في مقدمتهم والده وأكثر في الأخذ عنه ودرس الفقه وبرع فيه وكان حنفي المذهب .. ذاع صيته في البلاد فعقد حلقته للتدريس فقصده القاصي والداني وبرع في الفقه الحنفي وكان متبحراً فيه فسموه (أبو حنيفة الصغير) وله مؤلفات منها (الثمار الجنية في المجموعة السنبلية) وهي مجموعة فتاويه وتعرف أيضاً بفتاوي سنبل .. وله دليل المهتدي في آداب البحث العلمي للمبتدي وشرح متن الأرشاد وضياء الأبصار حاشية على مناسك الدر المختار والعروش العلوية (في الفقه الحنفي) .. وله كتاب في الرد على الوهابية سماه (الانتصار للأولياء الأبرار) وهو على حاله ينشر العلم حتى وفاته بمكة سنة 1218هـ ودفن بالمعلاة .. ومن إخوته الشيخ عباس بن الشيخ محمد سعيد سنبل ولد بمكة كأسلافه وتلقى عن والده وعن الشيخ يحى بن محمد صالح والعلامة عبد الرحمن الفتني وغيرهم فحاز علوما كثيرة ودرس وأفاد إلى أن توفي في 11 رجب الفرد سنة 1228هـ بمكة ، وقد أعقب الشيخ محمد طاهر سنبل ستة رجال هم عبد المحسن وأسعد وأحمد ومحمد أبو السعود وعبد الوهاب وعبد المنعم وبنتين فأما عبدالمحسن فعقبه بالمدينة وأما أسعد فذريته بعضهم بمكة وبعضهم ببلاد جاوة وأما أحمد فمات عن ثلاثة أبناء منهم عبدالرحيم له عقب بأرض البوقس وطاهر وعبد الشكور ولهم عقب في مكة وجدة وأما عبد الوهاب فلا عقب له.
ومن أحفاده الشيخ طاهر بن عمر بن عبد المحسن بن محمد طاهر بن محمد سعيد بن محمد سنبل العمري المكي ثم المدني .. ولد في مكة المكرمة سنة 1245هـ ونشأ في أسرة علمية توارثت الإفتاء في بلد الله الحرام فحفظ القرآن الكريم مجودا وعندما أتمه وبلغ من العمر اثنى عشرة سنة هاجر والده إلى المدينة المنورة وفور وصوله إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام التحق بحلقات العلماء والمدرسين بالمسجد النبوي الشريف وتتلمذ على كبار علمائه وأجاد العلوم الدينية والعربية وكان له اهتمام بعلوم الرياضيات والحساب والهندسة فتعلم الطب ودرس على الشيخ رفاقت علي وحبيب الرحمن حتى أصبح أحد علماء عصره وبلغت شهرته أقرانه فكان من المميزين في ذلك العصر وكان يجيد اللغات التركية والفارسية والأوردية ، وعني الشيخ طاهر بالطب اليوناني فكان من المهرة فيه فشهد له أقرانه بالمقدرة والتفوق وشهدت له وصفاته وعلاجه لكثير من الحالات المستعصية فقد جعل بيته ونفسه لعلاج أهل المدينة فلم تقصر شهرته على أهل مدينته ليعالجهم فقد جعل الله في يده البركة فتجاوزت شهرته البلاد وطبقت سمعته الآفاق فأصبح يعوده المرضى من جدة ومكة والطائف ومن خارج الحجاز ومن الشام ومصر وكان هؤلاء المرضى يؤمنون بطبه ويستشفون بعلاجه الذي يركبه بنفسه ، وأنشأ الشيخ طاهر معملا طبيا في منزله الخاص وله خدام يساعدونه وكان هذا المعمل (الذي يعد مستشفى المدينة في ذلك العصر) لم يكن له مثيل ولم يكتف بذلك بل إنه عكف على صناعة الأدوية والعلاجات فكان يقوم بتحضير الأشربة والأدهنة والمراهم والحبوب والمقطرات والمرطبات كشراب الورد ومائه وعطره وشراب الرمان واللوز وقد اشترى قطعة أرض كبرى في خيف الغرابية بمحلة العيون وجعلها بستاناً يزرع فيها الأعشاب الطبيعية ليستخرج منها خلاصة الأدوية الطبية التى تعينه على صنع الدواء وهو كالمدنيين يفلح ويحصد هذه البستان دون استكبار وكانت مستحضراته تصدر إلى خارج البلاد ويبتاعها الناس كما عرف عنه مساعدة الفقراء حيث كان يداويهم ويصرف لهم العلاج دون مقابل.
وأنشأ الشيخ طاهر واحدا من أشهر الكتاتيب في المدينة ألا وهو كتاب السنبلية والذي تتلمذ فيه الكثير من أبناء المدنيين فقد اشترى قطعة الأرض المشهورة شمال شرق المسجد النبوي بباب المجيدي والتى عرفت قديما بالسنبلية (وقد زالت اليوم مع توسعة المسجد النبوي) وقد عمر بالحديقة المذكورة عدة منازل ومنزلاً كبيرا خاصاً لسكنه أما البيوت الأخرى فكان يؤجرها ، وقد أنشأ منزلا خاصا يعلم فيه القرآن وخصص له فقيها يعلم الصغار ويذكر المؤرخ المدني محمد بن محمد سعيد دفتردار والذي ترجم للشيخ طاهر بترجمة نفيسة يقول فيها إنه أحد الذين حفظوا القرآن الكريم بهذا الكتاب ومعه الكثير من أبناء المدينة ومعلمهم رجل هندي اسمه الشيخ عبدالحليم .. وكان للشيخ طاهر مكتبة قيمة مشحونة بالكتب النفيسة حول الطب اليوناني وبها نوادر المخطوطات وكانت تقوم على رعايتها وإدرتها أخته السيدة رحمة سنبل وعند المدنيين (رحمة سنبليه) وعندما حوصرت المدينة الحصار الشهير (سفر برلك) وقامت الحرب العالمية الأولى كان الشيخ وأهله من الذين خرجوا وهاجروا إلى تركيا حتى عاد بعد انتهاء الحرب وحال عودته فوجىء أن مكتبته قد نهبت فكان هذا حال كثير من بيوت المدنيين في تلك الفترة وكان الشيخ حسن الخط وهو من أهل المدينة الذين سجنوا ظلماً في القلعة في فتنة على باشا مرمحين وكان الشيخ طاهر صاحب ديانة وأمانة وعقيدة صحيحة يقرأ القرآن ويجوده مرتلاً على الطريقة الحجازية بصوت شجي ويقول الدفتردار كنا نأتي صباحا إلى الكتاب فنجلس قريباً من نافذته حتى نستمع إلى قراءته العذبة ، وبارك الله له في عمره فعاش ثمان وتسعين سنة حتى وافته المنية في السادس من شهر صفر سنة 1343هـ وقد أعقب عدة أبناء منهم محمد وعليم ومحمد صالح وأسعد وكلهم معقبون وذريتهم باقية إلى يومنا هذا.