5 / الإمام شمس الدين ابن نديبة العدوي

من أعلام بني عدي في القرن التاسع الهجري الحافظ شمس الدين السخاوي : أشهر من نار على علم رجل غني عن التعريف صاحب المؤلفات المعروفة والمصنفات المشهورة ، وينتسب إلى بني عدي من جهة والدته السيدة آمنة بنت محمد العدوي.

هو العلامة المسند المؤرخ الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد ويلقب شمس الدين ويكنى بأبي الخير وبأبي عبدالله الشافعي المذهب ، وينسب إلى سخا قرية في أسفل مصر فيقال له السخاوي وهي الآن قرية من قرى مركز كفر الشيخ وينسب إلى بغداد فيقال له البغدادي نسبة إلى أصله حيث جاء أحد أجداده من بغداد ويقال له أحياناً الغزولي نسبة إلى مهنة الغزل وهي مهنة أبيه وجـده.

وعرفت أسرته بالعلم والصلاح حيث نزلت مصر بعد الغزو المغولي وسكنت قرية سخا ، جده لأبيه الشمس أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد السخاوي الملقب بابن البارد ولد في سخا وكان عالماً حج عدة مرات وسافر إلى الشام وبيت المقدس ، وأما والده عبد الرحمن زين الدين المولود في القاهرة  عام 800 هـ فقد حفظ القرآن وتدرب على التجويد وحفظ بعض المتون وسمع من كثير من العلماء منهم البلقيني وابن حجر وابن جماعة.

وجده لأمه شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن بلال العدوي القاهري المالكي المعروف بلقب ابن نديبة والذي تميز في الفقه والعربية ، ومن شيوخه ابن الحاجب والبسطامي والبرماوي ، وحفظ أخوه محيي الدين عبد القادر القرآن والشاطبيـة وبعض التنبيـه وكـذلك حفظ أخوه زين الدين أبو بكر القرآن والعمدة والمنهاج وألفيتي الحديث والنحو وغيرها وتصدى للتدريس في الفقه وأصوله والعربية وأخذ عنه كثير من الطلاب.

ولد الإمام السخاوي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بحارة بهاء الدين قراقوش في القاهرة في المنزل الذي ولد فيه والده وعماه ، وتتلمذ على يد الإمام ابن حجر العسقلاني وتعددت أسفاره داخل مصر وخارجها ثم جاور بالمدينة النبوية حتى مات سنة اثنتين وتسعمائة يوم الأحد الثامن والعشرين من شعبان ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك ، رحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة والعطاء.

وقد جاء في كتابه الضوء اللامع لأهل القرن التاسع تفاصيل عن عائلة والدته وكذلك ترجمة لأبرز أعلام بني عدي في القرن التاسع الهجري ، وذكر في الفصل الخاص بلقب العدوي تفرقة بين الانتساب لقبيلة بني عدي وبين الطريقة الصوفية العدوية وذلك في قوله : ” (الْعَدوي) نِسْبَة لأبي البركات بن مُسَافر أخي عدي الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود وَأَبوهُ وَصَلَاح الدّين مُحَمَّد بن الْجمال عبد الله بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود بن عبد السَّلَام ، وَنسبَة إِمَّا لعمر بن الْخطاب أَو غَيره جدي لأمي مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن “.

وجاء في ترجمته لنفسه ذكر زاوية جده في القاهرة حيث يقول : ” مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الملقب شمس الدّين أَبُو الْخَيْر وَأَبُو عبد الله بن الزين أَو الْجلَال أبي الْفضل وَأبي مُحَمَّد السخاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي المُصَنّف الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بالسخاوي ، وَرُبمَا يُقَال لَهُ ابْن الْبَارِد شهرة لجده بَين أنَاس مخصوصين وَلذَا لم يشْتَهر بهَا أَبوهُ بَين الْجُمْهُور وَلَا هُوَ بل يكرهها كَابْن عليبة وَابْن الملقن فِي الْكَرَاهَة وَلَا يذكرهُ بهَا إِلَّا من يحتقره.

لد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين علو الدَّرْب المجاور لمدرسة شيخ الْإِسْلَام البُلْقِينِيّ مَحل أَبِيه وجده، ثمَّ تحول مِنْهُ حِين دخل فِي الرَّابِعَة مَعَ أَبَوَيْهِ لملك اشْتَرَاهُ أَبوهُ مجاور لسكن شَيْخه ابْن حجر، وَأدْخلهُ أَبوهُ الْمكتب بِالْقربِ من الميدان عِنْد الْمُؤَدب الشّرف عِيسَى بن أَحْمد المقسي النَّاسِخ فَأَقَامَ عِنْده يَسِيرا جدا، ثمَّ نَقله لزوج أُخْته الْفَقِيه الصَّالح الْبَدْر حُسَيْن بن أَحْمد الْأَزْهَرِي أحد أَصْحَاب الْعَارِف بِاللَّه يُوسُف الصفي فَقَرَأَ عِنْده الْقُرْآن وَصلى بِهِ للنَّاس التَّرَاوِيح فِي رَمضًا بزاوية لأبي أمه الشَّيْخ شمس الدّين الْعَدوي الْمَالِكِي .. “.

وذكر جده بالتفصيل فقال : ” مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن بِلَال الشَّمْس الْعَدوي القاهري الْمَالِكِي جدي لأمي ووالد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن نديبة بِضَم النُّون ثمَّ مُهْملَة مَفْتُوحَة بعْدهَا مثناه تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُوَحدَة تَصْغِير ندب لكون قريبَة لأمه كَانَت فِيمَا بَلغنِي كَثِيرَة النّدب.

ولد قريب التسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا حفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وَغَيرهمَا عِنْد الْفَقِيه عُثْمَان القمني ، وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالجمال الاقفهسي والحناوي وَعنهُ أَخذ الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه وَغَيره من الْفُنُون عَن الْبِسَاطِيّ وانتفع فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا بالفخر عُثْمَان وَالشَّمْس البرماويين وَسمع الحَدِيث على ابْن الكوبك فَمن قلبه وتكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا ، وَكَانَ ثِقَة ضابطا خيرا متواضعا متوددا حسن الشكالة والطريقة فَاضلا مُفِيدا مُعْتَمدًا حَتَّى كَانَ الْجمال الزيتوني يحب الارتفاق بِهِ وَكَذَا بَلغنِي أَن القاياتي كَانَ يشْهد مَعَه حِين سكناهُ بِالْقربِ مِنْهُ وَعرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فَأبى ، وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا ، مَاتَ فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَدفن بحوش البيبرسية عِنْد أَخِيه عبد الرَّحْمَن وَكَانَ أحد صوفيتها رَحمَه الله وإيانا “.

وذكر ترجمه أخيه المتصوف عبد الرحمن بن علي العدوي فقال : ” عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الزين الْعَدوي نسبا فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ ، القاهري الْمَالِكِي أَخُو مُحَمَّد جدي لأمي وَذَاكَ الْأَكْبَر ، اشْتغل وَقَرَأَ الْقُرْآن وَسمع عَليّ ابْن الكويك وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَنسخ لنَفسِهِ إِلَى أثْنَاء الاجازة من التَّوْضِيح للاقفهسي شرح ابْن الْحَاجِب وأدب بعض أَبنَاء المعتبرين وَكَانَ خيرا ، مَاتَ فِي حَيَاة أمه يَوْم الْخَمِيس سادس رَجَب سنة عشْرين عَن نَحْو أَربع وَعشْرين عَاما وَدفن بحوش البيبرسية رَحمَه الله وايانا وعوضه الْجنَّة “.

وذكر خاله الأديب والفقيه علي بن محمد العدوي فقال : ” َعليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النُّور أَبُو الْحسن بن الشَّمْس الْعَدوي نسبا ، القاهري الْمَالِكِي خَالي الْآتِي أَبوهُ والماضي عَمه عبد الرَّحْمَن وَهُوَ بكنيته أشهر ، ولد قَرِيبا من سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وَغَيره وَعرض اشْتغل يَسِيرا وَجلسَ مَعَ أَبِيه متكسبا بِالشَّهَادَةِ وتميز فِيهَا وجود الْخط وَكتب بِهِ أَشْيَاء وَكَذَا جود الْقُرْآن وجوق وخطب بعدة أَمَاكِن وَحج مَعَ أَبِيه مرّة بعد أُخْرَى ثمَّ بعد مَوته لم أَطْرَافه وَتوجه تَاجِرًا لاحتواء بعض عشرائه عَلَيْهِ فِي ذَلِك فتوغل فِي بِلَاد الْهِنْد ودام فِي الغربة مُدَّة وَكَانَت كتبه ترد علينا ثمَّ انْقَطع خَبره الْمُعْتَمد قَرِيبا من سنة سِتِّينَ وَعظم فَقده على أمه وابنتها وَأَظنهُ قَارب الْخمسين عوضه وإيانا الْجنَّة “.

وذكر والدته السيدة آمنة بنت محمد العدوي فقال : ” (آمِنَة) ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن على بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن بِلَال الْعَدْوى القاهرى المالكى والدتى الماضى أَبوهَا وأخوها أَبُو الْحسن على ، ولدت قَرِيبا من سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ ونشأت فِي كنف أَبَوَيْهَا فَزَوجهَا أَبوهَا بِابْن فقيهه الْفَخر عُثْمَان القمنى وَكَانَ فَاضلا خيرا فَلم يلبث أَن مَاتَ وَتَزَوجهَا الْوَالِد واستولدها عدَّة أَوْلَاد مِنْهُم كَاتبه ثمَّ عبد الْقَادِر ثمَّ أَبُو بكر لطف الله بهم ؛ وحجت معى غير مرّة وجاورت بالحرمين مُدَّة وشملتها إجَازَة غير وَاحِد من المعتبرين بل سَمِعت على شَيخنَا وَغَيره.

وفيهَا مَعْرُوف وشفقة سِيمَا على ذوى رَحمهَا ومحافظة على الصَّلَوَات وَالصَّوْم مَعَ صفاء وَسُرْعَة بادرة ؛ وَمَات كل من الْأَخَوَيْنِ فِي غيبتها معى فَصَبَرت عوضنا الله وَإِيَّاهَا خيرا ثمَّ عَادَتْ معى إِلَى مَكَّة فحجت ودامت حَتَّى مَاتَت فِي لَيْلَة الْخَمِيس سادس عشر رَمَضَان سنة سبع وتسعين شهيدة بالبطن والغربة بعد تعلل طَوِيل وَصلى عَلَيْهَا عِنْد بَاب الْكَعْبَة ثمَّ دفنت يَوْم الْخَمِيس بالمعلاة مجاورة لقبور الاسياد صفى الدّين وعفيف الدّين وذويهما وللتقى بن فَهد وَذَوِيهِ فَكَانَت بقبرها لَيْلَة الْجُمُعَة رَحمهَا الله وعوضها الْجنَّة وجزاها عَنى خيرا “.

وذكر خالته السيدة عزيزة بنت محمد العدوي فقال : ” (عزيزة ) ابنة الشمس محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن بلال العدوي القاهري المالكي شقيقة أمي آمنة ووالدة فاطمة ابنة محمد الآتية ، ماتت سنة بضع وثلاثين بعد تعلل طويل رحم الله شبابها وعوضها الجنة “.

وذكر ابنتها السيدة فاطمة بنت محمد فقال : ” (فَاطِمَة) ابْنة مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف الطوخي الأَصْل القاهرية سبطة الشَّمْس الْعَدْوى، أمهَا خَالَتِي عزيزة الْمَاضِيَة بل هِيَ أختى من الرَّضَاع. ولدت فِي آخر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمَات أَبوهَا وَهِي صَغِيرَة فكفلها جدها الْمشَار اليه وسافر بهَا لمَكَّة فِي الْبَحْر فجاورت وَرجعت فَزَوجهَا وفارقها الزَّوْج بعد مَوته وتعدد أزواجها وَمِنْهُم عَليّ الكريدي واستولدها ابْنَتهَا زَيْنَب وَلم يحصل على طائل؛ وسافرت فِي أثْنَاء سنة إِحْدَى وَتِسْعين فِي الْبَحْر لمَكَّة صُحْبَة عبد الرَّحْمَن حفيد الأدمى زوج ابْنَتهَا الْمَذْكُورَة فحجتا وعادتا مَعَ الركب الموسمي فدخلتا فِي محرم الَّتِي تَلِيهَا، وبر الوالدة غير مُنْقَطع عَنْهَا من صغرها والى ان مَاتَت الوالدة “.

وذكر السخاوي وغيره من المؤرخين عددا أعلام بني عدي في القرن التاسع الهجري والقرون التالية له فقال : ” مَنْصُور بن الْحسن بن عَليّ بن اخْتِيَار الدّين فريدون بن عَليّ بن مُحَمَّد الْعِمَاد الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ الكازروني الشَّافِعِي عَالم أَخذ عَن ابْن الْجَزرِي بل وَحضر عِنْد السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ وَبحث مَعَه ورافق السَّيِّد صفي الدّين الإيجي إِلَى الخواجا فاختليا عِنْده فِي آن وَاحِد وَقَالَ إِن شَيْخه ابْن الْجَزرِي أنْشد فِيهِ : (يَا صَاح عرج نَحْو خَافَ تَجِد .. زينا يضاهي بشرا الحافي .. حبرًا بدا فِي عصره قدوة .. فأعجب لهَذَا الظَّاهِر الخافي).

وصنف مَا ينيف على مائَة تأليف مِنْهَا لطائف الألطاف فِي تَحْقِيق التَّفْسِير وَنقد الْكَشَّاف وَشرح البُخَارِيّ وَلم يكملا وَحجَّة السفرة البررة على المبتدعة الفجرة الْكَفَرَة فِي نقد الفصوص لِابْنِ عَرَبِيّ ، وَكَانَ مُتَقَدما فِي العقليات سنيا يصْبغ بالحمرة جاور بِمَكَّة فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَكَانَت وقفتها الْجُمُعَة ، وَاسْتمرّ مجاورا منجمعا عَن النَّاس لَا يخرج من بَيته غَالِبا حَتَّى مَاتَ بهَا فِي آخر يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشرى ربيع الأول سنة سِتِّينَ وَدفن بالمعلاة ولقيه بهَا قبل مَوته بِسنة الْكَمَال مُوسَى الذؤالي وَحَمْزَة النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ وحدثاني بترجمته وبكلام لَهُ فِي ابْن عَرَبِيّ أثْبته فِي مُؤَلَّفِي فِيهِ رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.

وجاء عنه في كتاب الأعلام للزركلي : الإمام العدوي الكازَرُوني : منصور بن الحسن بن علي بن اختيار الدين فريدون بن علي ، العماد القرشي العدوي العمري الكازروني : عالم بالتفسير والحديث والعقليات ، من فقهاء الشافعية ، جاور بمكة سنة 858 هـ واستمر مجاورا منجمعا عن الناس ، قلما يخرج من بيته ، إلى أن مات ، له نحو مئة كتاب منها (لطائف الألطاف في تحقيق التفسير ونقد الكشاف) لم يكمله ، و (شرح صحيح البخاري) لم يتمه ، و (حجة السفرة البررة على المبتدعة الفجرة) في نقد (الفصوص) لابن العربيّ.

وذكر كذلك ابن زريق العدوي فقال عنه : ” ابن زريق العدوي : مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن التقي أبي الْفضل سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد أخي الْمُوفق عبد الله صَاحب الْمُغنِي ابْني أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد أخي الْمُوفق عبد الله صَاحب الْمُغنِي ابْني أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن الْعِمَاد بن الزين أبي الْفرج بن نَاصِر الدّين أبي عبد الله الْقرشِي الْعمريّ الْعَدوي الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو عبد الله وَعبد الرَّحْمَن الماضيين وَيعرف كأبيه بِابْن زُرَيْق بِضَم الزَّاي وَآخره قَاف مصغر.

ولد فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد زيد بن غيث العجلوني الْحَنْبَلِيّ والخرقي وَعرضه على الشّرف بن مُفْلِح والشهاب بن الحبال وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أبي شعر وَغَيره وَطلب الحَدِيث وَكتب الطباق والأجزاء وتدرب يَسِيرا بِابْن نَاصِر الدّين وَسمع عَلَيْهِ وعَلى أَخَوَيْهِ وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة والْعَلَاء بن بردس والزين بن الْفَخر الْمصْرِيّ والشموس المحمدين ابْن سُلَيْمَان الْأَذْرَعِيّ وَابْن يُوسُف النيربي والمرداوي ابْن أخي الشَّاعِر والمحب عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن الْمُحب فِي آخَرين من أهل دمشق والواردين إِلَيْهَا.

وَقَرَأَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِجَامِع قارا على خطيبها النَّجْم عبد الْكَرِيم بن صفى الدّين وَغَيره وبمسجد الْحَاج بدر خَارج حماة على الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْأَشْقَر وَكَذَا بزاوية العبيسي خَارِجهَا أَيْضا على الْعَلَاء بن مَكْتُوم وبحمص على الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ السّلمِيّ القادري وبحلب على حافظها الْبُرْهَان الْكثير كسنن النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه والمحدث الْفَاضِل ومشيخة الْفَخر وَعشرَة الْحداد وَغَيرهَا قِرَاءَة وسماعا وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل الْمُحدث الرِّجَال سليل السَّادة الأخيار الْعلمَاء الْأَحْبَار وَأَنه إِنْسَان حسن ذُو أَخْلَاق جميلَة وَيقْرَأ سَرِيعا لَكِن نَحوه ضَعِيف.

وَوَصفه ابْن نَاصِر الدّين بالعالم الْفَاضِل فِي آخَرين سمع عَلَيْهِم بحلب كالعلاء بن خطيب الناصرية وَأبي جَعْفَر بن الضياء وَأبي اسحق إِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء عَليّ بن نَاصِر اللقاضي أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن العديم والشرف الْحسن أبي بكر بن سَلامَة الشَّاهِد بهَا ، وبالقاهرة فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ على شَيخنَا والمحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَالْجمال عبد الله الهيثمي وَفَاطِمَة ابْنة الصّلاح خَلِيل الكنانية وَآخَرين وَلكنه لم يمعن وَكَانَ أَخذ عَن شَيخنَا قبل ذَلِك بِدِمَشْق ، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة سبع وَعشْرين وزار بَيت الْمُقَدّس وناب فِي الْقَضَاء عَن النظام بن مُفْلِح فَمن بعده ثمَّ رغب عَنهُ أَيَّام الْبُرْهَان بن مُفْلِح وَاسْتقر فِي مدرسة جده أبي عمر بعد ابْن دَاوُد ودرس بهَا.

وَاجْتمعت بِهِ بِدِمَشْق وبالقاهرة غير مرّة وحَدثني من لَفظه الزبداني بِأَحَادِيث من مشيخة الْفَخر ، ثمَّ حدث بعد ذَلِك بِكَثِير من الْكتب بِقِرَاءَة التقي الجراعي وَغَيره ، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ الْعَلَاء الْبَغْدَادِيّ ، وَكَذَا حدث بأَشْيَاء فِي الْقَاهِرَة حِين طلبه إِلَيْهَا من الإشراف قايتباي فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ بِسَبَب مرافعة بعض مستحقي الْمدرسَة وَأقَام فِي الترسيم مُدَّة على مَال قرر عَلَيْهِ شبه المصادرة وقاسي شدَّة وهدد غير مرّة بالتقي وَغَيره وتألمنا لَهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده ، وَهُوَ إِنْسَان حسن فَاضل متواضع ذُو أنسة بالفن واستحضار ليسير من الرِّجَال والمتون من بَيت كَبِير.

وجاء  في الأعلام للزركلي : محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد العمري العدوي القرشي ، ابن زريق :عالم بالحديث ، ورجاله حنبلي ، مقدسي الأصل ، مولده ووفاته في صالحية دمشق ، وضع لنفسه (ثبتا) في مجلدي ، ومن كتبه الإعلام بما في مشتبه الذهبي من الأعلام في ثلاث مجلدات ، ورجال الموطأ والسول في رواة الستة الأصول.

وفي القرن التالي ذكر المحبي في خلاصة الأثر والزركلي في الأعلام الإمام نور الدين العدوي ، وهو محمود بن محمد بن محمد بن موسى العدوي ، نور الدين الصالحي الشافعيّ المعروف بالزوكاري : فاض ، من أهل الصالحية بدمشق ، ووفاته بها ، ولي نيابة القضاء ومات سنة اثنتين وثلاثين وألف ، ودفن بسفح قاسيون ، وكان – كما يقول المحبي – من أصلح النواب في وقته ، له كتاب (الزيارات) ويسمى (الإشارات إلى أماكن الزيارات) وهو أحد الكتب التي ألفت في أوائل القرن الحادي عشر عن زيارات دمشق.

يقول المحبي : ”  مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عِيسَى بن ابراهيم الْعَدْوى القاضى نور الدّين الصالحى الشافعى الْمَعْرُوف بالزوكاري قَرَأَ على المنلا أَسد وَالشَّمْس بن المنقار فى الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَكَانَ من أصلح النواب فى وقته وَكَانَ عزل مُدَّة وَولى مَكَّة القاضى عبد اللَّطِيف بن الجابى ثمَّ لما مَاتَ ابْن الجابى ردَّتْ اليه النِّيَابَة فبقى نَائِبا الى أَن مَاتَ لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثانى ذى الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بسفح قاسيون وَكَانَ قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق الْمولى عبد الله بن مَحْمُود العباسى قد عزل قبل مَوته فَبَقيت نِيَابَة الْبَاب معطلة حَتَّى دخل الْمولى أَبُو سعيد فولاها القاضى بدر الدّين حسن الموصلى فوليها بعد أَن جلس على سجادة الصُّوفِيَّة مَكَان أَخِيه الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن سِنِين وَالله أعلم “.

ومن فروع بني عدي في القرون التالية ذكر المؤرخون الإمام إبراهيم العدوي صاحب المؤلفات المعروفة في علم القراءات ، وجاءت ترجمته في كتاب الأعلام للزركلي ومعجم تاريخ التراث الإسلامي للمؤلف علي رضا بلوط وكتاب معجم المؤلفين للكاتب عمر كحالة.

وهو إبراهيم بن إسماعيل بن محمود بن محمد بن موسى بن عيسى العدوي الصالحي الدمشقي الشافعي ، من علماء القراءات ، عاش في القرن الحادي عشر الهجري في بلاد الشام في بلدة الصالحية ، وهي قرية تطل على دمشق ، وأبوه هو القاضي إسماعيل بن محمود العدوي.

أخذ علم القراءات على يد شيخه أبي المواهب عبد الباقي الحنبلي الفقيه المقرئ ، كما ذكر هو ذلك في نهاية كتابه ؛ حيث ذكر إسناده ، وذلك جريًا على عادة أهل القراءة أنهم يذكرون أسانيدهم واتصالها ليطمئن الآخذ عنهم ، وقد عاش في زمنٍ كثر فيه العلماء والقراء. ، وتتلمذ عليه الشيخ علي الحافظ المشهور بالسليلاتي ، وقرأ عليه الفاتحة وأجازه بها تبرُّكًا.

ألَّف ثلاثة كتب في القراءات :  القواعد السنية في قراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ، الرسالة العدوية في الياءات الإضافية ، رسالة في قراءة حفص عن عاصم. ، توفي رحمه الله يوم الاثنين الحادي عشر من الشهر الحرام سنة تسع وتسعين وألف من الهجرة.

وقد كتب العدوي في آخر ورقة من مخطوطة كتابه القواعد السنية والتي التي نسخها بيده : ” وقد كان الفراغ من كتابتها يوم السبت ثاني عشر ربيع الأول من شهور سنة ثمان وثمانين وألف على يد جامعها أفقر الخلق إلى الله القوي إبراهيم بن إسماعيل العدوي غفر الله له ولوالديه والمسلمين آمين ” ، وكذلك في النسخة الثانية التي نسخها أيضا بخط يده : “ووافق الفراغ من كتابتها ثاني عشر شوال من شهور سنة ثمان وثمانين وألف على يد جامعها إبراهيم العدوي عفا الله عنه والمسلمين آمين “.

وجاءت ترجمة ولده محمد في كتاب  سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر حيث يقول أبو الفضل محمد خليل بن علي الحسيني : ” محمد العدوي ابن إبراهيم بن إسمعيل بن محمود العدوي الشافعي الدمشقي الصالحي الشيخ الفاضل الكامل الصالح الماهر التقي لازم الشيخ محمداً الغزي الدمشقي مفتي الشافعية بالمدرسة العمرية بالصالحية وسمع عنده حصة من شرح المنهج لشيخ الاسلام زكريا الأنصاري وقرأ عليه عدة كتب في الفقه وغيره وكان له حرص على طلب العلم ومثابرة على مطالعته وبرع في الفقه والنحو وصارت له ملكة تامة في عدة فنون وكان يأتي الجامع الأموي من الصالحية في كل يوم لا يمنعه من ذلك حر ولا برد مع الديانة والصيانة وكثرة الحياء والكف عن فضول اللسان إلى أن مات وكانت وفاته مطعوناً في رجب سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف رحمه الله تعالى “.

.