
ديروط الشريف
يتكون اسم ديروط الشريف من كلمتين الأولى مشتقة من اسمها القبطي القديم تيروت سرابان (نسبة للقديس سرابامون) ، والثانية كلمة الشريف نسبة إلى الأمير الكبير الشريف حصن الدولة مجد العرب ثعلب بن يعقوب بن مسلّم بن يعقوب بن أبى جميل بن جعفر بن موسى الجعفري الهاشمي القرشي زعيم قبائل الجعافرة الذي نزل بها في أواخر العصر الفاطمي وبنى فيها مسجدا واتخذها مقرا له وللجعافرة وقد عرفت باسم دروة سريام.
ولها موقع جغرافي مميز لأنها تقع على نقطة تفرع البحر اليوسفي كما قال المقريزي : ” وإذا قابل النيل ناحية دروة سريام التى تعرف اليوم بدروة الشريف يعنى ابن ثعلب النائب فى الأيام الظاهرية تشعبت منه فى غربيه شعبة تسمى المنهل تستقل نهرا يصل إلى الفيوم ” ، وفي معجم البلدان دروت سريام وذكرها ابن دقماق باسم : ” دورط سرمام وهي دروط الشريف ” ، وفي صبح الأعشى : ” ذروة سربام وهي ذروة الشريف نسبة إلى الشريف حصن الدين ثعلب الجعفري وبها داره وقصوره والجامع الذي أنشأه بها “.
ومنها انطلقت ثورة العرب الكبرى ضد المماليك عام 651 هـ بقيادة حفيده الأمير حصن الدين ثعلب حيث يقول المقريزي : ” إنه كان بقرب دهروط مساكن كثيرة من العربان ومسكن أميرهم الأمير حصن الدين ثعلب ابن الأمير الكبير نجم الدين على مجيد العرب من عائلة ثعلب بن يعقوب صاحب دروط سريام وفى سنة ستمائة وإحدى وخمسين هجرية قام ذلك الأمير وقامت معه جميع عربان الصعيد والوجه البحرى والفيوم على قدم العصيان حتى قطعوا الطرق برا وبحرا “.
وفي جوارها نزلت القبائل العربية حيث سكنت في الشمال كل من بني عمران اليمنية وبني ليث (بني حرام حاليا وتنسب إلى حرام بن سعد بن عدي بن فزارة القيسية) وتتبعان حاليا محافظة المنيا وجوارها كل من الرحمانية والعمارية وجرف سرحان وأبو الهدر والنصرية ، وفي بقية الأنحاء كفر بني يحيى والمطاولة (المناشي) والمنظرة (المندرة) والعرامية وعواجة وأبو كريم وعرب ترهونة ونزلة العوامر (الحوطة) ونزلة الحسابية ونزلة أولاد مرجان ونزلة ظاهر ونزلة بدوي وأبو خلقة والمطاوعة وقصر حيدر وقصير العمارنة ومزينة (وهم من عرب بني عمران القلانس).
وفي عام 1886 م. تم اقتطاع مساحة من أراضي بني يحيى لإنشاء ضاحية جديدة هي ديروط المحطة وذلك بهدف نقل المصالح الحكومية من ديروط الشريف لتكون بجوار محطة القطار وعرفت هذه الضاحية باسم ديروط المحطة وظلت تابعة لقرية بني يحيى البحرية ، ثم توسعت ديروط المحطة في القرن العشرين وتحولت إلى مدينة ديروط الحالية وصارت كل من بني يحيى وديروط الشريف من توابعها وسمي المركز باسم ديروط..

صنبو
في الخطط التوفيقية : سنبو هى بلد من قسم منفلوط بمديرية أسيوط غربى الترعة الإبراهمية بنحو نصف ميل يتوصل إليها من جسر فزارة المبتدا من الإبراهيمية وبينها وبين النيل نحو ساعة ، وهى واقعة فوق تلول قديمة فى بحرى القوصية وقبلى دروط الشريف بنحو ساعة ونصف وقبلى ببلاو بنحو ثلاثة أميال ونصف ، وبين هاتين القريتين كنيسة أقباط تعرف بدير العجائبى وهى إلى سنبو أقرب وأكثر عبادها من أهل سنبو ، وهى كنيسة كبيرة وسط المزارع عليها سور يحفظها من الماء فى زمن الفيضان مشيدة البناء يقصدها النصارى فى أعيادهم ومواسمهم.
وفى خطط الفرنساوية أنه كان بسنبو ثلاثة ديور أحدها يعرف بدير جرجس وآخر فى جنوبها الشرقى يعرف بدير تادرس المشرقى وهو متخرب ، والثالث دير مارى مينا فى جهتها الشمالية ، ولما هرب مراد بيك بعسكره إلى الصعيد بعد وقعة الأهرام مع الفرنساوية مر به فهدم أغلبه ، وقتل كثيرا من أهل البلد ، ولم يذكر المقريزى بسنبو إلا ديرين فى خارجها ، أحدهما فى بحريها على اسم السيدة مريم ليس به أحد ، والآخر فى قبليها تلاشى أمره ، وفى شرقى دير مينا تل عتيق عند قرية خارقة تسميه الأهالى كوم انبوها.
وبتلك البلدة مسجدان لكل منهما منارة ، أحدهما داخل البلد يعرف بجامع الشيخ فولى وهو عامر مقام الشعائر ، والآخر خارج البلد من جهتها البحرية وسط المزارع يسمى جامع القطب تخرب الآن ، وبنى بعض أكابر هذه البلدة «جابر أغا» مكانه زاوية صغيرة وهى مهجورة أيضا يتظلل تحتها المارون فى زمن الحر ، و «جابر أغا» المذكور تقلد نظارة القسم فى زمن العزيز محمد على ، ومن أكابرها «دياب عبكه» وقد تولى نظارة القسم أيضا.
ومبانى البلدة من اللبن والآجر وكثير من دورها طبقتان ، وبها معاصر لزيت البزر وزيت السلجم ، وبها فاخورة ومعمل فراخ وأبراج حمام ، وبها من مبانى الميرى شونة وقصر قديم فى وسط البلد يعرف بالدار ، وقد تجددت بها الآن مبان مشيدة ذات شبابيك ، وملاقف لها شبه مبانى الأمصار ، وبها قاض شرعى بختم من الميرى ، وبها سويقة عامرة كل يوم يباع بها الخبز واللحم والخضروات والبقول ، وبها دكاكين ووكائل قليلة.
وبها سوق عامر كل يوم أربعاء ، وبها أسقف وقلاية ، وتكسّب أهلها من الفلاحة والتجارة لاسيما فى الأغنام ، فإن لهم مزيد اعتناء بالتجارة فيها وتسمينها ، حتى صار ذلك مشهورا عند أهل مصر ، لأنهم يشترون الأغنام ويعلفونها بالفول والتبن والماء البارد حتى تبلغ الحد الذى يريدونه من السمن ثم يقدمون بها مصر فيتبعونها بأغلى الأثمان ، ولاشتهارهم بذلك صار غيرهم من تجار الأغنام اذا أراد الترغيب فى غنم يدّعى أنها سنباويّة.
وأكثر أهل هذه البلدة مسلمون وفيهم يسار ولهم فى تلك البلاد اعتبار، وكفاها شرفا أنه ولد بها من العلماء الأعيان الإمام الشهير عالم عصره على الإطلاق ووحيد دهره بلا شقاق، خاتمة المحققين سيدى محمد بن محمد الأمير المالكى، صاحب التآليف العديدة والدروس المفيدة فى كل فن من المعقول والمنقول والآداب، انتهت إليه الرياسة فى العلوم بالديار المصرية ، وسبب تلقيبه بالأمير أن جده الأقرب أحمد بن عبد القادر كان له إمارة حكم فى بلاد الصعيد.
وأصلهم من الغرب ونزلوا بمصر عند سيدى عبد الوهاب أبى التخصيص الوفائى ، ثم التزموا ببلاد منها سنبو ولهم فيها منزل كبير يعرف إلى الآن بدار الأمير ، وأمامه مسجد صغير عامر يعرف بمسجد الأمير أيضا، وكانت ولادته يوم الأربعاء من ذى الحجة سنة أربع وخمسين ومائة وألف من الهجرة ، وتوفى عليه سحائب الرحمة والرضوان يوم الاثنين عاشر ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وألف من الهجرة.

عرب ترهونة وأبو كريم
في العصر العثماني نزحت قبيلة ترهونة إلى الصعيد الأوسط ، وتعود جذور هذه القبيلة إلى ليبيا و نزلت هذه إلى بلاد مصر في حوالي العام 1750 م ، واستوطنت في منطقة سملوط في المنيا ، ثم انتشرت جنوباً حتى أسيوط ، وكانت تعرف بعرب أبو كريم ، نسبة إلى زعيمهم عبد الله بن أبي زيد المكنى بأبو كريم ، ذكرهم مؤرخ الحملة الفرنسية (جوبير) وقال أن عدد فرسانهم يبلغ ألف فارس مسلح.
وجاء في القاموس الجغرافي عن قرية أبو كريم : ” أبو كريم أصلها من توابع ناحية دشلوط ثم فصلت عنها من الوجهة الإدارية في سنة 1931 ، وفي سنة 1933 صدر قرار بفصلها بزمام خاص من أراضي ناحية دشلوط وداجا وبذلك أصبحت ناحية قائمة بذاتها ” ، وفي القرن العشرين فصلت من أبو كريم ناحية نجع عرب ترهونة في حاجر الجبل الغربي.
وجاء في موسوعة القبائل العربية : ترهونة ، أصل القبيلة : تُعد من قبائل المرابطين وهي من قبائل البربر القديمة في ليبيا وبلاد المغرب ذكرها الشريف محمد بن منصور في كتاب قبائل المغرب من قبائل البربر ، وباسم ترهونة مدينة ترهونة الليبية جنوب طرابلس ، وقد دخل في ترهونة العديد من أفخاذ العرب من بني سُلَيْم العدنانية ، ونزح قسم من ترهونة إلى الديار المصرية قبل ثلاثة قرون وذكرت في حصر العربان عام ١٨٩٧ م.
ما قاله بعض المؤرخين عن ترهونة في مصر : قال علي باشا مبارك : ترهونة من قبائل العرب بمصر تسكن الجبل من محاذاة دلجة إلى دشلوط الواقعة في حاجر الجبل تجاه ملوي وتُعد ثلاثة آلاف نسمة ، وذكرها أحمد لطفي السيد قبيلة أبو كريم من ترهونة ونسبها إلى بني سُلَيْم ، قلت : والراجح أن بعض أفخاذ بني سُلَيْم قد دخلت في ترهونة وامتزجت بها.
وقال جومار (في كتاب الحملة الفرنسية) : ترهونة فرع من الجهمة وسكنوا في صنبو وملوي وديروط الشريف ودلجا وديرمواس والبدرهان أمشول وبني حرام وسرقنا وتندة وطوخ ، وكان مقر شيخ القبيلة في قرية ساو (هنا ثمة خطأ من جومار حيث نسب ترهونة إلى الجهمة وهذا ليس صحيحًا).
قلت: وكل هذه القرى والمدن في نواحي أسيوط وديروط بصعيد مصر وذكر أحمد لطفي السيد عام ١٩٣٥ م في قبائل العرب : أن عمدة ترهونة حينئذ يُسمّى مهنى بيك سيف النصر ، وقال : إن من ترهونة إنذارة وإجلاص (إنذارة وإجلاص هما من فروع البربر في ليبيا والأخيرة من لواتة) ، قلت : وإجلاص أصلهم من لواتة دخلوا في ترهونة ، وذكر أميديه جوبير في وصف مصر إبان الحملة الفرنسية ١٧٩٨ م ترهونة في ضواحي سمالوط.
وذكر الجبرتي في عام ١٢٣٠ هـ وقال في حوادث شهر رجب أن كريم شيخ عرب ترهونة في الوجه القبلي وكان عاصيًا على الباشا محمد علي والي مصر ، وقد جاء طائعًا إلى إبراهيم باشا ابن محمد علي حينما كان أبوه على رأس حملة إلى الحجاز لمحاربة السعوديين ، ونتيجة لمساعي إبراهيم أعطى الأمان لشيخ ترهونة ، ولما عاد الأب محمد علي أتاه شيخ ترهونة على أمان ابنه إبراهيم ومعه هدية أربعون جملًا فأخذ منه الهدية ثم أمر برمي عنقه في الرميلة.
ومن ترهونة جماعة في بني سويف ومنهم في الفيوم وخاصة في أبشواي وأذكر منهم فرقة في عزبة شعلان ، ومن أشهر عائلاتها في أسطال محافظة المنيا عائلة عامر التي ينتمي لها المشير عبد الحكيم عامر عضو مجلس ثورة ١٩٥٢ م.

مزينة وبني حرام
جاء في القاموس الجغرافي : ” بني حرام هي من القرى القديمة دلني البحث على أنها كانت تسمى : بني ليث ، ووردت في التحفة والانتصار من أعمال الأشمونين ثم عرفت باسم بني حرام نسبة إلى عرب بني حرام المستوطنين بها ، ووردت في دفتر المقاطعات (الالتزامات) سنة 1071 هـ ، وفي دفاتر الروزنامة القديمة باسمها الحالي الذي وردت به كذلك في تاريخ سنة 1230 هـ ، وبنو حرام جماعة من العرب ينتسبون إلى حرام بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان ابن بغيض ، ومنهم رؤساء وشعراء وأجواد.
مزينة : ذكرنا عند الكلام على ناحية بني عمران التي بمركز ديروط أنها قسمت في تربيع سنة 933 هـ إلى ناحيتين وهما بني عمران الترس وهي بني عمران الأصلية وبني عمران قلانس ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ قسمت أراضي ناحية بني عمران قلانس على عدة نواحي : مزينة هذه وقصر حيدر وكوم بوها ومسارة.
ولا يزال يطلق اسم قلانس على حوض بناحية مزينة ، التي هي في مكان السكن الأصلي لقرية بني عمران قلانس ثم على حوض جزيرة قلانس ونزلة قلانس المضافتين إلى زمام مسارة في تاريخ سنة 1230 هـ ، ويفصلان الآن بين أراضي مزينة وبين النيل ، ومزينة اسم لجماعة من عرب بني عمران قلانس المستوطنين بهذه القرية فعرفت بهم.
بني يحيى البحرية : أصلها من توابع ديروط الشريف ثم فصلت عنها في العهد العثماني باسم كفر بني يحيى بولاية الأشمونين ، كما وردت في دفاتر الروزنامة القديمة ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ باسمها الحالي تمييزا لها من بني يحيى التي بمركز منفلوط.
بني هلال : أصلها من توابع صنبو ثم فصلت عنها في تاريخ سنة 1259 هـ باسم نزلة كليب وأصبحت ناحية قائمة بذاتها بالاسم المذكور ، ولاستهجان اسم كليب عند سكانها طلبوا تسميتها بني هلال لأنهم من عرب بني هلال وقد وافقت وزارة الداخلية عل هذه التسمية بقرار أصدرته في سنة 1932 “.
جاء في موسوعة القبائل العربية : ” بنو حرام في مصر قبيلتان تحملان هذا الاسم إحداهما من فزارة والأخرى من جُذام فالأولى مساكنها في الصعيد والثانية في الشرقية ، يوجد نجع بني حرام في أسيوط بصعيد مصر ويؤكد بعض الباحثين أن بني حرام في الصعيد (أطفيح وأسيوط) من حرام بن سعد بن عدي بن بني فزارة من العدنانية ، ذكرهم أميديه الفرنسي عام ١٧٩٨ م بني حرام (فزارة) من قبائل مصر في ضواحي الأطفيحية (أطفيح) وعدد فرسانهم نحو أربعين فارس.
مزينة : ومن مُزَيْنَة عائلات عديدة مجاورة لعرب العليقات في القليوبية أشهرها أبو رضوان ومنهم أبو شحات ويعرفون بالشرقاوي ، وأبو سعيد ، وأبو عبيد ، وأبو صبيح ، والمصالحة والجبارنة وأبو الروس ، وفي عرب العيايدة مركز الخانكة بالقليوبية أولاد أبو ابريك من أبي جبلي في سيناء ، وأولاد أبو دعيش في جزيرة أبي نملة بمركز أبو حماد بالشرقية ، ومنهم جزء في سرابيوم بالإسماعيلية.
ومن مُزَيْنَة عائلات في جهات كثيرة في الصعيد هاجروا من سيناء من عدة قرون ومن مُزَيْنَة قدماء أيضًا في بلاد الصعيد أيام الفتوحات وأكثرهم في محافظة أسيوط وتوجد قرى باسمهم للآن في نواحي ديروط ، كما توجد لهم رابطة أبناء مُزَيْنَة وتقع على كورنيش النيل قرب سوق روض الفرج بالقاهرة “.

القوصية
مدينة قديمة عرفت باسم كاس وسميت في العصر الروماني قوسقام حيث اشتهرت مع قرية مير المجاورة بسبب قربهم من دير المحرق الذي يعد أهم موضع في مسار العائلة المقدسة والتي استقرت في المنطقة قرابة ستة أشهر قبل أن تبدأ رحلة العودة ..
وفي أجوارها تأسست في العصر الفاطمي قرى بني فزارة (فزارة الحالية) وبني عرام (عرامية الديوان حاليا) ، وفي العصر الأيوبي تأسست قرى التمساحية وبلوط وبني زيد وبوق بني زيد (بوق) ، وفي العصر المملوكي توطن العرب فيها بوتيرة أعلى فنشأت قرى كفر الأنصار والتيتلية وكوم صباح والمنشأة الكبرى وكفر بني صالح وكفر بني يحيى القبلية وتناغة ورزقة الدير المحرق ، وفي العصر العثماني كل من الحبالصة والحرادنة وكفر السراقنة والشيخ داود والشيخ عون الله والمنشأة الصغرى وبني إدريس وبني قرة ودير القصير وعنك وقصير العمارنة ومنشأة خشبة ونزالي جانوب وبني هلال وعرب الجهمة.
جاء عنها في الخطط التوفيقية : ” فى بعض كتب الأقباط تعرف قديما باسم (قصحام) وتسميها العرب قصقام كما يسمونها قوصية ، وكانت فى آخر مديرية الأشمونين من جهة الجنوب وكانت من الأقاليم القبلية ثم صارت فى زمن الرومانيين من الأقاليم الوسطى ، ومبدأ الأقاليم القبلية كان من ترعة فى جنوبها كانت فى زمن الفرنساوية تعرف عند الأهالى بترعة العسل.
ويؤخذ من قول المؤرخ إيليان أنها كانت صغيرة لطيفة وكان أهلها يعبدون الزهراء ويسمونها أوراني ويصورونها فى صورة بقرة ، ولم تكن عبادتها خاصة بأهل هذه المدينة بل كانت لكثير من بلاد مصر ، وكانت قوصية فى زمن الرومانيين محل بوستة عسكرية وبها فرقة من الخيالة ، ويوجد فى جهة الجنوب والجنوب الغربى منها تل به كثير من الآجر والشقاف والزجاج ونحوه ولا يرى فيه أثر للمعبد الذى ذكره إيليان فى مؤلفاته ويظهر من الآثار الباقية بها أنها كانت قد أحرقت فى الأزمان السابقة ويؤيد ذلك تسميتها بالمحرقة ..
ولما تخربت القوصية خلفتها سنبو وهى قرية فى شمالها على نحو ستة آلاف متر ثم عمرها الشيخ أبو زكريا حاكم الأشمونين وردها لأصلها ، ثم هى الآن ذات جنات وبساتين وفيها مساجد عامرة منها اثنان بمنارتين أحدهما المسجد الكبير فى جهتها الشرقية والثانى فى وسطها جدد عمارته أحد مشاهيرها الحاج رميح بالجير والآجر.
وأغلب أبنية البلد باللبن على طبقة أو طبقتين وقد تجدد بها أبنية تشبه أبنية القاهرة لأكابرها جاد الرب بيك مدير مديرية المنية سابقا ومفتش شفلك الفشن والحاج رميح وعائلته وكان فى السابق ناظر قسم .. وبها كنيسة فى جهتها البحرية مشيدة عامرة ومن عادة أهل تلك البلدة أن يعملوا كل سنة مولدا يعرف بمولد الشيخ بخيت.
وإلى هذه البلدة ينسب الشيخ أحمد بن عبد الله القوصاوى المالكى ، ولد بها سنة خمس وتسعين بعد المائة والألف ، وقرأ بها القرآن ، وجاور بالأزهر سنة خمس عشرة بعد المائتين ، وتصدر للتدريس سنة إحدى وثلاثين ، وفى سنة سبع وخمسين تولى مشيخة رواق الصعايدة بالأزهر ، وقد قرأ كبار الكتب كالمطول وجمع الجوامع.
وتوفى رحمه الله تعالى فى سنة ست وستين ، وكان عالما حليما ذا تؤدة شريف النفس عفيفا أمينا على الأحكام ، عاش أغلب عمره فى ضيق عيش ، حكى عن نفسه أنه كان فى مبدأ أمره إذا اشتد به الجوع يلتقط قشر البطيخ من خارج الأزهر ويغسله ويسد به رمقه “.

قرية عرب الجهمة
جاء في موسوعة القبائل العربية : الجهَّمة ، أصل القبيلة من قبائل المرابطين في ليبيا دخلت إلى مصر قبل ثلاثة قرون تقريبًا ( ولا يستبعد أن تكون هذه القبيلة هي بني جُهمة من العنبر بن عمرو بن تميم العدنانية ، وقد نزحت إلى برقة مع العرب الفاتحين أو بعد الفتح العربي) ، ذكرهم العياشي الرحَّالة المغربي المعروف في رحلته للحج أثناء مروره في برقه عام 1065 هـ (القرن الحادي عشر الهجري) وعدهم من قبائل برقة وقتئذ.
قال أحمد لطفي السيد : الجهَّمة من قبائل العرب في مصر ، نزلت مصر في العصور الأخيرة من طرابلس الغرب قبل الحملة الفرنسية بحوالي قرن من الزمان ، وقال جومار : تقيم الجهمة على ضفاف بحر يوسف بين دلجا وديروط أم نخلة حتى صفط الخمار المواجهة للمنيا ، ولهم خيام متناثرة في أماكن شديدة التباعد فيما بينها ، ويوجد منها وسط قبيلتي ابن وافي (المغاربة) ، وابن كريم (طرهونة) ، وذكر الجهمة كل من علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية ، ونعوم شقير في تاريخ سيناء من قبائل أسيوط بصعيد مصر.
قلت : والجهمة بالوقت الحاضر لهم نجوع خاصة بهم في محافظة أسيوط ، ولهم نجع النزير في طوى بأسيوط ، ونجع العاقولة في قوص وبنجع حمادي محافظة قنا لهم نجوع أيضًا ، ولهم نجع عبد الله أبو عمار في ملوي أيضًا ، ولهم نجع عرب الجهمة في المنيا ، وعرب حسن عبد الله في منفلوط وعرب سالم سليمان في ديروط. ، ومن الجهمة فروع في عدة محافظات بالوجه البحري وذكرت في حصر 1897 م. ، ومن الجهمة فرع في شمالي الأردن يُسمّى بني جهمة ويقطن في عجلون “.
وأكبر قرية من هذه القرى هي قرية (عرب الجهمة) وهم ينتسبون إلى عدد من أحفاد أبي الجهم عامر بن حذيفة العدوي وهم محمد وعلي وأحمد أبناء مسعود بن أبي الجهم وذلك وفقا لما جاء في موقع النسابون العرب عن رواية الشيخ عبد العظيم محمود الجهمي أبرز مشايخ قبيلة الجهمة في ليبيا حيث يذكر أن هذا الفرع كان يسكن في مصر في القرن الرابع الهجري ثم دفعتهم الظروف السياسية لمغادرة البلاد باتجاه الغرب فيقول :
” .. إلى أن تصادم احد أبناء الجهمة مع جند كافور الإخشيدي في تلك الفترة فنزح بعض من هؤلاء الإخوة إلى صعيد مصر وآخرون منهم أيضا توجهوا إلى برقة الحمراء وثم إلى برقة البيضاء ومنهم من ملك الأرض وأصبح سيد النجع فيها وكانوا رجالا أشهر من نار على علم .. الأمر الذي دعا سيف النصر الأول إلى مصاهرة أحدهم فتزوج من إحدى بنات الجهمة وتدعى ريمه وقد أنجب منها سبعة أولاد تكونت منهم قبيلة أولاد سليمان نسبة إلى سيف النصر الأول الذي حملوا اسمه فيما بعد .. لقد كان هناك نجعان نجع أولاد سليمان ونجع الجهمة واللذان يقعان بناحية الوادي الحمر بسرت “.
وبرقة البيضاء تعني منطقة سرت أما برقة الحمراء فهي منطقة أجدابيا وبنغازي والجبل الأخضر والتي كانت تابعة لمصر في العصور التاريخية لكنها بعيدة نسبيا عن السلطة المركزية حيث عاشت القبيلة هناك في تحالف مع أولاد سليمان (فرع من بني سليم) وكذلك مع القبائل الليبية المغاربية (فرع من المرابطين) حتى بدايات العصر العثماني.
وقد ذاع صيت القبيلة منذ عام 1622 م في العهد العثماني الأول تحت حكم محمد إمام باشا حين زحفت من فزّان على منطقة سرت وكان يسيطر عليها (السوالم) الذين كان يقودهم أولاد الجبالي وذلك للاقتصاص منهم لما تكبّدوه على أيديهم من عسف وجور فقتلوا عبد القادر الجبالي أحد شيوخهم وعاثوا تخريبا في سرت بدافع الانتقام الشائع في ذلك الزمان وكان أن استعان آل الجبالي بالقوّات العثمانيّة التي ردّت الجهمة وقتلت الكثيرين منهم وتشتّت فلولهم مما أدّى بهم إلى النزوح الى مصر مع بقيّة القبائل التي خاضت حروبها آنذاك.

التتالية وعرب بني وافي
تأسست قرية التتالية مركز القوصية بمحافظة أسيوط في العصر العثماني واشتهرت في وقائع التاريخ لأنها كانت مقر شيخ العرب عبد الله بن وافي صاحب المعارك العديدة مع الأمراء المماليك ، وقد عرفت عشيرته باسم بني وافي نسبة إليه وهم فرع من عشائر المغاربة التي تنتمي إلى قبيلة السعادي إحدى فروع قبيلة بني سليم العربية المعروفة.
جاء في القاموس الجغرافي : ” التتالية أصلها من توابع بلوط باسم التيتلية ثم فصلت عنها في تربيع سنة 933 هـ وبذلك أصبحت ناحية قائمة بذاتها ، ووردت بهذا الاسم في دفاتر الروزنامة القديمة زضبطها صاحب تاج العروس التيتلية وفي الخطط التوفيقية التتلية بقسم منفلوط ، وفي تاريخ سنة 1230 هـ برسمها الحالي “.
وفي الخطط التوفيقية : التيتلية قرية من أعمال أسيوط بقسم منفلوط شرقى الجبل الغربى على بعد ثمانمائة متر وبحرى جسر بنى رافع بنحو سبعمائة متر، وغربى ناحية بنى رافع بنحو خمسة آلاف متر، وفى شمال بنى كلب بنحو سبعة آلاف وخمسمائة متر وبها جامع وأبراج حمام وقليل نخيل.
وفي موسوعة القبائل العربية : المغاربة وهي قبيلة كبيرة وبطونها متسعة في ليبيا ومصر على حد سواء ، وجدهم عبد الدايم بن برغوث الأكبر ابن الذئب بن أبي الليل ، وينقسم المغاربة إلى بطنين كبيرين: الأول رعيضات ، والثاني أولاد شامخ. ، يقال أُطلق عليهم مغاربة لأنهما قطنوا غرب برقة خلاف قبائل السعادي الأخرى التي تمركزت كلها في إقليم برقة.
ما قاله المؤرخون في مصر عن قبيلة المغاربة من السعادي : ذكر المؤرخون في مصر أن المغاربة قد نزلوا إلى مصر قادمين من برقة قبل ثلاثة قرون ، وقد استقروا في نواحي منفلوط بأسيوط من صعيد مصر ، وكانت المغاربة قبيلة غنية بالرجال الأنجاد والخيل الصافنات الجياد ، وكانت على عهد الحملة الفرنسية على مصر عام ١٧٩٨ م تعسكر بفرسانها في منتصف قناة العسل إلى صنبو على النيل تحفزًا للإغارة على عساكر الفرنسيس في كمائن ليلية إذا ما توغلوا في الصعيد المصري.
وقال أحمد لطفي السيد : إن قبيلة المغاربة من السعادي كان مركزهم في قرية التيتلية إلى الشمال من منفلوط وهي من ضواحيها ، وكان مقر شيخهم العام وفارسهم الشهير في الديار المصرية في زمانه وهو عبد الله بن وافي ، وقد كان ابن وافي صاحب وقائع كثيرة مع المماليك الغُز الأتراك الذين كانوا يظلمون أهل القرى والمدن في صعيد مصر ويأخذون الإتاوات والضرائب الباهظة منهم ، فكان شيخ العرب ابن وافي المغربي يقتل كل من قابله من المماليك بمساعدة فرسان المغاربة الأشداء ويردهم على أعقابهم.
فاشتهر ذكره وطار صيته في الدولة العثمانية وعند الوالي في القاهرة وعموم المماليك وتحدثت عنه طوائف الشعب المصري في الصعيد ، وقد قُتل ابن وافي في إحدى غاراته على عساكر المماليك عام ١١٠٥ هـ ، وقد عُرف أبناء قبيلة المغاربة في الصعيد باسم هذا الشيخ الفارس وسُموا عرب ابن وافي ، وقد سكن المغاربة بعد تكاثرهم في قرى الأنصار وميرو والقوصية وصنبو ، وهناك نجع للمغاربة في جرجا ، وتوجد أيضًا عزبة في الفشن بالمنيا باسمهم.
وقال أميديه جوبير الفرنسي في وصف مصر عن قبيلة المغاربة: إن عرب ابن وافي مقرهم في منفلوط من أعمال أسيوط بصعيد مصر. ، وقال جومار الفرنسي عن المغاربة وأطلق عليها عربان أولاد وافي : وقد حصلت القبيلة على أراضي عدة قرى وزرعوها بمحاصيل العلف وكانوا يرعون فيها خيولهم ودوابهم لمدة تسعة أشهر في العام “.
وقال الجبرتي عن المغاربة: في عام ١١٢٣ هـ كان نزاع بين محمد بيك حاكم الصعيد وإفرنج أحمد من أمراء الأجناد ، وقد زحف الأول على الثاني لقتاله وكان معه جمع عظيم من عرب المغاربة ، والهوارة. ،- وفي عام ١١٢٣ هـ أيضًا قال أبواظ بيك في ترجمته وكان من أمراء الجند في عهده قال : إن هناك مصاولة شديدة ومطاردة عنيفة بينه وبين شيخ العرب أبي يزيد بن وافي وجماعته. ، وفي الترجمة نفسها خبر فتنة بين أمراء الجند كان محمد بيك حاكم الصعيد طرفًا فيها ، فجاء لقتال خصومه ومعه سواد أعظم من العرب المغاربة ومن الهوارة ، وقد قتل أبواظ في هذه الفتنة.
وفى كتاب الدكتورة إيمان محمد عبد المنعم العربان ودورهم في المجتمع المصري ذكرت عربان أولاد وافى في صفحة 67 من هذا الكتاب فقالت : عربان أولاد وافى هي قبيلة بالغة الثراء تنتمي إلى بني سليم تلك القبيلة التي نزلت مصر في القرن الثامن عشر وكانت تعد من القبائل العربية المستقرة وكانت تعسكر من منتصف ترعة العسل حتى صنبو شمالا وكان مقرها قرية التيتلية شمال منفلوط وهى مقر شيخ القبيلة وقد حصلت القبيلة على أراضى عدة قرى وزرعوها بمحاصيل العلف وكانوا يرعون فيها خيولهم ودوابهم لمدة تسعة اشهر في العام.