
خارجة بن حذافة العدوي .. من قادة فتح مصر
فارس بني عدي المغوار خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي العدوي القرشي .. وأمه هي فاطمة بنت عمرو بن بجرة بن خلف بن صداد العدوية .. وأخوه حفص بن حذافة العدوي أحد شعراء قريش المعروفين .. من قادة الفتح الإسلامي لمصر حيث عاش ومات بها .. ورد اسمه في البرديات اليونانية والقبطية باسم (القائد أريجاتوس) ..
أسلم قديما وهاجر في العام السابع للهجرة .. روى عن النبي (ص) حديثا واحدا ورد في صحيح البخاري وهو حديث (صلاة الوتر) .. وصل إلى مصر على رأس المدد الذي طلبه عمرو بن العاص من الخليفة عمر بن الخطاب والذي أرسل قائلا : ” وقد أرسلت إليك أربعة آلاف على رأس كل ألف منهم رجل بألف الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت وخارجة بن حذافة ” ..
كان له دور بارز في تحقيق الانتصار على الجيوش الرومانية في معركة عين شمس عندما قاد الكمين المرابط في الجبل الأحمر .. ثم تولى قيادة حامية حصن بابليون أثناء تحرك عمرو بن العاص إلى الإسكندرية .. وبعد عودة عمرو خرج على رأس الحملة التي أتمت فتح الصعيد بنجاح ثم قام بفتح قلعة تنيس بالدلتا فأرسل الخليفة إلى عمرو ليفرض لخارجة من العطاء للشرف في الشجاعة ..
شارك في تأسيس مدينة الفسطاط حيث كان له منزل يسمى (دار القند) على رأس خطة (حارة) بني عدي في منطقة أهل الراية المجاورة لمسجد عمرو .. وله قصة مشهورة عندما بنى دورا علويا وأرسل إليه الخليفة عمر يأمره بهدمه إذا اطلع على جيرانه .. بعد ذلك تولى خارجة منصب صاحب الشرطة في مصر ثم كان على ميمنة عمرو أثناء الفتح الثاني للإسكندرية بعد نقض الرومان للمعاهدة ..
تزوج من امرأتين إحداهما عربية من قبيلة كنده وأنجب منها عبد الرحمن وأبان والثانية قبطية من قرية سلطيس (سنطيس الحالية مركز دمنهور) وأنجب منها عبد الله وعون .. ومن أحفاده الربيع بن عون من وجهاء مصر في العصر الأموي .. وقد شارك خارجة في قيادة معركة ذات الصواري البحرية وحملة النوبة وفتح طرابلس مع جيش العبادلة تحت إمرة عبد الله بن أبي السرح ..
انحاز خارجة إلى معاوية غضبا لمقتل عثمان وكان من قادة حملته العسكرية الناجحة إلى الفسطاط ثم تولى إمرة مصر نيابة عن عمرو بن العاص عندما خرج إلى التحكيم .. استشهد على يد أحد الخوارج عندما ذهب ليصلي بالناس الفجر بدلا من عمرو بن العاص بسبب مرضه والذي قال قولته المشهورة عندما أمسك بالقاتل : ” أردتني وأراد الله خارجة ” .. وقبره معروف في قرافة الفسطاط ..

عبد الله بن مطيع العدوي قائد حامية الإسكندرية
الموجة الثانية من قبيلة بني عدي وفدت إلى مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان تحت قيادة عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي المتوفي عام 74 هـ والذي جاء على رأس مدد من المدينة المنورة لتدعيم حامية الإسكندرية في عهد الوالي عتبة بن أبي سفيان وفقا لما ذكره ابن عبد الحكم في كتابه (فتوح مصر وأخبارها) حيث يقول : ” إن عتبة بن أبي سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفي على الإسكندرية وبعث معه اثني عشر ألفا فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غرر به وبمن معه قائلا له : إنك خلفتني بالإسكندرية وليس معي إلا اثنا عشر ألفا ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلة .. فكتب إليه معاوية : إني قد أمددتك بعبد الله بن مطيع في أربعة آلاف من أهل المدينة وأمرت معن بن يزيد السلمي أن يكون بالرملة في أربعة آلاف ممسكين بأعنة خيولهم متى يبلغهم عنك فزع يعبروا إليك “.
وقد أبلت الحامية بلاء حسنا في الدفاع عن الإسكندرية ضد هجمات الروم المتفرقة وكذلك في الدفاع عن البرلس عندما نزلت فيها الجيوش الرومانية محاولة احتلال الدلتا في عام 672 م. ذلك أن الرومان استهدفوا البرلس بعد فتحها كمحاولة منهم لاستردادها والانطلاق منها عبر سواحل مصر لإخراج المسلمين بعد أن فشلوا في مهاجمة الإسكندرية وهي الحادثة التي ذكرها ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) فيقول : ” وحدَث أن القواتَ الرومانية داهمت سواحلَ البرلس فجاء الصريخ إلى الإسكندرية ـ وكان عليها علقمة بن يزيد الغطيفي ـ أن الروم قد نزلوا البرلس فأغيثوها فاستنفر علقمةُ الناسَ إليهم فولى عليهم وردان أبي عبيد مولى عمرو بن العاص فنفر بهم حتى قدم البرلس بجيشه فوجد الروم بها فاقتتلوا قتالاً شديدًا فاستشهد وردان ومن معه وعدد من الصحابة منهم أبو رقية اللخمي وكان على الخراج فاستشهد وعائذ بن ثعلبة البلوى وكان على الخيل فاستشهد “.
وكان عبد الله بن مطيع سيدا من سادات بني عدي خلال عهد معاوية حيث عاش متنقلا بين مصر والمدينة وهو حال الكثير من سادات قريش إذا كانت هناك سيولة في حركة التنقل بين ولايات الدولة الإسلامية بدافع التجارة كما كان لبعضهم إقطاعات في ولايات مختلفة ينيب عليها بعض بنيه أو مواليه ، وقد أخرج الطبراني وابن منده وغيرهما من طريق زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مُطيع عن أبيه عن جدّه قال : رأى مطيع في المنام أنه أهدي إليه جِراب تمر فذكر ذلك للنبي صَلَّى الله عليه وآله وسلم فقال : ” هَلْ بِأحَدٍ مِنْ نِسَائِكَ حَمْلٌ ؟ ” قَالَ: نَعَمْ امْرَأةٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ قَالَ : ” فَإِنَّهَا سَتَلِدُ لَكَ غُلاَمًا ” فَوَلَدَتْ لَهُ غُلاَمًا فَأَتَى بِهِ النِّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ ” ، وذَكَرَهُ ابْنُ حِبّان وابْنُ قَانِع وغيرهما في الصحابة وله أموال وبئر فيما بين السُّقْيا والأبـْواء تُعْرَف ببئر ابن مطيع يَرِدها الناس.

السيدة عاتكة بنت زيد العدوية
في شارع الخليفة واحد من أقدم المشاهد وهو مشهد السيدة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية وذلك بجوار مشهد السيدة رقية بنت علي الرضا .. وكانت السيدة عاتكة من فضليات الصحابة ومن السابقات في الإسلام وهي ابنة عم الخليفة عمر بن الخطاب وشقيقة الصحابي المبشر بالجنة سعيد بن زيد وكانت شاعرة حسناء تزوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق واستشهد عنها في حصار الطائف فتزوجها زيد بن الخطاب وقتل عنها يوم اليمامة شهيدا ..
ثم تزوجها عمر بن الخطاب سنة اثني عشرة فلما استشهد تزوجها الزبير بن العوام واستشهد عنها في معركة الجمل وقام بينها وبين أولاده خلاف على الميراث فصالحها عبد الله بن الزبير على ثمانين ألف درهم ورضيت بذلك ثم تزوجت محمد بن أبي بكر الصديق الذي عين واليا على مصر فصحبته إلى الفسطاط حيث وقعت تلك الأحداث الدموية التي أسفرت عن قتل زوجها واستقرت بالقرب من خطة اهل الراية والتي ذكر ابن دقماق منازل عشيرتها فيها ..
واعتذرت للإمام علي الذي أرسل في خطبتها وقالت له : ” إني أضن بك يا ابن عم رسول الله على القتل ” ، وكان المسلمون يتندرون عليها ويقولون : ” من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة ” .. وكانت تقول : ” لا أتزوج بعد ذلك إني لأحسبني لو تزوجت جميع أهل الأرض لقتلوا عن آخرهم ” ، وقد حزنت كثيرا على مصرع زوجها والي مصر ورثته بأبيات منها : (أن تقتلوا وتمثلوا بمحمد .. فما كان من أجل النساء ولا الخمر) وقد توفيت عام 41 هـ ..
وتم إعادة إعمار المشهد في العصر الفاطمي وذلك في عام 515 هـ بأمر السيدة علم زوجة الخليفة الآمر بأحكام الله ، ويتكون مشهد عاتكة من غرفة مربعة تعلوها منطقة الانتقال وهي تبدو مثمنة من الداخل ومدرجة من الخارج .. ومنطقة الانتقال تتكون من ثلاث حنايا ركنية في أركان المربع الأربعة يعلوها حنية رابعة وبين الحنايا الركنية نافذة ثلاثية الفصوص وفوق منطقة الانتقال بنيت القبة الضريحية التي تغطى المشهد وهي قبة مفصصة ..
وعند بناء المشهد إلى الغرب من مشهد الجعفري تم سد باب مشهد الجعفري وبُنى في موضعه محراب مشهد عاتكة وفتح الباب في كل مشهد في الجهة الشمالية منه (والجعفري هو الإمام محمد بن جعفر الصادق) ويحيط بعقد المحراب شريط من الكتابه بالخط الكوفي المزهر وعلى خواصر العقد زخارف نباتية مُحّورة ومازال المشهد يحتفظ بالكثير من الزخارف الجصية تبدو في شريط من الكتابة الكوفية المزهرة يحيط بأعلى الجدران وتحت المقرنصات ..

قاضي قضاة مصر .. عبد الرحمن بن المجبر العدوي
من اعلام بني عدي الذين سكنوا الفسطاط في العصر العباسي قاضي مصر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن المجبر بن عبد الرحمن الأصغر بن عمر بن الخطاب أبو عبد الله القرشي العدوي العمري والمعروف بلقب (القاضي العمري) حيث ذكره ابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب ووكيع في أخبار القضاة ..
ولد بالمدينة المنورة وتعلم بها وكان مالكي المذهب وكان عمه عبد الرحمن بن المجبر من أهل العلم ورواة الحديث سمع من سالم بن عبد الله وروى عنه الإمام مالك .. وقد أسند إليه هارون الرشيد قضاء مصر في صفر سنة 185 هـ. وعزله الأمين بن هارون الرشيد في جمادى الأولى سنة 194 هـ. فكانت ولايته تسعة سنوات وشهرين ..
جاء في مناقبه فيما ذكر صاحب (المدارك في معرفة أصحاب مالك) في ترجمة سعيد بن هشام ابن صالح المخزومي المصري نزيل الفيوم عن الحارث بن مسكين قال : ” قدم مصر القاضي العمري وكان شعلة نار وكان يجلس للناس من الغداة إلى الليل وكان حسن الطريقة مستقيم الأمر ” .. وكان ابن وهب وأشهب وغيرهما يحضرون مجلسه وكان يقول لهم : ” أعينوني ودلوني على أقوام من أهل البلد أستعين بهم “.
وفي كتاب (رفع الإصر عن قضاة مصر) يقول سعيد بن عفير : ” كان من أشد الناس في عمارة الأحباس كان يقف عليها بنفسه ويجلس مع البنائين أكثر نهاره .. وهو أول من اتخذ لأموال الأيتام تابوتا توضع فيه ويوضع فيه مال من لا وارث له فكان هو مودع قضاة مصر.
ومن شدته في الحق اشتكاه الناس إلى الخليفة هارون الرشيد كما ذكر الكندي في كتاب الولاة والقضاة : ” فلمَّا اشتدّ البلاء عَلَى أهل مِصر من وِلاية العُمَريّ خرج نفر من القُرَّاء احتسبوا فِي خروجهم إلى هارون فشكَوْا إِلَيْهِ ما يفعله العُمَريّ فيهم فقَالَ هارون : انظروا فِي الديوان كم لي من والٍ من ولد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فكُشف الديوان، فلم يوجد غيره، فقال : انصرفوا لا عزلته أبدًا “.

أبو عبد الرحمن العمري .. أمير الصعيد
أمير الصعيد والنوبة وفاتح بلاد البجا والسودان أبو عبد الرحمن العمري ، وهو اللقب الذي عرف به عبد الله بن عبد الحميد بن عبد الله العابد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي .. ولد بالمدينة المنورة في عام 200 هـ واستشهد في صعيد مصر عام 259 هـ وشهدت حياته عددا من الأحداث الجسام التي تركت بصمة لا تمحى في تاريخ مصر العربية كانت فاصلا بين أواخر عصر الولاة وأوائل العصر الطولوني ..
تلقى علوم الدين على أيدي علماء المدينة وتربى في بيت جده عبد الله العمري العابد والعالم حيث التنسك والزهد ثم رحل إلى مصر ، ذكره المقريزي في كتاب المقفى الكبير فقال : ” وقدم إلى مصر وجالس محمد بن عبد الله بن الحكم وسمع منه الحديث ثم مضى إلى إبراهيم بن الأغلب (والي إفريقية) ومدحه فوصله بألف دينار وعاد في سنة إحدى وأربعين ومائتين إلى مصر وكانت فيه أدوات من فقه وأدب وشعر ومعرفة بالنجوم والفلسفة ” ..
استقر في أسوان وأخذ على عاتقه توحيد القبائل المضرية المنتشرة في الصحراء على جانبي الوادي ضد قبائل ربيعة التي كانت تتحالف مع البجا وتسيطر على المنطقة حيث تمكن العمري من إخضاع الجميع لحكمه واتخذ من مدينة أم بنادري عاصمة له (في منطقة شنقير قرب وادي حلفا) وتمكن من تنظيم الأحوال المعيشية في المنطقة وإدارة استخراج المعادن فازدهرت الحركة التجارية حتى كانت قوافله إلى القلزم (السويس) تضم ستين ألف بعير ..
وفي عام 255 هـ أتم العمري سيطرته على بلاد النوبة وهزم ملكها ووصل بجيوشه إلى ساحل النيل في دنقلة حيث مصادر المياه ثم قرر أن يضع حدا لهجمات قبائل البجا العديدة على إسنا فدخل بلادهم على ساحل البحر الأحمر وفرض عليهم الجزية واستقر بعدها في أسوان حيث قام في عام 257 هـ بهزيمة جيش الوالي أحمد بن طولون الذي اضطر للاعتراف به أميرا من قبله على الجنوب ثم قام العمري بالقضاء على ثورة ابن الصوفي الشيعي ..
بلغ قوام جيوشه مائة ألف مقاتل من قبائل قريش وكنانة وتميم وهلال وغطفان وسليم لكن النزاعات القبلية مع قبائل ربيعة وجهينة وسعد العشيرة وبني قيس تسببت في مقتله غيلة أثناء عودته من حربه الأخيرة وذلك انتقاما منه لمقتل شيخهم أشهب بن ربيعة الحنفي ، وبموته تفرقت القبائل الموالية له وسيطرت ربيعة مرة أخرى على المنطقة تحت سلطة الوالي أحمد بن طولون ، ومقابر العمري وأسرته موجودة إلي اليوم في أسوان وأجوارها ..