الشعوب العربية الثائرة
دائما ما يروج البعض لفكرة خنوع واستسلام العرب وقابليتهم للاستعمار وهي النظرية التي تتهاوى عند القراءة المدققة الواعية للتاريخ حيث يمكننا رصد الثورات العربية من خلال السرد التالي :

العراق
أولا : ضد الحكم العثماني
ثورة البصرة : اندلعت عام 1546 م. بقيادة الشيخ مغامس بن مانع بسبب رفض العثمانيين الاكتفاء بالسيادة الاسمية على المنطقة فضربوا المدينة بالمدافع واستولوا على الميناء ثم تجددت الثورة عام 1586 م. لمدة عشر سنوات حتى تحقق الاستقلال الفعلي للإمارة مع بقاء التبعية الاسمية للعثمانيين.
الثورة الثلاثية : قامت في عام 1787 م. وسميت كذلك بسبب اشتراك ثلاثة من أكبر شيوخ قبائل العراق فيها وهم سليمان الشاوي من قبيلة العبيد القريبة من بغداد وحمد آل حمود زعيم الخزاعل في الوسط (الديوانية) وثويني العبدالله شيخ مشايخ قبائل المنتفق وانتهت برضوخ العثمانيين لمطالب الشيوخ.
ثورة المفتي : في عام 1832 م. قاد الثورة مفتى الحنفية في بغداد الشيخ عبد الغني بن عبد الرازق آل جميل وذلك ضد ظلم الوالي العثماني وجنوده الذين اعتدوا على حرمات الناس وارتكبوا المظالم فنزل الناس للشوارع وقابلهم الوالي بضرب المدافع وحرق منزل المفتي الذي خرج ولجأ إلى عشيرة عقيل.
ثانيا : ضد الاحتلال البريطاني
ثورة العشرين : قامت الثورة المسلحة ضد الاحتلال البريطاني في كافة مناطق العراق وذلك في عام 1920 م. فقام البريطانيون بضرب الثوار بالطائرات حيث استشهد ما يقارب ستة آلاف شهيد من العراقيين وانتهت الثورة في عام 1921 م. بمنح الاستقلال الجزئي للعراق وتأسيس المملكة العراقية الهاشمية.
ثورة رشيد عالي الكيلاني : في عام 1941 م. قاد زعيم المعارضة رشيد عالي الكيلاني حركة شعبية وعسكرية وأسقط الحكومة الموالية لبريطانيا وشكل حكومة مستقلة فقامت بريطانيا بإعلان الحرب على العراق وأنزلت قواتها جوا وبحرا لغزو بغداد حيث تم التنكيل بزعماء الثورة ومواجهة الثائرين بالقوة.
ثالثا : ضد الغزو الفارسي
ثورة الأحواز : اندلعت في عام 1925 م. بزعامة الشيخ خزعل بن مراد الكعبي على إثر الغزو الفارسي للأحواز وضمها لحكم الشاه حيث تم قمع الثورة بالقوة وضرب السكان بالمدافع وطرد أسرة الأمير خزعل إلا أنها كانت مقدمة لثورات مستمرة طيلة نصف قرن في كافة مناطق الأحواز.

الشام
أولا : ضد الحكم العثماني
ثورة حلب الكبرى : في عام 1770 م. قامت انتفاضة كبرى في حلب بقيادة الأشراف بسبب الكساد والغلاء وكثرة الرسوم والضرائب مع إهمال العثمانيين لتجارة الحرير التي تعيش عليها المدينة ثم تكررت هذه الحوادث في أعوام 1775 م. و 1780 م. بسبب القمع المتواصل حتى وصلت ذروتها عام 1787 م. مع تفشي الطاعون.
قومة أهل حلب : في عام 1819 م. اشتعلت الثورة في حلب لمدة مائة يوم بسبب سوء الأحوال المعيشية واختفاء النقود والسلع من الأسواق حيث هاجم الثوار بيت الكتخدا سليمان بك وقتلوه فقام خورشيد باشا بضرب المدينة بالمدافع أكثر من مائة ألف طلقة ومحاصرتها وقطع الماء عنها واستشهد من الحلبيين ثلاثة آلاف شخص.
ثورة دمشق : في عام 1831 م. قامت الثورة في دمشق ضد العثمانيين بقيادة أعيان البلدة بسبب فرض ضرائب إضافية باهظة تحت مسمى ضريبة الحماية على جميع الحوانيت والمخازن والمعامل والمنازل فضرب الوالي الأحياء السكنية بالمدافع واعتدى على الحرمات فقام الثوار بمحاصرته في القلعة وقتله.
ثورة جبل لبنان : في عام 1858 م. قم الفلاحون الموارنة في كسروان بزعامة طانيوس شاهين بالثورة على الإقطاعيين الدروز المعينين من قبل السلطات العثمانية ثم تطورت الأحداث إلى حرب طائفية بين الفريقين عام 1860 م. قتل فيها الآلاف وانتهت بإنشاء حكم ذاتي للموارنة (متصرفية جبل لبنان) بضغط أوروبي.
ثانيا : ضد الفرنسيين
الثورة السورية الكبرى : في عام 1925 م. قامت الثورة في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي منطلقة من جبل الدروز بزعامة سلطان باشا الأطرش وتجاوبت معه كافة الأقاليم احتجاجا على تقسيم البلاد إلى أربع جمهوريات حيث انتهت الأحداث بعد مواجهات عنيفة إلى إلغاء التقسيم وإجراء انتخابات عامة وعزل القيادة الفرنسية.
الإضراب الستيني : في عام 1936 م. دعت الكتلة الوطنية السورية إلى إضراب عام في عموم البلاد بهدف الاحتجاج على غلق مكاتبها والضغط على الحكومة الفرنسية لتنفيذ تعهداتها بالاستقلال واستمر لمدة شهرين ووصل إلى سائر المدن السورية واللبنانية وتم إعلان الاستقلال من طرف واحد وتولي هاشم الأتاسي رئاسة الدولة.

فلسطين
أولا : ضد الحكم العثماني
ثورة نقيب الأشراف : زاد ولاة الشام الضرائب المفروضة على فلسطين ووصلت حملة عسكرية تعاملت بالقسوة فتجمع العلماء في المسجد الأقصى في مايو 1703 م. ومن هناك انطلقت الثورة التي امتدت حتى أكتوبر 1705م. بزعامة السيد محمد بن مصطفى الحسيني وسقط خلالها العديد من الشهداء وآلاف الجرحى.
ثورة القدس : في عام 1824 م. قرر العثمانيون في فلسطين زيادة الضرائب على الفلاحين والعربان والأديرة المسيحية عشرة أضعاف بسبب حرب اليونان واستولوا على القرى والأراضي فاندلعت الثورة لمدة عامين استعمل فيها الجنود الرصاص الحي حتى توسط والي عكا عبد الله باشا وأخرج زعماء الثورة إلى مصر.
ثورة الكرك والشوبك : سلسلة من الاضطرابات في الفترة من عام 1900 م. وحتى عام 1910 م. في كل من الكرك والشوبك ومعان وحوران بسبب الضرائب والتجنيد وسوء معاملة النساء فقامت العشائر العربية بمحاصرة الحامية العثمانية وطردها وأرسل العثمانيون حملات تأديبية قابلها الثوار بالمواجهة المباشرة.
ثانيا : ضد الاحتلال البريطاني
ثورة البراق : في عام 1929 م. اندلعت الثورة في القدس بعد محاولة جماعات صهيونية الاحتفال عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى وأسفرت عن أكثر من مائة شهيد وإعدام ثلاثة ونتج عنها تقرير عصبة الأمم الذي قرر أن الحائط جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف كما تعود للمسلمين ملكية الرصيف الكائن أمام حارة المغاربة.
الثورة الفلسطينية الكبرى : أدى استشهاد الشيخ عز الدين القسام على يد البريطانيين إلى غضب الجماهير الفلسطينية حيث دعت اللجنة القومية العربية إلى الإضراب العام في عام 1936 م. وأعقبه المقاومة المسلحة ثلاث سنوات للمطالبة بالاستقلال وتقييد الهجرة اليهودية المفتوحة واستشهد في أحداثها قرابة خمسة آلاف شهيد.
ثالثا : ضد الاحتلال الإسرائيلي
مقاومة مستمرة لا تهدأ وتضحيات بالأرواح لا يسعها الحصر قدمها الشعب الفلسطيني عبر محطات تاريخية عديدة من أبرزها إعلان ثورة التحرير عام 1964م. وانتفاضة الحجارة في عام 1987 م. مرورا بأحداث النكبة والنكسة مع الإصرار على حق العودة وتحرير الأرض ومركزية القدس في قصة كفاح تكتب في آلاف الأسطر.

الجزائر
أولا : ضد العثمانيين
ثورة التيجانية : وتنسب إلى الطريقة الصوفية التيجانية حيث بدأت وقائعها عام 1782 م. بزعامة السيد أحمد التيجاني وذلك لدفع مظالم الولاة واستمرت قائمة في غرب البلاد مدة نصف قرن والتفت حولها مختلف القبائل لأنها كانت تحمل نزعة استقلالية واضحة وبعد كر وفر انتهت عام 1828 م. بالهزيمة على يد العثمانيين.
ثورة الدرقاوية : وتنسب إلى الطريقة الصوفية الدرقاوية حيث اندلعت في الفترة من 1800 م. وحتى 1813 م. بقيادة ابن الأحرش الدرقاوي في شرق الجزائر ثم ابن الشريف الدرقاوي في غرب البلاد وكانت لهذه الثورة نزعة دينية ظاهرة (كان ابن الأحرش من المشاركين في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر).
ثانيا : ضد الفرنسيين
ثورة الأمير عبد القادر الجزائري : وقد بدأت مع الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830 م. واستمرت 17 عاما قاد فيها الأمير عبد القادر شيخ الطريقة القادرية الثورة ضد الغزو الفرنسي متنقلا من مدينة إلى أخرى ومن قبيلة إلى التي تليها مقاوما وحشية الفرنسيين حتى اضطر في النهاية للاستسلام حقنا للدماء وقضى بقية حياته منفيا في دمشق.
ثورة أولاد سيدي الشيخ والمقراني والحداد : وتنسب الأولى إلى سيدي الشيخ بن الطيب زعيم أولاد سيدي الشيخ الغرابة واستمرت من عام 1845 م. وحتى عام 1870 م. وتنسب الثانية إلى اثنين من الزعماء هما الشيخ محمد المقراني والشيخ محمد بن علي الحداد وذلك ابتداء عام 1871 م. وامتدت إلى الشمال القسنطيني.
ثورة بوعمامة : وتنسب للشيخ محمد بن العربي بوعمامة الذي قاوم الفرنسيين أكثر من ثلاثة وعشرين عاما حتى أطلق عليه لقب الأمير عبد القادر الثاني وقد اشتهر بقدرته الفائقة في مواجهة قوات الاحتلال التي لم تنجح في القضاء عليه رغم محاولاتها المستمرة وفد وافته المنية في عام 1908 م. بمنطقة وجدة المغربية.
ثورة المليون شهيد : انطلقت ثورة التحرير الجزائرية الكبرى في أول نوفمبر عام 1954 م. واستمرت سبع سنوات ونصف تحت قيادة جبهة التحرير الوطنية وأسفرت في النهاية عن تحقيق استقلال الجزائر بعد استعمار فرنسي غاشم لمدة 130 عام وصارت مضرب المثل ومصدر إلهام لكل حركات التحرر في العالم.

مصر
أولا / ضد العثمانيين : في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار يرصد الجبرتي أوضاع المجتمع المصري خلال فترة الحكم العثماني وذكر ضمن ذلك كل الانتفاضات والثورات التي شهدتها البلاد سواء من الفلاحين أو العربان بما في ذلك صراعات الفقارية والقاسمية وحكم شيخ العرب همام في الصعيد وحركة علي بك الكبير حتى تصل ذروة الأحداث إلى ثورة عام 1795 م. بقيادة السيد عمر مكرم نقيب الأشراف والشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر حيث أجبروا فيها الوالي العثماني والبكوات المماليك على النزول إلى بيت القاضي وكتابة وثيقة تحقق مطالب الثوار.
ثانيا / ضد الفرنسيين : يبدو أن الجبرتي أحس بأهمية السنوات الثلاث التي قضتها الحملة الفرنسية في مصر فأفرد لها كتابا خاصا وهو (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس) حيث كتبه على هيئة يوميات لأنه كان شاهد عيان حيث رصد ما يزيد على 16 ثورة مسلحة ضد الفرنسيين في طول البلاد وعرضها وأشهرها بالطبع ثورة القاهرة الأولى عام 1798 م. التي قام فيها نابليون باقتحام الأزهر بالخيول وضرب الأحياء السكنية بالمدافع مما أسفر عن آلاف الشهداء والجرحى كما قام بإعدام عدد من شيوخ الأزهر ومصادرة الأموال والبيوت من عامة الناس.
ثالثا / ضد أسرة محمد علي : تعد الحركة العرابية أكبر انتفاضة ثورية حدثت في مصر في القرن التاسع عشر متزامنة مع الأفكار الإصلاحية التي نادى بها السيد جمال الدين الأفغاني وفي قلبها المطالبة بإلغاء امتيازات الشراكسة وإعادة الحكم النيابي وتعيين وزارة وطنية وزيادة عدد أفراد الجيش وتسليحه تحت شعار (مصر للمصريين) ، ومن الأفضل دراسة كافة الآراء التي أحاطت بتلك الثورة وقراءة أحداثها من مصادر متعددة مثل مذكرات الزعيم أحمد عرابي وعبد الله النديم وأحمد شفيق باشا وكتابات عبد الرحمن الرافعي.
رابعا / ضد الاحتلال البريطاني : قاد الحزب الوطني لواء النضال ضد الاحتلال بزعامة مصطفى كامل ومحمد فريد ثم تصاعدت وتيرة الأحداث لتصل إلى ذروتها في ثورة 1919 م. بزعامة سعد زغلول ومن ثم تأسيس الوفد المصري ، وكانت الأحداث قد بدأت بمظاهرات الطلاب والعمال ثم إضراب الموظفين ثم انتشرت في عموم الأقاليم حيث الإجماع من كافة طوائف المجتمع على الاستقلال ثم بدأ الكفاح المسلح في كل مكان وقام الثوار في بني سويف بعزل الصعيد عن العاصمة بعد قطع خطوط السكة الحديد ورضخت بريطانيا في نهاية الأمر.

المغرب
دولة الأشراف السعديين : نتيجة لتراخي الحكام الوطاسيين أمام الغزو البرتغالي للأراضي المغربية قام الأشراف السعديون بالانطلاق من مراكزهم في وادي نهر درعة وبثوا دعوتهم الدينية بواسطة الطرق الصوفية ثم سيطروا تباعا على كل من مراكش ثم أغادير ثم فاس ثم قضوا على الوطاسيين عام 1554 م. ثم حقق السلطان عبد الملك الأول السعدي انتصارا ساحقا على الحملة الصليبية البرتغالية في عام 1578 م. في معركة وادي المخازن حيث قتل الملك سباستيان وأبيد جيشه.
دولة الأشراف العلويين : نتيجة ضعف دولة الأشراف السعديين انقسمت البلاد إلى ثلاث إمارات وطمع العثمانيون في غزوها من الجزائر في الشرق بينما نزل البريطانيون في طنجة من الغرب في عام 1664 م. فتحرك الأشراف العلويون من سجلماسة تحركا عسكريا واستطاعوا توحيد البلاد وطرد البريطانيين من طنجة وصدوا هجمات العثمانيين حتى صارت جبال ترارة (بين تلمسان ووجدة) حدا فاصلا بين الدولتين واستطاعوا الحفاظ على استقلال المغرب حتى مطلع القرن العشرين.
الثورات الداخلية : نتيجة تغير أوضاع التجارة العالمية وقيام الحروب في أوروبا ضربت الأزمات الاقتصادية عموم البلاد المغربية فقامت اضطرابات داخلية ضد الأسرة العلوية ومن أشهرها حركة الثائر الجيلالي الزرهوني المعروف باسم بوحمارة والذي استطاع السيطرة على شرق البلاد عام 1901 م. واحتك بالفرنسيين في الجزائر وكذلك ثورة الريسوني في غرب البلاد والذي هاجم المصالح الأجنبية في المواني عام 1904 م. وهو ما جلب تدخل الدول الأوروبية.
ثورة الريف : نتيجة الاحتلال الأسباني للمنطقة الشمالية من المغرب اندلعت ثورة الريف في الفترة من عام 1920 م. وحتى عام 1927 م. بقيادة الزعيم عبد الكريم الخطابي الذي سيطر على الريف وهزم الأسبان في عدة مواضع ثم أعلن قيام جمهورية الريف فتدخلت فرنسا إلى جانب أسبانيا وانتهى الأمر بالقبض عليه واعتقاله عشرين عاما ثم تقرر نقله إلى فرنسا وأثناء مرور السفينة في قناة السويس تم اعتراضها بالقوة من الوطنيين المصريين لتحريره وعاش بقية حياته في مصر.
ثورة الاستقلال : نتيجة قرار الاحتلال الفرنسي عزل الملك محمد الخامس ونفيه عن البلاد في عام 1953 م. اندلعت الثورة في المغرب وذلك لرفض الملك الخضوع للإملاءات الفرنسية ودعوته إلى إنهاء الحماية ووصلت الأمور إلى ذروتها في عام 1955 م. بتأسيس جيش التحرير كما نشط فيها حزب الاستقلال بزعامة علال الفاسي وانتهت الأحداث برضوخ فرنسا لمطالب الثوار فعاد الملك وتم منح الاستقلال للمغرب في عام 1956 م. وتأسست حكومة وطنية.

ليبيا
أولا / ضد العثمانيين
ثورة أحمد القره مانلي : في سنة 1711 م. قاد أحمد القره مانلي ثورة شعبية أطاحت بالوالي العثماني وقرر تخليص ليبيا من الحكام الفاسدين ووضع حد للفوضى ولما كان شعب ليبيا قد ضاق ذرعا بالحكم الصارم المستبد فقد رحب بأحمد القره مانلي الذي تعهد بحكم أفضل وقد وافق السلطان على تعيينه باشا على ليبيا ومنحه قدرا كبيرا من الحكم الذاتي ولكن القره مانليين كانوا يعتبرون الشؤون الخارجية من اختصاصتهم وكانت ليبيا تمتلك أسطولا بحرياً قويا مكنها من أن تتمتع بمكانة دولية مهيبة وأصبحت تنعم بنوع من الاستقلال.
ثورة عبد الجليل سيف النصر : قامت قبيلة أولاد سليمان بانتفاضات متتالية ضد حكام الأسرة القرمانلية خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر لكن تمكن الحكام القرمانليون نهاية الأمر من القضاء على آل سيف النصر زعماء القبيلة سنة 1807 م. ، وفي عام 1831 م. قاد عبدالجليل سيف النصر ثورة كبرى في الشرق الليبي ضد القرمانليين والعثمانيين من بعدهم واستمرت حتى عام 1842 م. وشهدت المنطقة عدة معارك حامية الوطيس مثل معركة بني وليد ومعركة الحطابة وحملة فزان وساهمت القبيلة في مقاومة الاحتلال الفرنسي في تشاد ثم مقاومة الإيطاليين.
ثورة غومة المحمودي : في عام 1835 م. استعاد العثمانيون السيطرة على ليبيا بعد غزوها عن طريق البحر وإسقاط حكم القرمانليين وألقوا القبض على زعماء قبيلة المحاميد ومنهم الشيخ غومة المحمودي مما أشعل فتيل ثورة عارمة استمرت حتى عام 1858 م. خاض خلالها الثوار أكثر من 28 معركة حتى اضطر العثمانيون في النهاية إلى تعيينه واليا على غرب ليبيا لكنهم بعد فترة غدروا به وقاموا بنفيه فتجددت الثورة مرة أخرى ورد عليها العثمانيون بوحشية وبعد سلسلة من الكر والفر استشهد الشيخ في معركة وادي أوال (خشم غومة) وتحول إلى بطل أسطوري.
ثانيا / ضد الإيطاليين
ثورة السيد عمر المختار : قاد السيد عمر المختار المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي لأكثر من عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك إلى أن قُبض عليه وأُجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان مريضا كبير السن (بلغ في حينها 73 عامًا) وكان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحُكم الإيطالي لكن النتيجة جاءت عكسيَّة فقد ارتفعت حدَّة الثورات وانتهى الأمر بأن طُردت القوات الإيطالية من البلاد.

تونس
أولا / ضد الحكم العثماني
ثورة الدايات : في عام 1591 م. حدثت اضطرابات شعبية بسبب ظلم الباشوات العثمانيين وتمتعهم بامتيازات مبالغ فيها ونفوذ مطلق فقام الدايات (صغار الضباط) بانتهاز الفرصة وألغوا حكم الباشوات وبدأ عصر الدايات ثم البايات المراديين الذي تمتعت فيه البلاد باستقلالية القرار ونهضة اقتصادية.
دولة البايات : في أواخر عهد البايات المراديين ضعف الاقتصاد وانتشرت الأوبئة وتعرضت تونس لمحاولة غزوها من العثمانيين من ناحية الجزائر فقام الأعيان والعربان بمناصرة حسين باي الأول في عام 1705 م. وتم القضاء على النفوذ العثماني وتأسيس دولة البايات الحسينيين.
ثانيا / ضد دولة البايات
ثورة علي بن غذاهم : في عام 1864 م. رفضت قبائل وسط وغرب البلاد مضاعفة ضريبة الإعانة وانتشرت الأعمال العنيفة إلى الساحل والجنوب بقيادة علي بن غذاهم المعروف بلقب (باي الشعب) ووصل تأثيرها إلى الفرنسيين في الجزائر وانتهت بمصرع بن غذاهم وتراجع الدولة عن زيادة الضرائب.
ثالثا / ضد الاحتلال الفرنسي
حركة شباب تونس : في عام 1885 م. قاد محمد السنوسي مظاهرة كبرى شكلت أولى مراحل مقاومة الفرنسيين والتي توجت بتأسيس حركة الشباب التونسي في عام 1906 م. والتي استمر حراكها الثوري حتى عام 1912 م. متأثرة بأفكار خير الدين التونسي ومحمود قبادو والطاهر بن عاشور.
الحركة الوطنية : في عام 1915 م. قاد محمد الدغباجي الكفاح المسلح في الجنوب ضد الفرنسيين والذي استمر حتى عام 1924 م. بينما قام الشيخ عبد العزيز الثعالبي بتأسيس الحزب الدستوري الحر في عام 1919 م. والذي قاد الحراك الثوري حتى ذروته في أحداث 9 أبريل عام 1938 م. (ذكرى عيد الشهيد).
ثورة الاستقلال : اندلعت الثورة في عام 1952 م. في أعقاب القبض على الزعيم الحبيب بورقيبة وتأججت بعد اغتيال النقابي فرحات حشاد على يد الفرنسيين واستمر النضال أربع سنوات حتى أجبرت فرنسا على الاعتراف باستقلال تونس في عام 1956 م. حيث أعلنت بعد ذلك الجمهورية وتم عمل الدستور.

موريتانيا والصحراء
حركة أحمد ولد المختار : وهي حركة سياسية وعسكرية قام بها أمير قبيلة الترازة أحمد ولد المختار ومن بعده ابنه محمد الحبيب وذلك في النصف الأول من القرن التاسع عشر (1800 م. ـ 1860 م.) برعاية الشيخ سيدي الكبير وذلك للدفاع عن البلاد ضد المشروعات الفرنسية للغزو حيث تم توحيد القبائل وصد هجمات الفرنسيين ودفعهم خلف نهر السنغال.
ثورة الشيخ ماء العينيين : في عام 1902 م. قامت فرنسا بغزو موريتانيا فقامت الثورة المسلحة في ربوع البلاد لمقاومة الاحتلال بقيادة الفقيه والعلامة سيدي المصطفى بن محمد فاضل المعروف بلقب (ماء العينيين) والذي اتخذ من مدينة أدرار قاعدة له وحقق انتصارات متوالية على الفرنسيين ثم خلفه أولاده من بعده حيث استمرت الثورة حتى عام 1913 م.
ثورة المجاهدين : اندلعت الثورة مجددا في المناطق الصحراوية في شمال البلاد بعد أن قام المجاهدون بتنظيم أنفسهم في حركة الجهاد الصحراوية والتي استمرت من عام 1921 م. وحتى 1934 م. بقيادة المجاهد الشيخ محمد تقي الدين المعروف بلقب (وجاهة) حيث حقق انتصارات متوالية على الفرنسيين فكبدهم خسائر فادحة بلغت ربع الجيش الغازي بمساعدة أمراء الترازة.
ثورة كيدال : في عام 1962 م. قام العرب والطوارق بثورة في مدينة كيدال احتجاجا على قيام فرنسا بإلحاق إقليم أزواد بدولة مالي الناشئة حديثا واستمرت الثورة حتى عام 1964 م. عندما قام الجيش المالي بمهاجمة الإقليم بوحشية مما أدى إلى فرار عدد كبير من السكان وتأسيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد والتي استأنفت القتال المسلح في عام 1990 م.
ثورة البوليساريو : في عام 1973 م. تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (وتعرف اختصارا بالأسبانية باسم بوليساريو) وذلك لتحرير منطقة الصحراء الغربية من الاحتلال الأسباني عن طريق الكفاح المسلح ثم دخلت بعد ذلك في نزاع مع المغرب الذي سيطر على المنطقة عسكريا وترتب عليه إعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية في المنفى عام 1976 م.

نجد وقيام الدولة السعودية
الدولة السعودية الأولى : في عام 1744 م. عقد في الدرعية ميثاق وتحالف بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي والإمام محمد بن سعود بن مقرن الكبير لنشر الدعوة الإصلاحية وتأسيس دولة تعمل وفق منهاجها ، وخلال نصف قرن تمت السيطرة على إقليم العارض ثم الوشم والقصيم وجبل شمر ثم تم ضم الإحساء وساحل الخليج وإسقاط حكم بني خالد.
بعد ذلك وصل نفوذهم إلى قطر وساحل عمان ثم كربلاء في العراق وحوران في الشام وعسير في الجنوب وفي النهاية استولوا على الحجاز عام 1806 م. وطردوا منها العثمانيين ، أوعز السلطان العثماني لولاة العراق والشام بالتصدي لهم لكنهم فشلوا وماطل محمد علي والي مصر لكنه استجاب في النهاية وأرسل قواته التي احتلت الدرعية عام 1818 م.
الدولة السعودية الثانية : بعد انسحاب الحامية المصرية من نجد للمشاركة في حروب اليونان تأسست في الرياض إمارة في عام 1824 م. على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود حيث تمكن من إعادة السيطرة على نجد بالكامل ثم السواحل الشرقية ، أما الحجاز فقد ظل بيد المصريين ثم تسلمها السلطان العثماني بعد اتفاقية لندن عام 1840 م. بسبب أهمية الأراضي المقدسة للسلطنة العثمانية المتهاوية.
وقد حققت الدولة السعودية الثانية درجة كبيرة من الاستقلال وتوازن في العلاقة مع المصريين والعثمانيين لكنها دخلت في صراعات داخلية مع أمراء الأقاليم التابعة ثم صراعات داخل الأسرة الحاكمة تسببت في قيام أحد الأمراء التابعين للسعوديين من آل الرشيد في جبل شمر (حائل) بالتدخل في شئونها ثم إسقاطها وضم الرياض إلى إمارتهم في عام 1891 م. وانسحب السعوديون إلى الكويت.
الدولة السعودية الثالثة : في عام 1902 م. تمكن الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود من تحرير الرياض من آل الرشيد وسيطر في عام 1903 م. على إقليم العارض والوشم ثم القصيم عام 1904 م. ودخل في صراع مع آل الرشيد وأجبرهم على ترحيل الحامية العثمانية عن نجد عام 1906 م. ثم هاجم الإحساء وطرد العثمانيين من الساحل الشرقي عام 1913 م.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى وقف عبد العزيز على الحياد محتفظا بقواته ونظم شؤونه الداخلية جيدا حتى إذا انتهت تقدم في عام 1921 م. وانتصر أخيرا على آل الرشيد وضم حائل والمناطق الشمالية ثم استولى على عسير عام 1922 م. وفي النهاية هاجم الحجاز وانتزعه من الهاشميين في عام 1926 م. ليتم توحيد هذه الأقاليم جميعا وإعلان قيام المملكة العربية السعودية في عام 1932 م.

الحجاز والثورة العربية الكبرى
مقدمات الثورة : في عام 1912 م. خسرت الدولة العثمانية كل أراضيها في أوروبا بعد هزيمتها في حرب البلقان وأتبعها خروجها من ليبيا على يد الإيطاليين ولم يعد لها إلا الأناضول والعراق والشام والحجاز ، وبدلا من الالتفات للإصلاح قررت حكومة الاتحاد والترقي خوض الحرب العالمية الأولى وتم تكليف وزير البحرية أحمد جمال باشا بالزحف من الشام على مصر لاستعادتها وهي الحملة التي فشلت في عام 1915 م.
أسباب الثورة : لم يلتفت جمال باشا لمطالب الإصلاحيين العرب بل حملهم مسئولية فشله وقام بمحاكمة صورية لعدد كبير من زعماء الجمعيات العربية وكبار الضباط العرب في الجيش العثماني وأعدمهم في ساحات دمشق وبيروت ورفض وساطة الشريف حسين في العفو عنهم ، ونتيجة لذلك أعلن الشريف حسين في مكة قيام الثورة الكبرى عام 1916 م. فسيطر على المدينة المقدسة واعتقل الحامية العثمانية ثم حرر ميناء جدة.
أحداث الثورة :تحركت القبائل العربية في ثلاثة جيوش أولها بقيادة الأمير عبد الله فحرر الطائف والثاني بقيادة الأمير علي وحاصر المدينة المنورة والثالث بقيادة الأمير فيصل والذي سيطر على الساحل وحرر ميناء الوجه وذلك بمعاونة كتيبة مصرية وعدد من الضباط العراقيين والسوريين والمصريين السابقين ومنها انطلق فحرر العقبة عام 1917 م. بمساعدة قبيلة الحويطات ومنها إلى معان ثم دمشق وحلب في عام 1918 م.
نتائج الثورة :نتيجة اتفاق سايكس بيكو ورفض الأوروبيين إعلان الشريف حسين الخلافة الإسلامية سلخت سوريا الشمالية بالقوة من الدولة الهاشمية لصالح فرنسا بينما نصب علي بن الحسين ملكا على مملكة الحجاز (سقطت بيد آل سعود) وفيصل بن الحسين ملكا على مملكة العراق (انتهت بانقلاب عام 58) وعبد الله بن الحسين أميرا على إمارة شرق الأردن والضفة الغربية والتي تحولت بعد ذلك إلى المملكة الأردنية الهاشمية.

السودان وتشاد
حركة العبدلاب : في عام 1504 م. قامت قبائل الفونج بالتحرك من حوض النيل الأزرق باتجاه الشمال فقاد الشيخ عبد الله جماع القبائل العربية ووحد صفوفها في تحالف أطلق عليه اسم (العبدلاب) وذلك لمواجهة هذا التحرك عسكريا حيث انتهت الأمور بتقسيم المنطقة بين الطرفين حيث نشأت مملكة سنار في الجنوب واحتفظ العرب باستقلالهم في الشمال.
حركة عبد الكريم العباسي : في عام 1635 م. قاد السيد عبد الكريم العباسي القبائل في منطقة دارفور وهاجم مملكة التنجر في تشاد وانتهت الأحداث بتأسيس سلطنة وداي المتفرعة من سلطنة دارفور حيث قامت بينهما المنافسة على التجارة في وسط أفريقيا حيث حققت السلطنة استقلالها عن دارفور بصورة نهائية في أوائل القرن الثامن عشر في عهد السلطان يعقوب عروس.
ثورة شندي : في عام 1821 م. أرسل والي مصر محمد علي باشا حملة كبيرة بقيادة ابنه الأمير إسماعيل للسيطرة على السودان حيث استولت على كردفان وسنار لكن تمكن حاكم شندي من خداع الأمير واستدرجه في عام 1822 م. حيث لقي مصرعه حرقا مع حاشيته واستمرت أعمال العنف حتى عام 1824 م. حيث انتقم محمد علي وأرسل حملة أخرى استولت على البلاد.
الثورة المهدية : وهي حركة دينية ثورية قامت بزعامة محمد أحمد المهدي في عام 1881 م. حيث استولت على كردفان ثم الخرطوم في عام 1885 م. وقتل الجنرال جوردون وحققت انتصارات كبيرة على الجيوش المصرية والبريطانية كما استولت على دارفور وانتصرت على الأحباش في الشرق وكانت نهايتها على يد البريطانيين في معركة أم درمان عام 1898 م.
ثورة رابح بن فضل الله : وهي حركة مقاومة مسلحة تشادية ضد الاحتلال الفرنسي قادها الشيخ رابح بن فضل الله عام 1900 م. والذي انطلق من دارفور ووحد القبائل وحقق انتصارات كبيرة وهاجم الفرنسيين في تشاد والنيجر والكاميرون لكنه استشهد وقطعت رأسه ونقلت إلى متحف الإنسان في باريس واستمرت الثورة من بعده في تشاد حتى عام 1915 م.
ثورة عبد الله السحيني : وهي ثورة مسلحة قامت في دارفور ضد البريطانيين في أعقاب مقتل السلطان علي بن دينار وقادها الفقيه المجاهد الشيخ عبد الله السحيني في عام 1921 م. حيث قاد الآلاف من المجاهدين وحرر مناطق جنوب دارفور وهاجم مدينة نيالا وقتل الحاكم العسكري البريطاني ماكلين ثم سقط جريحا في أحد المعارك فقبض عليه وأعدم في مدينة نيالا.

القرن الأفريقي
مقاومة الغزو البرتغالي : في عام 1520م. عجز ملك الحبشة عن غزو ساحل البحر الأحمر وهزم أمام القبائل فاستعان بالبرتغاليين الذين نزلوا بمعاونته مستغلين انقسام الإمارات العربية زيلع وهرر ودهلك وعدل ومصوع وسواكن فقام الإمام أحمد بن إبراهيم المعروف عند الأحباش بلقب (جرانج) أي الأعرج ووحد العرب والصوماليين والدناكل والبجا في عام 1523 م. حيث بدأ في مقاومة التحالف الحبشي البرتغالي فصد البرتغاليين وأوقع بهم هزيمة ساحقة واجتاح مملكة الحبشة بقواته واستشهد في ساحة المعركة عام 1542 م.
مقاومة الغزو الحبشي : نتيجة التهديدات المستمرة من الأحباش قامت في منطقة عفر حركة ثورية أسفرت عن تأسيس سلطنة أوسا في عام 1744 م. والتي فرضت الأمن والاستقرار في ربوع القرن الأفريقي وجذبت القوافل التجارية كما تولت عبء مقاومة الأحباش طيلة قرنين من الزمان وتوجت بانتصار ساحق حققه السلطان محمد حنفري على ملك الحبشة الأمحري منليك الثاني في معركة أرادو عام 1876 م. وارتبطت السلطنة بعلاقة وثيقة بالسلطات العثمانية والخديوية المصرية التي تواجدت في زيلع ومصوع للمساعدة في الحماية البحرية للمنطقة.
مقاومة الاستعمار الأوروبي : بعد الاحتلال البريطاني لمصر قامت القوى الاستعمارية بتقسيم الساحل فاستولت بريطانيا على سواكن وطوكر (شرق السودان) وبربرة وزيلع (الصومال البريطاني) وتمكنت إيطاليا من غزو مصوع وعصب وهضبة التجراي (أريتريا) ومقديشيو وكسمايو (الصومال الإيطالي) واستولت فرنسا على ميناء جيبوتي بينما تم منح أقاليم هرر وأوجادين وعفر للحبشة فاندلعت المقاومة الشعبية الأريترية في عام 1890 م. والمقاومة الصومالية المسلحة عام 1904 م. بزعامة محمد عبد الله الحسن.
مقاومة الاحتلال الأثيوبي : مع نهاية حقبة الاستعمار ظهرت الهيمنة الأثيوبية على منطقة القرن الأفريقي فضمت لها أريتريا وأوجادين وعفر فظهرت المقاومة المسلحة وحركات التحرير في كل من أريتريا عام 1962 م. حتى نالت استقلالها عام 1991م. وقامت حرب الأوجادين عام 1977 م. عندما قامت الصومال بمحاولة تحرير الإقليم بالقوة المسلحة وانتهى الأمر بإقامة مناطق حكم ذاتي ضمن الفيدرالية الأثيوبية فأسست المقاومة العفرية في عام 1976 م. حركة تحرير عفر وأسس الصوماليون عام 1984 م. الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين.

اليمن وحضرموت
الإمامة الزيدية : نتيجة فشل العثمانيين المتوالي في السيطرة على اليمن تحرك الإمام المنصور بالله قاسم في عام 1597 م. وقاد ثورة كبيرة انتهت بإخراج العثمانيين من البلاد في عام 1627 م. وأسس الإمامة الزيدية.
سلطنة لحج : نتيجة لمحاولة فرض المذهب الزيدي انتفض الجنوب في مناطق الحجرية وصبر ويافع في ثورات مستمرة عام 1682 م. ثم تمكنت قبيلة يافع من الاستقلال الكامل عنها عام 1740 م. وتأسست سلطنة لحج.
ثورة الفقيه سعيد الدنوي : في عام 1837 م. اندلعت ثورة عارمة ضد الأئمة الزيدية قادها الفقيه الشافعي سعيد بن صالح بن ياسين العنسي الدنوي حيث سيطر على زبيد وتعز وإب مدة عامين ونصف وهزم في النهاية وقتل.
المقاومة ضد البريطانيين : في عام 1839 م. قامت بريطانيا باحتلال ميناء عدن فتصدى لهم سلطان لحج محسن العبدلي وقاد مقاومة مسلحة استمرت حتى عام 1854 م. بمعاونة الشريف إسماعيل بن الحسن القادم من مكة.
المملكة المتوكلية : في عام 1872 م. قام العثمانيون بغزو تهامة حيث واجهتهم في الجبال ثورة قادها الإمام الزيدي يحيى حميد الدين والذي تمكن في النهاية من طردهم عام 1911 م. وتأسيس المملكة المتوكلية.
الثورة التهامية : في عام 1925 م. ثارت قبائل الزرانيق في تهامة بقيادة الشيخ أحمد فتيني جنيد ضد الإمام يحيى واستمرت المعارك الشرسة ثلاث سنوات وامتدت في عام 1928 م. لتشمل مناطق تعز وإب وقابلها الإمام بوحشية.
انتفاضة حضرموت : في عام 1938 م. اندلعت في حضرموت انتفاضة مسلحة ضد الوجود البريطاني بزعامة الأمير عبيد صالح بن عبدات الكثيري الهمداني واستمرت حتى عام 1945 م. حيث حوصر الأمير واستشهد.
ثورة 14 أكتوبر : في عام 1963 م. اندلعت ضد البريطانيين ثورة عارمة في جنوب اليمن بدأت في جبال ردفان بزعامة الشهيد راجح بن غالب لبوزة واستمرت العمليات المسلحة حتى جلاء البريطانيين نهائيا في عام 1967 م.

ساحل عمان
المقاومة ضد الغزو البرتغالي :
نتيجة ضعف الدولة النبهانية وانقسامها تمكن البرتغاليون من غزو ساحل عمان في القرن السادس عشر الميلادي ثم بدأت حركة المقاومة على يد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي في عام 1624 م. مؤسس دولة اليعاربة والتي تمكن حكامها من توحيد المنطقة وطرد الفرس من جلفار (رأس الخيمة) عام 1633 م. ثم إشعال الحرب ضد البرتغاليين حتى تم طردهم نهائيا في عام 1650 م. لتتحول دولة اليعاربة إلى إمبراطورية ضخمة امتدت من قطر وحتى ظفار (قطر والإمارات وعمان حاليا) وضمت معها السواحل الفارسية شمالا وسواحل شرق أفريقيا جنوبا.
المقاومة ضد الغزو الفارسي :
نتيجة ضعف الدولة اليعربية وانقسامها إلى إمارات متناحرة قام الفرس بغزو الساحل العماني في عام 1741 م. فقامت حركة المقاومة في عام 1744 م. بزعامة حاكم صحار الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية حيث تم إخراج الفرس في عام 1749 م. فازدهرت أحوال عُمان وتحولت إلى إمبراطورية بحرية امتدت من سواحل الهند إلى أفريقيا وزنجبار وجزر القمر وغيرها من المناطق الأفريقية الجنوبية وكانت تملك أراضي شاسعة من الجزيرة العربية وقامت بمساعدة البحرين ضد الفرس وأرسلت سفنها لفك حصار الفرس عن البصرة بطلب من العثمانيين.
المقاومة ضد الغزو البريطاني :
في عام 1765 م. استقل القواسم في جلفار (رأس الخيمة) عن عمان بالقوة بزعامة الشيخ راشد بن مطر القاسمي وامتلكوا أسطولهم الضخم الذي قام بعمليات هجومية ضد السفن البريطانية بداية من عام 1798 م. يساندهم قبائل بني ياس وآل سعود وردت بريطانيا بإرسال أربع حملات في أعوام 1800 و 1809 و 1816 و 1819 حيث حدثت معارك برية وبحرية متواصلة وكر وفر وانتهى الأمر بعقد معاهدة عام 1820 م. التي تقضي بعدم مهاجمة القواسم للسفن وعدم نزول البريطانيين في البر لكن في عام 1892 م. فرضت بريطانيا الحماية على المنطقة.

ساحل الخليج العربي
المقاومة ضد البرتغاليين : في عام 1507 م. بدأ البرتغاليون بغزو ساحل الخليج العربي وتولت إمارة بني جبر مهمة المقاومة ضدهم والتي بلغت ذروتها في عام 1521 م. بغزو البحرين فتصدى لهم حاكم الإمارة الأمير مقرن بن زامل العامري الهوازني وقاتلهم بشجاعة منقطعة النظير حتى استشهد وخضعت الجزر للبرتغاليين بينما انتهز العثمانيون الفرصة وتقدموا من الشمال واحتلوا الإحساء.
المقاومة ضد العثمانيين : بسبب الضرائب الباهضة قامت في الإحساء ثورة في عام 1669 م. قادها الأمير براك بن غرير آل حميد حيث أنهى النفوذ العثماني بالقوة المسلحة وأسس إمارة بني خالد التي امتدت من الكويت إلى قطر وذلك حتى عام 1796 م. عندما ضمها السعوديون ما عدا الكويت التي خضعت اسميا للعثمانيين حتى انفصلت عنها في عام 1899 م. بعد إجلاء الموظفين الأتراك بالقوة.
المقاومة ضد الفرس : في عام 1602 م. قام الفرس باحتلال البحرين بعد البرتغاليين حتى عام 1783 م. عندما قام آل خليفة من العتوب بالانطلاق من قواعدهم في قطر وانتصروا على الفرس وحرروا الجزيرة ثم تعرضت الجزيرة للغزو مرة ثانية من الفرس فقاد آل خليفة في عام 1811 م. حلفا كبيرا من الدواسر والبلوش وآل بن علي وأخرجوا الفرس نهائيا من المنطقة.
المقاومة ضد الهولنديين : قاد المقاومة ضد النفوذ الهولندي في الخليج العربي الأمير مهنا بن ناصر الزعابي حاكم بندر ريق التي تقع على الساحل الشمالي الشرقي للخليج بجوار الكويت والأحواز حيث قام بمهاجمة السفن الهولندية ومراكزهم في جزيرة خرج وذلك عام 1765 م. حيث ألحق بهم خسائر فادحة ترتب عليها إغلاق مكاتب شركة الهند الشرقية الهولندية ونهاية نفوذ هولندا في المنطقة.
المقاومة ضد البريطانيين : في عام 1821 م. قامت بريطانيا بضرب سواحل قطر بالمدافع بعد خروج السعوديين منها ودمرت مدينة البدع فقامت قبيلة آل ثاني التميمية بجمع شتات القبائل المتفرقة في إمارة موحدة عام 1848 م. واستعانوا بالعثمانيين والسعوديين وحصلوا من بريطانيا على اعتراف بالاستقلال عام 1868 م. واستمر ذلك حتى عام 1916 م. عندما قامت الحرب العالمية الأولى.